.
(بسم الله الرحمن الرحيم)
...
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبة وسلم ..تسليما كثيرا..
~. استغفر الله الذي لاإله إلا هو الحي القيوم واتوب اليه.~
ياغاليات قرأت الدورات قبل ان ادرجها لكن ..ياغاليات ..لست أبالغ ..لكن فيها اعاده برمجة لك ..وأعاد تربيه لك .أعاد تطوير لذاتك انت ..قبل أبناءك..
● ●
دورات قلما تجدينها في أي مكان آخر وقد جمعت بين التربية النفسيه والاجتماعيه والدينيه..
ياحبيبات ليس من الصعب ان تكوني أما مثالية أو اقرب إلى المثاليه ..ولكن انتظر ماتقولون عن ماادرجه هنا لكم ..خير عظيم..نفعنا الله واياكم بما نقرأ ونكتب... (ألسؤال المحرج ..هل تجلسون مع أبناءكم) ستجدون الدورة السادسه راحة لكم ..
.●
●.
..الدوره الرابعه.].
● ●
-التربية الاجتماعيه.,,.القدوة قبل الدعوه..~
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الأخوة الكرام ، مع الدرس الخامس من دروس تربية الأولاد في الإسلام ولازلنا في التربية الأخلاقية .
● ●
..من زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان ~
بادئ ذي بدء : الإيمان هو الخلق ، فإذا ألغي الخلق ، ألغي الإيمان ، ألغي الدين أصبح الدين من دون خلق عادات وتقاليد ، أصبح ثقافة ، أصبح تراثاً ، أصبح فلكلوراً ، إذا ألغيت الأخلاق من الدين ألغيت الدين كله .
لأن أحد أكبر علماء المسلمين وهو ابن القيم رحمه الله تعالى يقول : الإيمان هو الخلق ، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان .
والنبي عليه الصلاة والسلام أوتي جوامع الكلم ، أوتي الجمال البشري ، أوتي الفصاحة ، أوتي الوحي ، أوتي المعجزات ، أوتي خصائص لا تعد ولا تحصى ، لكن حينما أراد الله أن يمدحه ، بماذا مدحه ؟ قال : ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ .
( سورة القلم ) .
الآن ما الذي يشد الناس إليك ؟ الخلق ، لا ينشدون إليك لعباداتك ، ولا لحجمك المالي ، ولا لقوتك ، ولا لذكائك ، الناس يُشدون إليك بتواضعك ، بإنصافك ، بكرمك ، بشجاعتك ، فالذي ينشد الناس إليه ، صاحب الخلق .
● ●
..التربية الأخلاقية أخطر شيء في الدين~
لذلك إذا بدأنا بالتربية الأخلاقية نبدأ بأخطر شيء في الدين ، وأنا أقول لكم أيها الأخوة ، أنا أحتمل من الذين حولي كل خطأ ، والمؤمن مذنب تواب .
(( كُلُّ بَني آدمَ خطَّاءٌ وخيرُ الخَطَّائينَ التَّوابونَ )) .
.
إلا الكذب ، لذلك ورد في بعض الأحاديث :
(( يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب )) .
.
هناك مؤمن أنيق يعتني بثيابه عناية فائقة ، هناك مؤمن أقل أناقة ، وهناك مؤمن يعتني ببيته عناية فائقة ، ويوجد مؤمن أقل عناية ، و مؤمن اجتماعي ، و مؤمن يميل إلى العزلة ، و مؤمن متفائل ، وهناك مؤمن يغلب عليه التشاؤم ، كل هذه الخصائص والطباع على العين والرأس .
●
●
(( يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب )) .
فإذا كذب أو خان ليس مؤمناً ، من أبرز ما تقدمه لأولادك الصدق ، والحقيقة الدقيقة : أن الناس أيها الأخوة يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم ، يعني مئة محاضرة في الصدق تلغى بأن تقول لابنك قل له : لست في البيت ، مئة محاضرة في الصدق تلغى بتصرف كاذب واحد ، لأن الناس يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم ، هذا الحديث دقيق جداً :
(( يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب )) .
جميع الخلال والطباع على العين والرأس ، الآن عفواً ، في مؤمن مدني ، مؤمن ريفي ، كلاهما على العين والرأس ، في مؤمن غني ، مؤمن فقير ، كلاهما على العين والرأس ، في مؤمن يحمل شهادة عليا ، مؤمن لم يتعلم ، لكن صادق أمين على العين والرأس .
(( يطبع المؤمن على الخلال كلها )) .
●●
~الكذب مؤشر خطير عند ابنك عليك أن تنتبه له..
الآن بعلم النفس ما يسمى بعلم الطباع ، في إنسان يميل إلى الحذر ، في إنسان يمنح الثقة لمن حوله كثيراً ، في إنسان يميل إلى المرح ، في إنسان يميل إلى العبوس .
(( يطبع المؤمن على الخلال كلها )) .
ليس هناك مشكلة .
((إلا الخيانة والكذب)) .
فإذ كذب أو خان ليس مؤمناً ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام في بعض أحاديثه يقول :
(( المؤمن لا يكذب )) .
يعني الابن يخطئ ، يرتكب خطأ قد يكون كبيراً ، الأب يحتمل إلا أن يكذب فإذا كذب ، الكذب مؤشر خطير عند ابنك .
●●
..الكذب أخطر شيء في تربية الأولاد~
لذلك أيها الأخوة ، يقول عليه الصلاة والسلام :
(( أَربع مَنْ كُنّ فيه كان منافقاً خالصاً . وَمَنْ كانت فيه خَصْلَة منهن كانت فيه خَصْلَة مِنَ النِّفَاق ، حتى يَدَعَهَا : إِذا ائْتُمِن خَانَ ، وإِذا حَدّث كَذَبَ . وإِذا عَاهَدَ غَدَرَ . وإِذا خَاصَم فجر)) .
.
(( أَربع مَنْ كُنّ فيه كان منافقا خالصا )) ، من هذه الأربع إذا حدّث كذب ، البيت المسلم ما في كذب ، لا تكذب الزوجة على زوجها ، ولا الزوج على زوجته ، ولا الابن على أبيه ، ولا الأب على ابنه ، يكاد يكون موضوع الكذب أخطر ما في تربية الأولاد ، لا تكذب ، كن صادقاً ، لذلك :
(( أَربع مَنْ كُنّ فيه كان منافقا خالصا )).
