هذي مقالة كتبها كاتبي المفضل فهد عامر الأحمدي
في جريدة الرياض اليوم
حول العالم
فقاعة الأسهم.. كيف غفلنا عنها!؟
فهد عامر الأحمدي
سوق الأسهم السعودية تعد حديثة نسبيا مقارنة بأسواق المال العالمية.. فبورصة بلجيكا أنشئت عام 1531 وبروصة لندن عام 1773 وبورصة نيويورك عام ,1792. وخلال التاريخ الطويل لهذه البورصات حدثت انهيارات وتراجعات كثيرة اكتوى بنارها معظم المساهمين.. ولكن - في المقابل - ثبت أنها تقوم دائماً من كبوتها وتعوض بسرعة خسائرها خصوصاً إن كانت هذه الخسائر غير مبنية على تراجع حقيقي في اقتصاد البلد ذاته...
وفي المقابل لاتملك السوق السعودية هذا التاريخ الطويل (بل أن عمرها بالنسبة لبعض المساهمين لايتجاوز السنة أوالسنتين) وبالتالي رأوا في الانهيار الأخير «كارثة نهائية» لن تقوم السوق بعدها.. ولكن الحقيقة هي أن الانهيارات الحادة وحركات التصحيح القوية أمر دوري وطبيعي ويجب توقعه بين الحين والآخر.. بل أنني متفائل بمستقبل السوق المحلي لأن ماحدث مؤخراً كان انهياراً تغلب فيه الخوف والفزع (وروح القطيع) على نتائج الشركات الجيدة والنمو الايجابي للاقتصاد السعودي.. وبالطبع كنت سأنصح بسحب المدخرات الصغيرة بشكل مؤقت لو كان الانهيار في بدايته ؛ ولكن طالما وصل الانخفاض لهذا المستوى آمل ممن تورطوا بالبقاء والمراهنة على عامل الزمن (حيث يستحيل أن تبقى أي سوق مالية بمعزل عن مؤشرات الاقتصاد الممتازة لأي دولة كالسعودية)!!
...(هذا من جانب)...
ومن جانب آخر أرجو أن يكون فيما حدث درساً تستفيد منه مستقبلا الجهات الرسمية والشعبية على حد سواء. فالجهات الرسمية يفترض بها وضع «سياسة مسبقة» لمواجهة أزمات كهذه - وإدارتها بشكل فعال بدل حالة الشلل والتخبط الذي تدور فيه الآن.. وبالنسبة لصغار المساهمين يجب أن يوجهوا مدخراتهم مستقبلا نحو (صناديق الاستثمار المتخصصة) أو على الأقل يديروا محافظهم الاستثمارية بناء على قناعات ربحية معقولة (يخرجوا من السوق بعد تحقيقها) دون البقاء على أمل كسب المزيد!!
... وبطبيعة الحال سمعنا وقرأنا الكثير من التحليلات التي تحاول تفسير أسباب الانهيار الحالي ؛ ولكن الحقيقة هي أن (لا أحد) يستطيع توقع ما يحدث في أي سوق لتداخل وتقاطع عوامل كثيرة يصعب التنبؤ بها.. غير أن مراجعة التاريخ تثبت دائما أن الهوس الشعبي بسلعة ما (كالأسهم) ينتهي دائماً بفقاعة تتناسم مع حجم ذلك الهوس؛ وهذه الحقيقة كانت وراء انهيار بورصة نيويورك عام 1929؛ وسوق المناخ الكويتي في الثمانيات، والأسواق الأسيوية في التسعينات، وأسهم شركات الانترنت والاتصالات قبل خمسة أعوام... فحين تتوجه «سيولة نقدية ضخمة» نحو منتجات ضعيفة وغير مستحقة - كشركات المضاربة - ينمو السوق ويزدهر (ولكن بسبب ضخ الأموال من الخارج).. وارتفاع السوق بهذا الشكل هو في الحقيقة (ارتفاع غير صحي ومخادع) كونه لم يُؤسس على قوة المنتجات وربحية الشركات بل على المضاربة واستقطاب المزيد من السيولة النقدية.. ومن المؤسف أكثر أن بنوكنا المحلية - الأدرى بهذه الحقيقة - شجعت الناس على الاقتراض وساهمت بالتالي في ضخ «سيولة إضافية» في سوق لاتتجاوز عدد شركاته ال 77.
وماحدث مؤخراً في السوق السعودية يذكرني بقصة حقيقية بطلها سمسار يهودي يدعى جون كيتا نجا من انهيار البورصة الأمريكية عام ,1929. فقبل ثلاثة أيام من انهيار السوق مر لتلميع حذائه عند «بويجي» يلمع أحذية المتعاملين في البورصة. وأثناء تلميع الحذاء قال له الرجل «هل تعلم سيد كيتا أنني اشتركت البارحة في البورصة» فاندهش السمسار وسأله «ومن أين لك المال؟» قال: «اقترضته من بنك منهاتن» قال «ومن دلك على هذه الطريقة» قال البويجي ضاحكا «أوووه سيد كيتا كل جيراني في الحي فعلوا نفس الشيء».. حينها طبّق السمسار صحيفته ودخل السوق بصمت وسحب كل أمواله..
فالكارثة - بالنسبة له - غدت وشيكة وسوق الأسهم أصبحت تدورفي حلقة مفرغة.. فالجميع أصبح يشارك في ضخ المال ورفع السيولة «والأموال المتركمة يعاد إقراضها للناس» والناس يعودون لضخها في السوق مجدداً.....
وفي خضم هذه الحلقة المفرغة نسي الجميع أن المال نفسه يجب أن يعبر عن سلعة حقيقية - وأن حتى «السلعة الحقيقية» لايجب أن تُشترى بأكثر من قيمتها الفعلية!
... فكيف غفلنا نحن عن هذه الحقيقة!!؟؟...
سعودية فخورة @saaody_fkhor
محررة فضية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
بمبة المفترسة
•
الله يعطيك العافيه احنا فعلا ياغافلين لكم الله ,الله يعوضنا
الصفحة الأخيرة