أم عَـــــــروب :

الحكمة من تغطية الوجه ((اجاب عليه الشيخ محمد بن عبد العزيز المسند س1- لماذا مازال بعض علماء المسلمين يصرون على وجوب تغطية المرأة لوجهها, مع أنه قد انتفى السبب الذي شرع تغطية الوجه لأجله؟ فحين بحثت عن سبب نزول الآية:".. يدنين عليهن من جلابيبهن..",وجدت أنه لهذا السبب:هنا سبب نزول الآية:" وَرُوِيَ عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ أَنَّهُ قَالَ : لَا بَأْس بِالنَّظَرِ إِلَى زِينَة نِسَاء أَهْل الذِّمَّة وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ لِخَوْفِ الْفِتْنَة لَا لِحُرْمَتِهِنَّ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى " وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ " وَقَوْله " ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ " أَيْ إِذَا فَعَلْنَ ذَلِكَ عَرَفَهُنَّ أَنَّهُنَّ حَرَائِر لَسْنَ بِإِمَاءٍ وَلَا عَوَاهِر قَالَ السُّدِّيّ فِي قَوْله تَعَالَى " يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتِك وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ " قَالَ كَانَ نَاس مِنْ فُسَّاق أَهْل الْمَدِينَة يَخْرُجُونَ بِاللَّيْلِ حِين يَخْتَلِط الظَّلَّام إِلَى طُرُق الْمَدِينَة فَيَعْرِضُونَ لِلنِّسَاءِ وَكَانَتْ مَسَاكِن أَهْل الْمَدِينَة ضَيِّقَة فَإِذَا كَانَ اللَّيْل خَرَجَ النِّسَاء إِلَى الطُّرُق يَقْضِينَ حَاجَتهنَّ فَكَانَ أُولَئِكَ الْفُسَّاق يَبْتَغُونَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ فَإِذَا رَأَوْا الْمَرْأَة عَلَيْهَا جِلْبَاب قَالُوا هَذِهِ حُرَّة فَكَفُّوا عَنْهَا فَإِذَا رَأَوْا الْمَرْأَة لَيْسَ عَلَيْهَا جِلْبَاب قَالُوا هَذِهِ أَمَة فَوَثَبُوا عَلَيْهَا وَقَالَ مُجَاهِد يَتَجَلَّيْنَ فَيُعْلَم أَنَّهُنَّ حَرَائِر فَلَا يَتَعَرَّض لَهُنَّ فَاسِق بِأَذًى وَلَا رِيبَة وَقَوْله تَعَالَى " وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا " أَيْ لِمَا سَلَف فِي أَيَّام الْجَاهِلِيَّة حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عِنْدهنَّ عِلْم بِذَلِكَ . أي إن الحكمة من تغطية الوجه كانت في وقت لا تعرف فيه الحرة من الأمة, أما الآن فلم يعد هناك إماء , كي نخاف على الحرات من مغبة عدم تميزهن عن الإماء فنأمرهن بتغطية وجوههن كي يتميزن عن الإماء,بل أصبحت-ولله الحمد-جميع نساء العالم نساء حرات, ولا يوجد عبودية, وإن وجدت في بعض بقاع العالم فهي غير شرعية وغير معترف بها, أما في عالمنا العربي فلا يوجد عبودية بتاتا في عصرنا الحالي.. س2- إذن لماذا لا يسع علماء المسلمين لتجديد الخطاب الديني في هذا المجال؟ خصوصا أن الحكم بتغطية الوجه يفترض أن يزول بزوال المسبب " عدم القدرة تميز الحرة من الأمة", فقد زال السبب؟ فلماذا لم يزل المسبب؟ هذا هو كلام العقل,,أما ما يحدث حاليا فإننا نراه نوعا من التشدد اللامبرر, وإذا كان الله نفسه لم يأمر المرأة بتغطية وجهها إلا حماية لها في عصر لم يفرق فيه بين الحرة والأمة, فهذا يعني أن الحكم بتغطية الوجه ما جاء للتضييق على المرأة في كل العصور, بل في عصر معين ولهدف معين وهو: تميز الحرة من الأمة.. فقط لا غير, وبصراحة نلاحظ أن العلماء في مجال تغطية الوجه يتحججون دائما بأحاديث وآيات ربما لا تثبت وجوب تغطية الوجه.. بل العكس, لو فهموها جيدا لوجدوا أنها إما جاءت لفترة زمنية معينة, أو