

ما أضيق العيش لو لا فسحة من الامل
"في قلب كل شتاء ربيع يختلج ، و وراء نقاب كل ليل فجر يبتسم"
عندما تجتاحنا الهموم .. وتتوشح حياتنا ألوان السواد
عندما تكون الدموع هي اللغة الوحيده التي تترجمها العيون
فماذا عسانا أن نفعل .. ؟
هل نستسلم أم نحارب ؟
هناك ما يجعلنا نحارب ونحاول جاهدين للتغلب على الواقع
أجل إنه الأمل
الأمل كالزهرة التي تبث إلينا حلاوة ريحها وتسحرنا برونق منظرها
فارضة علينا الإنجذاب إليها محاولين بكل جهد الحفاظ عليها
بالأمل نستطيع وبكل قوه أن نسير قارب حياتنا كيفما نشاء وأينما نريد
مبتعدين عن الغرق والموت البطيء
فالأمل شمعة تنير ظلام الحائرين
الانسان بدون أمل كالوردة بدون ماء .. فبدونه قد تموت قبل أن تجد من ينقذها
فى بداية قصة الحب تكون كلمة
وفى النهاية تكون مجموعة من الكلمات
بعضها يعبر عن العذاب
والاخرى تحمل فى طياتها العتاب
وجائز ان تضم معانى للقسوة من شدة الظلم
ولكن يبقى المعظم
ذكريات تحمل بين الأحضان و لحظات تبقى داخلنا
حتى أخر العمر
هذة بالطبع ليست قصتى حتى لا يختلط الامر على البعض فيظنوا أننى صاحبة القصة
ولكنى كتبتها بإحساسي حتى أستطيع أن أعبر عنها بأقصى معانى الصدق
حتى تتخليوا معى قوة الحب والامل والصبر
وتتخيلوا ما أحسته صاحبة التجربة
انها انسانة مميزة ، نسجت قصتها من خيوط المعاناة لكن رغم شدة الالم الا انها لم تستسلم لليأس يوماً
الانها توكلت على الله وفوضت امرها إليه فمنحها قوة الإيمان والأمل
___________________________________
عزيزي ألم تعلمك عثراتنا أنني الامرأة التي ترتدي في غيابك معطف الحنين
لتقي نفسها برد الخوف وتلف عنق إنتظارها بشال من الصبر ..
قدري أن أوقظ قلبي الذي يسقط من صدري مغشياً
عليه بين كل لحظة شوق وأخرى وألاعبه كـ الأطفال
أغريه بغد سيجمعنا معاً كما كنا ..
ولكني وجدتك ,,
ليهطل المطر و يبعثنا الحب من جديد
إلتقيتك أخيراً لأنفث الحنين عطراً وأسكب الشوق مطراً
احببتك بكل مافيك ومزجت
روحي فيك ..بإرتواء ..وإحتواء ..بإكتفاء
"السعادة تغمرني والاطمئنان يملأ كياني"
أحبته وهي على اتم المعرفة بكل ما فيه
من حلوه ومره
كان أكثر الاوصاف له انه مثل الحديد
فى صلابته و مثل الجليد فى برودته
عاشت معه لحظات استثنائية
شعرت بالسعادة بالحب
لم تكن تحتاج شي ابداً وهي بقربه
كان يغدق عليها الهدايا
ويحتويها بعطفه وحنانه
فكما احبته بكل ما فيه فهو احبها بكل ما فيها
بحلوها ومرها
"أشتاق لضمة طفل"
كم كانت تتوق لضمة طفل يملأ عليها بيتيها
يؤنس وحدتها
و يدخل الفرحة لقلب زوجها
بعد سنة من الزواج اكرمها الله بالحمل وانجبت ابنتها البكر
كم هو جميل احساس الامومة
لا يساويه اي احساس
كلمة ام رغم انها من حرفين فقط
لكنها تخفي بينهما الكثير من المعاني الجميلة والمشاعر التي لا توصف
بعد ستة اشهر من ولادة ابنتها ،، حملت من جديد وسجدت لله باكية من الفرحة !!
