فتوتان للإمام ابن عثيمين في كلمة "فلان شهيد" !!!
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...
قال العلامة السلفي الشيخ محمد الصالح العثيمين في المناهي اللفظية ص(78) بعد أن سئله السائل عن :
هل يجوز إطلاق ( شهيد ) على شخصٍ بعينه فيقال الشهيد فلان ؟
فأجاب بقوله : لا يجوز لنا أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد حتى ، لو قتل مظلوماً , أو قتل وهو يدافع عن الحق ,فإنه لا يجوز أن نقول فلانٌ شهيد وهذا خلافُ لما عليه الناس اليوم حيث رخصوا هذه الشهادة وجعلوا كل من قتل حتى ولو كان مقتولاً في عصبية جاهلية يسمونه شهيداً , وهذا حرام لأن قولك عن شخص قتل وهو شهيد يعتبر شهادة سوف تسأل عنها يوم القيامة , سوف يقال لك هل عندك علم أنه قتل شهيداً؟ ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما من مكلوم يكلم في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يثعب دماً , اللون لون الدم , والريح ريح المسك ) فتاْمل قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( والله أعلم بمن يكلم في سبيله ) – يكلم : يعني يجرح – فإن بعض الناس قد يكون ظاهره أنه يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ولكن الله يعلم ما في قلبه , وأنه خلاف ما يظهر من فعله , ولهذا بوّب البخاري رحمه الله على هذه المسألة في صحيحه فقال : ( باب لايقال فلان شهيد ) لأن مدار الشهادة على القلب , ولا يعلم مافي القلب إلا الله عزوجل فأمر النية أمر عظيم , وكم من رجلين يقومان بأمر واحد يكون بينهما كما بين السماء والأرض وذلك من أجل النية فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات , وإنما لكل امرىء ما نوى , فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله , ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) والله أعلم .
والسؤال الثاني: عن حكم قول فلان شهيد ؟
فأجاب بقوله : الجواب على ذلك أن الشهادة لأحد بأنه شهيد تكون على وجهين :
إحداهما : أن تقيد بوصف مثل أن يقال من قتل في سبيل الله فهو شهيد , ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن مات بالطاعون فهو شهيد ونحو ذلك , فهذا جائز كما جاءت به النصوص , لأنك تشهد بما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم , ونعني بقولنا جائز أنه غير ممنوع وإن كانت الشهادة بذلك واجبة تصديقاً بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الثاني : أن تقيد الشهادة بشخص معين مثل ,أن تقول لشخص بعينه أنه شهيد فهذا لايجوز إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم أو اتفقت الأمه على الشهادة له بذلك وقد ترجم له البخاري رحمه الله لهذا بقوله ( باب لايقال فلان شهيد ) قال في الفتح (90/6) :((- أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي - وكأنه أشار إلى حديث عمر أنه(( خطب فقال تقولون في مغازيكم فلان شهيد , ومات فلان شهيداً ولعله قد يكون قد أوقر راحلته , ألا تقولوا ذلكم ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم , من مات في سبيل الله , أو قتل فهو شهيد)) وهو حديث حسن اخرجه أحمد وسعيد ابن منصور وغيرهما من طريق محمد بن سيرين عن أبي العجفاء عن عمر )) ا.هـ كلام الحافظ ابن حجر.
ولان الشهادة بالشيء لاتكون إلا عن علم له , وشرط كون الإنسان شهيداً أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا وهي نية باطنه لا سبيل للعلم بها ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم مشيراً إلى ذلك : (( مثل المجاهد في سبيل الله , والله أعلم بمن يجاهد في سبيله )) , وقال : (( والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله , والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يثعب دماً اللون لون الدم , والريح ريح المسك )) رواهما البخاري من حديث أبي هريرة . ولكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجوا له ذلك ولا نشهد له به ولا نسيء به الظن . والرجاء مرتبة بين المرتبتين , ولكننا نعامله في الدنيا بأحكام الشهداء فإذا كان مقتولاً في الجهاد في سبيل الله دفن بدمه في ثيابه من غير صلاة عليه , وإن كان من الشهداء الأخرين فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه .
ولأننا لو شهدنا لأحدٍ بعينه أنه شهيد لزم من تلك الشهادة أن نشهد له بالجنة وهذا خلاف ماكان عليه أهل السنة فإنهم لا يشهدون بالجنة إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم , بالوصف أو بالشخص , وذهب آخرون منهم إلى جواز الشهادة بذلك لمن اتفقت الأمة على الثناء عليه وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى . وبهذا تبين أنه لايجوز أن نشهد لشخص أنه شهيد إلا بنص أو اتفاق , لكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجوا له ذلك كما سبق , وهذا كافٍ في منقبته وعلمه عند خالقه سبحانه وتعالى ...
اسراء بنت حواء ***--- @asraaa_bnt_hoaaa
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
لا حرمك الرحمن اجر ماتكتبتي
وجزاك الله عنا خير الجزاء