صانعة الأبطال
جميل ...
أتحفتينا بارك الله فيك ...

ووفقك للخير والسعادة
نــــور
نــــور
سلمت يا صانعة الأبطال
جزاك الله كل خير:26:
نــــور
نــــور
دراســــــــــــة نص قصصي قرآني :
بسم الله الرحمن الرحيم
( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين ** إلى فرعون وهامان و قارون فقالوا ساحر كذاب ..................... يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة و لهم سوء الدار ** ) سورة غافر من آية 23 إلى آية 52.

أهداف القصة :
هذه القصة أو الحوار القصصي ما هو إلا من أساليب البيان التي سلكها القرآن الكريم لإبلاغ دعوته الدينية وتثبيتها في نفوس المخاطبين وعقولهم ومن أهدافها :
1- بيان أن الله ينصر أنبياءه في النهاية و يهلك المكذبين .
2- بيان عاقبة الطاعة و الصلاح و الإفساد و الشر.
3- ترسيخ قواعد الدين في النفوس من خلال الحوار القصصي .

ابتداء القصة و الحوار :

الآيات تعرض حلقة من حلقات قصة موسى الواردة في القرآن الكريم وهي تجيء هنا متمشية بموضوعها مع موضوع السورة وهو معالجة قضية الحق و الباطل على مر العصور و الأزمنة بجو كأنه جو معركة بين الحق و الباطل .

والأسلوب الذي سلكه القرآن لافتتاح القصة هو أنه افتتحها بما يدل على مضمونها ثم يأتي الحوار القصصي ليعبر عن ذاك المضمون .حيث أنه بدأ في عرض نموذج من نماذج الذين كانوا من قبل وكانوا أشد قوة و آثارا من كفار قريش وهكذا فقد هيأ الأذهان وبث فيها شوقا لمعرفة أولئك الأقوام الذين كانوا يتمتعون بسلطان قوي في الأرض ( أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ... )

انتهاء القصة أو نهايتها :
أيضا في نهايتها ظهر الهدف الديني واضحا فقد سجل لنا البيان القرآني انتصار الحق في النهاية بعد أن شهدنا صراعه مع الباطل ..
وبالإضافة إلى ذلك فالغرض الفني قد تحقق في هذا الختام وتحققه قائم على تحقق الغرض الديني فمنظر آل فرعون و العذاب محيط بهم يعرض عليهم غدوا و عشيا إلى يوم القيامة ومن ثم دخولهم في جهنم حين قدوم هذا اليوم منظر فني أخاذ لنهاية أنزلها الله بهم نتيجة كفرهم وضلالهم .

أسلوب القصة العام :

الطابع المميز لأسلوب القصة هاهنا هو الحوار فالقصة سيقت حوادثها ووقائعها بصورة حوار قام بين ثلاث شخصيات : شخصية موسى النبي الداعي لله .. شخصية فرعون المتكبر و الممتنع عن تلبية دعوى الإيمان .. و شخصية الرجل المؤمن المدافع عن موسى عليه السلام .
و الشخصيات الثلاث في القصة هي التي تتحدث عن نفسها و تبرز أمامنا بكل وضوح و جلاء .
لم يستخدم القرآن سوى لفظة القول : ( وقال فرعون - وقا ل موسى - وقال رجل مؤمن ) كأداة لنقل المشهد و إبرازه أمام أعيننا ثم تروح الشخصيات تتحدث وتتناقش كأنها أجسام حية تتحرك أمامنا على خشبة المسرح .
- استخدم الألفاظ و التراكيب الموحية فجملة ( يكتم إيمانه ) تصوير دقيق لهذه الشخصية التي برزت بين الجموع لتنطق بالحق .
- برزت الحياة و قوة الانفعال في الحوار من خلال أسلوب النداء الذي نلحظه في خطاب الرجل المؤمن لقومه أثناء دفاعه عن موسى .. فقد كرر أسلوب النداء سبع مرات ستا على لسان الرجل المؤمن وواحدة على لسان فرعون يخاطب هامان لبناء الصرح .
- تبرز الحياة من خلال الالتفات بين ضمائر التكلم و الخطاب التي هي عمدة الحوار كما تبرز من خلال أسلوب الاستفهام ( أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله )
- جزالة الألفاظ ومتانة التراكيب فهي كلها مظاهر للحياة و الحركو في الحوار القصصي المعروف وفي كل حوار مهما كان نوعه ، ومهما تنوع مضمونه ، ومهما اختلفت شخصياته .
نــــور
نــــور
ابراز العواطف :

