♥️Morjana
♥️Morjana
في حكم المسكن والنفقة للمطلَّقة ثلاثًا




السؤال:
بعد أنْ عرفْنا -شيخَنا المحترمَ- مِن خلالِ فتواكم رقم: (١٠٨٠)،
الموسومةِ بـ«في عدّةِ المطلّقةِ ثلاثًا» أنّه يجب على المرأةِ المطلّقةِ ثلاثًا
عدّةٌ كحالِها فِي الطّلقةِ الأولى والثّانيةِ بلا فرقٍ،
ظهر لنا أنْ نسألَكم عن حكمِ هذه المطلّقةِ في الثّالثةِ: هل لها حقٌّ في المسكنِ والنّفقةِ
-أيضًا-؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.




الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على من أرسله الله
رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدّين، أمّا بعد:



فالمطلّقةُ طلاقًا بائنًا -وهي غيرُ حاملٍ- ليس لها سكنى ولا نفقةٌ على أرجحِ مذاهبِ أهلِ العلمِ،
وهو مذهبُ أحمدَ في روايةٍ وداودَ وسائرِ أهلِ الحديثِ،
وبه قال ابنُ عبّاسٍ وجابرٌ وطائفةٌ مِنَ السّلفِ، لأنّ المرأةَ إذا بانتْ مِن زوجِها فهي في حكمِ الأجنبيّاتِ،
لا يجب في حقِّها نفقةٌ؛ لانتفاءِ التّمكّنِ مِنَ الاستمتاعِ بها بعد البينونةِ،
فلم يبق عليها سوى اعتدادِها منه؛ لمكانِ النّصِّ القاضي بوجوبِ العدّةِ عليها -كما تقدّم في الفتوى السّابقةِ-.


ويؤيّد هذا المذهبَ حديثُ فاطمةَ بنتِ قيسٍ رضي اللهُ عنها:
«أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا ألبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلُهُ بِشَعِيرٍ فَسَخِطَتْهُ، فَقَالَ:
وَاللهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ»أخرجه مسلم


وفي روايةٍ: «لاَ نَفَقَةَ لَكِ وَلاَ سُكْنَى»أخرجه مسلم
ولا يخفى أنّ الحديثَ صريحٌ في محلِّ النّزاعِ، وقد جاء عن فاطمةَ بنتِ قيسٍ رضي اللهُ عنها أنّها قالت:
«فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى وَلاَ نَفَقَةً، وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» أخرجه مسلم


وهذا الحكمُ فيما إذا لم تكنِ المبتوتةُ حاملاً، فإنْ كانتْ على هذه الحالِ
فإنّه تجب لها النّفقةُ؛ لقولِه تعالى: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولاَتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ ،
فالآيةُ تفيد بعمومِها وجوبَ النّفقةِ للحاملِ سواء كانتْ في عدّةِ طلاقٍ رجعيٍّ أو كانتْ بائنًا،
ويقوّي هذا المعنى قولُه صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم
لفاطمةَ بنتِ قيسٍ رضي اللهُ عنها: «لاَ نَفَقَةَ لَكِ إِلاَّ أَنْ تَكُونِي حَامِلاً»أخرجه أبو داود




ولا يعارِض ظاهرُ القرآنِ الكريمِ حديثَ فاطمةَ بنتِ قيسٍ رضي اللهُ عنها
في قولِه تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ، لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِ
لاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ، وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ
اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ، لاَ تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا.
فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ،
وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ للهِ، ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ
مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ .




لأنّ القرائنَ السّياقيّةَ تدلّ على أنّ الآيةَ تناولتِ المطلّقةَ الرّجعيّةَ وحْدَها،
ومِن هذه القرائنِ قولُه تعالى: ﴿لاَ تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾،
والمعلومُ أنّ الأمرَ الذي يُحدثه اللهُ تعالى بعد الطّلاقِ وأثناءَ العدّةِ في بيتِ الزّوجيّةِ
إنّما هو الرّجعةُ لمن له الحقُّ فيها دون المبتوتةِ فلا رجعةَ لها


