فضــــــــــــل هـــذه الأيـــــــــــــــام**ومايفتـ ـــــرض عملـــــه فيهــــــــــا

ملتقى الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم عن فضل أيام عشر ذو الحجه قائلاً: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام)، قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: (ولا الجهاد في سبيل الله، إلاّ رجلاً خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشيء). .


فالعمل الصالح في عشر ذي الحجة أحب إلى الله عزّ وجل من العمل في سائر أيام السنة من غير استثناء، وذلك فضْلُ الله يؤتيه من يشاء من الأنبياء والرسل والعلماء والصالحين والأيام الشهور والأمكنة، إذ لا يساويها عملٌ في غيرها، ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج مجاهداً بنفسه وماله ولم يعُدْ بشيءٍ من ذلك البتة.


وللأيام العشر الأول من شهر ذي الحجة خصائص كثيرة ، نذكرُ منها ما يلي


1- أن الله تعالى أقسم بها : والإقسام بالشيء دليل على أهميته وعظم نفعه ، قال تعالى : ( والفجر وليال عشر )

قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف : إنها عشر ذي الحجة . قال ابن كثير : " وهو

الصحيح " تفسير ابن كثير8/413

2- أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد بأنها أفضل أيام الدنيا

3- أنه حث فيها على العمل الصالح : لشرف الزمان بالنسبة لأهل الأمصار ، وشرف المكان - أيضاً - وهذا خاص بحجاج بيت الله الحرام .

4- أنه أمر فيها بكثرة التسبيح والتحميد والتكبير كما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى

الله عليه وسلم قال : " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من

التهليل والتكبير والتحميد " . أخرجه احمد 7/224 وصحّح إسناده أحمد شاكر .

5- أن فيها يوم عرفة وهو اليوم المشهود الذي أكمل الله فيه الدّين وصيامه يكفّر آثام سنتين ، وفي العشر أيضا

يوم النحر الذي هو أعظم أيام السنّة على الإطلاق وهو يوم الحجّ الأكبر الذي يجتمع فيه من الطّاعات والعبادات ما

لا يجتمع في غيره .

6- أن فيها الأضحية والحج .

7- أن هذه الأيام المباركات تُعد مناسبةً سنويةً مُتكررة تجتمع فيها أُمهات العبادات كما أشار إلى ذلك ابن حجر بقوله : " والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أُمهات العبادة فيه ، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ، ولا يتأتى ذلك في غيره " فتح الباري .



ومما يدل على فضلها تخصيص الله لها بالذكر، حيث قال عزّ وجل: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) ، والأيام المعلومات هي أيام العشر الأول من ذي الحجة، وأيام هذه العشر أفضل من لياليها، عكس ليالي العشر الأواخر من رمضان فإنها أفضل من أيامها، ولهذا ينبغي أن يُجتهد في نهار تلك الأيام أكثر من الاجتهاد في لياليها.




فعلى المسلم أن يعمر هذه الأيام وتلك الليالي بالأعمال الصالحة والأذكار النافعة، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، وليتسابق المفلحون، وليتبارَ العاملون، وليجتهد المقصِّرون، وليجدَّ الجادّون، وليُشمِّر المشمِّرون؛ حيث تُضاعف فيها الحسنات، وتُرفع الدرجات، وتتنزّل الرحمات، ويُتَعرّض فيها إلى النفحات، وتُجاب فيها الدعوات، وتُغْتفر فيها الزلاّت، وتُكفّر فيها السيئات، ويُحصّل فيها من فات وما فات.



فالبدارَ البدارَ أخي الحبيب! فهل تنتظر إلاّ فقراً منسياً، أو غنىً مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً ، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال، فشرُّ غائب ينتظر، أو الساعة، فالساعة أدهى وأمرُّ؟ كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم .



وهل تدري أخي أن صاحب الصُور إسرافيل قد التقمه ووضعه على فيه منذ أن خُلِق، ينتظر متى يؤمر أن ينفخ فيه فينفخ. فإذا نفخ صعق من في السموات والأرض إلا من شاء الله، ثم ينفخ فيه النفخة الثانية بعد أربعين سنة؟!


بجانب المحافظة والمواظبة على الصلوات المفروضة، على المرء أن يجتهد ويُكثر من التقرُّب إلى الله بجميع فضائل الأعمال فإنها مضاعفة ومباركة في هذه الأيام، سيما:


الصيام: فقد روى أصحاب السنن والمسانيد عن حفصة رضي الله عنها أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدَعُ صيام عاشوراء والعشر وثلاثة أيام من كل شهر .
وكان أكثر السلف يصومون العشر، منهم: عبد الله بن عمر، والحسن البصري، وابن سيرين، وقتادة، ولهذا استحب صومها كثير من العلماء، لا سيما يوم عرفة الذي يكفِّر صيامه السنة الماضية والقادمة.


التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما يرفعه: (ما من أيام أعظم ولا أحب إلى الله العمل فيهنّ من هذه الأيام العشر؛ فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) .