بعد تسعة اشهر من الانتظار انجبت بنت ، وكانت الصدمة ان الطفلة تعاني من تشوهات خلقية تهدد استمرار حياتها
بعد اسبوعين من ولادتها ماتت "اسأل الله ان يجمعها بها في جنة عرضها السموات والارض"
شعرت بالم يعتصر روحها وجرحا يمزق قلبها وبكت بدل الدموع دماً
أغمضت عينيها بزفره والضيق يكاد يخنق رئتيها ..
فرؤية ابنتها ميتة أمام عينيها أدمى قلبها
ابتعدت عن زوجها رغماً عنها
فحالتها النفسية كانت سيئة للغاية
ماذا حدث لحياتي !!!؟؟؟
الحياه الهادئه الدافئه انقلبت الى جحيم لا يطاق
بعد بلوغ ابنتها عمر السنتين
بدأت تلحظ التغيير في زوجها ،، قل اهتمامه بها واحست ببرود في عواطفه اتجاهها
وبدأت علاقتهم تتوتر وخلافاتهم تزيد فلا تمر ايام حلوه الا بعدها ايام جفاء وزعل
كبرت البنت واتمت السنتان والنصف .. ولاحظت ان زوجها ابتعد اكثر عن السابق وإلتم على اصحاب جدد
واصبح كثير السهر .. واستمر الحال لمدة ثلاثة أشهر حتى كبرت الفجوة بينهم واصبحت مشاكلهم تحدث بشكل يومي
بعد الود والحب الذي كان بينهم اصبح كلامهم لا يخلو من التحفظ و الرسمية
الحديث الوحيد الذي بينهم هو طلبات البيت والبنت
"كم تؤلمني هذه الحياة بيننا وكم عذبني ومزقني جفائك وصدك "
حاولت ان تتقرب منه لتعرف اسباب تغيره
انتابها شعور ان زوجها لم يعد الانسان الذي احبت
اصبحت في حيرة مع نفسها ؟؟!!
كانت تدعوا الله ان يكشف لها سر تغيره
وتم لها ما اردت
واكتشفت الطامة الكبرى
الحشيش !!!!!؟؟؟؟؟؟
"هزني الألم !!
زلزلني الغدر منك حبيبي..
هل يعقل انك اصبحت مدمن !!؟؟
كيف سمحت لنفسك ان تضع هذا الشي البشع بيننا"
شعرت بأن الدنيا تدور بها
انهارت كلياً ..
الالم
ذلك الشعور الذي أنتابها في تلك الليله التي لاتنسى
تسللت من فراشها لتناجي الله وتدعوه بخضوع وتذلل وتبكي بحرقه أن يخفف من حدة
الالم المتعب الذي يعصر قلبها
ويلهمها الصبر والحكمة في التصرف
توالت عليها الكثير من الافكار
ماذا تفعل وكيف تتصرف ؟؟
هل تقوم بفضحه
او تستر عليه
او تطلب الطلاق منه ؟؟!!
فكرت بابنتها الصغيرة
فكرت بحبها الكبير لزوجها
" ليتني املك ممحاة سحرية لاعيد كتابة الاحداث كما تمنيتها ان تكون
كم تمنيت ان ترجع بنا عقارب الساعة الى الوراء من اجل نزع ذكريات مؤلمة وحزينة "
كم كرهت حياتها و شعرت انها في مصيبة كبرى
حزن عميق إجتاح قلبها
شعرت بان حياتها بدأت تنهار شيئا فشياً امام ناظرها
إنها تغرق وتريد ان تتعلق بمجداف الامل
ليلة مرعبة
بعد فترة قصيرة من اكتشافها الحشيش
حدثت بينهم مشادة كلامية على موقف روتيني
لكنها تفاجأت من ردة فعله العنيفه ،،
لم تستطع ان تتحكم باعصابها وانفعالها
فكانت ترد له الكلمة بعشر
وارتفع صوتها غاصباً
فقال لها بلهجة آمر " اسكتي لا يصل صوتك للجيران "
لكن الغضب كان سيد الموقف وارتفع صوتها اكثر واكثر
حتى هددها بلهجة عنيفة " ان لم تسكتي باكسر فمك "
جن جنونها وقتها
"كيف يتجرأ ان يهددني بالضرب ؟؟ هل نسي اهماله وتقصيره بحقي
ألا يكفي انه دمر حياته وحياتنا بادمانه"
ردت عليه بإستهزاء والشرر يتطاير من عينيها غضباً وحنقاً
"تعال وريني كيف حتكسره ؟؟!"