وقد احتجّت بها فاطمةُ بنتُ قيسٍ على مروانَ بنِ الحَكَمِ لمّا قال:
«إِنْ لَمْ نَسْمَعْ هَذَا الحَدِيثَ إِلاَّ مِنِ امْرَأَةٍ سَنَأْخُذُ بِالعِصْمَةِ الَّتِي وَجَدْنَا النَّاسَ عَلَيْهَا»،
بقولِها: «فَبَيْنِي وَبَيْنَكُمْ القُرْآنُ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ﴾ »،
قالت: «هَذَا لِمَنْ كَانَتْ لَهُ مُرَاجَعَةٌ، فَأَيُّ أَمْرٍ يَحْدُثُ بَعْدَ الثَّلاَثِ؟
فَكَيْفَ تَقُولُونَ: لاَ نَفَقَةَ لَهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلاً؟ فَعَلاَمَ تَحْبِسُونَهَا»
في الرّجعيّةِ -أيضًا- كما بيّنه ابنُ القيّمِ -رحمه الله-«تهذيب السّنن» لابن القيّم
وأمّا حديثُ فاطمةَ بنتِ قيسٍ رضي اللهُ عنها فمختصٌّ بالمبتوتةِ،
فلا نفقةَ لها ولا سكنى ما لم تكنْ حاملاً، وبهذا ينتفي التّعارضُ خاصّةً مع وضوحِ القرائنِ السّياقيّةِ لمن تدبّرها.


..............يتبع مع السؤال الثامن
♥️Morjana
♥️Morjana
في حكم الأولاد في رجعةٍ مِنْ طلاقٍ قبل الدخول




السؤال:
أنا وزوجي ـ بعد خطوبتنا ـ قُمْنا بالعقد الشرعيِّ ـ أو ما يسمَّى عندنا بالفاتحة ـ
وبالعقد المدنيِّ ، وبَقِينَا على تلك الحالِ مِنْ غيرِ أَنْ يكون بيننا دخولٌ بالمَسيس،
وبعد أَشْهُرٍ مِنْ ذلك تُوُفِّيَ عمِّي فأَمَرني زوجي بعدم الذهاب للعزاء؛
لكنِّي اضطُرِرْتُ لذلك مع أهلي فقام بتطليقي عبر الهاتف؛
فهل هذا طلاقٌ رجعيٌّ أم بائنٌ بينونةً كبرى، وإِنْ كان طلاقًا رجعيًّا فهل يستلزم عقدًا جديدًا
أم يكفي أَنْ يعودَ ويراجِعَني. المشكل هو أنه إِنْ كان يستلزم عقدًا جديدًا


فهو قد راجعني مِنْ غيرِ عقدٍ آخَرَ ولم يُعْلِمْ أحدًا بالأمر؛ فهل هذا صحيحٌ؛
علمًا أنه أَتَمَّ مراحل الزواج، ونحن ـ الآنَ ـ متزوِّجان منذ ٦ سنواتٍ ولدينا طفلان،
ولم أعلم باختلاف الآراء في الأمر؛ فهو قد أخبرني أنه استفتى والأمر جائزٌ، أنا
ـ الآنَ ـ حائرةٌ وخائفةٌ؛ فهل زواجي معه صحيحٌ؟ وجزاكم الله خيرًا.




الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين،
وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:



فالطلاق بعد العقد وقبل الدخول يقع صحيحًا ويُحْتَسبُ طلقةً،
وليس على المرأة عِدَّةٌ تعتدُّها، وليس له عليها رجعةٌ، وإنما يجب عليه
عقدٌ جديدٌ ومهرٌ جديدٌ، أي: بكافَّةِ شروطِ انعقاد العقد.
بخلافِ ما إذا كان الطلاقُ حاصلًا بعد الدخول فإنه يجوز له ـ
والحالُ هذه ـ أَنْ يُراجِعها في أثناءِ عِدَّتِها، ويُحتَسبُ له طلقةً.




أمَّا المعقود عليها غيرُ المدخول بها إِنْ طلَّقها فتَبِينُ عنه مباشرةً؛
لعدمِ وجودِ عِدَّةٍ تَعْتدُّها ـ كما تقدَّم ذِكرُه ـ لقوله تعالى:
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَكَحۡتُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن
تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمۡ عَلَيۡهِنَّ مِنۡ عِدَّةٖ تَعۡتَدُّونَهَاۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا ٤٩﴾ .




وبناءً عليه، فإِنْ أراد أَنْ يعود إلى زوجته فيلزمه أَنْ يعقد عليها ـ
مِنْ جديدٍ ـ عقدًا آخَرَ برُكنه وكاملِ شروطِ انعقاد الزواج،
لكِنْ إِنْ أَرْجعَها الرجلُ مِنْ غيرِ عقدٍ جديدٍ ولا مهرٍ جديدٍ فقَدْ أَرْجَع امرأةً أجنبيةً
تحت سقف الزوجية بغير الصورة المَرْضيَّة شرعًا،
وحيث قد أنجبَتْ معه أولادًا مِنْ غيرِ أَنْ يكون معهما عقدٌ يربط بينهما
ـ تأسيسًا على فتوى المفتي ـ فهذا العقد الفاسد السابق يُعَدُّ وطءَ شبهةٍ،
والأولادُ يُنْسَبون إليه لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ»
مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ


والعلاقةُ غيرُ المَرْضيَّة يتحمَّل وِزْرَها المفتي إِنْ أَفْتاهُ بغيرِ علمٍ ولا سندٍ مِنْ كتابٍ أو سنَّةٍ؛
لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ أُفْتِيَ بِفُتْيَا غَيْرِ ثَبَتٍ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى مَنْ أَفْتَاهُ» أخرجه البخاريُّ
والواجب ـ في هذه الحال؛ لتصحيح العقد وإصلاحِ الوضعية الزوجية ـ:
أَنْ تَستبرِئَ المرأةُ بحيضةٍ واحدةٍ ويعقد عليها الرجلُ مِنْ جديدٍ بجميعِ لوازم العقد ومُتطلَّباتِه.
نسأل اللهَ التوفيقَ والسداد والإصلاح.


.......يتبع مع السؤال التاسع
♥️Morjana
♥️Morjana
في حكم الإشهاد في الطلاق


السؤال:
طلَّقني زوجي بدون حضور الشهود، وسألتُ ـ بعد مُضِيِّ فترةٍ مِنَ الزمن ـ
أحَدَ أئمَّة المساجد فأفتاني أنَّ طلاق زوجي لا يُعَدُّ صحيحًا لانتفاء الإشهاد فيه،
فالرجاءُ إفادتي: هل وَقَع الطلاقُ أم لا؟ أي: هل لا أزال زوجتَه؟
وهل الإشهادُ شرطٌ في صحَّة الطلاق؟ وبارك اللهُ فيكم.




الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين،
وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:


فالإشهاد ليس شرطًا في صحَّة الطلاق ـ على أرجحِ قولَيِ العلماء ـ
بل يقع الطلاقُ صحيحًا ولو مِنْ غيرِ إشهادٍ، وإنما استحبَّ جماهير العلماء ـ
ومنهم الأئمَّة الأربعةُ وغيرُهم ـ إشهادَ الرَّجلِ على طلاقه؛ لِمَا في ذلك
مِنْ حفظ الأمانات وصيانةِ الحقوق، وإثباتِ حكمِه مِنْ غيرِ نكولٍ منعًا للتجاحد بين الزوجين،
وقد حَمَل الجمهورُ الأمرَ على الندب في قوله تعالى:
﴿فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ
بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِ﴾ ؛




وذلك لوجودِ قرائنَ عقليةٍ وأخرى شرعيةٍ تصرف حُكمَ الوجوبِ إلى الاستحباب، فمِنَ القرائن:
ـ أنَّ الطلاق جعله الشرعُ خالصًا مِنْ حقوق الزوج بمُفْرَده؛
فلا يحتاج صاحبُ الحقِّ إلى شهادة الشهود أو إلى بيِّنةٍ ليباشر حقَّه،
فحكمُه لا يختلف عن بقيَّة الحقوق وسائرِ الإشهادات.




ـ ولأنه ورَدَتْ آياتٌ قرآنيةٌ وأحاديثُ نبويةٌ غير مقرونةٍ بالإشهاد؛
فمِنْ ذلك: حديثُ ابنِ عمر رضي الله عنهما: «أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ـ وَهِيَ حَائِضٌ ـ عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا..»»مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ


فلم يأمره النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالإشهاد لا على الرجعة ولا على الطلاق،
فلو كان الإشهادُ واجبًا لَأمَرَه بذلك؛ إذ «تَأْخِيرُ البَيَانِ عَنْ وَقْتِ الحَاجَةِ لَا يَجُوزُ».
أمَّا مَنْ أفتى بوجوب الإشهاد في الطلاق فهذا مذهبُ بعض السلف
كعمران بنِ حُصَيْنٍ وعليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنهما وعطاءٍ
وابنِ جُرَيْجٍ وابنِ سيرينَ، وهو مذهب الشافعيِّ في القديم ـ




ثمَّ رَجَع عنه إلى القول بالندب ـ وبه قال ابنُ حزمٍ وارتضاه الألبانيُّ رحمهم الله،
فغايةُ ما تدلُّ عليه أدلَّتُهم: وجوبُ الإشهاد على الطلاق وأنَّ تارِكَه آثمٌ،
وليس فيها أنَّ الإشهاد شرطٌ في صحَّة الطلاق، مع أنها قابلةٌ للتأويل.
وعليه، فإنَّ ما تجري عليه الفتوى مؤسَّسٌ على كلام الجمهور،
باعتبارِ أنَّ الطلاق حقٌّ للزوج؛ فلا يُشترَطُ له الإشهادُ ليُباشِرَ حقَّه إلَّا على وجه الاستحباب.


فإِنْ كان الذي أفتى بأنه لا يقع هذا الطلاقُ إلَّا بالإشهاد مِنْ أهل الفتوى عُمِل بفتواه،
لم يُعتَدَّ بطلاق زوجك ـ حالتَئذٍ ـ بناءً على ما أفتى به المفتي،
وحكمُ فتواه يبقى سارِيَ المفعول في تلك القضيَّة المحكومِ فيها؛
سعيًا لاستقرار الأحكام؛ جريًا على قاعدةِ: «الاِجْتِهَادُ لَا يُنْقَضُ بِمِثْلِهِ».




......يتبع مع السؤال العاشر
♥️Morjana
♥️Morjana
في تحريم الزوجة من غير قصد لمعنى اللفظ


السؤال:
عقدتُ على فتاةٍ عقدًا شرعيًّا، وصرتُ أختلي بها وأباشرها من غير جماعٍ،
ثمَّ وقعت بيننا خلافاتٌ فقلت لها: «أَنْتِ حَارْمَة»،يعني محرمة علي "
ولم أكن أعلم أنه ظهارٌ، وبعد فترةٍ طلَّقتُها بقولي
: «أنتِ طالقٌ طالقٌ طالقٌ»، فما الذي يترتَّب عليَّ؟ وجزاكم الله خيرًا.


الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين،
وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:



فإذا قصد بلفظ «التحريم» الطلاقَ غيرَ قاصدٍ لمعنى اللفظ فإنه يقع طلاقًا أو ظهارًا بحسب قصده:
• فإن قصد به الظهارَ ترتَّب حكمُه عليه، وهو أن يحرم عليه بظِهاره
قربانُها حتى يكفِّرَ عنه بعتق رقبةٍ، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين
فمن لم يستطع فعليه أن يطعم ستِّين مسكينًا لقوله تعالى:
﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ.
فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ
سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ .




• أمَّا إن قصد به الطلاقَ وقع وبانت عنه زوجته واستحقَّت نصفَ الصداق لوقوع الطلاق
قبل الدخول لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ ،
ويقع الطلاق الثلاث باللفظ الواحد -بعده- لغوًا لعدم مصادفة محلِّه، لأنَّ المرأة
قد بانت عنه بالطلقة الأولى.


أمَّا إن قصدها ظهارًا فإنَّ الطلاق الثلاث قبل الدخول بها يُوجب طلقةً بائنةً
فلها نصف المهر ولا تحِلُّ له المرأة حتى يعقد عليها بعقدٍ جديدٍ ومهرٍ جديدٍ
وأن يكفِّر عن ظهاره كما تقدَّم، ولا يمنع هذا الحُكْمَ الخلوةُ بها
من غير مسيسٍ بالجماع، لأنَّ الخلوة المجرَّدةَ ليست مسًّا بالجماع
وهو مذهب ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما وغيره، خلافًا للجمهور.


..........يتبع مع السؤال الحادي عشر
♥️Morjana
♥️Morjana
في حكم الطلاق التعسُّفي




السؤال:
امرأةٌ طلَّقها زوجُها من غير أسبابٍ شرعيةٍ مقبولةٍ،
وفرضت المحكمة على الزوج مبالغَ ماليةً أثقلت كَاهِلَه بدعوى الطلاق التعسُّفي،
فهل للزوجة حقٌّ في هذه الأموال أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.

الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين،
وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:

فإنَّ الطلاق من حقِّ الشرع جعله بيد الرَّجل إن شاء أَمْسَكَ وإن شاء طلَّق،
و«الجَوَازُ يُنَافِي الضَّمَانَ»
أو التعويض كما هو مقرَّرٌ في القواعد، ولأنَّه على فرض تقدير المسئولية على الزوج
في إساءة استعماله حقَّ الطلاق فإنَّما هي مسئوليةٌ دينيةٌ لا تدخل تحت سلطان القضاء،
لذلك فليس للمرأة من حقٍّ في أموال زوجها إلاَّ المهر والنفقة الواجبة،


وما عدا ذلك فلا يجوز للمرأة المطالبة بالتعويض لكونه مشمولاً بالنهي في قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ﴾ ،
ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»أخرجه أحمد


وبناءً عليه فالواجب على المرأة ردُّ الأموال إلى صاحبها،
إلاَّ إذا أَذِنَ الرجل بطيب نفسه وتكرُّمٍ، فحينئذٍ تكون حلالاً
عليها ومشمولاً بعموم قول الله تعالى: ﴿أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ .



.............يتبع الثاني عشر