فضل معرفة أسماء الله وصفاته

ملتقى الإيمان

فضل معرفة أسماء الله وصفاته
أن معرفة الله ومعرفة أسمائه الحسنى وصفاته العليا هي غاية مطالب البرية ، وهي أفضل العلوم وأعلاها ،وأشرفها وأسماها ،وهي الغاية التي شمر إليها المشمرون ، وتنافس فيها المتنافسون ، وجرى إليها المتسابقون ، وإلى نحوها تمتد الأعناق ،وإليها تتجه القلوب الصحيحة بالأشواق ، وبها يتحقق للعبد طيب الحياة، فإن حياة الإنسان بحياة قلبه وروحه ،ولا حياة لقلبه إلا بمعرفة فاطره ومحبته وعبادته وحده والإنابة إليه والطمأنينة بذكره والأنس بقربه ، ومن فقد هذه الحياة فقد فقد الخير كله ، ولو تعوض عنها بما تعوض من الدنيا ، بل ليست الدنيا بأجمعها عوضاً عن هذه الحياة ، فمن كل شيء يفوت عوض ،وإذا فاته الله لم يعوض عنه شيء البتة .
والعجب من حال أكثر الناس كيف ينقضي الزمان ، وينفذ العمر والقلب محجوب ما شم لهذا رائحة ، وخرج من الدنيا كما دخل إليها وما ذاق أطيب ما فيها بل عاش فيها عيش البهائم ، وانتقل منها انتقال المفاليس ، فكانت حياته عجزاً وموته كمداً ومعادة حسرة ًوأسفاً ، فيخرج من الحياة وما ذاق أطيب ما فيها ويغادر الدنيا وهو محروم من أحسن ملاذها ؛ فإن الللذة التامة والفرح والسرور وطيب العيش والنعيم إنما هو في معرفة الله وتوحيده ، والأنس به والشوق إلى لقائه ، وأنكد العيش عيش قلب مشتت ، وفؤاد ممزق ليس له قصد صحيح يبغيه ولامسار واضح يتجه فيه ، تشعبت به الطرق ، وتكاثرت أمامه السبل ، وفي كل طريق كبوة وفي كل سبيل عثرة ، حيران يهيم في الأررض لا يهتدي سبيلاً ،ولو تنقل في هذه الدروب ما تنقل لن يحصل لقلبه قرار ، ولايسكن ولا يطئن ولا يقر عينه حتى يطمئن إلى إلهه وربه وسيده ومولاه ، الذى ليس له من دونه ولى ولاشفيع ، ولا عنى له عنه طرفة عين ، فمن حرص على أن يكون همه واحداً وهو بلوغ رضاه ؛ نال غاية المنى ، وحاز مجامع السعادة ، إلا أن حال أكثر الخلق في نأي عن هذا المرام ، كما قال بعض السلف :" مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها ، قيل : وما أطيب ما فيها ؟ قال : معرفة الله ومحبته والأنس بقربه والشوق إلى لقائه"
1
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

tvtable
tvtable
up