واقترب منها حتى شعرت بحراره انفاسه كالهب يحرق وجهها وعيناه تنطق بالشر
وقال بنبرة غضب حادة " ايش قلتي ؟؟ ردي رد زيادة وشوفي ايش يصير معك ؟
ردت عليه بتحدي " إيش حتسوي مثلاً لا تتوقع اسكت عنك بعد اليوم ؟
ولم تشعر الا بكفه تنزل على وجهها بكل قسوة ،، هنا ثارت ثائرتها ولم تشعر بنفسها الا وهي ترد له الصفعة
ليعود يصفعها مرة أخرى بصفعة اشد من الاولى
وقال متوعداً " عيدي مدي يدك علي وشوفي ايش يصير .""
و للمرة الثالثة صفعته على وجهه متجاهلة كل تهديداته فكان الغضب مسيطر عليها والدم يغلي في عروقها
وجدت نفسها تتشابك معه بالايدي ، حتى هجم عليها وامسك برقبتها وبدأ يخنقها
لم تعد تستطيع ان تلتقط انفاسها ...
أفلت أخيراً رقبتها
وخرج من الغرفة
وعاد الصمت يغرق الجو
لقد هدأ الإعصار
انتهت لحظات الرعب
هوت برأسها إلى الخلف تحاول أن تلتقط أنفاسها
بلغ بها التعب أشده وارتفعت ضربات قلبها بعنف حتى كاد قلبها أن يخرج من صدرها .
مر اسبوع ثقيلاً حزيناً عليها كأنه الدهر
لا يكلم احد الآخر
انزوت في زواية غرفتها
وبدأت تفكر بالمعركة العنيفة التي حدثت بينهم
حدثت نفسها بأسى " كيف وصل بنا الحال الى هذا الحد .. كيف تجرأت ان ارفع يدي عليك ؟؟!!
لا .. بل كيف تجرأ هو ان يضربني بتلك القسوة !! "
شعرت بالندم يجتاح كيانها
لم يخطر ببالها ابداً ان تتدهور علاقتها بزوجها
إلى هذه الدرجة
همست لنفسها:
العلاقة بيننا اصبحت معقدة
اصبح الجو متوتر ومشحون بينهم
فقررت انها بحاجة ان تبتعد
لتعيد ترتيب افكارها وتراجع حياتها
طلبت من زوجها بإلحاح ان تزور اهلها يومين
ولكنه رفض
رسمت ابتسامة مصطنعة على شفتيها وطلبت منه بلطف
وافق بشرط ان لا تبيت هناك
وافقت على مضض
عندما وصلت الي بيت اهلها
قررت ان ترسل له رسالة عتاب لطيفة على جواله
واختارت ألفاظها بعناية ورقي
اعتذرت منه وعاتبه بنفس الوقت
وفي نهاية الرسالة
ارسلت له صورة " الحشيش "
وقالت هذا هو سبب خراب بيتنا وعلاقتنا
انتظرت منه رد على رسالتها
لكن لم تتلقى أي رد
بعد رجوعها الى بيتها
دار بينهم نقاش حاد وارتفع صوت صراخهم
وقال لها بصوت متهدج : انتي تتهميني ظلم
وبعد ساعات من الجدل انكر ان الحشيش له وقال انه وجده بالصدفه في سيارته و لا يعلم من صاحبه
ربما لأحد اصدقائه
رمقته بارتياب ولم تصدقه ابداً فكانت عيناه تفضحه والارتباك بادي على ملامح وجهه
لكنها اختارت ان تنهي النقاش
قالت له بإمتعاض " طيب حبل الكذب قصير " .
