فضلاً ..ممكن المعاونه في موضوع محاضره عن الأهتمام باليتيم ولكم الأجر العظيم قبل . . .

الطالبات والمعلمات

السلام عليكم ....
والله أني عجزت وأنا ادور عن الأهتمام ورعاية اليتيمه وكيفية دمجها في المدرسه مع أخواتاها :44: بالطريقه الأسلاميه محببه للمعلمات والطالبات ..
السبب : الوالده عندها محاضره عن تربة الأبناء وتريد أن تدخل على الموضوع تربيةالأيتام تأتي من المدرسه...
والله مالقيت غير منتدانا العزيز للفزعه في هالأزمه :41: قبل يوم الجمعه لأن المحاضره بتكون يوم السبت إن شاء الله...
ولكل من بيساعدني :يارب ياكريم توسع رزق من ساعدني وتفرج همه من أوسع أبوابك يارحيم وتجزيه الخير كله وترزقه حسن الخاتمه يارب العالمين ....آميييييييييييييييييييين.
9
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

منّه الشرقاويه
وينكم ياأهل الفزعات
amged amer
amged amer
اليك هذا المقطع من احد خطب الجمعة

أيها الإخوة الأكارم ، الأيتام صِنْفٌ من الضّعفاء ، والضّعفاء كما تعلمون أحْوَج الناس إلى الرحمة ، فقَدُوا نصيرهم ، وفقَدُوا ظهيرهم ، فقَدُوا أعْطَفَ الناس عليهم ، فقَدُوا أحْنى الناس عليهم، فقدُوا راعيهم الذي زوَّدهُ الله فِطريًّا بالحَنان ، والعطف .

مثَلٌ بسيط ؛ طِفلٌ في بيتٍ ، إن كان مع أُمِّه يلْقى كلّ الرّعاية ، وكلّ العناية ، وكلّ العَطْف، وكلّ الحبّ ، وكلّ التضْحِيَة والفِداء ، هو الطِّفْلُ نفْسُهُ بِشَكلِهِ وملامِحِه ، ونعومتِهِ ، وبراءتِهِ ، ووداعَتِهِ ، وذاتِيَتِهِ ، وجمالهِ ، لو كان بين زوْجَة أبيه ، لا تُحِبُّهُ ، ولا ترْعاهُ ، ولا تتمنَّى أن تطعمهُ الطّعام الطيّب ، وتقْسُو عليه ، وتحرّضُ أباه أن يقْسُو عليه ، هو هوَ ، إذًا الذي أوْدَعَهُ الله في قلب الأم لمْ يودَع في قلب سواها ، إلا أنْ يكون مؤمنًا أو مؤمنةً ، من اتِّصالِهِ الشديد بالله عز وجل اكْتسَبَ رحْمةً ليْسَتْ كالرحمة المودَعَة فِطْريًّا ، بل هي رحْمةٌ مكتسبةٌ بالاتصال بالله، والإقبال عليه ، لذلك المؤمن أرْحمُ بالأيتام من أهليهم ، والنبي عليه الصلاة والسلام أرْحَمُ الخلق بالخلق ، لكنّ هذه الرحمة التي تكْتسبُها من خلال اتِّصالك بالله عز وجل ، هي أعظمُ بِكَثير من تلك الرحمة التي أودِعَتْ فيك من غير كسْبٍ كي تسْتمرّ الحياة كي يرعى الآباء والأمّهات أولادهم ، كي ينْمُوَ هذا الابن في أسرة .

أيها الإخوة الأكارم ، هذا الطِّفْل فقدَ الحبّ الخالص ، هناك من يُحبُّك لِمَصْلحةٍ ، ولِحَظّ نفسٍ ، ولِنَزْعةٍ مادّية ، ولكنّ الحبّ الخالص الذي لا ينتظر منه الأب شيئًا ، إنَّما هو حبّ أوْدَعَهُ الله في قلب الأب ، حبّ الأب والأم غير مَشوبٍ بأخلاط الأنانيّة والمصْلحة الخاصّة ، في قلب الأب والأم رغْبة بالتَّضحيَة والعطاء والفداء ، في قلب الأب والأم حِرْصٌ شديد على إبلاغ أولادهم مَبْلغَ الكمال والنّضْج والقوّة .

أيها الإخوة الأكارم ، لذلك حينما تُوازي ، لو أنَّ أبًا يمشي في الطريق ، وفي الطريق أولادٌ ثلاثة ، أحدهم ابنهُ ، والثاني ابن أخيه ، والثالث لا يعرفهُ ، لو أنَّه رآهُم يدخِّنون ، ماذا ينشأُ في قلبه اتّجاه ابنهِ ؟ يغْلي ، واتّجاه ابن أخيه أقلّ غليانًا ، أما تجاه الثالِث فقد يصرفُه بالحُسْنى ، ولكن يُحاسب ابنهُ أشدّ الحِساب ، يحاسب ابن أخيه أقلّ من ذلك ، إذًا هذا الذي أوْدَعَهُ الله في قلب الأب والأم شيءٌ ملموسٌ ، وواضِحٌ ، صارخٌ ، بارزٌ .

أيها الإخوة الأكارم ، لذلك أمر الإسلام بِرِعايَة اليتامى ، وبذْل الحنان والعطف لهم ، أمرَ بالمُبالغة في إكرامهم ، وأمَرَ بِحُسْن تربيَتِهم ، أمرَ بِتَأْديبهم ، أمرَ بِكَفالتِهم ، وإدارة أموالهم إدارةً تامّة ، ورعايةً حازمة وحذَّر من استغلال ضَعفهم ، وتهدَّد الذين يأكلون أموالهم بِعَذاب النار في جهنّم .

أيها الإخوة الأكارم ، إلى نُصوص القرآن الكريم ، بادئ ذي بدْء لِحِكمةٍ أرادها الله ، لا تخفى على ذوي البصيرة ، أنَّ سيّد الأنبياء ، وسيّد المرسلين ، وسيّد ولد آدم ، والمخلوق الأوّل الذي بلغَ سِدْرة المنتهى كان يتيمًا ، وهذا جَبْرُ خاطرٍ لِكُلّ اليتامى ، دخلْتُ إلى دار كفالة الأيتام فإذا في مَدْخلِ الدار لَوْحةٌ كُتِبَ عليها : النبي صلى الله عليه وسلّم سيِّدُ الأيتام ، قال تعالى :





لكن أيها الإخوة ، اليُتْمُ في عُرْف الناس من فقَدَ أباهُ وأُمَّه ، ولكنّ اليُتْم الحقيقيّ من كان له أبٌ يُهمِلُهُ ، وأُمّ لا تَرْعاه ، هذا يتيمٌ حقيقةً ، قد تجِدُ يتيمًا في أُسْرةٍ مؤمنة تحْرصُ عليه أشدّ الحِرْص ، تحْرصُ على تعليمه ، على أخلاقه ، على صحَّته ، قد يجدُ اليتيمُ من قريبٍ مؤمن إيمانًا كبيرًا ، ما لا يجِدُهُ من أبيه ، لذلك اليُتْم نِسبي ، فليس اليتيم من فقدَ والِدَيه ، ولكنّ اليتيم من وجد أمًّا تَخَلَّتْ ، أو أبًا مشغولاً ، هذا هو اليُتْم الحقيقيّ ، وقد تولّى تربيَةَ النبي ، اذلي كان يتيما ، لذلك قال تعالى :





