أم شماء

أم شماء @am_shmaaa

رحيق الصحة

غياب الأب يولد التفكك الأسري

الأسرة والمجتمع

دور الأب ومسؤوليته أو غيابه أمور تتعلق بالوعي والبيئة الاجتماعية ومستوى الثقافة والتعليم، بالاضافة الى ظروف المعيشة الاقتصادية والاجتماعية وغيرها.

ومهما تنوعت الأطر والمواقف يبقى للأب موقع منهم في الأسرة. وتبقى الركيزة الأساسية النفسية للأولاد تتمثل في الدور الايجابي للأب. تقول ربة المنزل سهام: ان غياب الأب عن البيت يخلق مسؤوليات لا حصر لها تجاه الأولاد فهو السلطة التي تحميهم وتضبطهم، بالاضافة الى ان تربية الأولاد مسؤولية مشتركة، ويحدث خلل فيها بغياب الأم أو الأب. صحيح أن غياب الأب في حالات عدة مبرر بسبب العمل الذي يؤمن مستلزمات العيش الكريم، لكن بالمقابل السلبيات كثيرة تولد ضغوطا على الأم تتعبها وتثقل كاهلها، وانني أرى حتى وان عاد تكون هناك فجوة بين الطرفين، ويفتقد حضوره التأثير المطلوب، فالأسرة التي يغيب عنها الأب لا يسير أمرها بشكل طبيعي وعلاقاتها ليست عفوية إذ يتخللها الخوف والترقب الدائم وغياب التوازن في العلاقات.

أما بالنسبة لفايزة “مطلقة”، فتقول: اجد دوري مضاعفا ولا بد من الاعتراف بأن غياب الأب عن البيت يشكل فراغا لا استطيع ان أملأه مهما حاولت وجهدت، لذلك فهو القادر على ضبط السلوك والارشاد ويستطيع فرض هذا الأمر بسهولة اعجز أنا عنها. وتربية الطفل مهمة شائكة وصعبة فكل يوم يكبر فيه، تتولد اشياء جديدة في حياته، ان كان في المدرسة أو مجتمعه المحيط أو زملائه وبالتالي تتولد حاجته الدائمة للرعاية والوقوف على شكل جديد من حياته، وتزداد حاجته للأب في مرحلة الشباب الذي ينزع فيها الى التمرد لاثبات شخصيته، فيكون بأمس الحاجة الى ناظم يضبط تصرفاته.

وتقول هيفاء “مهندسة”: ان تلك الحالة تخلق تفككا في أركان الاسرة التي تحتاج الأب كحاجتها للأم، وتتكامل بهما الرعاية والعاطفة، فهو مصدر الأمان، وخاصة ان كان هناك جو من التفاهم بين الطرفين، والأب على قدر من الوعي والمقدرة على ضبط سلوك ابنائه بشكل متفهم ليرشدهم ويكون المثل الأعلى الذي يتخذه الأبناء قدوة في حياتهم العملية والاجتماعية، لكن افتقاد الأب يشكل فراغا في جميع الاتجاهات المادية والمعنوية والاجتماعية.

أبو رامي “مدرس رياضيات” يقول عن تجربته: حاولت مرارا الحصول على فرصة عمل خارج البلد من أجل تحسين وضع عائلتي ماديا، لكن عندما اتتني رفضتها، بسبب تقديري لما يمكن ان يخلقه هذا السفر للأولاد من ترد في مستواهم الدراسي وغيره. نعم بقيت لسنوات احاول لكنني في الوقت نفسه فكرت بأنني لا أريد ان اربح مالا واخسر أولادي، وتراجعت عن قرار السفر في الوقت المناسب وبقيت الى جانبهم، وأنا غير نادم لأنني وصلت الى نتيجة سعدت بها كثيرا فالأولاد جميعهم تابعوا تحصيلهم الدراسي، فالأول درس الطب، والثانية مهندسة، والثالثة درست الأدب الانجليزي والأخير يتابع تحصيله في الجامعة الى الآن. لذلك بنيت مستقبلهم بالعلم، وهذا أفضل من وجهة نظري، ولو تركتهم فإنني واثق تمام الثقة بخسارتي وفشلهم.