الإكثار من تلاوة القرآن.


المحافظة على السنن الرواتب.


الاجتهاد في لياليها الصلاة والذكر، وكان سعيد بن جبير راوي الحديث السابق عن ابن عباس إذا دخلت العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يقدر عليه، وكان يقول: "لا تطفئوا سُرُجكم ليالي العشر".


الصدقة وصلة الرحم.


استحب قوم لمن عليه قضاء من رمضان أن يقضيه فيهن لمضاعفة الأجر فيها، وهذا مذهب عمر، وذهب عليٌّ إلى أنّ القضاء فيها يفوِّت فضل صيام التطوُّع.


الجهاد والمرابطة في سبيل الله.


نشر العلم الشرعي.


بيان فضل هذه الأيام وتعريف الناس بذلك.


تعجيل التوبة.


الإكثار من الاستغفار.


ردُّ المظالم إلى أهلها.


حفظ الجوارح، سيما السمع والبصر واللسان.


الدعاء بخيريِ الدنيا والآخرة، لك ولإخوانك المسلمين، الأحياء منهم والميتين.


فمن عجز عن ذلك كله فليكفَّ أذاه عن الآخرين؛ ففي ذلك أجر عظيم.
وبأي عملٍ آخر يحبه الله ورسوله، فأعمال الخير لا تُحصى كثرةً، والسعيد من وفِّق لذلك، وكلٌّ ميسّرٌ لما خُلِق له، والمحروم من حُرِم هذه الأجور العظيمة، والمضاعفات الكبيرة في هذه الأيام المعلومة التي نطق بفضلها القرآن، ونادى بصيامها وإعمارها بالطاعات رسول الإسلام، وتسابق فيها السلف الصالح والخلف الفالح، فما لا يُدرك جُلُّه لا يُترك كلُّه، فإنْ فاتك الحج والاعتمار فلا يفُتْكَ الصوم والقيام وكثرة الذكر والاستغفار.






وإن فاتك بعض هذه الأيام فعليك أن تستدرك ما بقي منها، وأن تعوِّض ما سلف.
وعليك أخي الحبيب أن تحثَّ أهل بيتك وأقاربك ومن يليك على ذلك، وأن تنبِّههم وتذكِّرهم وتشجِّعهم على تعمير هذه الأيام، وإحياء هذه الليالي العظام، بالصيام والقيام، وقراءة القرآن، وبالذكر والصدقة، وبحفظ الجوارح والإمساك عن المعاصي والآثام؛ فالداعي إلى الخير كفاعله، ورُبَّ مبلَّغٍ أوعى من سامع، ولا يكتمل إيمان المرء حتى يحبَّ لإخوانه المسلمين ما يحبُّ لنفسه، فإنّ الذكرى تنفع المؤمنين، وتفيد المسلمين، وتذكِّر الغافلين، وتُعين الذاكرين، والدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامّتهم، والمسلمون يدٌ على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم.


**


ومن الأوقات المباركة أيضاً هذه العشر التي ورد في فضلها آيات أحاديث منها قول الله تعالى : { وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ } .
قال ابن كثير رحمه الله : المراد بها عشر ذي الحجة.



وقال عز وجل: { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ }
قال ابن عباس : "أيام العشر".



وفي الحديث الذي رواه الإمام البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما العمل في أيام أفضل من هذه العشر" قالوا: ولا الجهاد؟ قال: " ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء ".




وعن ابن عمر رضي الله عنهما: قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر. فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد" .
وكان سعيد بن جبير- رحمه الله - ( وهو الذي روى حديث ابن عباس السابق) : " إذا دخلت العشر اجتهد اجتهادا حتى ما يكاد يقدر عليه " .




وروي عنه أنه قال : " لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر" كناية عن القراءة والقيام.



وقال ابن رجب - رحمه الله - في لطائف المعارف: " لما كان الله سبحانه قد وضع في نفوس عباده المؤمنين حنينا إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كل أحد قادرا على مشاهدته كل عام، فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره ، وجعل موسم العشر مشتركا بين السائرين والقاعدين ".



وسئل ابن تيمية- رحمه الله - عن عشر ذي الحجة، والعشر الأواخر من رمضان، أيهما أفضل؟
فأجاب: " أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة".





قال المحققون من أهل العلم : أيام عشر ذي الحجة أفضل الأيام، وليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل الليالي.




فبادر- أخي المسلم- إلى اغتنام الساعات والمحافظة على الأوقات فإنه ليس لما بقي من عمر! ثمن ، وتب إلى الله من تضييع الأوقات ، واعلم أن الحرص على العمل الصالح في هذه الأيام المباركة هو في الحقيقة مسارعة إلى الخير ودليل على التقوى قال تعالى : { ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } وقال تعالى :{ لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ } .
ا



للهم وفقنا إلى عمل الطاعات والفوز بالجنات، اللهم أعنا على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين




منقــــــــــــــــــــول
0
360

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️