النبي عليه الصلاة والسلام ذاقَ مرارة اليُتْم ، ذاقَ مرارة يُتْم الأب ، وبعد حينٍ ذاقَ مرارة يُتم الأب والأمّ ، لذلك في أدقّ الأحاديث الشريفة كان عليه الصلاة والسلام يُنَبِّه إلى أنّ الكلمة العابرة التي لا يلْتفِتُ إليها أحدٌ ربّما قهَرَتْ اليتيم ، ربّما أثارَت فيه لواعِجَ الحُزْن ، اليتيم يكفي أن ينظر إلى أبٍ يُداعِبُ ابنهُ ، يكفي أن ينظر إلى أبٍ يحْنو على ابنه ، يكفي أن ينظر إلى أبٍ قويّ غنيّ يُمِدّ ابنه بكلّ ما يحتاج ، هذا المنظر بِحَدّ ذاته يقْهرُهُ ، كما أنّ المرأة العاقر يكفي أن تنظر في الطريق إلى امرأة وعلى يدها ولدها ، هذا المنظر وحْدهُ قد يكْسرُ قلبها ، واليتيمُ إذا كان يتيمًا في حَضْرتك ، يتيمٌ بين أفراد أُسرتك ، لا ينبغي أن تُظْهِرَ عطْفًا على أولادك يفوقُ العَطْف عليه ، إنَّك إن عَطَفْتَ على أحدِ أولادك ، وحملْتَهُ ، وقبَّلْتهُ ، وداعَبْتَهُ ، ولم تُعْطِ هذه المعاملة نفسها لليتيم، هل تعلمُ أنَّ هذا يقهره ؟ ويكسرُ قلبه ؟ ويجرحهُ ؟ لذلك قال تعالى :





إياك أن تقهرهُ بِمَظهرٍ إيجابيّ ، بِمَظهر مقبول من كلّ أبٍ ، يجبُ أن تعرف الحساسيّة البالغة ، ولا شعور المرهف الذي ينْطوي عليه اليتيم ، ينبغي أن تغدق عليه من العطْف والحنان ، والرّعاية والإحسان ما يجعلُه يشعر أنّه بين أبٍ وأمّ ، وليس في أسرٍ غريبة .

أيها الإخوة الأكارم ، اليتيمُ أحْوَجُ الناس إلى الرِّعايَة ، لماذا ؟ لأنَّه إما أن يغْدُوَ بطلاً من أبطال المجتمع ، وإما أن يَغْدُوَ مجرمًا كبيرًا ، ينْطلقُ من حِقْدٍ على المجتمع ، إذا حرمْتَ اليتيم ، ومنَعْتَ عنه العطاء ، ومنعْت عنه العطْف والحنان ، أَبْقيْتَهُ شاعِرًا بِوَحْشة اليُتْم ، وغربة اليتيم ، هذا قد يولّد فيه حِقْدًا دفينًا على المجتمع ، لذلك التاريخ يُسجّل أنّ أبطالاً عِظامًا كانوا أيتامًا ، وأنّ مجرمين عُتاةً كانوا أيتامًا ، فرِعايَة اليتيمُ حقّ له لا على أقربائه ، بل على المجتمع كلّه ، يقول الله جلّ جلاله :





عقَبَةٌ بيْنك وبين الله ، عَقَبَةٌ بينك وبين طريق السّعادة ، عقبَةٌ بينك وبين الدار الآخرة ، عَقَبَةٌ بينك وبين جنة الدنيا وجنّة الآخرة ، قال تعالى :





معظمُ المفسّرين على أنّ فكّ الرقبة هو إعتاقُ العبْد ، وبعضهم يقول : إذا أعْتَقْتَ رقبتَك من شهوات الدنيا فقد مهَّدْتَ السبيل إلى الله ، لأنّه تعِسَ عبْدُ الدِّرْهم والدِّينار ، تعس عبد البطن ، تعس عبد الفرْج ، تعس عبد الخميصة هؤلاء كلّهم عبيد ، يكفي أن تتحرَّر من عبوديتك ، ولِشَهوتك ، فإذا الطريق إلى الله سالكٌ ، فإذا الطريق طريق الجنّة مَفْتوحةٌ لك .

أيها الإخوة الأكارم ، قال تعالى :





أيها الإخوة الأكارم ، وردَ ذِكْرُ اليتيم في القرآن الكريم في آياتٍ كثيرة جدًّا قال تعالى :





هذه النظرة السَّطحيّة ، هذه النظرة البِدائِيّة ، وهي أنَّ الإنسان إذا تمتَّع بالمال الوفير ، والصّحة الطيّبة ، والسلطان العريض ، شعَرَ أنّ الله تعالى يحبُّه ، بِدَليل أنَّه أعطاه ، وأنَّ الله إذا سلبَ نعمة الصّحة من الإنسان ، أو ضيَّق ذات يده ، أو أصابهُ بِمُصيبةٍ ، يشْعرُ أنَّ الله قد أهانهُ ، لكنّ الله جلّ جلاله يقول : كلاَّ ، ليس هذا صحيحًا ، ليْسَت هذه المقولة صحيحةً ، ليس عطائي إكرامًا في الدنيا لأنَّ الدنيا منقطعة ، وليس حِرماني إهانةً فيها ، لأنَّ الحِرمان موقَّت ، ليس عطائي إكرامًا ، ولا حِرماني إهانةً ، إنَّما عطائي ابتلاء ، وحِرماني دواء ، قال تعالى :





حِرْصُكم على الدنيا مديد ، من مظاهر حِرْصكم على الدنيا ، ومن مظاهر الشّح ، من مظاهر البُعْد عن الله عز وجل ، ومن مظاهر الغفلة ، قال تعالى :





تَجْمعون كلّ التَّرِكَة ، لا تدعون شيئًا ، قال تعالى :





إذًا جعَلَ الله في مقدّمة المظاهر التي تدلّ على غفلة القلب ، وعلى أنّ الطريق إلى الله ليس سالكًا هو أن لا تكرموا اليتيم .

أيها الإخوة الأكارم ، في التشريع الإسلامي أشياء تلفت النّظر ، فهذا اليتيم ولو لم ينلْهُ نصيبٌ من الميراث ، إذا حضر القسمة ينبغي أن يُعطى منها شيئًا ، جَبْرًا لِخاطرِهِ ، ورأْبًا للصَّدع الذي في نفسه ، وتوَدُّدًا إليه ، وتَطييبًا لِخاطِرِهِ ، قال تعالى :





طيِّبوا نفوسهم بِقَولكم ، طيِّبوا أفئدَتهم بِعَطائكم .

أيها الإخوة الأكارم ، مرّة ثانيَة ، يقول الله جلّ جلاله :





أجْمَعَ المفسِّرون على أنّ النبي عليه الصلاة والسلام ما دام بين ظهرانيّ أمّته ، فهم في بَحبوحةٍ من أن يُعذَّبوا ، ولكنّه بعد رحيلِه إلى الرفيق الأعلى إذا بقيَتْ سنّة النبي صلى الله عليه وسلّم قائمةً في بيوتهم ، وفي علاقاتهم ، وفي تجارتهم ، وفي بيْعِهِم وشرائهم ، وفي احْتِفالاتهم ، وفي فرحهم ، وحزنهم ، وفي كلّ نشاطات حياتهم ، إذا بقيَتْ سنَّة النبي مُطَبَّقة فينا فنحن أيضًا في بَحبوحة من أن يأخذنا الله بالعذاب ، ورعاية اليتيم سنّة نبويّة فيها أحاديث صحيحة ، وآيات كثيرة.

