{{ فـن إدارة الخـلافـات الـزوجـيـة }}..

الأسرة والمجتمع

دعونا نفهم أولا"معاني بعض المصطلحات التي تخص الخلافات..

§الخلاف أو الإختلاف :

هو أن ينهج كل شخص طريقا مغايرا للآخر في قوله أو فعله ، وقد يرى البعض

أن التعريف السابق ينطبق على الإختلاف فقط , أما الخلاف فهو حدوث مشكلة بسبب هذا الإختلاف .

§ الجدل : . فيه يحاول كل طرف أن يحمل الآخر على رأيه الذي يتشبث به

بشكل مطلق ولهذا لا يستطيع سماع الرأي الآخر أو تفهمه فهو بالنسبة له خطأ مطلق , ورأيه صواب مطلق .

وهذا الموقف المجادل يثير مقاومة وعنادا لدى الطرف الآخر لأنه يشعر أنه يفقد حريته ويفقد إرادته وخياراته

أمام الطرف المجادل إن هو استسلم لرأيه .

§ الشقاق : وهو يحدث حين يشتد الجدل بين طرفين يؤثر كل منهما الغلبة

على صاحبه ولا يفكر أحدهما في الحق أو الصواب , ويتعذر بينهما التفاهم أو الإتفاق على أي شئ ,

هنا يحدث الشقاق بمعنى أن يكون كل واحد في شق من الأرض , وكأنما أرضا واحدة لا تسعهما .

§ العناد : وفيه يحرص كل طرف على أخذ الموقف المضاد للآخر دائما ,

وهدفه من ذلك إثبات تميزه عن الآخر ومحاولة إحداث حالة من الغيظ والمكايدة له .

§ الصراع : هو حالة حرب باردة أو مشتعلة بين طرفين يحرص كل منهما

على إيذاء الآخر وإضعافه أو إلغائه .ومن المهم أن يعرف كل من الزوجين ما هي المرحلة التي وصلا إليها :

أهي خلاف أم جدل أم شقاق أم صراع ,

ليس هذا فقط بالنسبة للزوجين بل أيضا لمن يقوم بالوساطة أو التحكيم أ

و الإصلاح بينهما , فالإستبصار بدرجة المشكلة وحدتها هو أول خطوات الحل الصحيح .

وثمة بديهية جدير بنا أن نسلم بها في بادئ الأمر ونهايته .. وهي أن الإختلاف من طبائع البشر

وطبيعة الأشياء ,وهو في حالة حسن إدارته يؤدي إلى التنوع والثراء ,

وهذه حكمة الله في الكون حيث يقول تعالىفي كتابه الكريم :


"ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم " (هود 118) .

وللإمام الشافعي قاعدة ذهبية في فقه الخلاف يقول فيها : " رأيي صواب يحتمل الخطأ ,

ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب " , وللفيلسوف الفرنسي أيضا كلمة ذهبية في هذا الشأن يقول فيها :

" قد أختلف معك في رأيك , ولكنني مستعد لأن أدفع حياتي ثمنا لحريتك في التعبير عن هذا الرأي" .

وحين نرى الخلاف والإختلاف من هذا المنظور , ونتعامل معه بهذا الأدب الراقي فإننا نريح أنفسنا

ونريح غيرنا ونتفادى الكثير من الصراعات المؤلمة في حياتنا . وهذا لا يعني تشجيع الخلاف الدائم

بين الزوجين دونما مساحة معقولة من الإتفاق , بل إن مساحة الإتفاق والإلتقاء هي صمام الأمان

للتعامل مع مساحة الإختلاف ,

ولذلك كان التعارف في فترة الخطبة مهما لرؤية التناسب بين تلك المساحات من الإتفاق والإختلاف

ومدى مناسبتها لاستمرار الحياة الزوجية , وإذا ثبت أنه لا توجد أي مساحة للإتفاق في فترة الخطبة

فلم الإقدام على الزواج إذن ؟ .. ولم نعرض أبناءنا للعيش بين قطبين متنافرين تماما

لا يوجد بينهما أي رابط ؟ولكل مرحلة من مراحل الحياة الزوجية طبيعة لخلافاتها فمثلا تكثر الخلافات

في السنة الأولى حول طبائع كل من الطرفين ومحاولة توفيقها مع طبائع الطرف الآخر

, أما بعد السنوات الأولى فتكثر الإختلافات حول طريقة تربية الأبناء , وفي مرحلة منتصف العمر

تزداد الخلافات المتعلقة باهتمامات وعلاقات كل طرف خارج المنزل وخاصة العلاقات بالجنس الآخر .

وقد تتباين الإختلافات طبقا للمستويات الإجتماعية والإقتصادية فمثلا تكثر الخلافات حول العمل

والمصروفات والأزمات المادية وكيفية حلها لدى الطبقات الفقيرة والمتوسطة ,

بينما تظهر الخلافات الثقافية والوجدانيةلدى الطبقات الأعلى .

