صغيرة حواء
صغيرة حواء
على قراءة الكسائي : تلاوة تجويدية رااائعة بمقامات متعددة

--------------------------------------------------------------------------------

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذه التلاوة قرأها أحد القراء الماليزيون بشكل فني رااائع على قراءة الكسائي

نصيحة : لا تفوتكم

http://www.4shared.com/file/3778524/4301858d/najm.html
صغيرة حواء
صغيرة حواء
على قراءة الكسائي : تلاوة تجويدية رااائعة بمقامات متعددة -------------------------------------------------------------------------------- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذه التلاوة قرأها أحد القراء الماليزيون بشكل فني رااائع على قراءة الكسائي نصيحة : لا تفوتكم http://www.4shared.com/file/3778524/4301858d/najm.html
على قراءة الكسائي : تلاوة تجويدية رااائعة بمقامات متعددة...
قراءة نافع المدنى4كُفُواً أَحَدٌورش(كُفُؤًا أَحَدٌ) بضم الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبنقل حركة همزة (أحد) إلى الساكن قبلها ثم حذف الهمزة4كُفُواً أَحَدٌقالون (كُفُؤًا أَحَدٌ) بضم الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلها
قراءة الكسائي
كُفُواً أَحَدٌمتفق عليه (كُفُؤًا أَحَدٌ) بضم الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلها
قراءة ابن كثير
كُفُواً أَحَدٌمتفق عليه (كُفُؤًا أَحَدٌ) بضم الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلها
قراءة ابو عمرو
كُفُواً أَحَدٌمتفق عليه (كُفُؤًا أَحَدٌ) بضم الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلها
قراءة ابن عامر
كُفُواً أَحَدٌمتفق عليه (كُفُؤًا أَحَدٌ) بضم الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلها
قراءة عاصم
كُفُواً أَحَدٌحفص(كُفُوًا أَحَدٌ) بضم الفاء وبعدها واو منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلها4كُفُواً أَحَدٌشعبة (كُفُؤًا أَحَدٌ) بضم الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلها
قراءة حمزة
كُفُواً أَحَدٌخلف(كُفْؤًا أَحَدٌ) بإسكان الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) مع السكت على الساكن قبلها4كُفُواً أَحَدٌمتفق عليه (كُفْؤًا أَحَدٌ) بإسكان الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلها
قراءة ابو جعفر
كُفُواً أَحَدٌمتفق عليه (كُفُؤًا أَحَدٌ) بضم الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلها
قراءة يعقوب
كُفُواً أَحَدٌمتفق عليه (كُفْؤًا أَحَدٌ) بإسكان الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلها
صغيرة حواء
صغيرة حواء
قراءة نافع المدنىورش(كُفُؤًا أَحَدٌ) بضم الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبنقل حركة همزة (أحد) إلى الساكن قبلها ثم حذف الهمزةقالون (كُفُؤًا أَحَدٌ) بضم الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلها قراءة الكسائي متفق عليه (كُفُؤًا أَحَدٌ) بضم الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلها قراءة ابن كثير متفق عليه (كُفُؤًا أَحَدٌ) بضم الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلها قراءة ابو عمرو متفق عليه (كُفُؤًا أَحَدٌ) بضم الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلها قراءة ابن عامر متفق عليه (كُفُؤًا أَحَدٌ) بضم الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلها قراءة عاصم حفص(كُفُوًا أَحَدٌ) بضم الفاء وبعدها واو منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلهاشعبة (كُفُؤًا أَحَدٌ) بضم الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلها قراءة حمزة خلف(كُفْؤًا أَحَدٌ) بإسكان الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) مع السكت على الساكن قبلهامتفق عليه (كُفْؤًا أَحَدٌ) بإسكان الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلها قراءة ابو جعفر متفق عليه (كُفُؤًا أَحَدٌ) بضم الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلها قراءة يعقوب متفق عليه (كُفْؤًا أَحَدٌ) بإسكان الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبتحقيق همزة (أحد) دون سكت على الساكن قبلها
قراءة نافع المدنىورش(كُفُؤًا أَحَدٌ) بضم الفاء وبعدها همزة منونة بالفتح وبنقل حركة همزة (أحد) إلى...
{ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } * { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } * { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } * { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }


ذُكر أن المشركين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسب ربّ العزة، فأنزل الله هذا السورة جواباً لهم. وقال بعضهم: بل نزلت من أجل أن اليهود سألوه، فقالوا له: هذا الله خلق الخلق، فمن خلق الله؟ فأُنزلت جواباً لهم.

ذكر من قال: أُنزلت جواباً للمشركين الذين سألوه أن ينسُب لهم الربّ تبارك وتعالى.

حدثنا أحمد بن منيع المَرْوزيّ ومحمود بن خِداش الطالَقَاني، قالا: ثنا أبو سعيد الصنعاني، قال: ثنا أبو جعفر الرازيّ، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أُبيّ بن كعب، قال: قال المشركون للنبيّ صلى الله عليه وسلم: انسُبْ لنا ربك، فأنزل الله: { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ اللّهُ الصَّمَدُ }.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرِمة، قال: إن المشركين قالوا: يا رسول الله أخبرنا عن ربك، صف لنا ربك ما هو، ومن أيّ شيء هو؟ فأنزل الله: { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ } إلى آخر السورة.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ اللّهُ الصَّمَدُ } قال: قال ذلك قادة الأحزاب: انسُب لنا ربك، فأتاه جبريل بهذه.

حدثني محمد بن عوف، قال: ثنا شريح، قال: ثنا إسماعيل بن مجالد، عن مجالد، عن الشعبيّ، عن جابر قال: قال المشركون: انسُب لنا ربك، فأنزل الله { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ }. ذكر من قال: نزل ذلك من أجل مسألة اليهود:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق، عن محمد، عن سعيد، قال: أتى رهط من اليهود النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا محمد هذا الله خلق الخلق، فمن خلقه؟ فغضب النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى انتُقِعَ لونه ثم ساوَرَهم غضباً لربه، فجاءه جبريل عليه السلام فسكنَّه، وقال: اخفض عليك جناحك يا محمد، وجاءه من الله جواب ما سألوه عنه. قال: يقول الله: { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ اللّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ } فلما تلا عليهم النبيّ صلى الله عليه وسلم، قالوا: صف لنا ربك كيف خَلْقُه، وكيف عضُدُه، وكيف ذراعُه، فغضب النبيّ صلى الله عليه وسلم أشدّ من غضبه الأوّل، وساوَرَهم غضباً، فأتاه جبريل فقال له مثل مقالته، وأتاه بجواب ما سألوه عنه:
{ وَما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ والأرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ والسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ }


حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مِهران، عن سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادة، قال: جاء ناس من اليهود إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: انسب لنا ربك، فنزلت: { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ } حتى ختم السورة
{ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } * { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } * { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } * { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }

فتأويل الكلام إذا كان الأمر على ما وصفنا: قل يا محمد لهؤلاء السائليك عن نسب ربك وصفته، ومن خلقه: الربّ الذي سألتموني عنه، هو الله الذي له عبادة كل شيء، لا تنبغي العبادة إلاَّ له، ولا تصلح لشيء سواه.