يعني أحياناً يأتي سؤال ، ألم يسمح النبي صلى الله عليه وسلم للزوج أن يكذب على زوجته ؟ أنا أرى أن الأزواج فهموا هذا الحديث على غير ما أراده النبي عليه الصلاة والسلام ، فهموه اكذب عليها في كل شيء ،
الأسعار مضاعفة ، حنى تهتم بهذا الشيء تزورها أختها تقول لها : أخذه بثمانية آلاف ، ما في شيء من هذا ! أربعة بالسوق ثمنه ، ظهر زوجها أنه كاذب ، سبحان الله لحكمة بالغة ما في كذبة تستمر ، والله أعلم الذي أفهمه من أن النبي صلى الله عليه وسلم سمح للزوج أن يكذب على زوجته في حالة واحدة ، لو أنها سألته : أتحبني ولم يكن يحبها كما تتمنى ، وقال لها : إني أحبك حباً جماً ، وقد كذب عليها ، هذا الذي يرأب الصدع في البيت ، هذا الذي يطمئن الزوجة .
لو أنه سألها أتحبينني ؟ ينبغي أن تكذب عليه ، وأن تعبر عن حبها له كي تتمتن العلاقة بينهما ، وكي يقطف الأولاد ثمار هذه العلاقة المتينة ، في هذا الموضوع فقط ، هذه العلاقة المتينة ، في هذا الموضوع فقط أما النبي له شأن آخر .
سألته السيدة عائشة كيف حبك لي ؟ قالت كعقدة الحبل ، هو في هذا صادق ، تسأله من حين لآخر : يا رسول الله كيف العقدة ؟ على حالها ، عقدة متينة ، هذا موضوع آخر ، هو في تعبيره عن محبته صادقاً .
أما أنه سمح للزوج أن يكذب على زوجته في كل شيء ؟ الكذب يكشف بعد حين فإذا كشف صار الزوج كذاباً ، فإياكم ثم إياكم أن تتوسعوا برخصة الكذب على الزوجة ، إلا أتحبني ؟ يقول لها إني أحبك ، طمأنتها ، جبرت قلبها ، ما كل زواج يبنى على حب ، هناك زواج يبنى على مصلحة ، عندك أولاد منها .
●●
..الإسلام بناء أخلاقي و ليس صلاة و صياماً و حجاً و زكاة فقط ~
أيها الأخوة :
(( عليكم بالصدق فإنه يهدي إلى البر )) .
.
(( إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار أنه يقال للصادق صدق وبر ويقال للكاذب كذب وفجر وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا أو يكذب حتى يكتب عند الله كذابا )) .
.
أيها الأخوة الكرام ، لما النجاشي سأل سيدنا جعفر ، قال له : حدثنا عن هذا الإسلام ، عن هذا الدين ، قال :
(( أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ، فدعانا إلى الله لتوحيده ولنعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء )) .
.
بربكم أليس هذا شرحاً للإسلام من صحابي جليل ؟ (( وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء )) .
أنا أقول دائماً :
(( بُنِي الإسلامُ على خَمْسٍ )) .
هل الإسلام بني على خمس ، على صلاة ، وصيام ، وحج ، وزكاة ، ونطق بالشهادة ؟ الإسلام شيء آخر ، الإسلام منهج أخلاقي ، الإسلام بناء أخلاقي .
●●
..انتهاء الدين بعزله عن الأخلاق ~
مرة ثانية أيها الأخوة ، في اللحظة التي نعزل الأخلاق عن الدين انتهى الدين ، ولا وزن للمسلمين عند الله ، وكل وعود الله للمؤمنين معطلة ، ألم يقل الله عز وجل :
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي ﴾ .
( سورة النور الآية : 55 ) .
●●
~وعود الله للمؤمنين معطلة إن لم نكن أخلاقيين..
هذه الوعود إن لم نفهم الدين كلاً أخلاقياً فهي معطلة ، ألم يقل الله عز وجل :
﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ .( سورة الصافات ) .
ألم يقل الله عز وجل :
﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ .( سورة الروم ) .
ألم يقل الله عز وجل :
﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ .( سورة غافر الآية : 51 ) .
ألم يقل الله عز وجل :
﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ﴾ ( سورة النساء ) .
كم وعد ؟ إن لم نكن أخلاقيين كل هذه الوعود معطلة ، وهذا حال المسلمين اليوم ، الإيمان هو الخلق ، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان .
●●
..أكبر عطاء من الأب لابنه أن يعلمه الصدق~
أخوانا الكرام ، البيت الذي فيه صدق بيت عظيم ، بيت مبارك ، بيت في تفاهم والله أيها الأخوة ، لو ألغي الكذب من حياتنا ، لكنا جميعاً بحال غير هذا الحال .
مرة كنت بجلسة كل ما قيل كذب بكذب ، قال لي شخص : أين كنت ؟ قلت والله بجلسة كذب ، كل إنسان يمدح نفسه بما ليس فيه ، يمدح بأولاده ، تمدح ببناتها ، كله كلام فارغ ، كن صادقاً .
البيت الذي في صدق بيت مقدس ، وتقريباً معظم المشكلات تأتي من الكذب ، المبالغة كذب ، والتقليل من الشأن كذب ، هناك كذب مبالغة ، و هناك كذب تقليل ، هناك كذب تعتيم ، وهناك كذب إبراز ، أنواع الكذب لا تعد ولا تحصى .
لذلك أكبر وسام شرف للمؤمن أنه لا يكذب ، وأكبر عطاء من الأب للابن أن تعلمه الصدق .
بالمناسبة إذا علمته أن يكون صادقاً وكسر آنية ، وقال لك أنا كسرتها ينبغي ألا تضربه .