أنها لا تثبت وجوب تغطية الوجه, بل تثبت فقط أن الإسلام لا يعارض تغطية الوجه لمن اختارته بملء إرادتها, وليس بإجبار المجتمع والأهل لها كما يحدث في أغلب دول الخليج, حيث تغطي المرأة وجهها خوفا من أن توصم بوصمة لا تناسب سمعتها, وليس عن قناعة تامة, فقط لكي ترتاح من عواقب الصراع مع مجتمع ظالم لا يفقه دينه بالشكل الصحيح, والسبب عدم العناية بتجديد الخطاب الديني وبسبب الشيوخ المتشددين إلى يوم الدين!! الجواب الأخ كمال وفقه الله لما يحب ويرضى .. كان بودّي لو كان أسلوبك في الكتابة أرقى وأفضل مما كتبت، فقد وصمت العلماء بالتشدد إلى يوم الدين!!! تقصد من يرون وجوب تغطية الوجه. ووصمت المجتمع بالظالم الذي لا يفقه دينه بالشكل الصحيح!!! وكأنّك بذلك تزكي نفسك وفهمك، ولست أدري ما مؤهلاتك حتى تجزم بما جزمت به.. وأقول لك: • أولاً : من قال لك أنّ العلّة من فرض الحجاب ( تغطية الوجه ) هو مجرّد التفريق بين الحرّة والأمّة ؟ فأنت اكتفيت بنصّ واحد، وأهملت نصوصاً أخرى أوجبت الحجاب لعلل أخرى من أهمها صيانة المرأة وحفظها على سبيل الإطلاق. • ثانياً: الآية التي ذكرتها يستدل بها من يرى جواز كشف الوجه، ويرون أنّها لا تدلّ على وجوب تغطية الوجه، وهم العلماء الذين لا تراهم أنت متشددين!! وبناء على ذلك ، فإنّ الواجب ـ حسب فهمك وعقلك وفهم أولئك العلماء ـ أن تنزع المرأة حتى خمارها وتظهر حاسرة الرأس لعدم وجود إماء في هذا الزمن.. ولا أظنّ عالماً معتبراً يقول بهذا القول. • ثالثاً: قولك: " أن بعض العلماء في مجال تغطية الوجه يتحججون دائما بأحاديث وآيات ربما لا تثبت وجوب تغطية الوجه..بل العكس، لو فهموها جيدا لوجدوا أنها إما جاءت لفترة زمنية معينة أو أنها لا تثبت وجوب تغطية الوجه " والجواب: لا توجد نصوص نزلت في الحجاب جاءت لفترة زمنية معينة، ولا أعلم أحداً من أهل العلم المعتبرين قال بذلك، حتى الذين يرون كشف الوجه. أما قولك : " أو أنها لا تثبت وجوب تغطية الوجه "، فغير صحيح، فهناك نصوص صحيحة صريحة في ذلك، منها حديث عائشة - رضي الله عنها- أنها قالت: (كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه) مع أنّ المرأة إحرامها في وجهها كما يقول الفقهاء، ومع ذلك تستره إذا مرّ بها الرجال الأجانب. وقول عائشة ـ رضي الله عنه ـ في حادثة الإفك لما رأت صفوان: " فخمّرت وجهي، وكان يعرفني قبل نزول الحجاب " والعجب ممن يدع مثل هذه الأحاديث الصريحة ، ويتمسّك بأحاديث محتملة . • رابعاً: مسألة الإجبار على غطاء الوجه تنطبق أيضاً على لبس الخمار، إلا إن كنت ترى أن المرأة يجوز لها أن تتبرج إذا لم تقتنع حتى بالخمار، ولا يجوز إجبارها على غطاء الرأس. ولعلمك فإن الحجاب فرض ، ولا خيار لامرأة أن تتحجب أو لا تتحجب سواء قلنا بوجوب تغطية الوجه أو الاقتصار على غطاء الرأس فقط. • خامساً: مصطلح ( تجديد الخطاب الديني ) مصطلح محدث، وهو يحتمل حقاً وباطلاً ، فإن كان المقصود تجديد الثوابت والأصول، فهو مصطلح باطل يراد منه هدم الدين وأصوله وثوابته. أما إن كان المقصود تجديد ما ندرس من معالم هذا الدين ، وتجديد الوسائل والأساليب فهذا حق. والذي أنصحك به يا أخ كمال أن تحذر من بعض الكتابات والمواقع المشبوهة التي تشكك في هذا الدين وفي ثوابته وأحكامه، وتثير الشبه التي قد يتأثر بها من قل نصيبه من العلم والدين، والله ولي التوفيق

الحكمة من تغطية الوجه ((اجاب عليه الشيخ محمد بن عبد العزيز المسند س1- لماذا مازال بعض علماء...