واختلف أهل العربية في الرافع { أحَدٌ } فقال بعضهم: الرافع له «الله»، و «هو» عماد، بمنزلة الهاء في قوله:
{ إنَّهُ أنا اللّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }
وقال آخر منهم: بل «هو» مرفوع، وإن كان نكرة بالاستئناف، كقوله: هذا بعلي شيخ، وقال: هو الله جواب لكلام قوم قالوا له: ما الذي تعبد؟ فقال: هو الله، ثم قيل له: فما هو؟ قال: هو أحد.


وقال آخرون { أحَدٌ } بمعنى: واحد، وأنكر أن يكون العماد مستأنفاً به، حتى يكون قبله حرف من حروف الشكّ، كظنّ وأخواتها، وكان وذواتها، أو إنّ وما أشبهها، وهذا القول الثاني هو أشبه بمذاهب العربية.

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار { أحَدٌ اللّهُ الصَّمَدُ } بتنوين «أحدٌ»، سوى نصر بن عاصم، وعبد الله بن أبي إسحاق، فإنه رُوي عنهما ترك التنوين: «أحَدُ اللّهُ» وكأن من قرأ ذلك كذلك، قال: نون الإعراب إذا استقبلتها الألف واللام أو ساكن من الحروف حُذفت أحياناً، كما قال الشاعر: كَيْفَ نَوْمي على الفرَاشِ ولمَا تَشْمَلِ الشَّامَ غارَةٌ شَعْوَاءُتُذْهِلُ الشَّيْخَ عَن بَنِيهِ وتُبْدِي عَنْ خِدَامِ العَقِيلَةُ العَذْراءُيريد: عن خِدامٍ العقيلةُ.

والصواب في ذلك عندنا: التنوين، لمعنيين: أحدهما أفصح اللغتين، وأشهر الكلامين، وأجودهما عند العرب. والثاني: إجماع الحجة من قرّاء الأمصار على اختيار التنوين فيه، ففي ذلك مُكْتفًى عن الاستشهاد على صحته بغيره. وقد بيَّنا معنى قوله «أحد» فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

وقوله: { اللّهُ الصَّمَدُ } يقول تعالى ذكره: المعبود الذي لا تصلح العبادة إلاَّ له الصمدُ.

واختلف أهل التأويل في معنى الصمد، فقال بعضهم: هو الذي ليس بأجوف، ولا يأكل ولا يشرب. ذكر من قال ذلك:

حدثنا عبد الرحمن بن الأسود، قال: ثنا محمد بن ربيعة، عن سلمة بن سابور، عن عطية، عن ابن عباس، قال: الصمد: الذي ليس بأجوف.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قال: الصمد: المُصْمَت الذي لا جوف له.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، مثلَه سواء.

حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الصمد: المُصْمَت الذي ليس له جوف.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن ووكيع، قالا: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الصمد: الذي لا جوف له.
قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } * { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } * { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } * { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع وحدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران جميعاً، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثلَه.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا الربيع بن مسلم، عن الحسن، قال: الصَّمَدُ: الذي لا جوف له.

قال: ثنا الربيع بن مسلم، عن إبراهيم بن ميسرة، قال: أرسلني مجاهد إلى سعيد بن جُبير أسأله عن الصمد، فقال: الذي لا جوف له.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبيّ، قال: الصمدُ الذي لا يَطْعَم الطعام.

حدثنا يعقوب، قال: ثنا هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبيّ أنه قال: الصَّمَدُ: الذي لا يأكل الطعام، ولا يشرب الشراب.

حدثنا أبو كُرَيب وابن بشار، قالا: ثنا وكيع، عن سلمة بن نُبَيط، عن الضحاك، قال: الصمدُ: الذي لا جوف له.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن أبي زائدة، عن إسماعيل، عن عامر، قال: الصمدُ: الذي لا يأكل الطعام.

حدثنا ابن بشار وزيد بن أخزم، قالا: ثنا ابن داود، عن المستقيم بن عبد الملك، عن سعيد بن المسيب قال: الصمدُ: الذي لا حِشوة له.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: الصمدُ: الذي لا جوف له.

حدثني العباس بن أبي طالب، قال: ثنا محمد بن رومي، عن عبيد الله بن سعيد قائد الأعمش، قال: ثني صالح بن حيان، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: لا أعلمه إلاَّ قد رَفَعه، قال: الصَّمَد الذي لا جوف له.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا بشر بن المفضل، عن الربيع بن مسلم، قال: سمعت الحسن يقول: الصَّمَدُ: الذي لا جوف له.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن عكرِمة، قال: الصمدُ: الذي لا جوف له.

وقال آخرون: هو الذي لا يخرج منه شيء. ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، قال: سمعت عِكْرِمة، قال في قوله: { الصَّمَدُ }: الذي لم يخرج منه شيء، ولم يَلِد، ولم يُولَد.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي رجاء محمد بن يوسف، عن عكرِمة قال: الصمدُ: الذي لا يخرج منه شيء.

وقال آخرون: هو الذي لم يَلِدْ ولم يُولَدْ. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، قال: { الصَّمَدُ }: الذي لم يلد ولم يولد، لأنه ليس شيء يلد إلاَّ سيورث، ولا شيء يولد إلاَّ سيموت، فأخبرهم تعالى ذكره أنه لا يُورث ولا يموت.

حدثنا أحمد بن منيع ومحمود بن خِداش قالا: ثنا أبو سعيد الصَّنْعانيّ، قال: قال المشركون للنبيّ صلى الله عليه وسلم: أنسُب لنا ربك، فأنزل الله: { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ اللّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ } لأنه ليس شيء يولد إلاَّ سيموت، وليس شيء يموت إلاَّ سيُورث، وإن الله جلّ ثناؤه لا يموت ولا يورث { ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ }: ولم يكن له شبيه ولا عدل، وليس كمثله شيء
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب: الصَّمَد: الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد.

وقال آخرون: هو السيد الذي قد انتهى سُؤدَدُه. ذكر من قال ذلك:

حدثني أبو السائب، قال: ثني أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، قال: { الصَّمَدُ }: هو السيد الذي قد انتهى سُؤدَدُه.

حدثنا أبو كريب وابن بشار وابن عبد الأعلى، قالوا: ثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي وائل، قال: { الصَّمد }: السيد الذي قد انتهى سُؤدَدُه ولم يقل أبو كُرَيب وابن عبد الأعلى سُؤدَدُه.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل مثله.

حدثنا عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: { الصَّمَدُ } يقول: السيد الذي قد كمل في سُؤدَدِه، والشريف الذي قد كمُل في شرفه، والعظيم الذي قد عظُم في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والغنيّ الذي قد كمل في غناه، والجبَّار الذي قد كمل في جبروته، والعالم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسُّؤدَد، وهو الله سبحانه هذه صفته، لا تنبغي إلاَّ له.

وقال آخرون: بل هو الباقي الذي لا يفنَى. ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ اللّهَ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } قال: كان الحسن وقتادة يقولان: الباقي بعد خلقه، قال: هذه سورة خالصة، ليس فيها ذكر شيء من أمر الدنيا والآخرة.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: { الصَّمَدُ }: الدائم.