●●
..إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ~
والله أيها الأخوة ، عندي أخ أعتز فيه ، شاب ، فتح والده له معملاً بمصر ، هو مدير معمل لكنه شاب صغير ، يسوق مركبته (سأقول لكم كلاماً دقيقاً) مسّ سيارة أمامه فيها إنسان بالخامسة و التسعين ، مات ،
مس خفيف ، فاتصل بمدير معمله ، قال له : اطمئن ، تعال الساعة الفلانية للقسم الفلاني ، جاء ، كل شيء منتهٍ ، ضبط بخلاف الواقع ، المركبة التي مسها هو جاء بالتقرير أنها هي التي اقتربت منه ، فقال له : لا أوقع ، قال له الضابط : معقول ؟ أنا ما مرّ معي شخص أنا خلصته يوقع حاله ، قال له : أنا من الله لا أخلص ، الذي حدث خلاف ذلك ،
ورفض أن يوقع ، ووقع كما وقع ، وأعطى الدية لهذا الذي تسبب بموته وعيّن أولاده بالمعمل ، لو كنا كذلك ، هذا شاب طالب علم ، خاف من الله أن يكتب الضبط بخلاف الواقع .
فالمؤمن لا يكذب ، في قصة إخوانا الكرام ، عبد القادر الجيلاني ، هذا من كبار العلماء ، أعطته أمه أربعين ديناراً ذهبياً من أجل أن يتابع العلم في بغداد ، في الطريق اعترضت قافلته قطاع الطرق (اللصوص) ، من مجموعات مجموعات ، أول مجموعة كم معك يا غلام ؟
قال أربعون ديناراً ذهبياً ، لم يصدقوه ، المجموعة الثانية ، قال لهم : معي أربعون ديناراً ، فأخذه أحد أفراد العصابة إلى رئيس العصابة ، قال : يقول إن معه أربعين ديناراً ، قال له : معك ؟ قال له معي ، قال له : كيف أعلنت عن هذا المبلغ ؟ قال له : لأني عاهدت أمي على الصدق ، وحلفت عليّ إلا أكذب ، وأنا أخاف أن أخون عهدها ،
رئيس العصابة قال له : أنت تخاف أن تخون عهد أمك ، وأنا لا أخاف أن أخون عهد الله عز وجل وبكى ، وتاب على يد هذا الغلام ، فإذا بأفراد العصابة جميعاً يتوبون كما يتوب رئيسهم طفل صادق .
والله أيها الأخوة ، يوجد قصص عن آثار الصدق ، الصدق منجاة ، والكذب مهواة ، لذلك :
(( عليكم بالصدق فإنه يهدي إلى البر )) . (( إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الكذب يهدي إلى الفجور )) .
الصادق يكتب عند الله صدّيقاً :
شخص سأل النبي عليه الصلاة والسلام سؤالاً ، قال له : يا رسول الله ، ماذا ينجي العبد من النار ؟ قال : إيمان بالله ، قال : مع الإيمان عمل ؟ قال : أن يعطي مما أعطاه الله ، قال : فإن كان لا يجد ، وضع له عقبة ، فقال عليه الصلاة والسلام : أن يأمر بالمعروف وأن ينهى عن المنكر ،
قال : إن كان لا يستطيع ، قال له : فليعن الأخرق (أي يحاول الإنسان) ، قال له : إن كان لا يقدر ، قال له عليه الصلاة والسلام ، كأنه أخذه غضب شديد ، قال له : أو ما تريد أن تترك لصاحبك من خير ؟ ما له ولا ميزة ؟ لا يستطيع أن يعطي مما أعطاه الله ، ولا يستطيع أن يأمر بالمعروف ، ولا أن ينهى عن المنكر ،
ولا أن يعين إنساناً ؟ ليمسك أذاه عن الناس ، قال له : وإن فعل هذا دخل الجنة ؟ اسمعوا الجواب الرائع ، قال عليه الصلاة والسلام :
(( ما من مؤمن يصنع خصلة من هذه الخصال إلا أخذت بيده حتى يدخل الجنة )) .
.
أي أنت حينما تصدق ولا تكذب هذا الصدق يأخذك إلى البر ، يا بني صليت العشاء ؟ الابن عاهد ربه على الصدق ، لا يا بابا ، تعال نصلي معاً ، صلى ، قال له صليت سكت الأب ، ما دام صدق (( الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا )) .
●●
..المتابعة تحتاج إلى جهد لكن ثمارها يانعة جداً ~
لذلك أكبر عطاء يقدمه الأب لأولاده أن يعلمهم الصدق ، لكن المتابعة متعبة ، أين كنت ؟ عند رفيقي ، أفضل لك أن تقبل منه ، لكن أنت عندك إحساس هذه الرواية غير صحيحة من رفيقك ؟ اسمه ؟ أعطيني هاتفه ،
اتصل به ، تحتاج إلى وقت و إلى جهد و إلى نفس طويل ، متعبة ، المتابعة متعبة ، أكثر الآباء يميلون إلى الراحة ، أي رواية تقدم لهم يصدقونها على أولادهم ، الابن وجد الأب ما حقق ، عوده على الكذب ، أما إذا حقق تحقيقاً دقيقاً ، ووصل إلى الخطأ ، وأدبه عليه ، أو لو لم يؤدبه ، مع الأب صعب جداً يقبل رواية غير صحيحة .
هذه الأبوة ، متابعة ، أين كنت يا ابنتي ؟ عند رفيقتي ، من بيت من ؟ قد تكون مع شاب كانت ، قالت له : عند رفيقتي ، تلفونها ، لا أعرف تلفونها ، قومي نسألهم ، ركبها بسيارته تفضلي ، أين بيتها ؟ ما كنت عندها ؟ لما الابن أو البنت تلاحظ في متابعة دقيقة ، أنا بالنسبة لي في نقطة دقيقة ، أي منصب قيادي ، إذا ما تابعت تنتهي .
مرة كنت بمؤسسة تعليمية كبيرة ، ما أعطيت أمراً إلا وسجلته عندي ، ثاني يوم أطلب الشخص ، ماذا فعلت ؟ أنا لما أعطي أمراً ما أكتب أمامه ، أعطي أمراً شفهياً ، يخرج من الإدارة ، أكتب عندي على المذكرة ، الأمر الذي أعطيته إياه ، ثاني يوم تابعه ، بعد أسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة شعر كل من حولي لا يمكن أن أنسى شيئاً ،
أنا أنسى لكني أكتبه أنا أقول للآباء أعطيت ابنك توجيهاً اكتبه عندك ، ثاني يوم طالبه فيه ، عاهد ابنك على شيء اكتبه عندك ، ثاني يوم طالبه فيه ، المتابعة تحتاج إلى جهد لكن ثمارها يانعة جداً
لما الابن يقدم رواية غير صحيحة والأب ما تابعها ، الأب بعدم متابعته ، وعدم التدقيق والتحقيق ، وجد الكذب سهل ، أنا أميل إلى أن أعتقد والاعتقاد مؤلم أن كل أخطاء الأولاد بسبب أخطاء الآباء ، لا تقول أن ابني سيئاً ، لا يوجد ابن سيء ، لكن في تربية سيئة التربية السيئة أعطت ابناً سيئاً .
