عيش كُريش؟؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما ملأ ابن آدم و عاء شراً من بطنه: بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه. فان كان لا بد فاعلا ، فثلث لطعامه و ثلث لشرابه ، و ثلث لنفسه )

اخواني واخواتي
قرأت هذه القصة واحببت ان انقلها لكم

كان رجلاً لطيفاً دمثاً حاضر البديهة سريع الجواب يحب الطرفة والنكتة
لا يغضب لمزاح ولا تهزه سخرية
يقابل التعليق بالتعليق والكلمة بالكلمة
فإذا جلس في المجلس استلم الحديث فاستأثر به فمن حكاية الى طرفة الى تعليق الى تفسير ومن كلمة الى بيت شعرالى مثل
وكان اصدقاؤه يحبون صحبته فيدعونه الى سهراتهم ومجالسهم ويحاولون استثارته ليسمعوا كلامه او تعليقه او اجوبته المفحمة
فترى اصواتهم مرتفعة بالضحك دالة على السرور مشيرة الى الانسجام
لكن امرا واحدا كانوا ينقدونه به ويستغيبونه فيما بينهم اذا خلا بعضهم الى بعض
ذلك انه كان شرها أكولاً
إذا جلس الى مائدة الطعام قضى على ما فيها ومسح صحونها ولم يترك طبقا الا وضع يده فيه
وامتص خيره وسلبه ما حوى ودفعه الى فمه
فيده كالمروحة تدور من الصحون الى البطون
لاتظنه يمضغ ولكنك لا تشك انه يبلع
ففمه كالمدفع يلقم والى المعدة يدفع وكان لا يسمع لناقد ولا يهتم بساخر او معلق
فما دام على المائدة فليس تخيفه الزلازل ولا ترهبه البراكين
فهما اخوان او توأمان شقيقان يتبادلان الوداد
لم يره احد الا ومطحنة فمه تطحن وبلعومه يبلع
لا يرد نوعا من الطعام ولا يوفر حلوى ولا فاكهة ولا يترك نُقلاً ولا شراباً
ومع ذلك فإذا قال الحمد لله قد شبعت فإنك مهما رجوته او طلبت منه ان يأكل فسيجيبك : لا ياهذا الحمد لله لقد اكتفيت وشبعت
واتفق الاصحاب يوما فيما بينهم ان يدعوه الى الطعام وان يحرجوه امام الاصدقاء
ودعوه الى وليمة ولم يكونوا في حاجة الى ان يشددوا العزيمة
فسرعان ما استجاب للطلب وقال : سأكون على الموعد حاضراً وللطعام جاهزاً
فلا تحملوا هماً ولا تعيشوا نكداً وغماً ففي مجمع الاحباب والرفاق والاصحاب يستطاب الطعام
ويستعذب الشراب ويحلو المجلس ويجود الكلام
وانتم في دعوتكم محسنون إذ تملؤون البطون الفارغة وتُشربون الاشربة اللذيذة
وفي الموعد المحدد حضر الاصدقاء واكتمل المجلس ودار الحديث وبدأت القصص والحكايا والنكت والطرف
حتى اذا طال الجلوس صاح صاحبنا كالمهووس : اين الطعام ؟
لقد دخنا من الجوع وزقزقت عصافير بطوننا من الجوع
وصاح صاحب المنزل , أبشر .
وما هي الا دقائق حتى دُعي القوم الى الموائد وقعد صاحبنا في منتصف المائدة
حتى يكون مطلعا على مافيها من اصناف الطعام فلا يفوته صنف ولا نوع
اذ تسهل عليه المراقبة ويهون عليه الوصول الى جميع الانواع
وابتدأ الطعام ووقعت الواقعة وافتتحت المعركة والرجل مشغول باللقم والبلع
والاصحاب بالنقد واللذع والتجريح وهو يغض الطرف عن كلمة ويرد على اخرى دون ان يشغله ذلك عما فيه
حتى اذا شبع قال الحمد لله لقد شبعت واكتفيت
وقام الاصحاب ينافقون وله الذ الطعام يقدمون ويهدون وهو يعتذر ويأبى ويقول الحمد لله لقد شبعت
ورفع الطعام ووضعت الحلوى فجلس اليها واكل منها وكأنه لم يذق طعاما قط وكأن نصيبها كنصيب الطعام في البلع والالتقام
والاصحاب يرمونه بسهام نقدهم وخبيث تعليقاتهم وجارح ملاحظاتهم وهو يأكل ويرد على كلامهم بما يلائم من غير تجريح ولا اساءة
حتى قال الحمد لله لقد شبعت واكتفيت ودعاه الرفاق الى مزيد من الاكل فأبى وقال الحمد لله لقد شبعت وما عدت استطيع ان اكل لقمة واحدة ونظر الاصحاب بعضهم الى بعض ثم ضحكوا ساخرين
ووضعت الفاكهة فأكل منها كما اكل من الطعام والحلوى ثم قال الحمد لله لقد شبعت
وقال صاحب الدار : ما هذا التعفف والترفع لقد حيرت عقولنا اذ اكلت من الطعام حتى لم تعد قادرا على لقمة اخرى
وكذلك صنعت بالحلوى والفاكهة فأي شبع هذا الذي كان لك في الاولى والثانية والثالثة ؟!
وضحك الرجل ضحكا عاليا شديدا ادهش الحاضرين وقال : لقد اخطأت يا صاحبي السبيل والنقد وانا ما كنت كاذبا او مدعيا في الحالات الثلاث واني اسألك هل لديك كيس كبير ؟ قال صاحب الدار نعم . قال الرجل : اختصر إذاً واحضر الكيس وبعض البطيخ .
دهش صاحب الدار وامر غلمانه فأحضر ما طلب
وفتح الرجل الكيس ثم وضع البطيخ حتى امتلأ وسأل الحاضرين هل يمكن ان نضع بطيخة اخرى ؟ قال الجميع : لا
ومد يده فأخذ صحن التفاح فرمى به في الكيس فمضت التفاحات في الفراغات بين البطيخ حتى لم يتبق مكان لتفاحة
وسأل الرجل هل نستطيع ان نضع تفاحة زيادة ؟ قالوا لا
ومد يده الى صحون المشمش والبرقوق والكرز فافرغها في الكيس وراحت بين فراغات التفاح
حتى امتلأ الكيس وسأل هل يمكن وضع مشمشة اخرى ؟
قالوا لا.......
وضحك الرجل ثم قال : ايها المغفلون الذين لا تعرفون قيمة بطونكم
ان المعدة كالكيس فقد امتلأت من الطعام وبقي فيها مكان للحلوى فلما امتلأت منها كان هناك فراغا للفاكهة
وهكذا فإن لكل عيش كُريشاً
وذهل الحاضرون ولم ينبسوا ببنت شفة
بينما صاح صاحبنا : احضروا الشاي كريشه لا يزال فارغا .
منقوووووووول