مسؤولية مضاعفة: منال تقول عن سفر زوجها: ان القلق والخوف اللذين أعيشهما لا يعوضني عنهما شيء في هذه الدنيا، ومهما تحسن الوضع المادي، لكن السلبيات كثيرة لا تعد ولا تحصى وخاصة علي أنا بالذات كامرأة ان اتحمل مسؤولية مضاعفة فوق طاقتي وأبذل جهدا كبيرا للتحكم بالأولاد وافرض جوا آمنا ومستقرا، فأنا وحيدة والضغوط كثيرة والاسرة تحتاج الى الطرفين لرعايتها وضبطها، وخاصة في القرارات المصيرية وابداء الآراء في قضايا حياتية مهمة، من ثم الخوف من المحيط، فالمجتمع يحمل المرأة نتيجة أي فشل يحصل للأبناء، والنظر اليها بأنها غير كفء من دون اعتبار الظروف المحيطة بها.

ويقول الشاب مازن علي “جامعي” عن غياب الأب: اننا نحتاجه في الصغر من أجل فرض سلوكيات وتصرفات قويمة، لكن عند الكبر يختلف الأمر، فحاجتي الى عاطفته الأبوية التي ترعاني تشكل مصدر أمان واستقرار لي مهما بلغت من العمر فغيابه يترك فراغا قاسيا، ووجوده يزيل عن كاهلي هموما كثيرة. ومهما كان شكل اسلوبه وتعامله، إنني ادرك بأن ما يفرضه علي حسب خبرته ومعرفته في أمور تتعلق بحياتي يكون بسبب الخوف على مصلحتي في كل صغيرة وكبيرة.



قسوة: أما عبدالرزاق “موظف” له وجهة نظر تخالف ذلك. فيقول: انني على تناقض دائم مع والدي وأتنفس الصعداء لغيابه فأسلوبه قاس معي، ومن الممكن ان يكون تعامله اكثر ليونة اذ انني ارى آباء لزملائي يتصرفون بشكل مريح وبسيط معهم، فتشكل عندي ردة فعل تجاه اسلوب أبي ويخلق لدي توتراً دائما في العلاقة فهو يستطيع ان يعلمني ويوجهني الى الطريق الصحيح بأسلوب يخلو من القسوة التي تسبب كل تلك الضغوط والشروخ في علاقتنا. حقيقة انني لا استطيع ان اتعلم اي شيء منه بطريقته تلك.

أم سعيد “مدرسة” تعاني من قضية عدم قيام الاب بدوره اللازم، فتقول: صحيح ان والدهم موجود لكنه يؤمن بأساليب تربوية مرنة يرى فيها ان التساهل يعطي نتيجة افضل، ما ينعكس ذلك على الاولاد ويفتقرون بالتالي الى المقدرة على اتخاذ القرار الصحيح، وانا لست مع اسلوبه هذا وكأنه يعتمد على حزمي معهم الذي يفترض ان يكون من الاب بتأثير اقوى.

إن غياب الدور الايجابي للاب يعني غيابه، وتؤكد عفت هذا الرأي، فتقول: ان زوجي يسعى الى العمل الدائم وتأمين المال، غافلا امر العلاقة الاسرية السوية مع اولاده، انه يعيش بعيدا عن مشاكل الاولاد وحياتهم وكأنه غريب بيننا ولا يعرف شيئا الا تقديم المال مما يخلق جفاء واضحا في التعامل الاسري بيننا وعلى حياتنا بأسرها.

وتؤكد أم غسان ان ابنتها نتيجة حرمانها من والدها الذي تزوج وتركها منذ صغرها تعيش في هاجس مصادقة الكبار وتحاول ان تعيش دائما اكبر من عمرها في تصرفاتها وتظهر الوقار في غير مكانه. كما انها في أية مناسبة تبدي رغبتها بالارتباط برجل كبير وتقول دائما انه لا يمكنها ان تجد الحنان والحب والحماية لدى شاب قريب من عمرها، ما يخلق مشاكل بيني وبينها. لان سلوكها محاولة لتعويض ما فاتها من حنان ابيها.

جمال “صيدلي” يقول: ان وجود الاب ضمان للاستقرار، لكن في الوقت نفسه مع ان الاب متفهم، الا انه يصادر آراء مواقف اولاده ويفرض آراءه القديمة وعاداته. وبالنسبة لي عانيت من هذا الامر كثيرا، فالوالد حرصا وخوفا على مصلحتي كان يدقق في كل شيء في حياتي ويتدخل في ابسط الامور، معللا ذلك بأنه يعي ويعلم اكثر مني، وحتى الآن يعتبرني ولدا وينبهني الى اشياء كثيرة وكأنه لا يستطيع ان يرى نفسه أبا الا بالتنبيه المستمر والتوجيه حتى لو اصبحت ابن سبعين عاما.

