


هذه الآية من سورة الشرح وعد من الله سبحانه كل ماتعسر بك أمر ننتظر الفرج القريب من رب رحيم كريم
بحثت بتفسير هذه الآية العظيمة وببعض المواضيع ألي تتناول اليسر بعد العسر فتعالوا نتمعن بالكلمات :39:



قوله: {فإن مع العسر يسراً. إن مع العسر يسراً} هذا بشارة من الله عز وجل للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولسائر الأمة، وجرى على الرسول عليه الصلاة والسلام عسر حينما كان بمكة يضيق عليه، وفي الطائف، وكذلك أيضاً في المدينة من المنافقين فالله يقول: {فإن مع العسر يسراً} يعني كما شرحنا لك صدرك، ووضعنا عنك وزرك، ورفعنا لك ذكرك، وهذه نعم عظيمة كذلك هذا العسر الذي يصيبك لابد أن يكون له يسر {فإن مع العسر يسراً. إن مع العسر يسراً} قال ابن عباس عند هذه الآية: «لن يغلب عسٌر يسرين»(168)، وتوجيه كلامه ـ رضي الله عنه ـ مع أن العسر ذكر مرتين واليسر ذكر مرتين. قال أهل البلاغة: توجيه كلامه أن العسر لم يذكر إلا مرة واحدة {فإن مع العسر يسراً. إن مع العسر يسراً} العسر الأول أعيد في الثانية بأل، فأل هنا للعهد الذكري، وأما يسر فإنه لم يأت معرفاً بل جاء منكراً، والقاعدة: أنه إذا كرر الاسم مرتين بصيغة التعريف فالثاني هو الأول إلا ما ندر، وإذا كرر الاسم مرتين بصيغة التنكير فالثاني غير الأول، لأن الثاني نكرة، فهو غير الأول، إذاً في الآيتين الكريمتين يسران وفيهما عسر واحد، لأن العسر كرر مرتين بصيغة التعريف {فإن مع العسر يسراً} هذا الكلام خبر من الله عز وجل، وخبره جل وعلا أكمل الأخبار صدقاً، ووعده لا يخلف، فكلما تعسر عليك الأمر فانتظر التيسير
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {فإن مع العسر يسرا} قال: اتبع العسر يسرا.
وأخرج عبد بن حميد وابن جريروابن مردويه عن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية {إن مع العسر يسرا} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ابشروا أتاكم اليسر، لن يغلب عسر يسرين".
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في الصبر وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال: لو كان العسر في حجر لتبعه اليسر حتى يدخل عليه ليخرجه، ولن يغلب عسر يسرين، إن الله يقول: {فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا}.


وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: لن يغلب عسر يسرين ولكن هذا حديث ضعيف، لكن ثبت عن بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومعناه من حيث اللغة صحيح؛ لأن علماء اللغة يقولون: إن الشيء إذا عرف بالألف واللام وكرر فهو شيء واحد، وإذا نكر كان شيئين، فاليسر هاهنا نكر فكان مرتين، والعسر عرف بالألف واللام فكان مرة واحدة، فهذا دليل على أنه يكون بعد العسر يسر.
استنبط بعض العلماء، وقال بعض العلماء: إن الله -جل وعلا- في هذه الآية قال: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا فجاء بلفظة "مع" ولم يقل: "فإن بعد العسر يسرا" ولكن قال: "مع" قال ليدلل -جل وعلا-، أو ليبين -جل وعلا- لخلقه سرعة اليسر إليهم بعد حصول العسر.
قال تعالى : " سيجعل الله بعد عسر يسرا " " الطلاق : 7" وقال : " فإن مع العسر يسرا *إن مع العسر يسرا " " الشرح : 5، 6 ",
قال ابن عباس وغيره : لن يغلب عسر يسر وقال ابن رجب : ومن لطائف أسرار اقتران الفرج بالكرب، واليسر بالعسر، أن الكرب إذا اشتد وعظم وتناهى، وحصل للعبد اليأس من كشفه من جهة المخلوقين، تعلق قلبه بالله وحده، وهذا هو حقيقة التوكل على الله، وهو من أكبر الأسباب التي تطلب بها الحوائج، فإن الله تعالى يكفي من توكل عليه، كما قال تعالى : " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " الطلاق : 3 "
قال الفضيل – رحمه الله - : والله لو يئست من الخلق، حتى لا تريد منهم شيئا، لأعطاك مولاك كل ما تريد
وأيضا، فإن المؤمن إذا استبطأ الفرج، ويئس منه بعد كثرة دعائه وتضرعه، ولم تظهر عليه أثر الإجابة، فرجع إلى نفسه باللائمة، وقال لها : إنما أتيت من قبلك، ولو كان فيك خيرا لأجبتك
وهذا اللوم أحب إلى الله تعالى من كثير من الطاعات، فإنه يوجب انكسار العبد لمولاه، واعترافه له بأنه أهل لما نزل به من البلاء، وأنه ليس أهلا لإجابة الدعاء، فلذلك تسرع إليه حينئذ إجابة الدعاء، وتفريج الكرب، فإنه سبحانه وتعالى، عند المنكسرة قلوبهم
قال وهب بن منبه : تعبد رجل زمانا، ثم بدت له إلى الله حاجة، فصام سبعين سبتا، يأكل في كل سبت إحدى وعشرين تمرة، ثم سأل حاجته فلم يعطها، فرجع إلى نفسه فقال : منك أتيت، لو كان فيك خيرا أعطيت حاجتك، فنزل إليه عند ذلك ملك، فقال له : يا ابن آدم، ساعتك هذه خير من عبادتك التي مضت، وقد قضي الله حاجتك
عسى ما ترى ألا يدوم وإن ترى له فرجا مما ألح به الدهر
عسى فرج يأتي به الله إنه له كل يوم في خليقته أمر
إذا لاح عسر فارتج اليسر إنه قضى الله أن العسر يتبعه اليسر
وقال ابن رجب أيضا :
وإذا اشتد الكرب، وعظم الخطب كان الفرج حينئذ قريبا في الغالب
قال تعالى : " حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا " " يوسف : 110 "
وقال سبحانه : " حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب " " يوسف : 83 "
ثم ذكر ابن رجب وجها ثالثا من لطائف أسرار اقتران الفرج باشتداد الكرب فقال: ومنها : أن العبد إذا اشتد عليه الكرب، فإنه يحتاج حينئذ إلى مجاهدته ودفعه، فيكون في مجاهدة عدوه ودفعه، دفع البلاء عنه ورفعه
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما أبالي أصبحت على ما أحب، أو على ما أكره، لأني لا أدري الخير فيما أحب أو فيما أكره
وقال عمر بن عبد العزيز : أصبحت ومالي سرور إلا في مواقع القضاء والقدر
يا هذا لم نستدعيك وأنت تفر منا، نسبغ عليك النعم، فتشتغل بها عنا، أو تنسانا، فنفرغ عليك البلاء لترد إلينا، وتقف على بابنا، ونسمع تضرعك !1 البلاء يجمع بيننا وبينك، والعافية تجمع بينك وبين نفسك
المصدر : " لا تحزن.. إن مع العسر يسرا "