قال أبو جعفر: الصَّمَدُ عند العرب: هو السيد الذي يُصْمَدُ إليه، الذي لا أحد فوقه، وكذلك تسمي أشرافَها ومنه قول الشاعر: ألا بَكَرَ النَّاعي بِخَيْرَيْ بَنِي أسَدْ بعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ وبالسَّيِّدِ الصَّمَدْوقال الزبرقان: وَلا رَهِينَةَ إلاَّ سَيِّدٌ صَمَدُ فإذا كان ذلك كذلك، فالذي هو أولى بتأويل الكلمة، المعنى المعروف من كلام من نزل القرآن بلسانه ولو كان حديث ابن بُريدة، عن أبيه صحيحاً، كان أولى الأقوال بالصحة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بما عَنى الله جلّ ثناؤه، وبما أنْزل عليه.

وقوله: { لَمْ يَلِدْ } يقول: ليس بفان، لأنه لا شيء يلد إلا هو فان بائد { ولَمْ يُولَدْ } يقول: وليس بمحدث لم يكن فكان، لأن كلّ مولود فإنما وُجد بعد أن لم يكن، وحدث بعد أن كان غير موجود، ولكنه تعالى ذكره قديم لم يزل، ودائم لم يَبِد، ولا يزول ولا يفني.
وقوله: { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ } اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: ولم يكن له شبيه ولا مِثْل. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية قوله: { ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ }: لم يكن له شبيه، ولا عِدْل، وليس كمثله شيء.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن عمرو بن غَيلانَ الثقفيّ، وكان أميرَ البصرة، عن كعب، قال: إن الله تعالى ذكره أسَّس السموات السبع، والأرضين السبع، على هذه السورة { لَمْ يَلِدْ وَلمْ يُولَدْ ولمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ } وإن الله لم يكافئه أحد من خلقه.

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس { ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ } قال: ليس كمثله شيء، فسبحان الله الواحد القهَّار.

حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن جُرَيج { ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا }: مثل.

وقال آخرون: معنى ذلك، أنه لم يكن له صاحبة. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عبد الملك بن أبجر، عن طلحة، عن مجاهد، قوله: { ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ } قال: صاحبة.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، عن سفيان، عن ابن أبجر، عن طلحة، عن مجاهد، مثلَه.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن إدريس، عن عبد الملك، عن طلحة، عن مجاهد، مثله.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبجر، عن رجل عن مجاهد { ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ } قال: صاحبة.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد الملك بن أبجر، عن طلحة بن مصرّف، عن مجاهد { ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ } قال: صاحبة.

حدثنا أبو السائب، قال: ثنا ابن إدريس، عن عبد الملك، عن طلحة، عن مجاهد، مثله.

والكُفُؤْ والكفىء والكِفاء في كلام العرب واحد، وهو المِثْل والشِّبْه ومنه قول نابغة بني ذُبيان: لا تَقْذِفَنِّي برُكْنٍ لا كِفاءَ لَهُ وَلَوْ تأَثَّفَكَ الأعْدَاءُ بالرِّفَدِيعني: لا كفاء له: لا مثل له.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: { كُفُوًا }. فقرأ ذلك عامة قرّاء البصرة: { كُفُوًا } بضم الكاف والفاء. وقرأه بعض قرّاء الكوفة بتسكين الفاء وهمزها «كُفْئاً».

والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان، ولغتان مشهورتان، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب
صغيرة حواء
صغيرة حواء
{ } * { } * { } * { } ذُكر أن المشركين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسب ربّ العزة، فأنزل الله هذا السورة جواباً لهم. وقال بعضهم: بل نزلت من أجل أن اليهود سألوه، فقالوا له: هذا الله خلق الخلق، فمن خلق الله؟ فأُنزلت جواباً لهم. ذكر من قال: أُنزلت جواباً للمشركين الذين سألوه أن ينسُب لهم الربّ تبارك وتعالى. حدثنا أحمد بن منيع المَرْوزيّ ومحمود بن خِداش الطالَقَاني، قالا: ثنا أبو سعيد الصنعاني، قال: ثنا أبو جعفر الرازيّ، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أُبيّ بن كعب، قال: قال المشركون للنبيّ صلى الله عليه وسلم: انسُبْ لنا ربك، فأنزل الله: { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ اللّهُ الصَّمَدُ }. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرِمة، قال: إن المشركين قالوا: يا رسول الله أخبرنا عن ربك، صف لنا ربك ما هو، ومن أيّ شيء هو؟ فأنزل الله: { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ } إلى آخر السورة. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ اللّهُ الصَّمَدُ } قال: قال ذلك قادة الأحزاب: انسُب لنا ربك، فأتاه جبريل بهذه. حدثني محمد بن عوف، قال: ثنا شريح، قال: ثنا إسماعيل بن مجالد، عن مجالد، عن الشعبيّ، عن جابر قال: قال المشركون: انسُب لنا ربك، فأنزل الله { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ }. ذكر من قال: نزل ذلك من أجل مسألة اليهود: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق، عن محمد، عن سعيد، قال: أتى رهط من اليهود النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا محمد هذا الله خلق الخلق، فمن خلقه؟ فغضب النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى انتُقِعَ لونه ثم ساوَرَهم غضباً لربه، فجاءه جبريل عليه السلام فسكنَّه، وقال: اخفض عليك جناحك يا محمد، وجاءه من الله جواب ما سألوه عنه. قال: يقول الله: { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ اللّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ } فلما تلا عليهم النبيّ صلى الله عليه وسلم، قالوا: صف لنا ربك كيف خَلْقُه، وكيف عضُدُه، وكيف ذراعُه، فغضب النبيّ صلى الله عليه وسلم أشدّ من غضبه الأوّل، وساوَرَهم غضباً، فأتاه جبريل فقال له مثل مقالته، وأتاه بجواب ما سألوه عنه: { وَما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ والأرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ والسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ } حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مِهران، عن سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادة، قال: جاء ناس من اليهود إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: انسب لنا ربك، فنزلت: { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ } حتى ختم السورة { } * { } * { } * { } فتأويل الكلام إذا كان الأمر على ما وصفنا: قل يا محمد لهؤلاء السائليك عن نسب ربك وصفته، ومن خلقه: الربّ الذي سألتموني عنه، هو الله الذي له عبادة كل شيء، لا تنبغي العبادة إلاَّ له، ولا تصلح لشيء سواه. واختلف أهل العربية في الرافع { أحَدٌ } فقال بعضهم: الرافع له «الله»، و «هو» عماد، بمنزلة الهاء في قوله: { إنَّهُ أنا اللّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } وقال آخر منهم: بل «هو» مرفوع، وإن كان نكرة بالاستئناف، كقوله: هذا بعلي شيخ، وقال: هو الله جواب لكلام قوم قالوا له: ما الذي تعبد؟ فقال: هو الله، ثم قيل له: فما هو؟ قال: هو أحد. وقال آخرون { أحَدٌ } بمعنى: واحد، وأنكر أن يكون العماد مستأنفاً به، حتى يكون قبله حرف من حروف الشكّ، كظنّ وأخواتها، وكان وذواتها، أو إنّ وما أشبهها، وهذا القول الثاني هو أشبه بمذاهب العربية. واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار { أحَدٌ اللّهُ الصَّمَدُ } بتنوين «أحدٌ»، سوى نصر بن عاصم، وعبد الله بن أبي إسحاق، فإنه رُوي عنهما ترك التنوين: «أحَدُ اللّهُ» وكأن من قرأ ذلك كذلك، قال: نون الإعراب إذا استقبلتها الألف واللام أو ساكن من الحروف حُذفت أحياناً، كما قال الشاعر: كَيْفَ نَوْمي على الفرَاشِ ولمَا تَشْمَلِ الشَّامَ غارَةٌ شَعْوَاءُتُذْهِلُ الشَّيْخَ عَن بَنِيهِ وتُبْدِي عَنْ خِدَامِ العَقِيلَةُ العَذْراءُيريد: عن خِدامٍ العقيلةُ. والصواب في ذلك عندنا: التنوين، لمعنيين: أحدهما أفصح اللغتين، وأشهر الكلامين، وأجودهما عند العرب. والثاني: إجماع الحجة من قرّاء الأمصار على اختيار التنوين فيه، ففي ذلك مُكْتفًى عن الاستشهاد على صحته بغيره. وقد بيَّنا معنى قوله «أحد» فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وقوله: { اللّهُ الصَّمَدُ } يقول تعالى ذكره: المعبود الذي لا تصلح العبادة إلاَّ له الصمدُ. واختلف أهل التأويل في معنى الصمد، فقال بعضهم: هو الذي ليس بأجوف، ولا يأكل ولا يشرب. ذكر من قال ذلك: حدثنا عبد الرحمن بن الأسود، قال: ثنا محمد بن ربيعة، عن سلمة بن سابور، عن عطية، عن ابن عباس، قال: الصمد: الذي ليس بأجوف. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قال: الصمد: المُصْمَت الذي لا جوف له. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، مثلَه سواء. حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الصمد: المُصْمَت الذي ليس له جوف. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن ووكيع، قالا: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الصمد: الذي لا جوف له. } * { } * { } * { } حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع وحدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران جميعاً، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثلَه. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا الربيع بن مسلم، عن الحسن، قال: الصَّمَدُ: الذي لا جوف له. قال: ثنا الربيع بن مسلم، عن إبراهيم بن ميسرة، قال: أرسلني مجاهد إلى سعيد بن جُبير أسأله عن الصمد، فقال: الذي لا جوف له. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبيّ، قال: الصمدُ الذي لا يَطْعَم الطعام. حدثنا يعقوب، قال: ثنا هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبيّ أنه قال: الصَّمَدُ: الذي لا يأكل الطعام، ولا يشرب الشراب. حدثنا أبو كُرَيب وابن بشار، قالا: ثنا وكيع، عن سلمة بن نُبَيط، عن الضحاك، قال: الصمدُ: الذي لا جوف له. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن أبي زائدة، عن إسماعيل، عن عامر، قال: الصمدُ: الذي لا يأكل الطعام. حدثنا ابن بشار وزيد بن أخزم، قالا: ثنا ابن داود، عن المستقيم بن عبد الملك، عن سعيد بن المسيب قال: الصمدُ: الذي لا حِشوة له. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: الصمدُ: الذي لا جوف له. حدثني العباس بن أبي طالب، قال: ثنا محمد بن رومي، عن عبيد الله بن سعيد قائد الأعمش، قال: ثني صالح بن حيان، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: لا أعلمه إلاَّ قد رَفَعه، قال: الصَّمَد الذي لا جوف له. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا بشر بن المفضل، عن الربيع بن مسلم، قال: سمعت الحسن يقول: الصَّمَدُ: الذي لا جوف له. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن عكرِمة، قال: الصمدُ: الذي لا جوف له. وقال آخرون: هو الذي لا يخرج منه شيء. ذكر من قال ذلك: حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، قال: سمعت عِكْرِمة، قال في قوله: { الصَّمَدُ }: الذي لم يخرج منه شيء، ولم يَلِد، ولم يُولَد. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي رجاء محمد بن يوسف، عن عكرِمة قال: الصمدُ: الذي لا يخرج منه شيء. وقال آخرون: هو الذي لم يَلِدْ ولم يُولَدْ. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، قال: { الصَّمَدُ }: الذي لم يلد ولم يولد، لأنه ليس شيء يلد إلاَّ سيورث، ولا شيء يولد إلاَّ سيموت، فأخبرهم تعالى ذكره أنه لا يُورث ولا يموت. حدثنا أحمد بن منيع ومحمود بن خِداش قالا: ثنا أبو سعيد الصَّنْعانيّ، قال: قال المشركون للنبيّ صلى الله عليه وسلم: أنسُب لنا ربك، فأنزل الله: { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ اللّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ } لأنه ليس شيء يولد إلاَّ سيموت، وليس شيء يموت إلاَّ سيُورث، وإن الله جلّ ثناؤه لا يموت ولا يورث { ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ }: ولم يكن له شبيه ولا عدل، وليس كمثله شيء حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب: الصَّمَد: الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد. وقال آخرون: هو السيد الذي قد انتهى سُؤدَدُه. ذكر من قال ذلك: حدثني أبو السائب، قال: ثني أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، قال: { الصَّمَدُ }: هو السيد الذي قد انتهى سُؤدَدُه. حدثنا أبو كريب وابن بشار وابن عبد الأعلى، قالوا: ثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي وائل، قال: { الصَّمد }: السيد الذي قد انتهى سُؤدَدُه ولم يقل أبو كُرَيب وابن عبد الأعلى سُؤدَدُه. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل مثله. حدثنا عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: { الصَّمَدُ } يقول: السيد الذي قد كمل في سُؤدَدِه، والشريف الذي قد كمُل في شرفه، والعظيم الذي قد عظُم في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والغنيّ الذي قد كمل في غناه، والجبَّار الذي قد كمل في جبروته، والعالم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسُّؤدَد، وهو الله سبحانه هذه صفته، لا تنبغي إلاَّ له. وقال آخرون: بل هو الباقي الذي لا يفنَى. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ اللّهَ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } قال: كان الحسن وقتادة يقولان: الباقي بعد خلقه، قال: هذه سورة خالصة، ليس فيها ذكر شيء من أمر الدنيا والآخرة. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: { الصَّمَدُ }: الدائم. قال أبو جعفر: الصَّمَدُ عند العرب: هو السيد الذي يُصْمَدُ إليه، الذي لا أحد فوقه، وكذلك تسمي أشرافَها ومنه قول الشاعر: ألا بَكَرَ النَّاعي بِخَيْرَيْ بَنِي أسَدْ بعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ وبالسَّيِّدِ الصَّمَدْوقال الزبرقان: وَلا رَهِينَةَ إلاَّ سَيِّدٌ صَمَدُ فإذا كان ذلك كذلك، فالذي هو أولى بتأويل الكلمة، المعنى المعروف من كلام من نزل القرآن بلسانه ولو كان حديث ابن بُريدة، عن أبيه صحيحاً، كان أولى الأقوال بالصحة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بما عَنى الله جلّ ثناؤه، وبما أنْزل عليه. وقوله: { لَمْ يَلِدْ } يقول: ليس بفان، لأنه لا شيء يلد إلا هو فان بائد { ولَمْ يُولَدْ } يقول: وليس بمحدث لم يكن فكان، لأن كلّ مولود فإنما وُجد بعد أن لم يكن، وحدث بعد أن كان غير موجود، ولكنه تعالى ذكره قديم لم يزل، ودائم لم يَبِد، ولا يزول ولا يفني. وقوله: { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ } اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: ولم يكن له شبيه ولا مِثْل. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية قوله: { ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ }: لم يكن له شبيه، ولا عِدْل، وليس كمثله شيء. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن عمرو بن غَيلانَ الثقفيّ، وكان أميرَ البصرة، عن كعب، قال: إن الله تعالى ذكره أسَّس السموات السبع، والأرضين السبع، على هذه السورة { لَمْ يَلِدْ وَلمْ يُولَدْ ولمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ } وإن الله لم يكافئه أحد من خلقه. حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس { ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ } قال: ليس كمثله شيء، فسبحان الله الواحد القهَّار. حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن جُرَيج { ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا }: مثل. وقال آخرون: معنى ذلك، أنه لم يكن له صاحبة. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عبد الملك بن أبجر، عن طلحة، عن مجاهد، قوله: { ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ } قال: صاحبة. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، عن سفيان، عن ابن أبجر، عن طلحة، عن مجاهد، مثلَه. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن إدريس، عن عبد الملك، عن طلحة، عن مجاهد، مثله. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبجر، عن رجل عن مجاهد { ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ } قال: صاحبة. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد الملك بن أبجر، عن طلحة بن مصرّف، عن مجاهد { ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ } قال: صاحبة. حدثنا أبو السائب، قال: ثنا ابن إدريس، عن عبد الملك، عن طلحة، عن مجاهد، مثله. والكُفُؤْ والكفىء والكِفاء في كلام العرب واحد، وهو المِثْل والشِّبْه ومنه قول نابغة بني ذُبيان: لا تَقْذِفَنِّي برُكْنٍ لا كِفاءَ لَهُ وَلَوْ تأَثَّفَكَ الأعْدَاءُ بالرِّفَدِيعني: لا كفاء له: لا مثل له. واختلفت القرّاء في قراءة قوله: { كُفُوًا }. فقرأ ذلك عامة قرّاء البصرة: { كُفُوًا } بضم الكاف والفاء. وقرأه بعض قرّاء الكوفة بتسكين الفاء وهمزها «كُفْئاً». والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان، ولغتان مشهورتان، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب
{ } * { } * { } * { } ذُكر أن المشركين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسب ربّ العزة،...
{ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } * { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } * { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } * { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }


قوله: { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } الضمير يجوز أن يكون عائداً إلى ما يفهم من السياق لما قدمنا من بيان سبب النزول، وأن المشركين قالوا: يا محمد انسب لنا ربك. فيكون مبتدأ، والله مبتدأ ثان. و { أحد } خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر المبتدأ الأوّل. ويجوز أن يكون { الله } بدلاً من { هو } ، والخبر { أحد }. ويجوز أن يكون الله خبراً أوّلاً، و { أحد } خبراً ثانياً، ويجوز أن يكون { أحد } خبراً لمبتدأ محذوف، أي: هو أحد. ويجوز أن يكون { هو } ضمير شأن؛ لأنه موضع تعظيم، والجملة بعده مفسرة له وخبر عنه، والأوّل أولى. قال الزجاج: هو كناية عن ذكر الله، والمعنى: إن سألتم تبيين نسبته { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ }. قيل: وهمزة { أحد } بدل من الواو، وأصله واحد. وقال أبو البقاء: همزة { أحد } أصل بنفسها غير مقلوبة، وذكر أن أحد يفيد العموم دون واحد. ومما يفيد الفرق بينهما ما قاله الأزهري: أنه لا يوصف بالأحدية غير الله تعالى، لا يقال رجل أحد، ولا درهم أحد؛ كما يقال رجل واحد، ودرهم واحد، قيل: والواحد يدخل في الأحد، والأحد لا يدخل فيه فإذا قلت لا يقاومه واحد جاز أن يقال لكنه يقاومه اثنان بخلاف قولك لا يقاومه أحد. وفرّق ثعلب بين واحد وبين أحد بأن الواحد يدخل في العدد وأحد لا يدخل فيه. وردّ عليه أبو حيان بأنه يقال أحد وعشرون، ونحوه، فقد دخله العدد، وهذا كما ترى، ومن جملة القائلين بالقلب الخليل. قرأ الجمهور: { قل هو الله أحد } بإثبات { قل }. وقرأ عبد الله بن مسعود وأبيّ: (الله أحد) بدون { قل }. وقرأ الأعمش: (قل هو الله الواحد) وقرأ الجمهور: بتنوين { أحد } ، وهو: الأصل. وقرأ زيد بن عليّ، وأبان بن عثمان، وابن أبي إسحاق، والحسن، وأبو السماك، وأبو عمرو في رواية عنه بحذف التنوين للخفة، كما في قول الشاعر: عمرو الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجافوقيل: إن ترك التنوين لملاقاته لام التعريف، فيكون الترك لأجل الفرار من التقاء الساكنين. ويجاب عنه بأن الفرار من التقاء الساكنين قد حصل مع التنوين بتحريك الأوّل منهما بالكسر { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } الإسم الشريف مبتدأ، و { الصمد } خبره. والصمد: هو الذي يصمد إليه في الحاجات، أي: يقصد لكونه قادراً على قضائها، فهو فعل بمعنى مفعول كالقبض بمعنى المقبوض؛ لأنه مصمود إليه، أي: مقصود إليه، قال الزجاج: الصمد السند الذي انتهى إليه السؤدد. فلا سيد فوقه، قال الشاعر: ألا بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمدوقيل: معنى الصمد: الدائم الباقي الذي لم يزل ولا يزول. وقيل: معنى الصمد ما ذكر بعده من أنه الذي لم يلد ولم يولد.
وقيل: هو المستغني عن كل أحد، والمحتاج إليه كل أحد. وقيل: هو المقصود في الرغائب، والمستعان به في المصائب، وهذان القولان يرجعان إلى معنى القول الأوّل. وقيل: هو الذي يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد. وقيل: هو الكامل الذي لا عيب فيه. وقال الحسن، وعكرمة، والضحاك، وسعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، ومجاهد، وعبد الله بن بريدة، وعطاء، وعطية العوفي، والسديّ، الصمد هو المصمت الذي لا جوف، ومنه قول الشاعر:
شهاب حروب لا تزال جياده عوابس يعلكن الشكيم المصمدا
وهذا لا ينافي القول الأوّل لجواز أن يكون هذا أصل معنى الصمد، ثم استعمل في السيد المصمود إليه في الحوائج، ولهذا أطبق على القول الأوّل أهل اللغة وجمهور أهل التفسير، ومنه قول الشاعر:
علوته بحسام ثم قلت له خذها حذيف فأنت السيد الصمد
وقال الزبرقان بن بدر:
سيروا جميعاً بنصف الليل واعتمدوا ولا رهينة إلاّ سيد صمد
وتكرير الاسم الجليل؛ للإشعار بأن من لم يتصف بذلك، فهو بمعزل عن استحقاق الألوهية، وحذف العاطف من هذه الجملة؛ لأنها كالنتيجة للجملة الأولى. وقيل: إن الصمد صفة للاسم الشريف، والخبر هو ما بعده. والأوّل أولى؛ لأن السياق يقتضي استقلال كل جملة. { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } أي: لم يصدر عنه ولد، ولم يصدر هو عن شيء، لأنه لا يجانسه شيء، ولاستحالة نسبة العدم إليه سابقاً ولاحقاً. قال قتادة: إن مشركي العرب قالوا: الملائكة بنات الله. وقالت اليهود: عزير ابن الله. وقالت النصارى: المسيح ابن الله، فأكذبهم الله فقال: { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ }. قال الرازي: قدّم ذكر نفي الولد مع أن الولد مقدّم للاهتمام، لأجل ما كان يقوله الكفار من المشركين: إن الملائكة بنات الله، واليهود: عزير ابن الله، والنصارى: المسيح ابن الله، ولم يدّع أحد أن له والداً، فلهذا السبب بدأ بالأهمّ، فقال: { لَمْ يَلِدْ } ثم أشار إلى الحجة فقال: { وَلَمْ يُولَدْ } ، كأنه قيل: الدليل على امتناع الولد اتفاقنا على أنه ما كان ولداً لغيره، وإنما عبّر سبحانه بما يفيد انتفاء كونه لم يلد ولم يولد في الماضي، ولم يذكر ما يفيد انتفاء كونه كذلك في المستقبل؛ لأنه ورد جواباً عن قولهم: ولد الله، كما حكى الله عنهم بقوله:
{ أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ ٱللَّهُ }
فلما كان المقصود من هذه الآية تكذيب قولهم، وهم: إنما قالوا ذلك بلفظ يفيد النفي فيما مضى، وردت الآية لدفع قولهم هذا.


{ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } هذه الجملة مقرّرة لمضمون ما قبلها؛ لأنه سبحانه إذا كان متصفاً بالصفات المتقدمة كان متصفاً بكونه لم يكافئه أحد، ولا يماثله ولا يشاركه في شيء، وأخر اسم كان لرعاية الفواصل، وقوله: { له } متعلق بقوله: { كفواً } قدم عليه لرعاية الاهتمام؛ لأن المقصود نفي المكافأة عن ذاته.
وقيل: إنه في محل نصب على الحال، والأوّل أولى. وقد ردّ المبرد على سيبويه بهذه الآية؛ لأن سيبويه قال: إنه إذا تقدّم الظرف كان هو الخبر، وههنا لم يجعل خبراً مع تقدّمه، وقد ردّ على المبرد بوجهين: أحدهما أن سيبويه لم يجعل ذلك حتماً بل جوّزه. والثاني أنا لا نسلم كون الظرف هنا ليس بخبر، بل يجوز أن يكون خبراً ويكون كفواً منتصباً على الحال وحكى في الكشاف عن سيبويه على أن الكلام العربيّ الفصيح أن يؤخر الظرف الذي هو لغو غير مستقرّ، واقتصر في هذه الحكاية على نقل أوّل كلام سيبويه، ولم ينظر إلى أخره، فإنه قال في آخر كلامه: والتقديم والتأخير والإلغاء، والاستقرار عربيّ جيد كثير. انتهى. قرأ الجمهور: { كفواً } بضم الكاف والفاء، وتسهيل الهمزة، وقرأ الأعرج، وسيبويه، ونافع في رواية عنه بإسكان الفاء، وروي ذلك عن حمزة مع إبداله الهمزة واواً وصلاً ووقفاً، وقرأ نافع في رواية عنه: (كفأ) بكسر الكاف، وفتح الفاء من غير مدّ. وقرأ سليمان بن عليّ بن عبد الله بن العباس كذلك مع المد، وأنشد قول النابغة: لا تقذفني بركن لا كفاء له والكفء في لغة العرب النظير. يقول. هذا كفؤك أي: نظيرك. والاسم الكفاءة بالفتح.

وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والمحاملي في أماليه، والطبراني، وأبو الشيخ في العظمة عن بريد لا أعلمه إلاّ رفعه. قال: { ٱلصَّمَدُ } الذي لا جوف له، ولا يصح رفع هذا. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: { ٱلصَّمَدُ } الذي لا جوف له، وفي لفظ: ليس له أحشاء. وأخرج ابن أبي عاصم، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس مثله. وأخرج ابن المنذر عنه قال: { ٱلصَّمَدُ } الذي لا يطعم، وهو المصمت. وقال: أو ما سمعت النائحة، وهي تقول: لقد بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمدوكان لا يطعم عند القتال، وقد روي عنه أن الذي يصمد إليه في الحوائج، وأنه أنشد البيت، واستدلّ به على هذا المعنى، وهو أظهر في المدح، وأدخل في الشرف، وليس لوصفه بأنه لا يطعم عند القتال كثير معنى. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة، والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: { ٱلصَّمَدُ } السيد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والغنيّ الذي قد كمل في غناه، والجبار الذي قد كمل في جبروته، والعالم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، وهو الله سبحانه هذه صفة لا تنبغي إلاّ له ليس له كفو وليس كمثله شيء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن مسعود قال: { ٱلصَّمَدُ } هو السيد الذي قد انتهى سؤدده، فلا شيء أسود منه. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال: { ٱلصَّمَدُ } الذي تصمد إليه الأشياء إذا نزل بهم كربة أو بلاء. وأخرج ابن جرير من طرق عنه في قوله: { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } قال: ليس له كفو ولا مثل.
صغيرة حواء
صغيرة حواء
{ } * { } * { } * { } قوله: { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } الضمير يجوز أن يكون عائداً إلى ما يفهم من السياق لما قدمنا من بيان سبب النزول، وأن المشركين قالوا: يا محمد انسب لنا ربك. فيكون مبتدأ، والله مبتدأ ثان. و { أحد } خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر المبتدأ الأوّل. ويجوز أن يكون { الله } بدلاً من { هو } ، والخبر { أحد }. ويجوز أن يكون الله خبراً أوّلاً، و { أحد } خبراً ثانياً، ويجوز أن يكون { أحد } خبراً لمبتدأ محذوف، أي: هو أحد. ويجوز أن يكون { هو } ضمير شأن؛ لأنه موضع تعظيم، والجملة بعده مفسرة له وخبر عنه، والأوّل أولى. قال الزجاج: هو كناية عن ذكر الله، والمعنى: إن سألتم تبيين نسبته { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ }. قيل: وهمزة { أحد } بدل من الواو، وأصله واحد. وقال أبو البقاء: همزة { أحد } أصل بنفسها غير مقلوبة، وذكر أن أحد يفيد العموم دون واحد. ومما يفيد الفرق بينهما ما قاله الأزهري: أنه لا يوصف بالأحدية غير الله تعالى، لا يقال رجل أحد، ولا درهم أحد؛ كما يقال رجل واحد، ودرهم واحد، قيل: والواحد يدخل في الأحد، والأحد لا يدخل فيه فإذا قلت لا يقاومه واحد جاز أن يقال لكنه يقاومه اثنان بخلاف قولك لا يقاومه أحد. وفرّق ثعلب بين واحد وبين أحد بأن الواحد يدخل في العدد وأحد لا يدخل فيه. وردّ عليه أبو حيان بأنه يقال أحد وعشرون، ونحوه، فقد دخله العدد، وهذا كما ترى، ومن جملة القائلين بالقلب الخليل. قرأ الجمهور: { قل هو الله أحد } بإثبات { قل }. وقرأ عبد الله بن مسعود وأبيّ: (الله أحد) بدون { قل }. وقرأ الأعمش: (قل هو الله الواحد) وقرأ الجمهور: بتنوين { أحد } ، وهو: الأصل. وقرأ زيد بن عليّ، وأبان بن عثمان، وابن أبي إسحاق، والحسن، وأبو السماك، وأبو عمرو في رواية عنه بحذف التنوين للخفة، كما في قول الشاعر: عمرو الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجافوقيل: إن ترك التنوين لملاقاته لام التعريف، فيكون الترك لأجل الفرار من التقاء الساكنين. ويجاب عنه بأن الفرار من التقاء الساكنين قد حصل مع التنوين بتحريك الأوّل منهما بالكسر { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } الإسم الشريف مبتدأ، و { الصمد } خبره. والصمد: هو الذي يصمد إليه في الحاجات، أي: يقصد لكونه قادراً على قضائها، فهو فعل بمعنى مفعول كالقبض بمعنى المقبوض؛ لأنه مصمود إليه، أي: مقصود إليه، قال الزجاج: الصمد السند الذي انتهى إليه السؤدد. فلا سيد فوقه، قال الشاعر: ألا بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمدوقيل: معنى الصمد: الدائم الباقي الذي لم يزل ولا يزول. وقيل: معنى الصمد ما ذكر بعده من أنه الذي لم يلد ولم يولد. وقيل: هو المستغني عن كل أحد، والمحتاج إليه كل أحد. وقيل: هو المقصود في الرغائب، والمستعان به في المصائب، وهذان القولان يرجعان إلى معنى القول الأوّل. وقيل: هو الذي يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد. وقيل: هو الكامل الذي لا عيب فيه. وقال الحسن، وعكرمة، والضحاك، وسعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، ومجاهد، وعبد الله بن بريدة، وعطاء، وعطية العوفي، والسديّ، الصمد هو المصمت الذي لا جوف، ومنه قول الشاعر: شهاب حروب لا تزال جياده عوابس يعلكن الشكيم المصمدا وهذا لا ينافي القول الأوّل لجواز أن يكون هذا أصل معنى الصمد، ثم استعمل في السيد المصمود إليه في الحوائج، ولهذا أطبق على القول الأوّل أهل اللغة وجمهور أهل التفسير، ومنه قول الشاعر: علوته بحسام ثم قلت له خذها حذيف فأنت السيد الصمد وقال الزبرقان بن بدر: سيروا جميعاً بنصف الليل واعتمدوا ولا رهينة إلاّ سيد صمد وتكرير الاسم الجليل؛ للإشعار بأن من لم يتصف بذلك، فهو بمعزل عن استحقاق الألوهية، وحذف العاطف من هذه الجملة؛ لأنها كالنتيجة للجملة الأولى. وقيل: إن الصمد صفة للاسم الشريف، والخبر هو ما بعده. والأوّل أولى؛ لأن السياق يقتضي استقلال كل جملة. { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } أي: لم يصدر عنه ولد، ولم يصدر هو عن شيء، لأنه لا يجانسه شيء، ولاستحالة نسبة العدم إليه سابقاً ولاحقاً. قال قتادة: إن مشركي العرب قالوا: الملائكة بنات الله. وقالت اليهود: عزير ابن الله. وقالت النصارى: المسيح ابن الله، فأكذبهم الله فقال: { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ }. قال الرازي: قدّم ذكر نفي الولد مع أن الولد مقدّم للاهتمام، لأجل ما كان يقوله الكفار من المشركين: إن الملائكة بنات الله، واليهود: عزير ابن الله، والنصارى: المسيح ابن الله، ولم يدّع أحد أن له والداً، فلهذا السبب بدأ بالأهمّ، فقال: { لَمْ يَلِدْ } ثم أشار إلى الحجة فقال: { وَلَمْ يُولَدْ } ، كأنه قيل: الدليل على امتناع الولد اتفاقنا على أنه ما كان ولداً لغيره، وإنما عبّر سبحانه بما يفيد انتفاء كونه لم يلد ولم يولد في الماضي، ولم يذكر ما يفيد انتفاء كونه كذلك في المستقبل؛ لأنه ورد جواباً عن قولهم: ولد الله، كما حكى الله عنهم بقوله: { أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ ٱللَّهُ } [الصافات: 151، 152] فلما كان المقصود من هذه الآية تكذيب قولهم، وهم: إنما قالوا ذلك بلفظ يفيد النفي فيما مضى، وردت الآية لدفع قولهم هذا. { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } هذه الجملة مقرّرة لمضمون ما قبلها؛ لأنه سبحانه إذا كان متصفاً بالصفات المتقدمة كان متصفاً بكونه لم يكافئه أحد، ولا يماثله ولا يشاركه في شيء، وأخر اسم كان لرعاية الفواصل، وقوله: { له } متعلق بقوله: { كفواً } قدم عليه لرعاية الاهتمام؛ لأن المقصود نفي المكافأة عن ذاته. وقيل: إنه في محل نصب على الحال، والأوّل أولى. وقد ردّ المبرد على سيبويه بهذه الآية؛ لأن سيبويه قال: إنه إذا تقدّم الظرف كان هو الخبر، وههنا لم يجعل خبراً مع تقدّمه، وقد ردّ على المبرد بوجهين: أحدهما أن سيبويه لم يجعل ذلك حتماً بل جوّزه. والثاني أنا لا نسلم كون الظرف هنا ليس بخبر، بل يجوز أن يكون خبراً ويكون كفواً منتصباً على الحال وحكى في الكشاف عن سيبويه على أن الكلام العربيّ الفصيح أن يؤخر الظرف الذي هو لغو غير مستقرّ، واقتصر في هذه الحكاية على نقل أوّل كلام سيبويه، ولم ينظر إلى أخره، فإنه قال في آخر كلامه: والتقديم والتأخير والإلغاء، والاستقرار عربيّ جيد كثير. انتهى. قرأ الجمهور: { كفواً } بضم الكاف والفاء، وتسهيل الهمزة، وقرأ الأعرج، وسيبويه، ونافع في رواية عنه بإسكان الفاء، وروي ذلك عن حمزة مع إبداله الهمزة واواً وصلاً ووقفاً، وقرأ نافع في رواية عنه: (كفأ) بكسر الكاف، وفتح الفاء من غير مدّ. وقرأ سليمان بن عليّ بن عبد الله بن العباس كذلك مع المد، وأنشد قول النابغة: لا تقذفني بركن لا كفاء له والكفء في لغة العرب النظير. يقول. هذا كفؤك أي: نظيرك. والاسم الكفاءة بالفتح. وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والمحاملي في أماليه، والطبراني، وأبو الشيخ في العظمة عن بريد لا أعلمه إلاّ رفعه. قال: { ٱلصَّمَدُ } الذي لا جوف له، ولا يصح رفع هذا. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: { ٱلصَّمَدُ } الذي لا جوف له، وفي لفظ: ليس له أحشاء. وأخرج ابن أبي عاصم، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس مثله. وأخرج ابن المنذر عنه قال: { ٱلصَّمَدُ } الذي لا يطعم، وهو المصمت. وقال: أو ما سمعت النائحة، وهي تقول: لقد بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمدوكان لا يطعم عند القتال، وقد روي عنه أن الذي يصمد إليه في الحوائج، وأنه أنشد البيت، واستدلّ به على هذا المعنى، وهو أظهر في المدح، وأدخل في الشرف، وليس لوصفه بأنه لا يطعم عند القتال كثير معنى. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة، والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: { ٱلصَّمَدُ } السيد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والغنيّ الذي قد كمل في غناه، والجبار الذي قد كمل في جبروته، والعالم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، وهو الله سبحانه هذه صفة لا تنبغي إلاّ له ليس له كفو وليس كمثله شيء. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن مسعود قال: { ٱلصَّمَدُ } هو السيد الذي قد انتهى سؤدده، فلا شيء أسود منه. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال: { ٱلصَّمَدُ } الذي تصمد إليه الأشياء إذا نزل بهم كربة أو بلاء. وأخرج ابن جرير من طرق عنه في قوله: { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } قال: ليس له كفو ولا مثل.
{ } * { } * { } * { } قوله: { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } الضمير يجوز أن يكون عائداً إلى ما...
اعراب آيات سورة ( الاخلاص ){ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ }
{قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ}
"هُوَ" في موضع رفع بالابتداء كناية عن الحديث على قول أكثر البصريين والكسائي أي الحديث الذي هو الحق الله أحد.
{ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ }
{ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ}
فيه ست تقديرات: أحسنها أن يكون قولك "ٱللَّهُ" رفعاً بالابتداء "ٱلصَّمَدُ" نعته وما بعده خبره، والقول الثاني أن يكون الصمد الخبر، والقول الثالث أن يكون على إضمار مبتدأ، والرابع أن يكون خبراً بعد خبر، والخامس أن يكون بدلاً من أحد، والسادس أن يكون بدلاً من قولك الله الأول فإن قيل: ما معنى التكرير؟ فالجواب أن فيه التعظيم هكذا كلام العرب كما قال:
لا أرى الموتَ يَسبِقُ الموتَ شَيءٌ * نغَّصَ الموتُ ذا الغِنَى والفقِير
فعظَّم أمر الموت لما كرره ولم يضمره، ومثله {واستَغفرُوا الله إِنّ الله غفُورٌ رَّحيمٌ} فلا يجيز الفراء أن يكون كناية عن الحديث الا أن يكون قبلها شيء. وهذا تحكّم على اللغة، وقال الله جل وعز {يا موسى إنه أنا اللهُ العَزِيزُ الحكيمُ} وانّي الابتداء وانّ انما تدخل على المبتدأ بإجماع، وأيضاً فإن "هُوَ" ان لم يكن كناية عن الحديث فهي مبتدأه في أول السورة فإن قال القائل: فَعَلاَمَ تعود؟ فحجَّته الحديث أن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يَصِفَ لهم ربَّهُ جل وعز وينسبَهُ فأنزَلَ الله جل وعز {قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ}. قال أبو جعفر: وقد أملَيْتُ هذا الحديث لِيُعرَفَ على ما سمعته، وفيه أشياء منها أنه من حديث جرير عن الضحاك لم يسمع عن ابن عباس، وقال أحمد ابنُ شُعَيْبٍ جويبر بن سعيد خراساني يروي عن الضحاك متروك الحديث، وفيه اسماعيل بن زياد ضعيف، وذكرناه على ما فيه ليُعرَفَ وفيه البعلبكي على ما قال الشيخ والأجود البعلي، وهذا جائز عند الكوفيين وقد بيَّنَّا في قوله جل وعز: {عليها تِسعَةَ عَشَرَ} والأخفش سعيد قوله كقول الفراء في/ 336/ أ أنه كناية عن مفرد "الله" خبر قال الأخفش "أحد" بدل من "الله". قرأ نصر بن عاصم وعبدالله بن أبي إسحاق {أحدُ اللهُ} بغير تنوين، وكذا يُروَى عن أبان بن عثمان حذفوا التنوين لالتقاء الساكنين، وأنشد سيبويه:
* وَلا ذاكِرَ اللهَ إلاّ قليلاً *
وأنشد الفراء:
كيف نومي على الفراش ولمّا * تَشْمَلِ الشَّامَ غَارَةٌ شَعْوَاءُ
تُذهِلُ الشَيَّخَ عَنْ بنيه وتُلوِي * عَنْ خِدَامِ العقِلَةُ العذْرَاءُ
يريد عن خدامٍ العقِيلةُ فحُذفَ التنوينُ لالتقاء الساكنين ، لأنه علامة فَحَذفُهُ قبيحٌ، وقراءة الجماعة أولى. وفي "أحد" ثلاثة أقوال منها: أن يكون أحَدٌ بمعنى وَحَد، ووَحَدٌ بمعنى واحد، كما قال:
كأنّ رَحْلِي وقد زَالَ النَّهَارُ بِنَا * يومَ الجَلِيلِ على مُستَأنِسٍ وَحَدِ
فأبدل من الواو همزة. والقول الثاني أن يكون الأصل واحداً أُبدلَ من الواو همزة، وحُذِفتِ الهمزة لئلا يلتقي همزتان، والقول الثالث أن أحداً بمعنى وّل كما تقول: اليوم الأحد، واليوم الأول مَسمُوعٌ من العرب، وقال بعض أهل النظر في أحد من الفائدة ما ليس في واحد؛ لأنك اذا قلت: فلان لا يقوم له واحدٌ، جاز أن يقوم له اثنان وأكثر فاذا قلت. فلان لا يقوم له أحد، تضمن معنى واحد وأكثر. قال أبو جعفر: وهذا غلط لا اختلافَ بين النحويين أن أحدا اذا كان كذا لم يقع الا في النفي كما قال:
وَقَقْتُ فِيهَا أصيلاً كَيْ أُسائِلهَا * عَيَّتْ جوَاباً وما بالرّبعِ مِنْ أحَدٍ
فاذا كان بمعنى واحد وقع في الايجاب تقول: ما مر بنا أحَدٌ، أي واحد فكذا {قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ}.
{ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ }
{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}
ثبتت الواو في الثاني، وحذفت في الأول لأنها في الأول وقعت بين ياء وفتحة

{ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }
{وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ}
وقراءة حمزة {كُفْواً} وزعم هارون القارىء أن سليمان بن علي الهاشمي قرأ {وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كِفَاءً أَحَدٌ} والمعنى واحد، كما قال:
لاَ تَقْذِفَنّي بِرُكْنٍ لا كفَاءَ لَهُ * وانْ تَأثَّفَكَ الأعدَاءُ بالرفَدِ
وكذا كَفِيُّ وجمعُها فاذا قُلتَ: كُفُوءاً وكُفْءٌ فجمعها أكفاء. يقال: فُلانٌ يمنعُ بناته الا مِنَ الأكفاء فيجوز أن يكون كفُو وكُفْءٌ لُغَتينِ بمعنى واحد، ويجوز أن يكون كُفْءٌ مخففاً من كُفؤٌ كما يقال: رُسْلٌ وكُتْبٌ "كُفُواً" خبر يكن و "أَحَدٌ" اسم يكن. هذا قول أكثر النحويين على أن محمد بن يزيد غلَّطَ سيبويه في اختياره أن يكون الظرف خبراً اذا قُدّمَ لأنه يختار: انّ في الدار زيداً جالساً، فخطَّأَهُ بالآية لأنه لو كان "لَّهُ" الخبر لم ينصب "كُفُواً" على أنه خبر يكن على أن سيبويه قد أجاز أن يقدّم الظرف ولا يكون خبراً، وأنشد:
* ما دَامَ فيهُنَّ فَصِيلٌ حَيَّا *
والقصيدة منصوبة، وفي نصب كفو قول آخر ما علمت أن أحداً من النحويين ذكره وهو أن يكون منصوباً على أنه نعت نكرة متقدّم فنصب على الحال كما تقول: جاءني مُسرِعاً رجلٌ، وكما قال:
* لِميَّةَ مُوحِشاً طَلَلُ *
ولكن ذكر الفراء أنه يقال: ما كان ثَمّ أحَدٌ نَظِيرٌ لزيد، فإن قدَّمتَ قُلتَ: ما كان ثَمّ نَظِيراً لزَيدٍ أحدٌ، ولم يذكر العلَّة التي أوجبت هذا.