
أبطأ الهدهد على نبي الله سليمان
فتوعد بعذابه أو بذبحة
أو ليأتينه بخبر يفتدي به نفسه .
فعندما جاء الهدهد أخبر نبي الله سليمان بخبرين مهمين
أما الأول فقوله :
{أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} .
أما الخبر الآخر الذي أدهشه – هو الحيوان غير المكلف – وكاد يطير بلبه
قال : {وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ}
بهذا الخبر كلف نبي الله سليمان الهدهد بحمل رسالة منه
إلى الملكة بلقيس يدعوها وقومها إلى الإسلام
فلما جاءها الكتاب قالت :
{قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ}
فطالبتهم بوضع أفضل الحلول وما ينبغي فعله تجاه هذا الأمر الذي هز عرشها
وحير عقول رجالها .. فما كان إلا أن قالوا :
{قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ}
فحذرت قومها من مغبة العناد أو اتخاذ أي قرار طائش قد يكلفهم الكثير .. قالت :
{قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}
وهذه نظرة أهل الدنيا بعينها لا ينظرون إلا العروش والمحافظة على الكراسي
والعض على الدنيا بالنواجذ والمحافظة على الملك مهما كانت النتائج
مع العلم أن نبي الله سليمان لم يطلب منها وقومها إلا الإسلام
وعبادة الله الواحد القهار
{أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ}
فأرسلت بلقيس بهدية اختبار إلى نبي الله سليمان
فإن قلبها وسكت فهو ممن يطعمون في الدنيا وما يريدون إلا الملك ..
وإن ردها فهدفه أكبر من ذلك بكثير
فعندما وصلت إليه الهدية قال :
{أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ}
وأرسل الهدهد إليها من جديد يعرض عليها إما الإسلام أو القتل ! .
فبفضل الله عز وجل ثم بدعوة سليمان قبلت الإسلام
وقبل وصولها وصل عرشها بواسطة الجان
وفي رواية من الملائكة .. فنكر لها
فلما عرض عليها قيل :
{أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ}
وهذا كبرياء منها وأنفة ملوكية رغم أنها مستيقنة أنه عرشها ثم
{قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَاَ}
قال لها نبي الله سليمان :
{صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ}
أي الذي تراءى لك أنه الماء ما هو إلا ممر من الزجاج الشفاف
وقيل كان تحته أنواع من الأسماك
فتراءى للناظر من شدة شفافيته أنه الماء بعينه
وهذا فوق المستوى الذي كانت تعيشه بل فوق مستوى صناعة البشر
وهنا استيقنت وأعلنت إسلامها لله عز وجل
{قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .
أختي الكريمة :
هل تأملتِ !!
لم يمنع بلقيس مع ما كانت عليه من الملك والنعيم
أن تتواضع لله وتترك عبادة الشمس وتتجه لعبادة الله سبحانة وتعالى
وتكون تحت إمرة نبي الله سليمان مطيعة له بما أمر الله
وتتنازل عن كل أملاكها وكبريائها خضوعاً لله عز وجل :
{وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ }
أختي الفاضلة :
بعد هذا السياق الموجز لقصة بلقيس مع نبي الله سليمان
أما آن الأوان لطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ}
أختي المسلمة :
ليتسع صدرك لما أقول :
كم مرة عصيت الله عز وجل
كم مرة خرجتي ولابسة ما يكشف ويفصل جسدك
كم من الأوقات والساعات التي ضاعت في المحرمات ..
كم من الأوقات أهدرت في الخروج إلى الأسواق بلا غرض مهم ..
كم من المجالس التي تقضين فيها بين غيبة ونميمة ..
ولم تستغلين وقتك في تعلم وقراءة كتاب الله وتعليم الصغار أمور دينهم .
أختي الفاضلة ..
عوّدي نفسك على الحلال والتصدق في سبيل الله
وتخلصي من صديقات السوء وانخرطي في سلك الدعوة إلى الله
قال تعالى : {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}
وقال صلى الله عليه وسلم :
.
أسأل الله سبحانه أن يجعلنا طائعين لله ولرسوله ومنفذين لأوامره
مقدمين شرع الله على كل شهواتنا ورغباتنا
ممثلين لله عز وجل قال الله تعالى :
{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} .