قصه واقعيه واثقه انها ستعجبكم.....
في عام 1864م وقف أحد عشر كوكباً –ما بين رجل وشاب- والإيمان يغمر وجوههم الطاهرة، أمام القاضي الإنجليزي (إيدورس) في محكمة (أنباله)، وهي مدينة كبيرة في شرق البنجاب في الهند، وكانت ثكنة إنجليزية، ومركزاً إدارياً كبيراً في العهد الإنجليزي، وإلى جانب القاضي جلس الضابط الإنجليزي (بارسن) الذي ألقى القبض على أحدهم وهو محمد جعفر.
وُجّهت إلى هؤلاء تهمة تدبير مؤامرة ضد الحكومة الإنجليزية في الهند، وحُكم على ثلاثة منهم بالإعدام، وعلى الثمانية الآخرين بالنفي المؤبد.
تهللت وجوه الثلاثة المحكومين بالإعدام فرحاً بهذا الحكم، وكبروا وهللوا كأنه حكم ببراءتهم وعودتهم إلى أهليهم.
استشاط القاضي غضباً عندما رأى من بين هؤلاء شاباً صغير السن، جميلاً قوياً، يدلّ مظهره على أنه من عائلة غنية من أكابر البلد، وكان أشدهم فرحاً وتهليلاً، فقال له القاضي:
-إنك يا جعفر شاب عاقل متعلم، وأنت عمدة بلدك، ولكنك بذلت عقلك وعلمك في المؤامرة والثورة علينا، وحكمت عليك بالإعدام ومصادرة جميع ما تملك، ولا يسلّم جسدك بعد الشنق إلى أهلك، بل يُدفن في مقبرة الأشقياء بكل مهانة، وسأكون سعيداً حين أراك مشنوقاً.
تبسّم جعفر في وقار، وقال للقاضي:
-إن الأرواح بيد الله، وإنك أيها القاضي لا تملك حياة ولا مماتاً، ولا تدري من السابق منا إلى الموت.
بُهت القاضي ولم يُحر جواباً، فقام الضابط (بارسن) واقترب من جعفر وقال له:
-يا للعجب!! قد حُكم عليك بالإعدام وأنت مسرور مستبشر كأنه يوم عرسك!!
قال محمد جعفر بسكينة وهدوء:
-كيف لا أفرح وقد رزقني الله الشهادة في سبيله، وأنت يا مسكين لا تدري حلاوتها.
انتهت المحاكمة الجائرة، وأُخذ المتهمون الثلاثة إلى السجن، وأُلبسوا ثياب المجرمين، وسُجن كل واحد منهم في حجرة ضيقة مظلمة لا يدخل فيها الهواء ولا النور، وباتوا ليلتهم في ضنك وحرّ شديد كاد يخنقهم.
وفي الصباح نُقل الثلاثة إلى الميدان، وأحضر زبانية السجن حبلاً وعوداً، ليرى المتهمون بأعينهم نصب مشانقهم، وكم كان منظرهم جميلاً رائعاً، فقد كانوا مطمئنين راضين خاشعين في صلاتهم وذكرهم وتسبيحهم، غير آبهين بهذه المشانق التي تُنصب لهم.
وإذا بصوت مجلجل يقول:
-مات القاضي.. مات القاضي (إيدورس).
وإذا بصوت آخر يقول في دهشة:
-جُنَّ الضابط (بارسن) ليلة أمس بعد النطق بحكم الإعدام، ومات وهو في جنونه شر ميتة.
دُهش الجميع من هذا الخبر الذي نزل عليهم كالصاعقة، ثم تذكروا ما قاله محمد جعفر ليلة أمس في المحكمة، فقد دعا الله عليهم، ووافق دعاؤه ساعة إجابة، فكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{رُبَّ أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبرّه}.
بقي الثلاثة في السجن، وكان يأتيهم كثير من الزوار الإنجليز والإنجليزيات يتفرجون عليهم ليشمتوا بهم، فإذا بهم يفاجأون بالسرور البادي على وجوههم وفي تصرفاتهم، كأن أمر الإعدام لا يعنيهم، وإذا سألهم أحد عن سرّ هذا السرور أجابوا ببساطة:
-نحن مسرورون لأجل الشهادة التي ليس فوقها نعمة وسعادة.
فيتسابق هؤلاء الزوار إلى الحكام الإنجليز يخبرونهم بما سمعوه من هؤلاء المتهمين، فيتميّز هؤلاء الحكام من الغيظ، ولا يدرون ما يفعلون، إذا شنقوهم أوصلوهم إلى ما هم يريدونه من سعادة وحبور، وإذا أطلقوا سراحهم فسيعودون كرة أخرى إلى ما كانوا عليه من ثورات ضدهم، وبعد تفكير وتمحيص هداهم شيطانهم إلى ما يلي:
-إنكم أيها الثوار تحبون الشنق وتعدّونه شهادة في سبيل الله، ولا نريد أن نبلّغكم أملكم، ونُدخل عليكم السرور، ولذلك ننسخ حكم الإعدام، ونحكم عليكم بالنفي المؤبد إلى جزائر سيلان.
انتقل محمد جعفر إلى جزيرة سيلان مع صاحبيه، وقضى هناك ثمانية عشر عاماً.
ثم صدر الحكم بالعفو عنه، وعاد إلى سيرته الأولى من جهاد وعبادة
Minena @minena
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️