بعدها بفترة قصيرة وجدت الحشيش مرة اخرى لكن هذه المرة اختارت عدم المواجهة وخبئته
الانها لم تستفد من المواجهة سوى انكاره الفظيع والشجار معه
كانت علاقتهم في تلك الفترة متأرجحة
وقد فاض بها الكيل ولم تعد تتحمل تصرفاته واهماله لمشاعرها وواجباته إتجاهها
وسهره كل ليلة مع اصحاب السوء وتعاطيه للحشيش
حتى اكتشفت انه ترك الصلاة بعد ما كان محافظ عليها
وجدت نفسها في صراع
بين فكرة
ان تترك كل شي وتهرب منه وتطلب الطلاق
ومن ناحية اخرى
حبها له
تعلقها به يقيدها
تكبلها ذكرياتها الجميلة معه ، وضجيج أفكارها تأسرُ خطواتها
كيف تستسلم لفكرة إنهيار زواجها مع اول هبة رياح عاتية
حاولت ان تسد الفجوة بينهم
لكن وجدت منه شي من الجفاء والصد
والأصـعب مـن ذلـك انها حاولت ان تتجاهل الحاجز الذي يمنعها من التقرب منه
لكنها فشلت بذلك و كانت تنفعل مع اول تصرف مستفز منه
شعرت بالاختناق ،، لم تعد تتحمله
ولم تعد تتحمل نفسها
استمرت خلافاتهم على مدار سنتين ونصف
وتغير زوجها كثيراً وتحول لرجل بخيل وقاسي
وقد وصل بها الامر أن تضطر تسرق من محفظته لتسد بعض احتياجاتها الخاصة
حبيبي...أين أنت؟ ولماذا ابتعدت؟؟
قد نحتاج أحياناً ان نغمض أعيننا ونتجاهل وقوع شي ما !
الا انها لم تستطع تجاهل شعورها بالغربة وسط بيتها
كلما نظرت إليه تجد نفسها وسط دوامة و كانها لم تعرفه يوما
نعم انه تغير لم يعد ذاك الذي كان حين تغيب عنه لحظات يظل باحثا عنها بجنون
لم يعد زوجها الذي احبته
الادمان جعل منه رجل آخر
وقد صرح لها مرة بانه لن يتغير ابداً وان من المستحيل ان يرجع كما كان
لكن املها بالله كان كبيراً
حياتهم اصبحت عبارة عن يومين عسل وشهر بصل
لكن تحملت الأجل حبها له
والاجل ابنتها التي تعشقها
مفاجأة سعيدة
"بصيص الأمل يلوح في الأفق
هنا.....بل هناك
أراه بوضوح يرمقني
مبروك أنتي حامل "
حلق قلبها إلى سماء السعادة
كانت تشعر بان بيتها سجناً وكانت تترقب الحرية من انوار وجه طفلها القادم
احست ان الحياة ستسري قريباً في أطراف البيت وينعش الربيع المزهر قلبها
توقعت ان خبر قدوم مولود جديد سيعطي دافع لزوجها ليتغير للافضل
فرح زوجها بالحمل ،، لكنه لم يتغير !!
الهدوء الذي يسبق العاصفة
في ليلة هانئة دافئة اكتمل فيها نور القمر
اجتمعوا كعائلة
تعد هذه الجلسة من الامور النادرة جداً في حياتهم مؤخراً
لمحت بعيني زوجها بريق الشوق والدفء ... كانت تراقب حركات ابنتها الطفولية بعين تملؤها السعادة وقالت له مبتسمة : كم كبرت واصبحت جميلة وواعية وسوف تساعدني في رعاية اختها او اخوها ان شاء الله .