تجاهل الخلاف :

وقد يتجاهل الزوجان ما بينهما من خلافات ظنا منهما أنها لا تستحق الإهتمام أو يأسا من الوصول

إلى أي درجة من الإتفاق خاصة إذا كان أحد الطرفين يصر دائما أنه على حق , وأن الحوار هدفه إثبات

ذلك للطرف الآخر . وتجاهل الإختلاف تهوينا أو يأسا يؤدي إلى تراكمات سلبية على المستوى الفكري

والوجداني تؤدي إلى تسميم العلاقةالزوجية وتوسيع الفجوة يوما بعد يوم , وقد يصل الأمر بعد فترة

إلى حالة اللارجعة . وقد يحاول الأهل أو الأصدقاء التقليل من أهمية الخلافات خاصة حين يتوسطون

للصلح بين الزوجين , وقد يكتفون بحلول الترضية السطحية لأحد الطرفين أو كليهما

(كأن يقبل كل منهما راس الآخر) , وكأنهم هنا يضعون المرهم على الجرح الغائر المتقيح

فيحدث نوع من الراحة المؤقتة يعقبها تفجر أخطر للخلافات مع عواقب أكثر سوءا .

وقد يكون التجاهل تفاديا للطلاق المؤكد حيث يعلم الطرفان أو أحدهما أن فتح ملفات الخلافات

بينهما سيؤدي حتما إلى مواجهة حادة لا تنتهي إلا بالطلاق .

(( بالرغم من أني ما أحب المواضيع الطويلة واختصرت منه كثير وحتى ما تملو .. رح أكمل بعدين .. ))
15
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

واخيرا
واخيرا
شكرا لك كلام صحيح جدا وواقعي

اكملي
أم فهد الفهد
أم فهد الفهد
موضوع حلو

تسلمي حبيبتي

كملي واحنا معاكِ
أم عثومي
أم عثومي
موضوع مميز ياليت يتثبت
بساط الريح
بساط الريح
جزاك الله خير وبارك فيك
ندف الثلوج
ندف الثلوج
متى يكون الحوار حلا ؟!



بما أن الإختلافات حتمية بين البشر في كل مراحل حياتهم وفي كل مستوياتهم الإجتماعية والإقتصادية ,

إذن لابد من وجود آليات مناسبة للحل تعمل طول الوقت خاصة إذا تحولت الإختلافات إلى خلافات

,ولنأخذ مثالا لذلك أننا نلبس ملابسنا في البداية نظيفة , ومع الحركة والعمل والإحتكاك يصيبها التلوث والبقع ,

ونحن هنا لا نتخلص منها لهذا السبب ولكن نضعها في الغسّالة فتعيد إليها نظافتها ثم نمر عليها بالمكواة

فنعيد لها رونقها وجمالها , وهكذا الحياة الزوجية تحتاج لآليات تنظيف وتنسيق وتجميل لكي تظل براقة طازجة متألقة .

وحين تسأل أحدا عن هذه الآليات تسمع مباشرة كلمة "الحوار" ,

وهو ليس حلا سحريا طول الوقت لمشاكلنا بل قد يكون هو نفسه أحد مشاكلنا , إذ ليس كل حوار إيجابيا بالضرورة ,

وهذا يستدعي منا مراجعة مسألة الحوار وأثره في الحياة الزوجية بشكل خاص .

أهداف الحوار :



1 – محاولة فهم الآخرين (وليس تعليمهم أو إثبات أنهم على خطأ) .

2 – إقناع الآخرين بوجهة نظر معينة

( وليس إجبارهم على تبني رؤيتنا الشخصية على أنها الحق المطلق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه)

3 – الوصول إلى صيغة من التفاهم والتعايش والتكامل

(وليس إلى تحقيق أهدافنا الشخصية وإثبات وتثبيت رؤانا الخاصة)

4 – الإرتقاء بالوجود البشري عن طريق تبادل وتكامل وتراكم الخبرات

(وليس إثبات أننا الأعلم والأقدر والأحكم)..


مستويات الحوار :

- الحوار الداخلي (مع النفس) : وفى حالة كون هذا الحوار صحياً فإنه يتم بين

مستويات النفس المختلفة فى تناغم وتصالح دون إلغاء أو وصم أو إنكار أو تشويه .

- الحوار الأفقي (مع الناس) : وهو قدرتنا على التفاهم والتفاعل والتعايش

ليس فقط مع من يتفقون معناأو يشبهوننا بل أيضا مع المختلفين معنا والمغايرين لنا .

- الحوار الرأسي ( مع الله ) : وتختلف طبيعة هذا الحوار عن المستويين

السابقين حيث يتوجه الإنسان نحو ربه بالدعاء والاستغفار وطلب العون ويتلقى منه سبحانه

إجابة الدعاء والمغفرة والمساعدة . وهذا المستوى إذا كان نشطاً وإيجابياً فإنه يحدث حالة من التوازن

والتناسق في المستويين السابقين..

يـتــبــع..