لقد عبر الحوار عن عواطف و انفعالات متباينة أشد التباين ...
فعاطفة السكون و الطمأنينة واضحة عند موسى عليه السلام حين بلغه عزم فرعون ورغبته في قتله فأحس بما يحس به الرجل بالرهبة حينما يهدد بالقتل وخاصة من رجل جبار لا يرعى حرمة أو حقا .. إلا أن قوة إيمانه وتحققه من هذا الإيمان أسرع إليه بالهدوء و السكينة فأسلم أمره إلى الله الذي هو الملاذ الوحيد و الحصن الحصين فحقق لنفسه السكون بعد أن أخذت قليلا بالتهديد .
وعاطفة الاعتزاز بالحق ومحاولة نصرته هي أهم ما يميز عواطف الرجل المؤمن فقد انطلق بعد أن رأى عنت فرعون وقومه يقذف في وجوههم قذائف الحق غير مبال بما قد يؤدي إليه هذا التحدي لفرعون من قتل أو إيذاء .
كما تبدو من خلال الحوار شفقته على قومه و رغبته في سوقهم إلى حظيرة الإيمان و هو بذلك يعبر عن عقلية مؤمن وعن عاطفة دينية دفعته إلى الاستمرار معهم في النقاش و الجدال .
وهناك عواطف أخرى برزت مثل عواطف الكبر و الجبروت و عواطف التعالي و العظمة الفارغة عند فرعون أضفت على الحوار ثوبا من الحركة و الحياة فأصبحنا نحسها نحن بعواطفنا و انفعالاتنا وذلك تبعا للوحدة الشعورية التي تجمع بين أفراد الجنس البشري .


مزايا منهج النص القصصي :
- أن الآيات قد أتت مزيجا من الحوار و القصة و التذييل و لم تقتصر على لون أدبي واحد فالحوار يصور الشخصيات و القصة تدفع الحوادث و التذييل يتخلل ذلك كله ، يثير العبرة و يبين الحق .
ومن هنا نتبين أن القرآن يتبع أسلوبا مزيجا لم تعرفه كتب الأدب على ألوانها ، فهو ليس قصة محضة ، وهو ليس حوارا مسرحيا صرفا ، وهو ليس مقالة ، و إنما هو مزيج من ألوان و أنواع أدبية يختار منها ما يناسب مقتضى الحال .
فليس هنا في القرآن تقيد بقواعد فن القصة أو المسرح الجافة الجامدة التي تعارف عليها الأدباء ، و التي تقسر الأديب على التزام فن واحد منها لا يجاوزه ويتعداه ، فالرواية تقوم على الوصف و المسرح على الحوار و في كليهما ينعدم التعليق على الأحداث و الأقوال وتتلاشى شخصية الكاتب و لايسمح له بالتدخل أو ابداء رأيه في معرض سير الرواية .
إن هذا يكشف لنا ابداع القرآن الفني الذي يسترسل مع موضوعه بما يناسب مقتضى الحال وينساب انسيابا مع النفس الإنسانية التي ترتوي من معينه و تؤخذ بروعة بيانه .. فالفن القرآني هنا فن طليق يتلائم مع كل حالة و يعبر عن كل موضوع .
وبهذا نرى أن القرآن قد ضرب لنا في فنه القصصي مثلا من الفن جديرا بالاقتداء ، وهذا أحد ألوان القرآن البديعية التي لا ينضب معينها .








حرر في 5/5/2003


من كتاب القرآن الكريم و الدراسات الأدبية
د- نور الدين عتر

أهديها لكل أديبات و قاصات الواحة ليتخذوها منهجا و قدوة في الكتابة و التحليل

مع تحياتي و فائق محبتي :24:

أختكم : نــــــــور
نــــور
نــــور
:27: