مازالت أنظارنا معلقة برجاء في تلك القسمات الناعمة التي تحملها نساؤنا المسلمات على اعتبار أنها النصف الآخر في المجتمع التي تقوم على عاتقه مهام عظيمة.. وجوه صنعها الخالق عز وجل وجبلها على العطف والعطاء والإبداع الإنساني كي تصنع من أسرتها رافداً من روافد الإيمان والمثالية، كي تسير بهم ـ وهي شقيقة الرجال ـ إلى قمم المعالي وشواهق الإنسانية الخالدة.. تلك هي أمجاد الإسلام العظيم؛ ملامح لبعض بناتنا ـ وللأسف الشديد ـ مسختها حريات الحضارة وصراع الثقافات فجعلتها متفضلة قبيحة وهي تطالع القدوة من نساء الغرب الشهيرات: فنانات.. مطربات.. عارضات أزياء، سافرات.. متبرجات.. مائلات.. مميلات لا يتور عن ارتكاب الرذائل علانية بدعوى التحضر وعولمة المدنية.. ولكن هل أولاء فقط ما برحن المثل الأعلى لبناتنا ونسائنا المسلمات إلى حد أن تفاخر بعضهن بإعجابها الشديد لهذه الفئة الضالة من رموز الانحلال والنجومية الزائفة.. وإذا كانت شريحة منا مبهورة بنجمات هوليود وعارضات أزياء «ايف سان لوران» و«استي لورد» وغيرها ويردن أن يحذو حذوهن في كل كبيرة وصغيرة! فليكن إذن.. ولتكن «فابيان» أشهر عارضات باريس والعواصم الغربية مثلاً تحتذى به المسلمات.. إنه مثل واقعي رائع مثل قصتها العجيبة التي أخذت ترويها لنا بتؤدة وتشويق خلال السياق التالي:
* كنت أحلم بإنسانيتي ـ أولاً:
ذلك الحلم الذي ترعرع في داخلي، لم يتوقف نموه أبداً رغم قامتي التي أخذت تبهر الأنظار برشاقتها.. ووجهي النابض بالجمال، كان حلمي مثل نسائم تهب علي في أوقات الشرود، فأتخيل نفسي امرأة تقضي أوقاتها ـ بثوبها الأبيض الناصع. في تضميد الجراح وتخفيف معاناة المرضى.. ذلك كان هاجسي: أن أكون ممرضة تهب بحماس لتصارع آلام المنكوبين من خلال لمساتها الإنسانية الحانية.. أردت أن أكون إنسانة فقط، وكان التمريض يعني بالنسبة لي الإنسانية بكل معانيه الرفيعة، ولكن أصوات الإعجاب من حولي أخذت تزمجر في وجه حلمي حتى أخرسته. وأهبت من أعماقي همسات أخرى ـ بدلاً عنها ـ كانت تتصارع لوساوس الشياطين من بني البشر التي كانت تدعوني لأن أصبح نجمة ساطعة، لما لا..!! فالجميع يرى في جسدي رمزاً من رموز الفتنة الذي يمكن أن تعلق عليه آمال المصممين ومبتكري الموضة في أنحاء العالم، وتعالت الأصوات وتهافتت حتى تحولت إلى صرخات لم أكن أقدر على إسكاتها إلا بالانصياع لمرادها، حتى أهلي أقرب المقربين إلي يشاركون في هذا الهتاف الجماعي بإغرائي كي أستغل جمالي في عمل يدر عليَّ الربح المادي الكبير.. وكذلك الشهرة والأضواء وكل ما تحلم به أية مراهقة ساذجة في الدنيا وتفعل المستحيل كي تحققه وتصل إليه.
* الثمن الغالي:
وكان الطريق أمامي سهلاً ممهداً للدخول في عالم الغواية ـ فجمالي الصارخ أزاح كل العقبات من طريقي وسرعان ما عرفت الشهرة والنجومية وتدفقت عليَّ الهدايا الثمينة والعروض المغرية من كل صوب لتغمرني بالغرور والسرور ولأنجرف أكثر في زلات وخطايا، حيث لم أكن أحلم يوماً بهذا الاحتفال والدلال الجماعي. واعتليت السفح المطل على الهاوية وانزلقت أقدامي في الطريق الخاطئ، ولكي أصل إلى القمة الهشة لابد من تنازلات أقدمها: أن أقتل حلمي الصامت الواجم في صدري أولاً.. ثم أميت إنسانيتي وضميري لأفقد بعد ذلك شعوري وإحساسي، أرادوني فقط أن أكون مجرد تمثال جميل.. لكنه لا يرى لا يتكلم لا يسمع، تمثال عليه فقط أن يتقن الرقص والميوعة وينصاع للأوامر القاسية.. أجل.. كنت مجرد تمثال لا يأكل ولا يحب أو يكره، فقط جسدي يتغذى على الفيتامينات الكيميائية والمقويات والمنشطات،، وهكذا صنعت مني بيوت الأزياء العالمية.. صنماً بارداً يعبث بالقلوب والعقول.. جماد بدون إنسانية أو حياة يتحرك ويبتسم رغم الفراغ الذي يملأ جوفه، ولم أكن وحدي مطالبة بذلك، فجميع زميلاتي قدمن تنازلات مثلي، وكانت كلما تألقت العارضة بتجردها من أدميتها وأخلاقياتها كلما زاد قدرها في هذا العالم العجيب، أما مخالفة أيًّا من تعاليم الأزياء فكان معناه ألوان من العذاب والعقاب يدخل فيها أحياناً الأذى النفسي والجسماني.