أيها الإخوة الأكارم ، الآن دخلنا إلى المنطقة الخطرة ، يقول الله تعالى :





اليتيم ضعيف ، قد يكون في سنٍّ دون سنّ البلوغ ، لا يفهم ، وله عمّ قويّ مُتَسَلِّط قد يأخذ مالهُ بأساليب شتّى ، له أخٌ كبير ، قد يغْتصبُ مالهُ دون أن يستطيع أن يقول كلمة ، قال تعالى :





مادام يأكلون في بُطونهم نارًا ، وسيَصْلَوْن سعيرًا ، معنى ذلك أنّ مال اليتيم الذي أكلوه في الدنيا سيَغْدو نارًا يُحْرقُهم في الدنيا ، لذلك من الغرائب أنَّ بعض الذنوب يُعَجَّل عِقابها في الدنيا، الذي أذْكرُه عُقوق الوالدين ، فعُقوق الوالدين لا يُؤَجَّل إلى الدار الآخرة ، يُعَجَّل للعاق في الدنيا ، ومن هذا البغي والظّلم ، ومن هذا أكْلُ مال اليتيم ، آكِلُ مال اليتيم إنَّما يأكل نارًا سوف تُحْرقُ مالهُ كلّه ، قال تعالى :





لذلك ينْصحنا ربّنا جلّ جلاله ، وينهانا فيقول تعالى :





دقِّقوا في كلمة ولا تقربوا ، قال تعالى :





هل معنى ذلك أنّ الله نهانا عن الزّنا ؟ هذا نهْيٌ أبْلَغُ من النّهي عن الزنا ، نهانا عن أن نقترب منها ، نهانا عن نظْرةٍ ، نهانا عن كلمةٍ ، نهانا عن خَلْوةٍ ، نهانا عن طريقٍ ، نهانا عن قراءةٍ ، نهانا عن قصّة ، أيّ شيءٍ يقرّبنا إلى الزنا فهو حرام ، ما أدَّى إلى حرام فهو حرام ، ما أدَّى إلى مكروه فهو مكروه ، ما أدَّى إلى منهيّ عنه فهو منهيّ عنه ، لذلك قِياسًا على هذا المعنى قال تعالى :





لو خلطْت مالهُ بِمالك ، وأنت بريءٌ براءة الذّئب من دم يوسف ، إذا خلطْت مالهُ بِمالِكَ ، ربّما دخل من ماله إلى مالك وأنت لا تدري ، لذلك ينْصحنا ربّنا عز وجل وينهانا أن لا نُدْخل ماله في مالنا ، قال تعالى :





إلا إذا أردْت أن تتَّجِرَ له به ، وأدْخلْت هذا المال في حِساب الجرْد فدَخَل في الدكان ، قال تعالى :





إذا أردْت أن تثمِّره له ، إذا أردْت أن تُنَمِّيَهُ له ، وأنت صادقٌ وبريء ، وأنت حريصٌ على ماله حِرصًا شديدًا ، والشيء الدقيق الدقيق هو أنّ النبي عليه الصلاة والسلام قال : ((ولا تجعل مالك دون ماله)) ، بِلُغَة التُّجار هناك صفْقاتٌ رابحة ، رِبْحُها مَضْمون إلى حدّ ما ، قماشٌ ليس له زخارف ، قماشٌ من النوع الذي يُباع في أيّ حينٍ ، لا علاقة لا للأوقات ، ولا للأزمان لِرَواجِهِ ، لو أنّ تاجِر أقْمِشَة رأى صفْقةً لا يدري أتَرْبحُ أم لا ترْبَح ، هذه مغامرة ، لا يجوز للتاجر أن يُغامر في مال اليتيم ، قد يقول في نفسهِ : إن ربِحَت أدْخلْتُ مالي بعدهُ ، وإن لم ترْبح عرفْتُ طبيعة هذه الصَّفْقة من هذا المال ، إذا خاطرْتَ بِمَال اليتيم لِتَجسّ نبْض السوق ، ولِتَعرف حقيقة الرِّبْح فهذا لا يجوز ، جعلْتَ مالهُ للتَّجريب ، وجعلْت ماله دون مالك ، جعلْت ماله للكشْف والفحْص ، لذلك قال تعالى :





قال تعالى :





إصلاح أخلاقهم ، إصلاح أجسادهم ، إصلاح عقولهم ، إصلاح أموالهم بِتَنْمِيَتها ، قال تعالى :





يعني إن خالطْتموهم ، إن أخذْتم أموالهم ، وأدخلتموها في تجاراتكم ، فهو أخٌ لكم ، كأنَّه راشِد ، حاسِبُوه حِسابًا دقيقًا ، قال تعالى :





الله مُطَّلعٌ على القلب ، ماذا ينْوي هذا التاجر ؟ قال تعالى :





يعني لحَمَّلكم فوق ما تُطيقون ، ولشرّع لكم أنّ الرِّبْح له والخسارة عليكم ، نفقتهُ عليكم لا في ماله، بل رحْمةً بكم ، جعل نفقة اليتيم من ريْع ماله ، قال تعالى :





لو قال : وارزقوهم منه ، لوَجَب أن نُطْعمهم من أصْل مالهم ، أما وارزقوهم فيها ، أي أن نطعمهم من رَيْع مالهم ، وهذا هو الفرْق بين من وفيه ، قال تعالى :





يعني لحَمَّلكم فوق ما تُطيقون ، ولجعل الرّبح لهم وحْدهم ، قال تعالى :





الموضوع الثالث ، قال تعالى :





إذا بلغ هذا اليتيم سنّ الرّشد ، ينبغي أن تُعْطِيَهُ ماله دون تلكّؤ ، ودون تحَجُّجٍ ، ودون مُماطلةٍ ، ودون عقباتٍ ، قال تعالى :





يعني إثْمٌ كبير أنْ تضُمّ ماله إلى مالك بِحُجَجٍ شتَّى ، ولكن لو كان هذا اليتيم غير راشِد قال تعالى :





امْتَحِنوهُم ، قال تعالى :





أحيانًا من عندهُ أموال لأيتام يُسْرعُ بأكلها قبل أن يبْلُغَ سِنّ الرّشد ، يعني يُبادر إلى أكلها قبل أن يكبرَ اليتيم ، قال تعالى :





إن كنتَ تُديرُ أموال اليتامى ، وكنتَ غنيًّا فاسْتَعْفف عن الرّبح كلّه ، قال تعالى :





وما أرْوَعَ الفقهاء حينما فسَّروا كلمة بالمعروف ، بالمعروف عند الفقراء لك أجْرُ المِثْل ، أو الحاجة أيُّهما أقلّ ، دقِّقوا في هذا الحكم الفقهي ؛ لك أجْرُ المِثْل ، أو الحاجة أيُّهما أقلّ ، يعني اتَّجَرْتَ بِماله ، وأنت يكفيك بالشّهر خمسة آلاف فرضًا ، فربِحْت عشرين ألفًا ، له عشرة ولك عشرة ، يجب أن تأخذ ما يكفيك ، وهو خمسة آلاف ، اِتَّجَرْتَ بِمَاله فربِحْتُما ستّة آلاف لك ثلاثة وله ثلاثة ، ثلاثة لا تكفيك ، ولكنّ هذا هو ربْح المال الحقيقيّ ، لك رِبْح المال الحقيقي فقط ، لك أجْرُ المِثْل ، أو الحاجة أيُّهما أقلّ ، هذا وكما قال تعالى :





قال تعالى :





أيها الإخوة الأكارم ، هذه بعض الآيات التي وردَت عن اليتامى ، أما السنّة المطهّرة ، فعن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى)) .


