عوائق في طريق الالتزام بالطاعة

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
أما بعد أيها المسلمون:
أن الاستمرار على الطاعة حتى الممات أمر فيه صعوبة بالغة ..وذلك لوجود عدة عوائق تثبط الإنسان وتمنعه من السير إلى الله والاستمرار على طاعته ..لذلك لابد من معرفة تلك العوائق والحذر منها ،ومحاولة تخطيها لمن وضعت في وجهه ..بعد التوكل على الله تعالى والاستعانة به.

ومن تلك العوائق وجود عدونا الأكبر وهو إبليس اللعين ،والذي تعهد على نفسه بان يغوي الناس جميعا ، إلا انه بالتوكل على الله تعالى والإخلاص إليه لا يستطيع أن يصل إلى المسلم .. يقول تعالى مقررا هذه الحقيقة (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(82)إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ(83)

ثم يأتي من بعد إبليس النفس الأمارة بالسوء والتي تدفع صاحبها إلى التقصير في طاعة الله تعالى دفعا، فهي بحاجة إلى مجاهدة شديدة ، وهذا مما ينبغي للمسلم العناية به ..

ومن المعوقات عن الاستمرار في الطاعة جنود إبليس من البشر ،والذين يزينون للناس الباطل ،بأشكال مختلفة ،ويدفعون الناس إلى ممارسة المعاصي والاستمتاع بها .بدون خوف من الله تعالى ولا حياء من الناس ..ولعل من اكبر الأدلة على ذلك ما لوحظ أيام العيد الماضية من تركيز وسائل الأعلام المختلفة العربية والعالمية ..على الطرب والغناء والرقص ، وتمجيد الفنانين والممثلين والتافهين وإجراء المقابلات معهم ،و إبرازهم على انهم القدوات الذين يجب السير على خطاهم ..
فقد عبروا عن فرحتهم بالعيد بالغناء والرقص والميوعة والانحلال..ولاشك أن هذا التوجه مخطط مدروس ومنظم ، من اجل صد الناس عن دينهم ، فعلى المسلم أن يحذر من السير وراء دعاة جنهم هؤلاء حتى وان كانت أسماؤهم إسلامية ، ويتكلمون باللغة العربية ..فهؤلاء قد حذر منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ رضي الله عنه انه قال : كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ نَعَمْ ..قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ ..قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ ؟؟ قَالَ قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ.. قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ : نَعَمْ ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا.. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا.. قَالَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا ) فنلاحظ أن أولئك الفجرة من بني جلدتنا، ويتكلمون بلساننا..وهم في نفس الوقت دعاة ...وليسوا مجرد ممارسين للمعصية بل هم دعاة إلى دخول جهنم بشتى الطرق والوسائل..

وأخيرا أيها الاخوة... لنعلم جميعا انه كلما تقرب العبد إلى الله بالطاعة ، فان الله تعالى يتقرب إليه بالقبول والتأييد والإعانة ...كما قال تعالى (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)

وكما جاء في الحديث القدسي الذي رواه أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انه قال ( يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ) مسلم

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ ) البخاري

أسال الله تعالى أن يعننا على ذكره وشكره وحسن عبادته .. وان يجعلنا من عباده المتقين ..وان يغفر لنا لوالدينا ولجميع المسلمين ..وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين