اموول 2002 @amool_2002
عضوة فعالة
غثاء الألسنه
غثاء الألسنة .. في الكذب والغش والخداع والنفاق ..
غثاء الألسنة .. في الغيبة والنميمة والقيل والقال ..
غثاء الألسنة .. في أعراض الصالحين والمصلحين والدعاة والعلماء ..
غثاء الألسنة .. في التدليس والتلبيس وتزييف الحقائق وتقليب الأمور ..
غثاء الألسنة .. في التجريح والهمز واللمز وسوء الظن ..
غثاء الألسنة .. في الدخول في المقاصد والنيات وفقه الباطن ..
وما هي النتيجة ؟
النتيجة هي بث الوهن والفرقة والخصام والتنازع بين المسلمين
وقطع الطريق على العاملين .. وإخماد العزائم بالقيل والقال ..
إنك ما إن ترى الرجل حسن المظهر وسيماه الخير وقد تمسك بالسنة
في ظاهره إلا وتقع الهيبة في قلبك والاحترام والتقدير في نفسك ..
وما أن يتكلم فيجرح فلان ويعرّض بعلان وينتقص عُمراً ويصنف زيداً
إلا وتنزع مهابته من قلبك ويسقط من عينيك وإن كان حقا ما يقول
إذ لا حاجة شرعية دعت لذلك .. وإن دعت الحاجة
فبالضوابط الشرعية والقواعد الدينية ..
أيها الأخ المسلم ..
إلى متى ونحن نجهل أو نتجاهل أو نغفل أو نتغافل عن خطورة هذا اللسان ؟!!
مهما كان صلاحك ومهما كانت عبادتك ومهما كان خيرك
ومهما كان علمك ومهما كانت نيتك ومهما كان قصدك ..
فرحم الله " ابن القيم " رحمة واسعة يوم أن قال في " الجواب الكافي " :
}من العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام
والظلم والسرقة وشرب الخمر والنظر المحرم وغير ذلك ..
ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه !!
حتى ترى الرجل يُشار إليه بالدين والزهد والعبادة وهو يتكلم بالكلمات
من سخط الله لا يلقي لها بالاً ..
يزل بالكلمة الواحدة أبعد مما بين المشرق والمغرب والعياذ بالله }
وقال أيضاً في الكتاب نفسه :
{ إن العبد ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها
عليه كلها .. ويأتي بسيئات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها من كثرة
ذكر الله تعالى وما اتصل به }
وما أجمل ذلك الكلام !!
ولذلك أقول أيها الأخ الحبيب : احذر لسانك .. وانتبه للسانك ..
واحبس لسانك وأمسك عليك لسانك ...
هل قرأت القرآن ومر بك قوله عز وجل :
{ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد }
هل تفكرت في هذه الآية ؟ إنها الضابط الشرعي ..
إنها رقابة شديدة دقيقة رهيبة تطبق عليك إطباقا شاملا كاملا ..
لا تـغفل من أمرك دقيقا ولا جليلا .. ولا تفارقك كثيرا ولا قليلا ..
فكل نفَس معدود .. وكل هاجسة معلومة .. وكل لفظ مكتوب ..
وكل حركة محسوبة في كل وقت وكل حال وفي أي مكان ..
عندها قل ما شئت وحدث بما شئت وتكلم بمن شئت ولكن اعلم
أن هناك من يراقبك .. اعلم أن هناك من يسجل .. وأنه يعد عليك الألفاظ :
{ إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد .. ما يلفظ من قول
إلا لديه رقيب عتيد {
إنها تعنيك أنت أيها المسلم .. { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد {
والله إنها لتهز النفس هزا وترجها رجا وتثير فيها رعشة الخوف
من الله عز وجل ..
ولتزداد بينة في خطر هذا اللسان الذي بين لحييك فاسمع لهذه
الأحاديث باختصار :
فعن " بلال بن حارث المزني " رضي الله عنه وأرضاه أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال :
{ إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أن
تبلغ ما بلغت .. يكتب الله بها رضوانه إلى يوم يلقاه .. وإن الرجل
ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت ..
يكتب الله له بها سخطه إلى يوم القيامة } والعياذ بالله ..
والحديث أخرجه البخاري ..
وكان " علقمة " يقول : " كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث "
أي هذا الحديث .. اسمع لحرصهم رضي الله عنهم وأرضاهم ..
فأين أنت يا علقمة من الذين يلقون الكلمات على عواهلها فلا يحسبون
لها حسابا !!
كم نلقي من كلمات نظن أنها ذهبت أدراج الرياح وهي عند ربك في كتاب
لا يضل ربي ولا ينسى !!!! فاحسب لهذا الأمر حسابه حتى تعلم
أن كل كلمة مسجلة عليك أيها الأخ الحبيب ...
وعن " أبي هريرة " رضي الله عنه قال سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول :
}إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار
أبعد ما بين المشرق }
والحديث أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما ..
أسألك العفو يا إلهي ... فكم من كلمة قصمت ظهر صاحبها وهو لا يعلم ..
وفي حديث " معاذ " الطويل قال رضي الله عنه :
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
" ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟
قال معاذ : بلى يا رسول الله ..
فأخذ بلسانه ثم قال : - انظر الوصية -
" كف عليك هذا "
قلت : يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
" ثكلتك أمك يا معاذ .. وهل يكب الناس في النار على وجوههم
إلا حصائد ألسنتهم " ؟!!!
والحديث أخرجه الترمذي في سننه وقال حسن صحيح ...
ثم يوجه المصطفى صلى الله عليه وسلم لأمته تلك القاعدة الشرعية
والمعيار الدقيق لمن اختلطت عليه الأوراق وليقطع الشك باليقين
وليسلم من الحيرة والتردد فيقول كما في حديث " أبي هريرة " رضي الله عنه :
}قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر
فليقل خيراً أو ليصمت }
قاعدة شرعية تربوية منهجية نبوية ..
ميزان معيار دقيق لك أيها المسلم ولكِ أيتها المسلمة ..
يوم تجلس مجلساً "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر" انظر للتربية ربط
هذه القلوب باليوم الآخر " فليقل خيراً أو ليصمت " .. ولأن النفوس اليوم
غفلت عن اليوم الآخر وتعلقت بالدنيا وشهواتها ولذاتها غفلت عن هذه
القاعدة الشرعية النبوية ونسيت الحساب والعذاب ونسيت الجنة والنار
وغفلت عنها .. وبالتالي انطلق اللسان يفري في لحوم العباد فرياً
بدون ضوابط وبدون خوف ولا وجل ..
فلماذا هذه القاعدة ؟
لأنه لا يصح أبدا أن يؤذي المسلم أخيه بلسانه .. ولأن المسلم الصادق
المحب الناصح هو }من سلم المسلمون من لسانه ويده {
كما في حديث أبي موسى الأشعري المتفق عليه ..
ذكر الإمام " مالك " في الموطأ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
أنه دخل على أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو يجبذ لسانه
" أي يجره بشدة " !! فقال عمر :
" مَه !! غفر الله لك "
فقال أبو بكر رضي الله عنه :
" إن هذا أوردني الموارد"
من القائل ؟ الرجل الأول بعد الأنبياء والرسل رضي الله عنه وأرضاه ..
القائل .. أبو بكر !!! انظر إلى حرصه على لسانه رضي الله عنه وأرضاه ..
قال رجل : رأيت ابن عباس آخذاً بثمرة لسانه وهو يقول :
" ويحك .. قل خيرا تغنم واسكت عن شر تسلم ..
قال : فقال له الرجل : يا ابن عباس .. مالي أراك آخذاً بثمرة لسانك
وتقول كذا وكذا ؟ ..
قال ابن عباس : بلغني أن العبد يوم القيامة ليس هو على شيء أحنق
منه على لسانه .. يعني لا يغضب على شيء من جوارحه أشد
من غضبه على لسانه "
والأثر أخرجه ابن المبارك وأحمد وأبو نعيم وأخرجه أحمد في كتاب الزهد ..
وقال "عبد الله بن أبي زكريا " :
" عالجت الصمت عشرين سنة فلم أقدر منه على ما أريد "
– انظر محاسبة النفس –
وكان " طاووس بن كيسان " يعتذر من طول السكوت ويقول :
" إني جربت لساني فوجدته لئيما راضعا "
هؤلاء هم رضي الله عنهم .. فماذا نقول نحن عن ألسنتنا ؟!
وأخرج " وكيع " في الزهد " وأبو نعيم " في الحلية من طريق جرير
بن حازم قال :
" ذكر ابن سيرين رجلاً فقال : ذلك الرجل الأسود .. يريد أن يعرّفه ..
ثم قال : أستغفر الله .. إني أراني قد اغتبته "
وكان " عبد الله بن وهب " رحمه الله يقول :
" نذرت أني كلما اغتبت إنسانا أن أصوم يوما ..
فأجهدني – يعني تعبت –
فكنت أغتاب وأصوم أغتاب وأصوم .. فنويت أني كلما اغتبت إنسانا
أن أتصدق بدرهم .. فمن حب الدراهم تركت الغيبة "
جرب هذا .. كلما اغتبت أحدا أو ذكرته بسوء فادفع ولو ريالا واحدا ..
سترى أنه في آخر الشهر لن يبقى من الراتب ولو ريال واحد !!!
قال " النووي " في الأذكار : بلغنا أن " قس بن ساعدة وأكثم بن صيفي "
اجتمعا .. فقال أحدهما لصاحبه :
كم وجدت في ابن آدم من العيوب ؟
فقال : هي أكثر من أن تحصى .. والذي أحصيته ثمانية آلاف عيب ..
فوجدت خصلة إن استعملتها سترت العيوب كلها ..
قال : ما هي ؟
قال : حفظ اللسان !!!
وقيل " للربيع " : ألا تذم الناس ؟
قال : والله إني ما أنا عن نفسي براض فأذم الناس ؟
قال " بكر بن المنير " سمعت أبا عبد الله البخاري يقول :
" أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدا "
- انظر للثقة بالنفس -
ومن الصور المشاهدة في مجالسنا
حديث العامة أن فلانا فيه أخطاء .. وفلان آخر فيه تقصير ..
والثالث فيه غفلة .. والرابع لا يسلم من العيب الفلاني .. وهكذا ..
أقاموا أنفسهم لتقييم الآخرين وجرحهم ولمزهم .. فيا سبحان الله !!
نسينا أنفسنا .. نسينا عيوبنا وتقصيرنا وغفلتنا وكثرة أخطائنا ..
ولو أعمل عاقل فكره في الجالسين أنفسهم لوجد فيهم البذاءة وسوءا
في المعاملة والأخلاق ..
فهو إن حدّث كذب وإن وعد أخلف .. وإن باع أو اشترى فغشٌّ وخِداع ..
وإن جاء للصلاة نقرها نقر غراب مقصّر في الفرائض مهمل في النوافل ..
في وظيفته تأخر وهروب وإهمال واحتيال .. وفي بيته وسائل الفساد
وضياع الأولاد وعقوق للأرحام .. كل هذه النقائص والمصائب عميت
عليه فنسيها في نفسه وذكرها في إخوانه فلم يسلم منه حتى
الصالحون المخلصون !!!!
قال عليه الصلاة والسلام :
" يبصر أحدكم القذى في عين أخيه وينسى الجذع في عينه "
وقال " عون بن عبد الله " :
" ما أحسب أحدا تفرغ لعيوب الناس إلا من غفلة غفلها عن نفسه "
وقال " بكر بن عبد الله المزني " :
" إذا رأيتم الرجل مولعا بعيوب الناس ناسيا لعيوبه – أو لعيبه –
فاعلموا أنه قد مُكِر به "
صورة ثانية من الصور التي تقع في واقعنا :
بدأ الحديث فذكروا زيداً وأن فيه وفيه ثم ذكروا قول عمرو فأتقنوا
فن الهمز واللمز .. والعجيب أن معهم فلانا العابد الزاهد القائم الصائم
والأعجب أن من بينهم طالب العلم فلانا الناصح الأمين ..
والحمد لله لم يتكلما وسكتا .. ولكنهما ما سلما لأن الساكت عن الحق
شيطان أخرس .. ولأن المستمع شريك للقائل ما لم يتبع المنهج الشرعي :
" من ردّ عن عرض أخيه بالغيبة كان حقا على الله أن يعتقه من النار "
هذا هو المنهج الشرعي والحديث أخرجه أحمد والترمذي ..
فيا أيها المسلم إذا وقع في أحد وأنت في ملأ فكن له ناصرا وللقوم زاجرا
وانصر أخاك ظالما أو مظلوما وقل للمتحدث " أمسك عليك لسانك "
فإن استجابوا وإلا فقم عنهم :
{ أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله
إن الله تواب رحيم{
واسمع لكلام " ابن الجوزي " الجميل في تلبيس إبليس قال رحمه الله تعالى :
}وكم من ساكت عن غيبة المسلمين .. إذا اغتيبوا عنده فرح قلبه !!
وهو آثم من ذلك بثلاثة وجوه :
أحدها : الفرح .. فإنه حصل بوجود هذه المعصية من المغتاب ..
والثاني : لسروره بثلب المسلمين ..
والثالث : أنه لا ينكره {
ويقول " ابن تيمية " رحمه الله تعالى في الفتاوى :
}ومنهم من يخرج الغيبة في قوالب شتى - انتبه إلى هذا الكلام النفيس –
تارة في قالب ديانة وصلاح فيقول : ليس لي عادة أن أذكر أحدا إلا بخير
ولا أحب الغيبة ولا الكذب وإنما أخبركم بأحواله !!
ويقول : والله إنه مسكين أو رجل جيد ولكن فيه كيت وكيت وربما يقول :
دعونا منه الله يغفر لنا وله }
يُخرجون الغيبة في قوالب صلاح وديانة !!
يخادعون الله بذلك كما يخادعون مخلوقا .. وقد رأينا منهم ألوانا كثيرة
من هذا وأشباهه ..
صورة ثالثة : اتهام النيات والدخول في المقاصد من أخطر آفات اللسان ..
وقد يتبع ذلك أيمان مغلظة وأقسام وأحلاف أنه العليم بفلان والخبير بأقواله ..
فيا سبحان الله !! أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم قصده ومبتغاه ؟
أين أنت من قول القدوة الحبيب صلى الله عليه وسلم :
{ إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم }
والحديث أخرجه البخاري ومسلم ..
ورحم الله " ابن تيمية " يوم أن قال في الفتاوى :
" وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة
ولم يعلموا أنه بدعة إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة وإما لآيات فهموا
منها ما لم يُرد منها .. وإما لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم ..
وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله تعالى :
} ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا {
صورة أخرى : إننا نغفل أو نتغافل فنتكلم في المجالس ونذكر العشرات
بأسمائهم .. فإذا ذكّرنا مُذكّر أو حذرنا غيور بأن هذه غيبة .. قلنا هذا حق
وما قلنا فيه صحيح .. وقد يسرد لك الأدلة والبراهين على ما يقول فيزيد
الطين بلة .. فيا سبحان الله !! أليس النص واضح وصريح ؟
ألم يقل الصحابي للرسول صلى الله عليه وسلم :
أرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال عليه الصلاة والسلام :
{ إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته .. وإن لم يكن فيه فقد بهته }
أخرجه مسلم ..
وليس معنى هذا السكوت عن الأخطاء أو حتى نتغاضى عن العصاة
والمجاهرين والفاسقين .. وليس معنى ذلك ألا نحذر منهم ولا نفضحهم ..
لا بل هذه أمور كلها مطالب شرعية .. ولكن بالمنهج الشرعي وبالقواعد
العلمية كما جاءت عن السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ..