حبيبتهم (أم عبدالعزيز) @hbybthm_am_aabdalaazyz
عضوة شرف في عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
..
● ●
.
(بسم الله الرحمن الرحيم)
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الأخوة الكرام ، مع الدرس السابع من دروس تربية الأولاد في الإسلام ، ولازلنا في التربية الاجتماعية .
●
●
..الأب البطل يعزو أخطاء أولاده إليه ~
سبق أن تحدثنا عن الكذب كظاهرة اجتماعية خطيرة جداً في الأسرة ، وكذلك السرقة ، وقد ذكرت في الدرس الماضي الأسباب البعيدة التي تدعو الطفل إلى أن يأخذ من أبيه وأمه دون أن يستأذنهم .
واليوم ننتقل إلى الكلام ، هناك كلام لا يليق بشاب يعتني أبواه به ، كلام بذيء ، كلمات ساقطة ، كلمات سوقية ، كلمات فيها لفظ العوارت ، كلمات فيها سُباب ، كلمات فيها لعن ، هذه الظاهرة ، ظاهرة الكلام البذيء ، الكلام الفاحش ، الكلام النابي ، الكلام الذي يجرح المشاعر .
بادئ ذي بدء : انطلاقاً من مقدمة ذكرتها لكم كثيراً ، أن الأب البطل يعزو أخطاء أولاده إليه ، والأم كذلك ، الكلام البذيء ، والكلام الساقط ، والكلام الفاحش ، يعود إلى جو الأسرة ، وجو الطريق ، وجو المدرسة .
تصور بيتاً الأب منضبط ، لا يوجد كلمة لا تليق ، لا يوجد كلمة فاحشة ، العورات لا تذكر إطلاقاً ، الطُرف الساقطة لا تذكر إطلاقاً ، ما دام هذا الابن نشأ في بيت منضبط ، منضبط بالكلام ، منضبط بالتعبير ، أنى لهذا الطفل أن يتلفظ كلمات بذيئة ؟.
●●
..أهم الأسباب التي تدعو الطفل إلى أن يتكلم كلاماً بذيئاً~
جو البيت :
أيها الأخوة الكرام ، الحقيقة الأولى أن السبب هو جو البيت ، أب غضوب في ساعات الغضب يسب الدين أحياناً ، فالطفل يستمع إلى أب يسب الدين ، فإذا غضب يقلد أباه من السبب ؟ الأب ، في ساعة المزاح الرخيص يسمي العورة باسمها ، يستمع الطفل إلى حديث أبيه مع أصدقائه ، فإذا أراد أن يقلد أباه استخدم العبارات نفسها .
أقول لكم بمنتهى الصراحة : البيت المنضبط في الأعم الأغلب أن الأولاد ينضبط لسانهم ، وجزء كبير من الأخلاق ضبط اللسان ، يا رسول الله وهل نؤاخذ بما نقول ؟ فقال عليه الصلاة والسلام لسيدنا معاذ :
(( ثكلتك أمك ! وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم ؟ )) .
.
(( لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه )) .
.
والله الذي لا إله إلا هو أعرف أشخاصاُ لو تعاشرهم خمسين عاماً لا يمكن أن يصدر منهم كلمة بذيئة واحدة ، ولا فاحشة ، هذا الذي نتمناه أن يكون واضحاً لدى الأخوة الآباء والأمهات والمعلمين .
●●
..ينبغي علينا دائماً أن تستخدم العبارات المهذبة جداً~
أيها الأخوة ، لو دخلنا في التفاصيل ، دخل النبي عليه الصلاة والسلام على ابنته فاطمة ، وكانت مريضة ، حمى أصابتها ، فقال لها : ما لك يا بنيتي ؟ قالت : حمى لعنها الله قال : لا تلعنيها ، فو الذي نفس محمد بيده لا تدع مؤمن وعليه من ذنب .
لا تعود نفسك تلعن أمام أولادك ، الله يلعن الساعة التي عرفته فيها ، هذه لعن الساعة ، و لعن الأشخاص ، ولعن الأولاد ، عود نفسك ألا تلعن .
(( ليس المؤمن بطعَّان ولا لعَّان ، ولا فاحش ولا بذيء )) .
.
كلامه ما فيه لعن ، لا تلعنيها ، فو الذي نفس محمد بيده لا تدع المؤمن وعليه من ذنب، عود نفسك ألا تلعن شيئاً ، في عبارات مهذبة ، أين فلان ؟ في الحمام ،يجدد وضوءه وفي عبارات أخرى ، يقوم في البيت بثيابه الداخلية ، الثياب الداخلية مهذبة ، كلمة مهذبة ، وفي كلمات أخرى لا تليق .
إذاً ينبغي أن تستخدم العبارات المهذبة جداً حتى في الأماكن التي لا يصح أن نذكر اسمها بالتفصيل .
●●
..على المؤمن ألا يستخدم كلمات تثير الشهوة~
شيء آخر : لا يستخدم النبي كلمة تثير الشهوة ، أسماء دخلت عليه بثياب رقيقة فقال : يا بنيتي إن هذه الثياب تصف حجم عظامك ، كلمة عظم لا تثير الشهوة إطلاقاً ، أي كلمة أخرى ممكن أن تثير الشهوة ، يا بنيتي إن هذه الثياب تصف حجم عظامك فقط .
﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ .
( سورة النساء الآية : 43 ) .
هل من كلمة لطيفة معبرة دون أن تثير خيال طفل صغير ؟ ﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ .
﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ﴾ .
( سورة النساء الآية : 43 ) .
﴿ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ مفهومة ، لكن الصغار لا يفهمون منها شيئاً ، هذا قرآن .
﴿ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً ﴾ .
( سورة الأعراف الآية 189 ) .
كلمة ﴿ تَغَشَّاهَا ﴾ ، أو ﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ .
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ ﴾ .
( سورة المؤمنون ) .