وفجاه وبدون سابق انذار انقلب حال زوجها
وتحول جو الصفاء الى سب وشتم بطريقه مستفزة
لم تستطع ان تتمالك اعصابها و تحتوي الموقف وتلتزم الصمت
احست بان الدماء الحاره تتدفق في وجهها ،، شعرت بانها لم تقم بأي خطأ يستحق نوبه غضبه المفاجأة عليها
فسارعت للدفاع عن نفسها وتعالت اصواتهم حتى هددها بان لم تلتزم الصمت فسوف يضربها
ردت عليه بحدة وهي في اوج غضبها " وريني مد ايدك علي اذا شايفها مرجله "
ودفعها بقوة لدرجة كادت ان تفقد التوازن وتقع لكن استعادت توازنها بشكل سريع ودفعته بقوة وصرخت باعلى صوتها
" ما تستقوى علي استقوى على رجال مثلك وانا معايا رجال يبكوك اذا فكرت تمد يدك "
عندها لم تشعر والا بيده ترتفع إلى أعلى وتنزل على وجهها
بكل ما يملك من قوة
لم تشعر بشي بعدها
اغمي عليها من شدة الصفعة
فتحت عيناها بصعوبة ورأته يحاول ان يفوقها ولمحت بعينيه الخوف وابنتها تبكي من الرعب
وهي في حالة ذهول وصدمة لم تستوعب ما حدث لها
حاول الاعتذار منها ،، لكنها رفضت اعتذاره ورفضت حتى النقاش معه
مما زاد من حنقه وغضبه عليها وقال لها بتحدٍ
" تستاهلي ما جاكي مني ولو لسانك طال علي بعد كذا حيكون ردي لك باليد مو باللسان "
مر اسبوع على الحادثة وتعمد هو تجاهلها كلياً
لازمت السرير ، الارهاق يكاد ان يوقعها على الارض مغشياً عليها ان حاولت النهوض
تسمرت عيناها على الباب على أمل ان تلمح على الاقل طيفه قادماً نحوها .
"يا لبرودك وقسوتك "
إنهارت صحتها تحت وطأة الإجهاد وسوء التغذية ، ذرفت عيناها دموع مليئة بالحزن والاسف على جنينها
لقد كانت تنزف !!
"ها هي جموح الأحزان
تخترق مساحاتي !ا
تعصف رياحها بواقعي المرير
فتتساقط آمالي
ورقة .. ورقة ..!! "
فتحت عيناها على صوت ارتطام باب غرفتها بالجدار بعنف
لترى امامها زوجها ووالدته
وكان يصرخ باعلى صوته عليها " شوفيها مهملة بيتها وبنتها ونايمة صار لها اكثر من اسبوع "
صدمها الموقف ؟!!
"ما هذا يا زوجي العزيز ؟؟!!
هل وصل بك الامر ان تأتي بوالدتك لغرفة نومي !! لكي تشهد بنفسها على اهمالي المزعوم ؟؟!! "
لم تجد كلام هذه المرة لتدافع به عن نفسها فالارهاق الشديد ذهب بقوتها ، لم تتمالك نفسها
وبكت بحرقة قلب مكلوم
اقتربت والدته منها وحاولت تهدأتها
وقالت بتودد " ايش فيكم اذكروا الله "
قالت لها بصوت متحشرج بالبكاء : " انا تعبانة وانزف وهو ولا سأل فيني "
وتحول الموقف ضده ووبخته والدته بلهجة شديدة
تم نقلها على الفور للمستشفى وتقرر ان تنام هناك لمدة اسبوعين للمتابعة الطبية واخذ المثبتات اللازمة فحملها كان مهدد بالاجهاض ، بعد ان استقر الحمل
خرجت من المستشفى و طلبت ان يتوجه بها فوراً الي بيت اهلها
استخارت الله في استمرار زواجها منه
ودعت الله في جوف الليل ان يهديه للصواب
ويبعد عنه اصحاب السوء
بعد مرور شهر
جاء يطلب منها ان ترجع معه لكنها رفضت وطلبت الطلاق
رد عليها ببرود " بعد شهر ورقتك عندك "
طوال فترة معاناتها معه كانت كمن يهوي في بئر عميق جداً
حتى اصدمت أخيراً بقاع هذا البئر لتجد نفسها أشلاء مبعثرة
هنا وهناك
في إحدى الليالي لم تستطع النوم فجلست قرب نافذة غرفتها تتأمل سكون الليل وهدوءه
هل تلوم نفسها ام تلومه هو
لا تنكر ابتعادها عنه في فترة من الفترات وذلك لظروف خارجة عن ارادتها
فقد ابنتها لم يكن بالامر السهل تجاوزه
اطرقت برأسها قليلا متسائلة : ربما هو مر بنفس الظروف
فموت ابنتهم آلمه بالتأكيد
وربما كان ألمه أشد من ألمها
فهو لم يتكلم لم يبكي ،، حاول ان يمثل القوة
حاول ان يظهر بمظهر الرجل الشرقي
مجتمعنا لا يسمح للرجل بالبكاء والانتحاب
فالبكاء والحزن ليس من مواصفات الرجولة بمجتمعنا !!!!