ولكن أكثر ما يقال في مجالسنا لمجرد التحدث والتفكه ..
وربما الهوى وأحقاد وأضغان عافانا الله وإياكم منها ..
ورحم الله عبدا قال خيرا فغنم .. أوسكت عن سوء فسلم ..
وأخيراً : من أعظم الصور في مجالسنا ومن أخطرها على كثير
من الناس إطلاق العنان للسان في التحليل والتحريم والسخرية والاستهزاء
بالدين .. هذه من أخطر الصور التي نرى أنها تفشت في مجالس المسلمين
أيا كانوا .. رجال أو نساء كبار أو صغار .. وخاصة بين الشباب والعوام ..
إنك لتسمع وترى تسرع فئات من الناس في إطلاق ألفاظ التحليل والتحريم
وقد نهى الله تعالى عن ذلك ونهى عن المسارعة في
إصدار التحريم والتحليل فقال :
{ ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا
على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون {
وكان السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم مع سعة علمهم وفقههم
لا يكثرون من إطلاق عبارات التحليل والتحريم وهذا من شدة ورعهم
ومحاسبتهم لأنفسهم ..
يقول الإمام " مالك " رحمة الله تعالى عليه :
}لم يكن من أمر الناس ولا من مضى من سلفنا ولا أدركت أحدا أقتدي به
يقول في شيء هذا حلال وهذا حرام .. ما كانوا يجترئون على ذلك
وإنما كانوا يقولون : نكره هذا .. ونرى هذا حسنا .. ونتقي هذا ..
ولا نرى هذا .. ولا يقولون حلال ولا حرام {
أيها الحبيب المسلم ..
أنك أحوج ما تكون للعمل الصالح ..
أحوج ما تكون إلى الحسنات ..
وأراك تحرص على مجاهدة النفس لعلها أن تعينك على القيام بعمل صالح
من صلاة أو صيام أو صدقة .. وقد تنتصر عليها وقد لا تنتصر ..
وإن انتصرت عليها وقمت بالعمل .. فلا يسلم من شوائب كثيرة
مثل الرياء والنقص وحديث النفس وغيرها من مفسدات الأعمال ..
ومع ذلك كله فإني أراك تبث هذه الحسنات في المجالس وتنثرها في المنتديات ..
ماذا تراكم تقولون أيها الأخيار في رجل أخرج من جيبه عشرات
الريالات ثم نثرها في المجلس و بددها ؟!
ماذا نقول عنه ؟ أهو عاقل أم مجنون ؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
{ لتأدّن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء{
رواه مسلم ..
حتى البهائم يفصل بينها يوم القيامة !!
واسمع لفقه الحسن البصري رحمه الله يوم أن جاء رجل فقال :
" إنك تغتابني ..
فقال : ما بلغ قدرك عندي أن أحكّمك في حسناتي "
وعن ابن المبارك رحمه الله قال :
" لو كنت مغتابا أحدا لاغتبت والديّ لأنهما أحق بحسناتي "
والجزاء من جنس العمل .. وعن أبي بردة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه .. لا تتبعوا عورات المسلمين
ولا عثراتهم .. فإنه من يتبع عثرات المسلمين يتبع الله عثرته ..
ومن يتبع الله عثرته يفضحه وإن كان في بيته }
والحديث صحيح
وقال إبراهيم التيمي :
" إني لأجد نفسي تحدثني بالشيء فما يمنعني أن أتكلم به إلا مخافة أن أبتلى به "
وقال ابن مسعود :
" البلاء موكل بالقول .. ولو سخرت من كلب لخشيت أن أحوّل كلباً "
اللهم طهّر قلوبنا من النفاق وعيوننا من الخيانة وألسنتنا من الكذب
والغيبة النميمة والمراء والجدال وجنبنا الوقوع في الأعراض ..
اللهم اجعل ألسنتنا حرباً على أعدائك سلماً لأوليائك ..
اللهم إنا نسألك سكينة في النفس وانشراحاً في الصدر ..
منقوول
لاتنسوني من صالح دعائكم
0
432
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️