ابن أخيه ، أو يتيمٌ لا يعرفه ، يعني كافلُ اليتيم مع رسول الله في الجنّة ، طبعًا في أحاديث أخرى ما لم يقترِف ذنبًا لا يُغْفر ، فليس كلّ كافل يتيم من دون استثناء ، بل الذي لم يقترف ذنبًا لا يُغفر.

وروى ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((خَيْرُ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُحْسَنُ إِلَيْهِ وَشَرُّ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُسَاءُ إِلَيْهِ)) .


" خيرُ بيتٍ على الإطلاق ، وشرّ بيتٍ على الإطلاق ، بيتٌ فيه يتيمٌ مكرَم يُحْسنُ إليه ، وبيتٌ فيه يتيمٌ يُساءُ إليه .

وروى أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ)) .


أُحَرِّج يعني أُضَيِّق ، النبي عليه الصلاة والسلام حِفظا لِحُقوق اليتامى ضيَّقَ على أمَّته كلّ سبيل لأكل أموالهم بالباطل .

الحكم الذي ذكرتُه قبل قليل ، إنَّ ظلْم اليتامى ، وأكل أموالهم بالباطل من الذنوب التي يُعَجَّل عقابها في الدنيا قبل الآخرة .

والحديث الذي تعرفونه ، قول النبي عليه الصلاة والسلام : ((أوَّل من يمسكُ بِحِلَقِ الجنّة أنا فإذا امرأةٌ تنازعني تريد أن تدخل الجنّة قبلي ، فقلتُ : من هذه يا جبريل ؟ فقال : امرأة ماتَ زوجها وترك لها أيتامًا ، فلمْ تتزوَّج من أجلهم)) ، حفْظًا لِحُقوقهم ورِعايةً لهم ، وعطفًا عليهم ، وخوفًا من أن يأتِيَ زوْجٌ يقسو عليهم .

أيها الإخوة الكرام ، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزِنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أنَّ ملك الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا ، وسيتخطَّى غيرنا إلينا ، فلْنتَّخِذ حذرنا ؛ الكيّس من دان نفسه وعمل إلى ما بعد الموت ، والعاجز من أتبَع نفسه هواها ، وتمنَّى على الله الأماني ، والحمد لله رب العالمين .



الحمْل وانقطاع الطمث



الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وليّ الصالحين ، وأشهد أنَّ سيّدنا محمّد عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم ، اللهمّ صلّ وسلِّم وبارك على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين .

أيها الإخوة الأكارم ، طبيب مسلمٌ مؤمن بحَثَ في فتْرةٍ طويلة عن موضوع دقيق ، هو أنَّ الحَمْلَ في الأنثى هل يرافقُه انقطاع الطَّمْث ؛ أي الحيْض ؟ لأنَّه من المعروف لدى عامّة الناس ، ولدى معظم المثقّفين ، أنَّه لا حمْل مع انقطاع الطَّمْث ، ولا طمْث مع الحمْل ، لكنّ القرآن الكريم يقول :





إذا بهذا الطبيب يكتشِفُ أنّ حالاتٍ نادرة تحيضُ فيها المرأة مرَّةً أو مرّتين في أوّل الحمْل، وما دام الجنين في حَوْض المرأة ، لا يظهر الحمْلُ سريريًّا ، أما إذا خرج حجْم الجنين عن حجْم الحوض ، فيظهر لدى الأمّ ولدى الطبيب ، ولدى الزّوج ، فما دامَتْ هناك حالات نادرة تحيضُ فيها المرأة مرَّةً أو مرَّتين أو ثلاثًا ، وهذا هو الاستقصاء العِلْمي والميداني ، هناك حالات نادرة تحيضُ فيها المرأة مرَّةً أو مرَّتين أو ثلاثًا لأسباب لا مجال إلى ذِكْرها من على المنبر ، ما دام هناك حالات تحيضُ فيها الحامل في أوّل الحمْل مرّةً أو مرَّتين أو ثلاثًا فجاءَتْ الآية الكريمة لِتُعْطِيَ براءة الرّحِم الشكل القَطعي ، في الأعمّ الأغلب انقِطاع الدَّورة يعني الحمْل ، ولكن هل يُعَدُّ هذا دليلاً قَطْعِيًّا ؟ معظمُ الأطِبَّاء من خلال دراساتهم ، ومن خلال ممارساتهم يرَوْنَ أنَّ انقِطاع الطَّمْث لا يُعَدُّ دليلا قطْعِيًّا ، فلذلك حاروا في هذه الآية ، ربّنا جلّ جلاله إضافةً إلى أنّ المطلّقة تتربّص ثلاثة قروء فلعلّ المشكلة صغيرة ، وبدَتْ للزَّوْج كبيرة ، لعلّ المشكلة تزول مع الأيّام ، ضمانٌ لِرُجوع هذه المرأة إلى زوجها ضمانٌ للتَّوفيق بين الزوجين ، فضلاً عن كلّ ذلك ، الموضوع من زاويَةٍ علميّة بحْتة ، من زاويَةٍ علميّة مَحْضة ، هناك حالات نادرة تحيضُ فيها المرأة لأسباب كثيرة ، مرَّةً أو مرَّتين و ثلاثة في بداية الحمْل ، لذلك لا يُعَدُّ انقطاع الدّم لِمَرّة واحدة دليلاً قَطْعِيًّا يُعَدّ دليلاً ظنِّيًا ، لا يكون قطعِيًّا إلا بعد ثلاثة قروء ، لأنّ بعد ثلاثة قروء يظهر الحمْل فوق حيِّز الحوض ، فيكْتشِفُهُ الطبيب سريريًّا ، والأمّ والزَّوْج لذلك قال تعالى :





من أجل أن نعلمَ أنّ هذا التشريع تشريعٌ من عند خالق الكون ، من أجل أن نعلم أنّ هذه الحالات النادرة التي نجدها في مجموع النِّساء ، ويعلمها علْم اليقين الأطبّاء ، ولا سيما من اخْتصّ بأمراض النّساء ، هذه الحالات النادرة تُغَطِّيها هذه الآية ، لذلك لا تُعَدّ الرَّحِمُ بريئة من الحمْل إلا بعد القروء الثلاثة ، لأنّ بعدها يظهر الحمْل بِشَكل سريريّ ، يُرَى رأْيَ العَين من قِبَل الزوج ، أو من قِبَل الأمّ ، أو من قِبَل المرأة .

اللهمّ اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيْت ، وتولَّنا فيمن تولّيْت ، وبارك اللّهم لنا فيما أعْطيت ، وقنا واصْرف عنَّا شرّ ما قضَيْت ، فإنَّك تقضي ، ولا يُقضى عليك ، إنَّه لا يذلّ من واليْت ، ولا يعزّ من عادَيْت ، تباركْت ربّنا وتعاليْت ، ولك الحمد على ما قضيْت نستغفرك اللهمّ ، ونتوب إليك ، اللهمّ هب لنا عملاً صالحًا يقرّبنا إليك ، اللهمّ أعطنا ولا تحرمنا ، وأكرمنا ولا تهنّا، وآثرنا ولا تؤثر علينا ، وأرضنا وارضَ عنَّا ، وأصْلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصْلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصْلح لنا آخرتنا التي إليها مردُّنا ، واجْعل الحياة زادًا لنا من كلّ خير ، واجعل الموت راحةً لنا من كلّ شرّ ، مولانا ربّ العالمين ، اللهمّ اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمَّن سواك ، اللهمّ لا تؤمنَّا مكرك ، ولا تهتِك عنَّا سترَك ، ولا تنسنا ذكرك ، يا رب العالمين ، اللهمّ إنَّا نعوذ بك من عُضال الداء ومن شماتة العداء ، ومن السَّلْب بعد العطاء ، يا أكرم الأكرمين ، نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الذلّ إلا لك ، ومن الفقر إلا إليك ، اللهمّ بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحقّ والدِّين ، وانصر الإسلام وأعزّ المسلمين ، وخُذ بيَدِ وُلاتهم إلى ما تحبّ وترضى ، إنَّه على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .

والحمد لله رب العالمين
amged amer
amged amer
حقوق الأيتام في الإسلام (4)

الشيخ حسين الخشن


الرعاية الثقافية:

والنوع الثاني من الرعاية المطلوب إيلاؤها لليتيم هو الرعاية الثقافية بالعمل على تعليمه وتثقيفه بكل أسباب العلم والثقافة ليخرج من مستنقع الجهل والأمية التي كانت في الغالب قدراً يبتلى به معظم الأيتام، ونذكر في هذا الصدد حديثاً مروياً عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم(ع) «فقيه واحد ينقذ يتيماً من أيتامنا المنقطعين عنا وعن مشاهدتنا، بتعليم ما هو محتاج إليه، أشد على إبليس من ألف عابد» (بحار الأنوار 5/2 ومستدرك الوسائل319/17)، وقد يكون هذا الحديث ناظراً إلى المنقطع عن إمامه وعن مصدر الهداية والعلم، ولكن مضمونه شامل لليتيم الحقيقي الذي يجعله يتمه في انقطاع عن مصادر المعرفة ويعرضه للانحراف والفساد.

الرعاية التربوية والعاطفية:

كما أن اليتيم بحاجة إلى الرعاية المادية والثقافية، فهو بحاجة إلى الرعاية التربوية والعاطفية بل إن حاجته لهذه أكثر إلحاحاً من سواه لأنه بفقد الأب فقد المربي والذي يمنحه العطف والحنان، وقد حث الإسلام كثيراً على مل‏ء هذا النقص المعنوي في حياة اليتيم، وقد وردت لدينا في هذا الشأن عدة عناوين إليك أهمها:

اكتنافه: قل عن صحيفة إدريس النبي(ع) «طوبى لمن اكتنف الأرملة واليتيم» (بحار الأنوار 469/92)، واكتناف اليتيم يعني أن تجعله في كنفك وحمايتك وتحت ظلك وهو أحوج ما يكون لذلك.

الرحمة به: الرحمة خلق إسلامي رفيع أراد الله لها أن تفيض على الإنسان مهما اختلف دينه أو عرقه أو لونه وأن تكون معياراً وأساساً في العلاقات الإنسانية منها، ابتداءً من علاقة الزوج والزوجة التي أريد لها أن تقوم على أساس المودة والرحمة {وجعل بينكم مودة ورحمة} (الروح:26)، أو علاقة الولد بأبيه {واخفض لها جناح الذل من الرحمة} (الإسراء/24)، أو علاقة المؤمن بأخيه المؤمن {رحماء بينهم} (الفتح/29)، أو علاقة الحاكم بالأمة «وأشعر قلبك الرحمة للرعية واللطف بهم ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم فإنهم صنفان، إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق» (نهج البلاغة)، وانتهاءً بعلاقة الإنسان بالآخر وإن اختلف معه في العقيدة والدين ولا عجب في ذلك فقد بعث الله رسوله رحمة مهداة للعالمين {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} (الأنبياء/107)، ولو نظرنا إلى بعض الفئات الاجتماعية الضعيفة وعلى رأسها الأيتام فإن حاجتها إلى الرحمة والعطف أشد من غيرها ومن هنا كانت الوصية بها والدعوة إلى إشعارها العطف والحنان واردة بشكل مكثف على ألسنة المعصومين.

ففي الحديث عن رسول الله(ص): «كن لليتيم كالأب الرحيم واعلم أنك تزرع تحصد» (بحار الأنوار173/74)، وعن أمير المؤمنين(ع): «ارحموا الأرملة واليتيم وأعينوا الضعيف والمظلوم» (م.ن9/75)، وعنه في وصيته لولديه الحسن والحسين(ع): «أوصيكما بتقوى الله ولا تبغيا الدنيا وان بغتكما.... قولا بالحق وارحما اليتيم وأعينا الضائع» (م.ن 244/42)، وتقدم عن الصادق(ع) قوله «من أراد أن يدخله الله في رحمته ويسكنه جنته فليحسن خلقه... وليرحم اليتيم» (وسائل الشيعة:155/12).

إكرامه: في سياق العملية التربوية يكون ملحاً أن نعمل على إكرام اليتيم لتعزيز ثقته بنفسه وإخراجه مما قد يشعر به من دونية أو مذلة وهذا ما أكدت عليه العديد من النصوص، قال تعالى في مقام التنديد ببعض الناس {كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين} (الفجر:18 17).

وفي الحديث عن أمير المؤمنين(ع) في وصف المؤمن»يحب الضيف ويكرم اليتيم«وقد قال النبي(ص) في خطبته في استقبال شهر رمضان «ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه» (وسائل الشيعة:313/10).

إرضاؤه: ومزيداً في مراعاة مشاعر اليتيم توصي الروايات بإرضائه إذا بكى لأن دمعة اليتيم عزيزة عند الله تعالى، ففي الحديث عن رسول الله(ص): «إذا بكى اليتيم في الأرض يقول الله من أبكى عبدي وأنا غيبت أباه في التراب، فوعزتي وجلالي إن من أرضاه بشطر كلمة أدخلته الجنة» (مستدرك الوسائل:153/15)، وفي حديث آخر عنه(ص) «إذا بكى اليتيم اهتز العرش على بكائه فيقول الله تعالى: يا ملائكتي: اشهدوا علي أن من أسكته واسترضاه أرضيته يوم القيامة» (المصدر نفسه وراجع من لا يحضره الفقيه 188/1 طبعة جامعة المدرسين).

إدخال الفرح عليه: وفي السياق عينه يأتي التأكيد على أهمية إدخال الفرح والسرور على قلوب الأيتام، فعنه(ص): «إن في الجنة داراً يقال لها دار الفرح لا يدخلها إلا من فرّح يتامى المؤمنين» (كن،ز العمال:3 رقم الحديث 6008).

مسح رأسه: وليس بعيداً عن هذا الجو المفعم بالعاطفة والحنان تأتي قضية المسح على رأس اليتيم تحنناً وتعطفاً، وقد جاء في وصية النبي (ص) لعلي(ع): «يا علي، من مسح يده على رأس يتيم ترحماً له أعطاه الله بكل شعرة نوراً يوم القيامة» (الوسائل: 16/337 ,21/374، 3/286) وغيرها).

الرعاية الاجتماعية:

في موضوع الرعاية الاجتماعية لليتيم والتي لا تنفصل ولا تبتعد عن الرعاية الثقافية والتربوية والمادية تواجهنا عدة عناوين أكدت عليه النصوص:

كفالته:

أهم تلك العناوين عنوان الكفالة، فقد حدّثنا القران الكريم عن كفالة زكريا لمريم إثر خصومة حدثت في أل عمران بشأن من يتولى كفالتها وهي يتيمة قال سبحانه: {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون} (أل عمران/44)، وهكذا خرجت القرعة باسم زكريا فكفلها وقام بشؤونها خير قيام {فتقبلها ربها قبولٍ حسنٍ وأنبتها نباتاً حسناً وكفلها زكريا...} (أل عمران/37).