جالت الأفكار في رأسها
استسلام زوجها الاصحاب السوء والادمان
ربما ما كان الا وسيلة هروب من الواقع المر
تململت في جلستها
وبدأت تفكر بما آلت إليه احداث حياتها الاخيرة
فكرت بنفسها و باخطائها
والاول مرة
تنظر الاخطائها بشكل جدي
فقد تعودت ان تلقي عليه اللوم اولا لتبرر لنفسها اخطائها بحقه
وانها مجرد ردات فعل على سوء تصرفاته
هل فعلاً هي ردات فعل ؟؟!! او هذا كلام تردده لتقنع به نفسها
انها لم تخطأ بحقه عن قصد
لا تنفع المكابره الآن
هذه هي لحظة الحقيقة ، لحظة الصراحة
يجب ان تكون صادقة مع نفسها وتسعى لتغير من نفسها للافضل
وقبل ان تنظر الاخطائه يجب ان تنظر الاخطائها
صحيح لا يوجد مبرر قوي الانحرافه وهجره للصلاة وتعاطيه للحشيش
لكن ان كانت ستحاسبه على كل هذا
فلابد ان تعترف انها اخطأت بحقه
حتى وان كانت اخطائه اكبر بكثير من أخطائها
" ربي قد فوضت أمري إليك"
ربي غلقت الأبواب إلا بابك يا كريم
تعلم سري و جهري
أنت وحدك قادر على تفريج همي و دفع ما اخشاه
أنت وحدك القادر على تغيير ما بي و دفع الشر عني
ربي أسألك أنت وحدك
و أطلب منك أنت وحدك
و أتوسل إليك أنت وحدك
و أرجوك أنت وحدك
سبحانك أنت وحدك تعلم ما بي و ما ألم بي من هم و كرب
ربي أني مسني الضر و أنت أرحم الراحمين
انصرفت بالتفكير عنه في هذه الفترة بالتقرب لله أكثر وأكثر
اجتهدت في العبادات وكثفت الدعاء والاستغفار وحافظت على صلاة الليل والضحى والوتر
"الألم كل الألم والظلم كل الظلم أن ندفع ثمن أخطاء ارتكبها غيرنا"
"ابنتي .. في راحتيك الصغيرة غرست
سنابل أحلامي أنت زهرة عمري و ربيع قلبي"
"نظرتُ إلى سحابة حبكِ فتنعش أمطارها جفاف قلبي
فيهتز فرحا حتى غدا قلبي ارضا تهتز ربيعاً
وجمالاً إذا غشاها أمطارك"
نظرت لجمال ملامح ابنتها ، وأنبها ضميرها
آه يا ابنتي ؟؟!! كم تعذبتني بسببنا
اقتربت منها و قبلت يديها الصغيرتين
ثم ضمتها الى صدرها بحنان
وطبعت قبلة حارة على خدها
قررت من تلك اللحظة ان تبعد ابنتها كلياً عن اي ضغوط وخلافات بينها وبين زوجها
مهما كان الوضع سواء تم الطلاق او شاء الله لزواجهم ان يستمر
وحرصت ان تعطي ابنتها وقتها الاكبر
و تفسحها يومياً في الحديقة القريبة من منزل والدها ولاحظت ان نفسية البنت تحسنت كثيراً
وبعد مرور شهر اتصل زوجها يطلب رؤيتها
هذا اللقاء كان مختلف بينهم
لاحظت الهدوء والود في ملامح وجهه
و كانت هادئة معظم الوقت
استمعت لحديثه بانصات
واسمع لها بدوره
حديثهم كان عبار عن عتب وندم
أحست براحة كبيرة ،،
الاول مرة شعرت بتجاوب ايجابي من زوجها ،، نظر اليها بحنان وحب وقال لها بصوت رخيم مشربة نبراته بعذوبة موسيقية " آسف حبيبتي ، عذبتك معي " ووعدها بان الامور ستتحسن للافضل وسيعاملها بالحسنى وبما يرضي الله
اسعدها هدوءه وتصرفاته اللبقة والمهذبة ، لمست اهتمامه بها و ارتاحت جزئيا لكلماته الرقيقة
طلب منها ان ترجع معه ليبدأو من جديد
ابتسمت ابتسامه خفيفه ورفعت راسها ومع رفعة راسها ارتفع حاجبها بكل ثقه
قالت له : تمهل قليلا
انا لن ارجع معك !!