كل أنواع الشذوذ ، والكلمات التي يذكرها معظم الناس بألفاظها القبيحة ، دخلت بكلمة ﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ ﴾ .
﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾ .( سورة المؤمنون ) .
امرأة تشكو زوجها (دقق في تهذيبها) ، قالت : يا أمير المؤمنين ، إن زوجي صوام قوام ، في النهار صائم ، وفي الليل قائم ، سيدنا عمر يبدو كان منشغلاً قام قال لها : بارك الله لكِ بزوجك ، قال له سيدنا علي : إنها تشكو زوجها ، إنها لا تمدحه ، تشكو زوجها ، انظر إن زوجي صوام قوام ، لا ينام معي مثلاً ، إن زوجي صوام قوام .
●●
..إذا كانت الكلمات التي تلقى في البيت منتقاة فالطفل لا يتعلم إلا الأدب ~
أيها الأخوة ، إحدى زوجات الصحابة دخلت على السيدة عائشة بثياب رثة ، فلما سألتها عن حالها ، قالت : إن زوجي صوام قوام ، موضوع ثانٍ ، فالنبي استدعى زوجها وأمره أن يعطيها حقها ، إن لزوجك عليك حقاً ، في اليوم التالي جاءت هذه المرأة ، ودخلت على السيدة عائشة ،
الكلمتين الدقيقتين عطرة نضرة ، في نضارة ، وفي عطر ، قالت لها : ما الذي حصل ؟ استمعوا إلى أدب الصحابيات ، قالت : أصابنا ما أصاب الناس .
والله يمكن أن نتعلم من أقوال الصحابة الذين عاشوا قبل ألف و أربعمئة عام أعلى درجات الأدب الرفيع ، تكلموا عن كل شيء ، لكن بألفاظ لطيفة ، بكنايات لطيفة ، مؤدبة ، فإذا أنت كنت كأب ،
وأنت أيتها الأم كل الكلمات التي تلقى في البيت منتقاة ، بأعلى درجات الأدب ، أغلب الظن الفتاة الصغيرة ، والابن الصغير لا يتعلم إلا الأدب .
أنا أقول لكم كلمة : مستوى الأب والأم لا في الشهادات التي يحملها بل مستواه في تربية أولاده ، أحياناً تجد طفلاً يلفت النظر .
أنا قبل مرحلة ليست بالبعيدة كنت أوزع عقب خطبة الجمعة لكل طفل أتى مع أبيه قطعة حلوى ، تشجيعاً له ، لكن من خلال هذا التوزيع وجدت الأطفال أصناف ، بعض هؤلاء الصغار يتأبى أن يأخذ هذه الحلوى ،
عنده تأبي ، أو عنده اعتزاز ، لا شكراً ، أنا أجهد أن أعطيه هذه القطعة ، أطلب من أبيه أن يعينني على إقناعه بأخذها ، معناها تربى تربية عالية جداً في البيت ، شيء جميل ، طفل آخر يأخذها مني بسهولة ، لكنه يشكرني عليها شكراً أستاذ ، هذا نموذج ثانس ، طفل ثالث قبل خمسة أمتار عينه على القطعة ، لا ينظر لا إليّ ولا إلى أحد ، إلى أن يأخذها ويمشي ،
هذا الثالث ، في قسم رابع يأتي مرتين ثالثة ، أما في قسم خامس أعاذنا الله من هؤلاء ، أطول مني بكثير لكن ما في شيء ، أين القطعة التي تخصني ؟ أما أول قسم يلفت النظر ، أدب ، وعفة ، وتأبي ، وقد يشتهيها مثل الآخرين ، لكنه تربى تربية عفيفة .
●●
..من أراد محاورة إنسان ينبغي أن ينزل إلى مستواه و ألا يميز نفسه عليه بكلمة~
إخوانا الكرام ، من أقوال النبي عليه الصلاة والسلام :
(( سِبابُ المسلم فُسُوق ، وقِتاله كُفْر )) .
.
أي ممكن أن تتحاور مع إنسان عشر ساعات ، وما تسمعه كلمة قاسية ، لا تفهم ، لا هذه الكلمة قاسية ، أرى خلاف ما ترى ، أنا لي رأي آخر ، ومعي له دليل ، يمكن أن تحاور أخاك حواراً طويلاً دون أن تجرحه ، أي أنت ممكن أن تحاور إنساناً عشر ساعات وتستخدم الكلام المهذب ،
أرى بخلاف ذلك ، ومعي دليل ، ولعلك توهمت الحقيقة كذا ، أما لا تفهم ، لا يصح .
تعلموا من الإمام الشافعي ، حينما قال : أنا على حق ، وقد أكون مخطئاً والآخر على الباطل وقد يكون مصيباً .
ألا تريدون منهج النبي في ذلك ؟ الذي علمه القرآن قال :
﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى ﴾ .
( سورة سبأ الآية : 24 ) .
يعني أنت حينما تحاور إنساناً إياك أن توهمه أنك أنت وحدك العالم و هو جاهل ينبغي أن تنزل إلى مستواه ، و ألا تميز نفسك عليه بكلمة ، ﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى ﴾ .
﴿ أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ .
( سورة سبأ الآية : 24 ) .
يعني الحق كرة ، قد تكون عندي ، وقد تكون عندك ، سوف نتحاور ، أما أنا الذي أعرف ، أنت لا تعرف .
قال شخص تركي ، أحب أن يفسر القرآن ، قال :
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ﴾ .
( سورة الذاريات ) .
قال : السماء كل ما علاك فهو سماء ، هذا نعرفه نحن وأنتم ، أما ﴿ ذَاتِ ﴾ هذا شيء نعرفه نحن أما أنتم لا تعرفونه ، هذه ﴿ ذَاتِ ﴾ ، قال أما ﴿ الْحُبُكِ ﴾ هذا شيء لا نعرفه لا نحن ولا أنتم ، لا نحن العلماء فكيف أنتم الجهلاء ؟ .
●●
..على كل إنسان أن يكون في مستوى من يحاور ~
هناك توجيهات قاسية جداً ، هناك تقييمات باطلة ، هناك استعلاء ، عود نفسك أن تجعل نفسك في مستوى مَنْ تُحاور ، قال تعالى :
﴿ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ .
( سورة النحل الآية : 125 ) .