وورد في الحديث عن رسول الله(ص): «من كفل يتيماً وكفل نفقته كنت أنا وهو في الجنة كهاتين. وقرن بين إصبعيه...» (بحار الأنوار 3/72)، وعن أمير المؤمنين(ع) كافل اليتيم أثير عند الله«وعنه (ع) أيضاً: «كافل اليتيم والمسكين عند الله من المكرمين» (تصنيف غرر الحكم 409).

إيواؤه:

والعنوان الآخر في هذا الشأن هو عنوان الإيواء قال سبحانه وتعالى في مقام الامتنان على رسول الله(ص) {ألم يجدك يتيماً فأوى} (الضحى:6)، وفي وصية النبي(ص) لأمير المؤمنين (ع) «يا علي أربع من كن فيه بنى الله له بيتاً في الجنة: من أوى اليتيم ورحم الضعيف وأشفق على والديه ورفق بمملوكه» (الوسائل338/16)، وعنه (ص) أيضاً: مرّ عيسى ابن مريم بقبر يعذب صاحبه ثم مرّ به من قابل فإذا هوليس يعذب فقال: يا رب مررت بهذا القبر عام أول وهو يعذب ومررت به العام وهو ليس يعذب؟! فأوحى الله جل جلاله إليه: «يا روح الله قد أدرك له ولد صالح فأصلح طريقاً وأوى يتيماً فغفرت له بما عمل ابنه» (المصدر نفسه).

يتم الأم:

ما تقدم كان حديثاً عن يتم الأب فماذا عن يتم الأم ولماذا لا يعد يتماً حقيقياً؟ ألا يترك فقدها آثارا نفسية سلبية على الطفل قد تفوق الآثار التي يتركها فقد الأب؟ ألا يحتاج من فقد أمه إلى رعاية وعناية كما هو الحال ممن فقد أباه؟

والجواب: أن الإسلام عندما اعتبر أن اليتم سببه فقد الأب فقط دون فقد الأم وبالتالي فلا تترتب الآثار الشرعية والقانونية لليتم على فقد الأم، فهذا لا يعني إغفال دور الأم الهام في تربية أولادها ورعايتها... لكنه ينطلق من نظرة الإسلام لتكوين الأسرة وبنائها وتنظيمها وهذه النظرة تقوم على اعتبار الأب هو القيم والولي والمدبر والمسؤول عن كافة شؤونها المالية في تأمين السكن والغذاء واللباس وكل متطلبات الحياة، أما الأم فليست مسؤولة عن ذلك قال تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا}.وانطلاقاً من ذلك سيكون فقد الأب الولي بمثابة انكسار العمود الفقري للأسرة وهو ما يهددها بالضياع والتشتت.

بيد أن ذلك لا يعني إطلاقاً أن فقد الأم ليس له مضاعفات خطيرة على الأسرة والأولاد تحديداً، بل ربما يكون لفقدها أثار مدمرة وبالغة الخطورة وقد تفوق الآثار التي يتركها فقد الأب، لأنه بفقدها سيفقد وليدها كل لمسات العطف والحنان والكثير من أجواء الحضانة والتربية وكافة معاني الأمومة التي قد تعجز الكلمات عن بيان أبعادها وأعماقها، وتزداد المشكلة تعقيداً وتفاقماً في حال لم يتوفر للأطفال الذين فقدوا أمهم امرأة تحنو عليهم وتبلسم جراحهم وتحاول تعويضهم بعضاً مما فقدوه بموت أمهم.

وعلى ضوء ذلك يمكننا القول: إن كل ما تقدم عن حاجة اليتيم إلى الرعاية والتربية التي تزرع فيه الثقة بالنفس وتخرجه من العزلة وتعمل على ترميم التصدع المعنوي والنفسي الذي لحق به جراء موت أبيه، إن هذه الأساليب نحتاج إلى انتهاجها مع يتيم الأم كما نحتاج إلى انتهاجها مع يتيم الأب، ولا فارق بينهما في ذلك إلا لجهة الرعاية المادية فقط حيث يلزم المجتمع تأمينها ليتيم الأب دون يتيم الأم، باعتبار وجود أبيه المسؤول عن الإنفاق عليه والقيام بكل متطلباته.
amged amer
amged amer
من هو اليتيــــم ؟

اليُتمُ هو : الانفراد ، واليتيم : الفردُ وكل شيء مفرد يعز نظيره فهو يتيم ، وأصل اليتيم الغفلة ، وبه سُميَّ اليتيم يتيماً ؛ لأنه يتغافل عن بره ، كما قيل إن اليتيم الإبطاء ، ومنه أُخذ اليتيم ؛ لأن البر يُبطيءُ عنه ، ويقال أيضاً في سيرة يَتَمُ : أي إبطاء أو ضعف أو فتور ، فكلمة اليتيم في أصلها اللُّغوي تدور على الانفراد والضعف والبطء والحاجة ، وتلك صفات في واقع الحال لليتيم في الغالب . تدور كلمة اليتيم في اللغة على الانفراد والضعف والحاجة . أما اليتيم في الشرع : فهو من فقد أباه وهو دون البلوغ ، ففي الأثر أن رسول الله  قال: (لا يتم بعد احتلام ... ) .
وتقول العرب : اليتيم الذي يموت أبوه ، والعجيُّ الذي تموت أمه ، ومن مات أبواه فهو لطيم. إلا أن اسم اليتيم يطلق تجاوزاً لكل من فقد أحد والديه أو كليهما ، ويقال للصبي يتيماً إذا فقد أباه قبل البلوغ ، فهو يتيم حتى يبلغ الحلم ، ويقال للمرأة يتيمة ما لم تتزوج ، فإذا تزوجت زال عنها اسم اليتمُ . والجمع أيتام ويتامى .
أما اليتيم في الشرع : فهو من فقد أباه وهو دون البلوغ ، أخذاً من حديث الرسول  ( لا يتم بعد احتلام ، ولا صمات يوم إلى الليل ) ( رواه أبو داود )، مع اختلاف بين الفقهاء في وقت انقطاع حكم اليتيم عنه، لما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال : ( إن الرجل لتنبت لحيته ، وأنه لضعيف الأخذ لنفسه ، ضعيف العطاء منها ، فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم ) ، وهذا في أحكام التصرف المالي ، أما اسم اليتيم فهو ينقطع بالبلوغ لما ورد في حديث الرسول  ( لا يتم بعد احتلام ، ولا صمات يوم إلى الليل ) .
ومما يلحق بالأيتام ، بل إن أمرهم أشد اللقطاء أو من كان مجهول الأب أو الأم أو كليهما فقد يفقد الطفل أبويه لأي سبب من الأسباب ، والأسباب كثيرة فقد يتوفى الوالدان وهو صغير وقد يفقداه في زحام الحج ، أو في حادثة حريق ، أو حادث مروري وما أكثرها في أيامنا هذه . ولاشك أن العناية بهذه الفئة قد تكون أفضل، فاليتيم قد يجد العم أو الخال أو الجد أو القريب، أما مجهولي الأبوين لأي سبب من الأسباب لا يجد أيا من ذلك إلا رحمة الرحمن الرحيم وهي خير وأبقى .
وتأكيدا لهذا الأمر وحتى يزول الإشكال الذي قد يرد لدى بعض الناس ومحبي الخير صدرت فتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برقم 20711 مؤرخة في 24/12/1419هـ حول هذا الأمر وجاء فيها ما نصه : ( إن مجهولي النسب في حكم اليتيم لفقدهم لوالديهم بل هم أشد حاجة للعناية والرعاية من معروفي النسب لعدم معرفة قريب يلجأون إليه عند الضرورة وعلى ذلك فإن من يكفل طفلا من مجهولي النسب فانه يدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : (( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً )) ( رواه البخاري ) .
ثمّ صدرت فتوى أخرى لاحقة لها و بتفصيل أكبر برقم 21145 مؤرخة في 22 / 10 / 1420هـ ، وجاء في أول فقرة منها ما يلي : ( من أبوب الإحسان في شريعة الإسلام حضانة اللقيط المجهول النسب ، والإحسان إليه في كفالته وتربيته تربية إسلامية صالحة ، وتعليمه فرائض الدين و آداب الشرع وأحكامه ، وفي هذا أجر عظيم وثواب جزيل ، ويدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم لعموم قول النبي : (( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا ، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً )) (رواه البخاري) .
amged amer
amged amer
فضل كفالة اليتيم

لقد اهتم الإسلام بشأن اليتيم اهتماماً بالغاً من حيث تربيته ورعايته ومعاملته وضمان سبل العيش الكريمة له ، حتى ينشأ عضواً نافعاً في المجتمع المسلم قال تعالى : ( فَأمَّا اليَتِيم فَلاَ تَقهَر ) وقال تعالى ( أَرَأيتَ الّذِي يُكَذّبُ بالدّينِ * فَذَلِكَ الّذِي يَدُعُ اليتيمَ ) ، وهاتان الآيتان تؤكدان على العناية باليتيم والشفقة عليه ، كي لا يشعر بالنقص عن غيره من أفراد المجتمع ، فيتحطم ويصبح عضواً هادماً في المجتمع المسلم .
ومما يؤكد على حرص التشريع الإسلامي على اليتيم والتأكيد المستمر على العناية به وحفظه ، هو ورود كلمة اليتيم ومشتقاتها في ثلاث وعشرين آية من آيات القرآن العظيم ، وبالنظر في نصوص القرآن العديدة في شأن اليتيم ، فإنه يمكن تصنيفها إلى خمسة أقسام رئيسة،كلها تدور حول:دفع المضار عنه، وجلب المصالح له في ماله، وفي نفسه، وفي الحالة الزواجية، والحث على الإحسان إليه،ومراعاة الجانب النفسي لديه.
يقول تعالى : ( وَإِذ أَخَذنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسرَائيلَ لاَ تَعبُدونَ إِلاّ اللَّهَ وبِالوالدينِ إحسَانا وذِي القُربَى واليَتَامى والمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسنا وأَقِيمُوا الصّلاةَ وآتوا الزّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيتُم إِلا قَلِيلاً مِّنكُم وأنتُم مُعرِضُون ) ، فالإحسان إلى اليتيم متعين كما هو للوالدين ولذي القربى ، كما قال تعالى : ( أَرَأيتَ الّذِي يُكَذّبُ بالدّينِ * فَذَلِكَ الّذِي يَدُعُ اليتيمَ * ولا يحُضُّ عَلَى طَعَامِ المِسكِينِ ) . وقوله تعالى : ( فَأمَّا اليَتِيم فَلاَ تَقهَر ) . قال ابن كثير عن تفسير هذه الآية : فلا تقهر اليتيم : أي لا تذله وتنهره وتهنه ، ولكن أحسن إليه وتلطف به ، وكن لليتيم كالأب الرحيم. ولقد كان صلى الله عليه وسلم أرحم الناس باليتيم وأشفقهم عليه حتى قال حاثاً على ذلك : ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا ، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً ) .
كما أمر - عز وجل - بحفظ أموال الأيتام ، وعدم التعرض لها بسوء ، وعدَّ ذلك من كبائر الذنوب وعظائم الأمور ، ورتب عليه أشد العقاب ، قال تعالى:( إنّ الذِينَ يَأكُلُونَ أَمَوالَ اليَتَامى ظُلماً إنّما يَأكُلُون في بُطُونِهِم ناراً وسَيصلَونَ سَعِيراً ) ، كما قال تعالى :( ولا تَقربُوا مَالَ اليَتِيمِ إلا بِالتِي هِيَ أحسَنُ حَتّى يَبلُغَ أَشُدَّهُ وأوفُوا بِالعَهدِ إنّ العَهدَ كَانَ مَسئُولا ) . وعدَّ الرسول  أكل مال اليتيم من السبع الموبقات ، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي  قال : ( اجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا : يا رسول الله ، وما هن ؟، قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ) ( رواه البخاري ). ولخطورة ذلك الأمر ، وجه صلى الله عليه وسلم من كان ضعيفاً من الصحابة ألا يتولين مال يتيم ، فعن أبي ذر – رضي الله عنه – أن رسول الله  قال : ( يا أبا ذر ، أني أراك ضعيفاً ، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على أثنين ، ولا تولين مال يتيم ) ( رواه مسلم ) .
واستمراراً لحرص التشريع الإسلامي على أموال اليتامى ، أمر باستثمارها وتنميتها حتى لا تستنفدها النفقة عليهم ، فلقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ألا من ربى يتيماً له مال فليتجر به ، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة ) ( رواه أبو داود) . كما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال : ( اتجروا في مال اليتامى حتى لا تأكلها الزكاة ) ، ومن هنا يلزم الولي على مال اليتيم استثمارها لمصلحة اليتيم على رأي كثير من أهل العلم بشرط عدم تعريضها للأخطار .
وجـماعاً لكل ما سبق ، أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بكفالة اليتيم ، وضمه إلى بيوت المسلمين ، وعدم تركه هملاً بلا راعٍ في المجتمع المسلم ، فلقد أخرج البخاري في صحيحه أن رسول الله  قال : ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً ) (متفق عليه)، كما عد رسول الله  خير بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يُحسن إليه . فلقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خير بيتٍ في المسلمين بيتٌ فيه يتيم يُحسَن إليه ، وشر بيتٍ في المسلمين بيت فيه يتيم يُسَاء إليه ) (رواه ابن ماجه ) .
ولقد وعد الرسول صلى الله عليه وسلم بالأجر العظيم لمن تكفل برعاية الأيتام ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( من عال ثلاثة من الأيتام كان كمن قام ليله وصام نهاره وغدا وراح شاهراً سيفه في سبيل الله ، وكنت أنا وهو في الجنة أخوين كهاتين أختان وألصق إصبعيه السبابة والوسطى ) (رواه ابن ماجه ) .
كما جعل الإحسان إلى الأيتام علاجاً لقسوة القلب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال : ( امسح رأس اليتيم ، وأطعم المسكين ) (رواه أحمد )، ورتب على ذلك الأجر العظيم ، حيث يكسب المرء الحسنات العظام بكل شعرة يمسح فيها على رأس ذلك اليتيم ، فعن أبي أمامة أن رسول الله  قال : ( من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وفرق بين إصبعيه السبابة والوسطى ) (رواه أحمد) .
ولقد تمثل المجتمع المسلم تلك التوجيهات عملياً بدءاً من عصر الصحابة رضوان الله عليهم حتى يومنا الحاضر، فلقد ثبت أن هناك العديد من الصحابة والصحابيات كفلوا أيتاماً ويتيمات وضموهم إلى بيوتهم، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر : أبوبكر الصديق ، ورافع بن خديج ، ونعيم بن هزال ، وقدامة بن مظعون ، وأبو سعيد الخدري ، وأبو محذورة ، و أبو طلحة ، وعروة بن الزبير ، وسعد بن مالك الأنصاري، وأسعد بن زراره ، وعائشة بنت الصديق ، وأم سليم ، وزينب بنت معاوية - رضي الله عنهم - وغيرهم كثير وكثير جدا من الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
واعلم أخي المسلم أن رعاية المسلمين للأيتام ومن في حكمهم تقوم على أسس أصيلة قوية تنطلق منها جميع أوجه الرعاية التي يقدمونها لهم سواء من أحاد المسلمين أو من المجتمع المسلم بشكل عام، وهذه الرعاية لا تقوم على مجرد عاطفة قد تضمحل أو شفقة عابرة أو رحمة قد تزول وتتناقص على مر الأيام ، بل هي قواعد أساسية مرتكزة على توجيهات ربانية وهدي نبوي، ولاشك أن استحضار هذه الأسس تعين المسلم على الأقدام على رعاية هؤلاء الأيتام والعطف عليهم والشفقة بهم .
ومن ذلك أنهم ينظرون إلى هذا اليتيم على أن مخلوق بشري له كرامته التي كرمه الله بها فقد أسجد ملائكته له حين خلقه ، قال تعالى: ( إذ قَالَ ربُكَ للمَلائكَةِ إِنيِ خَالِقُ بَشَراً من طِين  فإذا سَوَّيتُهُ ونَفَختُ فِيهِ من رُّوحِي فَقَعُوا لهُ سَاجِدِين  ‎فَسَجَدَ الملائكَةُ كُلُّهُم أَجمعُون  إِلا إِبلِيسَ استَكبرَ وكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ ) . وهذا السجود سجود إكرام وإعظام واحترام كما ذكر المفسرون. وجنس الإنسان مكرم ، وللإنسان منزلة خاصة بين مخلوقات الله عز وجل ، قال تعالى : ( وَلَقد كَرَّمنَا بنِي آدَمَ وحَمَلناهُم في البَّرِ والبَحرِ وَرَزَقنَاهُم مِن الطّيّباتِ وفَضَّلنَاهُم عَلَى كَثِير مّمَّن خَلَقنا تَفضِيلاً ) ، فلقد كرم الله هذا المخلوق البشري على كثير ممن خلق ، كرمه بهيئته ، وتسويته ، وفطرته ، وخلافته في الأرض ، وبتسخير الكون له ، وكرمه بإعلان ذلك التكريم وتخليده في كتابه العزيز . ومن هنا ، فالإنسان مكرم له منزلته المحترمة ، وله كرامته المصونة المحترمة ، واليتيم له حق هذا التكريم، ومما يزيد في حق تكريم اليتيم ومن في حكمه الضعف الذي يعيشه .
ثمّ أعلم أخي الحبيب أن المجتمع المسلم مجتمع متراحم متماسك متوادّ ،قال تعالى : ( مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَينَهُم ... الآية ) ، وقال تعالى واصفاً المؤمنين : ( ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وتَوَاصَوا بِالصَّبرِ وتَوَاصَوا بِالمَرحَمَةِ ) ، ويصف الرسول  المؤمنين بأنهم كالجسد الواحد ، ففي الحديث أن رسول الله  قال : ( ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى ) (رواه البخاري). وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) ( رواه البخاري) ، ولعظم قيمة التراحم عدّ رسول الله  الذي لا يرحم البشر عموماً من الخاسرين ففي الحديث : ( خاب عبدٌ وخسر لم يجعل الله تعالى في قلبه رحمة للبشر ) ، ومن هذا الأس الذي يحث على التراحم،نجد ذلك الإقبال الكبير على كفالة اليتيم ورعايته بين أحضان أسر المسلمين على مر التاريخ ، وبخاصة أنهم يستشعرون قيمة عظيمة من قيم الإسلام وقاعدة أساسية في التعامل ، وهي إن جزاء الإحسان في الإسلام الإحسان بمثله ، قال الله تعالى : ( هَل جَزَاءُ الإِحسَانِ إِلاَّ الإِحسَانَ ) ، أي هل جزاء من أحسن في عبادة الخالق ، ونفع عبيده ، إلا أن يحسن خالقه إليه بالثواب الجزيل ، والفوز الكبير والعيش السليم. وفي الحديث أن رسول الله  قال : ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء ...) (رواه مسلم).
وتنجلي حكمة التشريع ومتانة هذا الأس الذي تقوم عليه رعاية الأيتام من خلال تأمل هذه الآية الكريمة وربطها بالذي نحن بصدده ، قال تعالى : ( وليَخشَ الّذيِنَ لَو تَركُوا مِن خَلفِهِم ذُرّيّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيهِم فَليَتّقُوا اللَّه وليَقُولُوا قَولاً سَدِيداً ) ، فجعل كافل اليتيم اليوم إنما يعمل لنفسه لو ترك ذرية ضعافاً ، فإنه ستُعامل ذريته الضعاف بما عامل به ذرية غيره، فليعاملوا الأيتام الذين تحت أيديهم ، كما يحبون أن يعامل غيرهم أيتامهم من بعدهم ، فكما تُحسن إلى اليتيم اليوم يُحسن إلى أيتامك في الغد ، وكما تدين تدان، فإن كان خيراً كان الخير بالخير والبادئ أكرم ، وإن كان شراً كان الشر بالشر والبادئ أظلم .