رمقها بدهشة واتسعت عيناه وقال باستنكار " نعم "
ردت عليه بنبرة هادئة وواثقة " ما ارجع معك وانا مو واثقه فيك"
تسائل منزعجاً " كيف مو واثقة فيني "؟؟
أجابت بإقتضاب " ما ارجع الا بشروط "
اولها أن تتعالج عن الادمان وتكون جاد في العلاج
ثانياً تقاطع اصحاب السوء وتتوب إلى الله توبة نصوح
وتحافظ على الصلاة كما كنت
ثالثاً ، اريد ان تغير لي السكن وتشتري لنا بيت جديد
بيتنا متهالك أكل عليه الدهر وشرب حتى مرافقه لم تعد تصلح للعيش الآدمي
رفض بشكل قاطع ،، وأصرت عليه بشدة
قال بحدة وفي عينيه نظرة غضب تبرق " ترى نهاية الطريق بيننا"
اعتراها ضيق بدا في تقلصات وجهها وردت بإستياء " طيب كل شي قسمه ونصيب "
وتوجهت مسرعة للباب تفتحه له ليخرج
خرج زوجها غاصباً من بيت اهلها
وقتها شعرت بقوة عارمة تجتاح جسدها
لم تنهار
لم تبكي
شعرت بسكينة وهدوء في قلبها
وكأن هناك شعور خفي يخبرها ان تصرفها هو عين العقل و ان كل شي سيكون على ما يرام
رغم ان ظاهر الامور عكس ما تشعر به تماماً
اعتكتفت على نفسها بالدعاء و قراءة القرآن والتسبيح والذكر والتهليل
واهتمت بنفسها وبابنتها كثيراً
وموقف اهلها كان له الدور الاكبر فقد قدموا لها الدعم المناسب
ولم تجد منهم اي تقصير
بعد مرور اسبوعين جائها اتصال منه
قال لها بتوسل : " انا موافق على كل شروطك بس ارجعيلي " .
الفرحة عقدت لسانها فلم تستطع أن تعبر عنها إلا بدمعتين تألقتا على خديها
احست ان حياتها الآن سوف تبدأ
وان الله سيعوضها خيراً
كل شروطها نفذت ولله الحمد وفرشت بيتها الجديد على ذوقها
وبدأ زوجها يخطو اولى خطوات العلاج
وتاب إلى الله وأصبح محافظ على الصلاة
شيئا فشيئاً استطاعت ان ترى ملامح زوجها القديم تظهر
همست لنفسها بابتهاج
نعم انه هو
هو زوجي الحبيب
اخيراً بعد صبر وجهد بدأت أراك
كم اشتقت اليك
لقد كنا على وشك ان نفترق للابد وتظل مجرد ذكرى يتيمة في ذاكرتي
لكن احمد الله حمداً كثيراً
عشنا لحظات صعبة
وأوقات أليمة
لكن بفضل الله والمنة
تجاوزنا هذه الصعاب
انتهى هذا الفصل من حياتها وانتهت الازمة التي عصفت زواجها وكادت ان تدمره
دخلت بيتها الجديد وهي امرأة جديدة
بآمال جديدة وامنيات تعانق السماء
اكرمها الله ببنت سليمة معافاة
ورجع الحب لحياتهم الزوجية من جديد
الحمد لله حمداً كثيراً عدد خلقه وزنة عرشه
سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده
لا يأس من رحمة الله
أوقات كثيرة نصل لمرحلة اليأس ..لكن سرعان ما نتذكر قول الله عز وجل في كتابه العزيز
"ولا تقنطوا من رحمة الله" فنعود أدراجنا إلى حديقة الأمل
فلا غير الأمل والايمان بالله يصبرنا ويقوينا
أؤمن كثيراً.. بأن المساحة الفاصلة بين السماء والأرض.. وبين الحلم والواقع .. مجرد دعاء ..
لي عووده لتكملتهه♡