احب والدي واقدم طاعتي واحترامي، لكن هذا لا يمنعني من الاعتراف ان اسلوب تعامله يتعارض مع شخصيتي.

ويؤكد هذا الرأي الشاب الجامعي ماهر، فيقول: ان محبتي لوالدي لا تمنعني من القول بأنه باسم الابوة يرفض كل فكرة او عمل اقوم به، ويتدخل في امور تجعلني اشعر بحرماني من كياني وشخصيتي وحقي في التعارف والتعامل بحرية وباستقلال، فالاب الذي لا يراعي هذا الامر يخلق تناقضا دائما بينه وبين اولاده ويخالف سنة الحياة التي تعزز افكاراً جديدة وقيما جديدة.



قيم عامة: الشابة سحر شعبان تقول ان دور الاب في حياتنا يتبع لأمور كثيرة في حال حضوره، فمهما كان متعلما، يكون في مجتمعنا مكبلا بقيود تصل الينا عبره، فأبي يفرض علي نمطا من العادات والتقاليد، مما يجعلني محرومة من اشياء اراها امرا طبيعيا، فالخوف عليّ لانني فتاة رغم انني متعلمة، ومحاولة التدخل وعدم مناقشتي بأي قرار يتخذه، يجعلني اشعر بقسوة اسلوبه حتى لو كان هذا بدافع الخوف عليّ وحبه لي، وطالما ان الانسان لديه ناظم من الوعي والتفهم والاتزان، لماذا لا يمنحني الثقة، وهو يعرف عني كل هذا كما يقول هو، وان جهد الانسان لاثبات وجهة نظره وحاول الخروج عن المألوف، فإنه يلقى المعارضة الابوية، وينظر إليه انه جاحد، وبالتالي انني ابقى بسبب الخوف من هذه الفكرة على النهج نفسه واقبل بكل ما يفرض عليّ، وحتما هذا سيبقى عندي لأفرضه على اولادي في المستقبل، فلماذا لا نميز بين الاحترام والطاعة من جهة والتعبير عن الذات وننفر من كل شيء جديد ونتمسك بالتقوقع الذي يسد آفاق طموح الإنسان وتطوره الى الافضل؟

الاختصاصي محمد الراشد عقب قائلا: ان المسؤولية التي تتحمل عبأها المرأة من شأنها ان تخلف وراءها ضغوطا ستنعكس بشكل مباشر او غير مباشر على الاسرة. وغياب الاب سيخلق هوة في التعامل بينه وبين ابنائه يجعله عاجزا مهما حاول ان يصلح ما فات، فالخلل الذي يتركه غيابه سينعكس من النواحي التربوية والنفسية والسلوكية، لان اهم اركان الاسرة غائب عنها، كما ان العائلة المترابطة والمتكاملة بحاجة ضرورية لوجود الاب في مجتمعنا الشرقي للحفاظ على اسرة مستقرة، وسليمة، ومن جانب آخر فإن الحرمان العاطفي الذي يخلفه غياب الاب من شأنه ان يخلق ضغوطا نفسية لا حصر لها تظهر في السلوك والتصرفات وتصبح الاسرة في حالة توتر وأزمات نفسية لدى المرأة والاولاد.

وبالنسبة للتنشئة الاجتماعية، فإن غياب الاب يعني غياب النموذج والمثل الاعلى الذي يحتذي به الطفل وسيترك خللاً في الشخصية ويحرمها من توازنها والتصرف بمنطقية ولابد من الاشارة الى ان كثيرا من الانحرافات لدى الشباب، سببها الاساسي غياب الاب وغياب دوره الايجابي في المنزل. وان اضطر للغياب، عليه ان يعوضه بعلاقة سليمة عبر التفاهم والحوار المشترك والمتبادل كي يسهل تقليص المسافة بين الطرفين، وتجاوز فواصل كثيرة خلفها غيابه.


منقول من ملحق استراحة الجمعة.....
6
807

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حبيبة أبوها
حبيبة أبوها
مشكوره يالغاليه:27:











:26:
ماوية
ماوية
أم شماء
جزاك الله خير

وجعله في موازين حسناتك ,,
وبالفعل وجود الاب والام مهم جدا ,,
shiokh
shiokh
يعطيك العاااااافية وجزاك الله خيرررر

:26: :26: :26:
أم شماء
أم شماء
حبيبة أبوها
العفو......



ماوية
شكرا على مرورك الكريم......





shiokhالله يعافيج...
متفائلة2
متفائلة2
ربي يستر عليك ويثيبك
على قد مانتي تطلعى
وفيناتنوري ربي ينور دربك