ومرت بي الأزمان وأنا على هذا النمط من الحياة، أتجول في العالم وأعرض أحدث خطوط الموضة العارية والفاضحة، لم أكن أشعر وأنا أمارس مهنتي إلا بالنظرات الشيطانية وهي تلتهم قامتي وتعريني بأحداقها النهمة والمليئة بالاحتقار والدونية، ووسط ذلك وجدتني وأنا دهشة لذلك الامتعاض والنفور اللذان بدءا يتضخمان في نفسي لإحساسي العميق بأن عملي الاستعراضي رخيص.
من بيوت الأزياء العالمية
إلى أفغانستان
* التحول المفاجئ:
وفي رحلة لنا إلى بيروت أنا ومجموعة من زميلاتي عارضات الأزياء، حدث أثناء تجوالنا في المدينة أن انهار مستشفى للأطفال أمام أعيننا، وكان هذا يعني بالنسبة لي كارثة عظمى، فلم أطق صبراً وأنا أسمع صرخات الأطفال وبكائهم.. فجأة.. انقشعت عن عيني في تلك اللحظة غلالة الغرور وضباب المجد الزائف الأسود.. اندفعت بدون تفكير من بين زميلاتي المتعجرفات ـ اللاتي وقفن يتابعن ما يحدث بكبرياء ـ نحو أشلاء الأطفال في محاولة لإنقاذ من بقي منهم على قيد الحياة.. تحركت الإنسانية في داخلي فزلزلت كل مشاعري، وبقدرة الله العظيم بعث حلمي الميت من مرقده في قلبي، فتملكني إحساس جارف بالرفض لعالم الخداع والزيف الذي كنت أحيا فيه، ودون أي تردد وجدتني أترك بيروت والمهمة الي جئت من أجلها في استعراض الأزياء لأرحل إلى باكستان، حيث سمعت عن الأفغان الجرحى القابعين عند الحدود والذين كانوا بحاجة ماسة إلى التمريض والرعاية، وهناك خطوت أولى خطواتي نحو الحقيقة الساطعة، كان الإسلام بممارساته النبيلة ينتظرني على الوجوه الجريحة ويقول لي بمبادئه وقيمه «ها وهأنذا.. فأقبلي».. لذا تعلمت من الأسر الباكستانية والأفغانية كثيراً من تعاليم الدين السامي.. تعلمت معنى أن يكون الإنسان بمثل هذا الدين قريباً بعبادته من المثالية والكمال الإنساني، وكانت نفسي تنقاد إليه بسلاسة واقتناع حتى دخلت فيه بكامل إرادتي، فأجدت اللغة العربية ـ لغة القرآن الكريم ـ وأحرزت تقدماً ملموساً في استيعاب الرسالة المحمدية الخالدة حتى أصبحت مسملة قلباً وقالباً، وباتت حيات يوروحي تكتسيان بأهمية عظمى لم أكن أشعر بها من قبل.
* الانتقام والضغينة:
وحدث بعد ذلك بزمن أن وجهت إليَّ صفعة لم أكن أتوقعها من رواد علمي السابق، حيث تعرضت لضغوط عدة من بيوت الأزياء التي كنت أعمل بها عندما علم أربابها بإسلامي، فأرسلوا إليَّ عروضاً بمضاعفة دخلي الشهري إلى ثلاثة أضعاف وتبعوا ذلك بإرسال أكوام من الهدايا الثمينة لأرجع عن قراري وأعود إليهم، وعندما رفضت كل عروضهم وإغراءهم قاموا بشن حملة شعواء مغرضة ضدي كي يسيئوا إلى سمعتي وإلى الدين الذي اعتنقته، ولم يكتفوا بذلك بل علقوا أغلفة المجلات التي كانت تحمل صوري العارية في الطرقات وعلى جدران البيوت الأفغانية، حاولوا الوقيعة بيني وبين أهلي المسلمين، لكنهم فشلوا في محاولاتهم، وخاب أملهم. إذ وقف المسلمون إلي جانبي وآزروني بشدة.
* لن أندم أبداً
كثيراً ما انظر إلى يدي التي كنت أقضي وقتاً طويلاً في الماضي لأحافظ على نعومتها، ثم ابتسم بسعادة وأنا استعملها في الأعمال الشاقة وسط الجبال.. لن أندم أبداً على دخولي الإسلام ـ فهو دين الإنسانية والفطرة الذي وجد له في نفسي صدى عظيماً، وسيكون لي إن شاء الله حسن الجزاء عند خالقي.. وهذا ما آمله وأرجوه.
واريدك انت تعلمي اختي العزيزة اعملي لأخرتك لا لدنياك ...
منقول للأمانة
butterfly_2007 @butterfly_2007
عضوة نشيطة
فابيان عارضة الأزياء العالمية السابقةبين بيروت وافغانستان كان التحول المفاجئ للأسلام
7
843
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
ذكريات الأمس
•
سبحان الله الهادي
قرأت هالقصة من قبل و قشعر بدني..
في كمان أكتر من شخص مشهور دخل بالاسلام و قصصهم كتير حلوة
الله يجزيكي الخير يا فراشة.. يسلمو هالديات الحلوين
في كمان أكتر من شخص مشهور دخل بالاسلام و قصصهم كتير حلوة
الله يجزيكي الخير يا فراشة.. يسلمو هالديات الحلوين
الصفحة الأخيرة