وليضمن الإسلام حق الأيتام في الرعاية والعناية نجد أنه قد حرص على جعل المجتمع المسلم متآزراً متعاوناً يشد بعضه بعضاً ، وذلك من خلال الحثَّ المتواصل لأفراده على خدمة بعضهم بعضاً، وتفريج كرب إخوانهم المسلمين ، وإدخال السرور على أنفسهم ، وكفّ ضيعتهم ، ورتَّب على ذلك الأجر الجزيل ، وعدَّه رسول الله  من أفضل الأعمال ، فعن أبي هريرة أن رسول الله  سُئل: أي العمل أفضل ؟ قال : ( أفضل العمل أن تُدخل على أخيك المؤمن سروراً أو تقضي عنه ديناً أو تطعمه خبزاً ) (رواه المنذري) . كما جعل عون الرجل لأخيه المسلم صدقة يتصدق بها عن نفسه في كل يوم ، فعن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله قال: ( في ابن آدم ستون وثلاثمائة سُلامى أو عظم أو مفصل ، على كل واحد في كل يوم صدقة ، كل كلمة طيبة صدقة، وعون الرجل أخاه صدقة ) ( رواه البخاري في الأدب المفرد).
ويتواصل الحث من الرسول  لأفراد المجتمع المسلم بأن يتعاونوا ويكونوا في خدمة بعضهم بعضاً ، والتساعد لقضاء حوائج بعضهم بعضاً ،ففي الحديث أن الرسول  قال : ( ... من كان في حاجة أخيه كان الله فـي حاجته ) (رواه مسلم) ، ويا له من عون للإنسان عندما يكون الله في حاجته ، و ذلك لا يتحقق إلا حينما يكون المسلم في حاجة أخيه لأي نوع من أنواع الحاجة .
ولقد وجَّه الرسول  أمته إلى نفع الناس وإدخال السرور على أنفسهم وكشف كربهم ، وعدَّ مَن يفعل ذلك بأنه أحب الناس إلى الله ، فقال :( أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال إلى الله - عز وجل - سرور يدخله على مسلم ، أو يكشف عنه كربه ... ) (رواه الطبراني) ،ولا شك أن من أشد الكرب اليتم وما يستتبعه من ضعف وضرر وضياع إذا لم يتعهد ذلك اليتيم بالحفظ والرعاية .