أي إذا كان هناك ألف عبارة حسنة ينبغي أن تختار من كل هذه العبارات ما هو أحسن .
﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾ .
( سورة النحل الآية : 125 ) .
أما في المجادلة ﴿ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ ، المجادلة في خصومة ، الأفكار مرتبطة بكرامة الإنسان فحاول أن تكون قرآنياً في هذا التوجيه ، ﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ .
في آية أخرى :
﴿ قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ .
( سورة سبأ ) .
ما قولكم ؟ ﴿ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا ﴾ ، هل دعوة النبي جريمة ؟ ﴿ وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ ، الآية الأولى بمستوى واحد ، أما الثانية فيها تواضع بالغ ، هذا منهج القرآن في حوار الطرف الآخر ، أما الاستعلاء والسُباب ، والاتهام ، والكلمات القاسية ، هذه تثير فتناً لا تنتهي .
●●
..الإنسان كلما تواضع رفعه الله وكلما تكبر وضعه الله عز وجل~
ألا تحبون أن تروا أدب القرآن الكريم ؟ سيدنا يوسف حينما قال :
﴿ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ﴾ .
( سورة يوسف الآية : 100 ) .
أين كان ؟ كان في الجب ، وكان في السجن ، أيهما أكثر خطراً ؟ الجب ، الجب احتمال موته كبير جداً ، أما السجن الحياة مضمونة ، فقد حريته فقط ، قال :
﴿ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ ﴾ .
( سورة يوسف الآية : 100 ) .
لمَ لم يقل من الجب ؟ لأنه إذا قال من الجب ذكّر إخوته بعملهم السيئ ، أراد أن يتجاوز عن أعمالهم ، قال : ﴿ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ ﴾ ، ما قال من بعد ما تآمروا على قتلي ، قال :
﴿ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ﴾ .
( سورة يوسف الآية : 100 ) .
يعني جعلهم بريئين ، أما الذي أوقع بينه وبينهم الشيطان ، والحقيقة ليست كذلك لكن تعلموا أدب الحوار ، كلما الإنسان ارتقى تجد كلامه مهذباً جداً .
مرة أحد علماء مصر الكبار توفي رحمه الله ، سافر إلى بريطانيا لإجراء عملية في عينيه ، فجاءت رسائل بعشرات الألوف ،
شيء يلفت النظر ، إذاعة لندن أجرت معه حواراً أنا سمعته ، سُئل عن هذه المكانة التي حباه الله بها ، فسكت ، اعتذر ، ضيع السؤال فلما ألح المذيع عليه ، قال : لأنني محسوب على الله ، عبارة مهذبة جداً ، أنا عالم ، لا هذه ثقيلة ، أنا طالب علم مهذبة ، طالب علم ، الإنسان كلما تواضع رفعه الله ، وكلما تكبر وضعه الله عز وجل .
فسيدنا يوسف كان في أعلى درجات اللطف مع إخوته ، ﴿ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ﴾ .
●●
..المسلمُ من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده ~
(( إن من أكبر الكبائر، أن يلعن الرجل والديه )) .
.
قَلّ ما تجد إنساناً يلعن والديه ، أما حينما تسيء إلى الناس تسبب لعن والديك لذلك من أدق الأحاديث الأخلاقية :
(( المسلمُ من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده )) .
.
يعني سلمت سمعة المسلمين من لسانه ويده .
● ●
.
(بسم الله الرحمن الرحيم)
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الأخوة الكرام ، مع الدرس السابع من دروس تربية الأولاد في الإسلام ، ولازلنا في التربية الاجتماعية .
●
●
..الأب البطل يعزو أخطاء أولاده إليه ~
سبق أن تحدثنا عن الكذب كظاهرة اجتماعية خطيرة جداً في الأسرة ، وكذلك السرقة ، وقد ذكرت في الدرس الماضي الأسباب البعيدة التي تدعو الطفل إلى أن يأخذ من أبيه وأمه دون أن يستأذنهم .
واليوم ننتقل إلى الكلام ، هناك كلام لا يليق بشاب يعتني أبواه به ، كلام بذيء ، كلمات ساقطة ، كلمات سوقية ، كلمات فيها لفظ العوارت ، كلمات فيها سُباب ، كلمات فيها لعن ، هذه الظاهرة ، ظاهرة الكلام البذيء ، الكلام الفاحش ، الكلام النابي ، الكلام الذي يجرح المشاعر .
بادئ ذي بدء : انطلاقاً من مقدمة ذكرتها لكم كثيراً ، أن الأب البطل يعزو أخطاء أولاده إليه ، والأم كذلك ، الكلام البذيء ، والكلام الساقط ، والكلام الفاحش ، يعود إلى جو الأسرة ، وجو الطريق ، وجو المدرسة .
تصور بيتاً الأب منضبط ، لا يوجد كلمة لا تليق ، لا يوجد كلمة فاحشة ، العورات لا تذكر إطلاقاً ، الطُرف الساقطة لا تذكر إطلاقاً ، ما دام هذا الابن نشأ في بيت منضبط ، منضبط بالكلام ، منضبط بالتعبير ، أنى لهذا الطفل أن يتلفظ كلمات بذيئة ؟.
●●
..أهم الأسباب التي تدعو الطفل إلى أن يتكلم كلاماً بذيئاً~
جو البيت :
أيها الأخوة الكرام ، الحقيقة الأولى أن السبب هو جو البيت ، أب غضوب في ساعات الغضب يسب الدين أحياناً ، فالطفل يستمع إلى أب يسب الدين ، فإذا غضب يقلد أباه من السبب ؟ الأب ، في ساعة المزاح الرخيص يسمي العورة باسمها ، يستمع الطفل إلى حديث أبيه مع أصدقائه ، فإذا أراد أن يقلد أباه استخدم العبارات نفسها .
أقول لكم بمنتهى الصراحة : البيت المنضبط في الأعم الأغلب أن الأولاد ينضبط لسانهم ، وجزء كبير من الأخلاق ضبط اللسان ، يا رسول الله وهل نؤاخذ بما نقول ؟ فقال عليه الصلاة والسلام لسيدنا معاذ :
(( ثكلتك أمك ! وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم ؟ )) .
.
(( لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه )) .
.
والله الذي لا إله إلا هو أعرف أشخاصاُ لو تعاشرهم خمسين عاماً لا يمكن أن يصدر منهم كلمة بذيئة واحدة ، ولا فاحشة ، هذا الذي نتمناه أن يكون واضحاً لدى الأخوة الآباء والأمهات والمعلمين .
●●
..ينبغي علينا دائماً أن تستخدم العبارات المهذبة جداً~
أيها الأخوة ، لو دخلنا في التفاصيل ، دخل النبي عليه الصلاة والسلام على ابنته فاطمة ، وكانت مريضة ، حمى أصابتها ، فقال لها : ما لك يا بنيتي ؟ قالت : حمى لعنها الله قال : لا تلعنيها ، فو الذي نفس محمد بيده لا تدع مؤمن وعليه من ذنب .
لا تعود نفسك تلعن أمام أولادك ، الله يلعن الساعة التي عرفته فيها ، هذه لعن الساعة ، و لعن الأشخاص ، ولعن الأولاد ، عود نفسك ألا تلعن .
(( ليس المؤمن بطعَّان ولا لعَّان ، ولا فاحش ولا بذيء )) .
.
كلامه ما فيه لعن ، لا تلعنيها ، فو الذي نفس محمد بيده لا تدع المؤمن وعليه من ذنب، عود نفسك ألا تلعن شيئاً ، في عبارات مهذبة ، أين فلان ؟ في الحمام ،يجدد وضوءه وفي عبارات أخرى ، يقوم في البيت بثيابه الداخلية ، الثياب الداخلية مهذبة ، كلمة مهذبة ، وفي كلمات أخرى لا تليق .
إذاً ينبغي أن تستخدم العبارات المهذبة جداً حتى في الأماكن التي لا يصح أن نذكر اسمها بالتفصيل .
●●
..على المؤمن ألا يستخدم كلمات تثير الشهوة~
شيء آخر : لا يستخدم النبي كلمة تثير الشهوة ، أسماء دخلت عليه بثياب رقيقة فقال : يا بنيتي إن هذه الثياب تصف حجم عظامك ، كلمة عظم لا تثير الشهوة إطلاقاً ، أي كلمة أخرى ممكن أن تثير الشهوة ، يا بنيتي إن هذه الثياب تصف حجم عظامك فقط .
﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ .
( سورة النساء الآية : 43 ) .
هل من كلمة لطيفة معبرة دون أن تثير خيال طفل صغير ؟ ﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ .
﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ﴾ .
( سورة النساء الآية : 43 ) .
﴿ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ مفهومة ، لكن الصغار لا يفهمون منها شيئاً ، هذا قرآن .
﴿ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً ﴾ .
( سورة الأعراف الآية 189 ) .
كلمة ﴿ تَغَشَّاهَا ﴾ ، أو ﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ .
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ ﴾ .
( سورة المؤمنون ) .
كل أنواع الشذوذ ، والكلمات التي يذكرها معظم الناس بألفاظها القبيحة ، دخلت بكلمة ﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ ﴾ .
﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾ .( سورة المؤمنون ) .
امرأة تشكو زوجها (دقق في تهذيبها) ، قالت : يا أمير المؤمنين ، إن زوجي صوام قوام ، في النهار صائم ، وفي الليل قائم ، سيدنا عمر يبدو كان منشغلاً قام قال لها : بارك الله لكِ بزوجك ، قال له سيدنا علي : إنها تشكو زوجها ، إنها لا تمدحه ، تشكو زوجها ، انظر إن زوجي صوام قوام ، لا ينام معي مثلاً ، إن زوجي صوام قوام .
●●
..إذا كانت الكلمات التي تلقى في البيت منتقاة فالطفل لا يتعلم إلا الأدب ~
أيها الأخوة ، إحدى زوجات الصحابة دخلت على السيدة عائشة بثياب رثة ، فلما سألتها عن حالها ، قالت : إن زوجي صوام قوام ، موضوع ثانٍ ، فالنبي استدعى زوجها وأمره أن يعطيها حقها ، إن لزوجك عليك حقاً ، في اليوم التالي جاءت هذه المرأة ، ودخلت على السيدة عائشة ،
الكلمتين الدقيقتين عطرة نضرة ، في نضارة ، وفي عطر ، قالت لها : ما الذي حصل ؟ استمعوا إلى أدب الصحابيات ، قالت : أصابنا ما أصاب الناس .
والله يمكن أن نتعلم من أقوال الصحابة الذين عاشوا قبل ألف و أربعمئة عام أعلى درجات الأدب الرفيع ، تكلموا عن كل شيء ، لكن بألفاظ لطيفة ، بكنايات لطيفة ، مؤدبة ، فإذا أنت كنت كأب ،
وأنت أيتها الأم كل الكلمات التي تلقى في البيت منتقاة ، بأعلى درجات الأدب ، أغلب الظن الفتاة الصغيرة ، والابن الصغير لا يتعلم إلا الأدب .
أنا أقول لكم كلمة : مستوى الأب والأم لا في الشهادات التي يحملها بل مستواه في تربية أولاده ، أحياناً تجد طفلاً يلفت النظر .
أنا قبل مرحلة ليست بالبعيدة كنت أوزع عقب خطبة الجمعة لكل طفل أتى مع أبيه قطعة حلوى ، تشجيعاً له ، لكن من خلال هذا التوزيع وجدت الأطفال أصناف ، بعض هؤلاء الصغار يتأبى أن يأخذ هذه الحلوى ،
عنده تأبي ، أو عنده اعتزاز ، لا شكراً ، أنا أجهد أن أعطيه هذه القطعة ، أطلب من أبيه أن يعينني على إقناعه بأخذها ، معناها تربى تربية عالية جداً في البيت ، شيء جميل ، طفل آخر يأخذها مني بسهولة ، لكنه يشكرني عليها شكراً أستاذ ، هذا نموذج ثانس ، طفل ثالث قبل خمسة أمتار عينه على القطعة ، لا ينظر لا إليّ ولا إلى أحد ، إلى أن يأخذها ويمشي ،
هذا الثالث ، في قسم رابع يأتي مرتين ثالثة ، أما في قسم خامس أعاذنا الله من هؤلاء ، أطول مني بكثير لكن ما في شيء ، أين القطعة التي تخصني ؟ أما أول قسم يلفت النظر ، أدب ، وعفة ، وتأبي ، وقد يشتهيها مثل الآخرين ، لكنه تربى تربية عفيفة .
●●
..من أراد محاورة إنسان ينبغي أن ينزل إلى مستواه و ألا يميز نفسه عليه بكلمة~
إخوانا الكرام ، من أقوال النبي عليه الصلاة والسلام :
(( سِبابُ المسلم فُسُوق ، وقِتاله كُفْر )) .
.
أي ممكن أن تتحاور مع إنسان عشر ساعات ، وما تسمعه كلمة قاسية ، لا تفهم ، لا هذه الكلمة قاسية ، أرى خلاف ما ترى ، أنا لي رأي آخر ، ومعي له دليل ، يمكن أن تحاور أخاك حواراً طويلاً دون أن تجرحه ، أي أنت ممكن أن تحاور إنساناً عشر ساعات وتستخدم الكلام المهذب ،
أرى بخلاف ذلك ، ومعي دليل ، ولعلك توهمت الحقيقة كذا ، أما لا تفهم ، لا يصح .
تعلموا من الإمام الشافعي ، حينما قال : أنا على حق ، وقد أكون مخطئاً والآخر على الباطل وقد يكون مصيباً .
ألا تريدون منهج النبي في ذلك ؟ الذي علمه القرآن قال :
﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى ﴾ .
( سورة سبأ الآية : 24 ) .
يعني أنت حينما تحاور إنساناً إياك أن توهمه أنك أنت وحدك العالم و هو جاهل ينبغي أن تنزل إلى مستواه ، و ألا تميز نفسك عليه بكلمة ، ﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى ﴾ .
﴿ أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ .
( سورة سبأ الآية : 24 ) .
يعني الحق كرة ، قد تكون عندي ، وقد تكون عندك ، سوف نتحاور ، أما أنا الذي أعرف ، أنت لا تعرف .
قال شخص تركي ، أحب أن يفسر القرآن ، قال :
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ﴾ .
( سورة الذاريات ) .
قال : السماء كل ما علاك فهو سماء ، هذا نعرفه نحن وأنتم ، أما ﴿ ذَاتِ ﴾ هذا شيء نعرفه نحن أما أنتم لا تعرفونه ، هذه ﴿ ذَاتِ ﴾ ، قال أما ﴿ الْحُبُكِ ﴾ هذا شيء لا نعرفه لا نحن ولا أنتم ، لا نحن العلماء فكيف أنتم الجهلاء ؟ .
●●
..على كل إنسان أن يكون في مستوى من يحاور ~
هناك توجيهات قاسية جداً ، هناك تقييمات باطلة ، هناك استعلاء ، عود نفسك أن تجعل نفسك في مستوى مَنْ تُحاور ، قال تعالى :
﴿ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ .
( سورة النحل الآية : 125 ) .
أي إذا كان هناك ألف عبارة حسنة ينبغي أن تختار من كل هذه العبارات ما هو أحسن .
﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾ .
( سورة النحل الآية : 125 ) .
أما في المجادلة ﴿ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ ، المجادلة في خصومة ، الأفكار مرتبطة بكرامة الإنسان فحاول أن تكون قرآنياً في هذا التوجيه ، ﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ .
في آية أخرى :
﴿ قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ .
( سورة سبأ ) .
ما قولكم ؟ ﴿ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا ﴾ ، هل دعوة النبي جريمة ؟ ﴿ وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ ، الآية الأولى بمستوى واحد ، أما الثانية فيها تواضع بالغ ، هذا منهج القرآن في حوار الطرف الآخر ، أما الاستعلاء والسُباب ، والاتهام ، والكلمات القاسية ، هذه تثير فتناً لا تنتهي .
●●
..الإنسان كلما تواضع رفعه الله وكلما تكبر وضعه الله عز وجل~
ألا تحبون أن تروا أدب القرآن الكريم ؟ سيدنا يوسف حينما قال :
﴿ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ﴾ .
( سورة يوسف الآية : 100 ) .
أين كان ؟ كان في الجب ، وكان في السجن ، أيهما أكثر خطراً ؟ الجب ، الجب احتمال موته كبير جداً ، أما السجن الحياة مضمونة ، فقد حريته فقط ، قال :
﴿ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ ﴾ .
( سورة يوسف الآية : 100 ) .
لمَ لم يقل من الجب ؟ لأنه إذا قال من الجب ذكّر إخوته بعملهم السيئ ، أراد أن يتجاوز عن أعمالهم ، قال : ﴿ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ ﴾ ، ما قال من بعد ما تآمروا على قتلي ، قال :
﴿ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ﴾ .
( سورة يوسف الآية : 100 ) .
يعني جعلهم بريئين ، أما الذي أوقع بينه وبينهم الشيطان ، والحقيقة ليست كذلك لكن تعلموا أدب الحوار ، كلما الإنسان ارتقى تجد كلامه مهذباً جداً .
مرة أحد علماء مصر الكبار توفي رحمه الله ، سافر إلى بريطانيا لإجراء عملية في عينيه ، فجاءت رسائل بعشرات الألوف ،
شيء يلفت النظر ، إذاعة لندن أجرت معه حواراً أنا سمعته ، سُئل عن هذه المكانة التي حباه الله بها ، فسكت ، اعتذر ، ضيع السؤال فلما ألح المذيع عليه ، قال : لأنني محسوب على الله ، عبارة مهذبة جداً ، أنا عالم ، لا هذه ثقيلة ، أنا طالب علم مهذبة ، طالب علم ، الإنسان كلما تواضع رفعه الله ، وكلما تكبر وضعه الله عز وجل .
فسيدنا يوسف كان في أعلى درجات اللطف مع إخوته ، ﴿ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ﴾ .
●●
..المسلمُ من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده ~
(( إن من أكبر الكبائر، أن يلعن الرجل والديه )) .
.
قَلّ ما تجد إنساناً يلعن والديه ، أما حينما تسيء إلى الناس تسبب لعن والديك لذلك من أدق الأحاديث الأخلاقية :
(( المسلمُ من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده )) .
.
يعني سلمت سمعة المسلمين من لسانه ويده .
إخوانا الكرام ، هناك أحاديث تقصم الظهر .
(( إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جنهم سبعين خريفاً )) .
●
●
يعني أخ زار أخته بالعيد ، الأخت تحب زوجها ، وراضية عنه ، ومن أسعد الزوجات بزوجها ، البيت صغير ، ما هذا البيت ! لمَ تقول هذا ؟ هي راضية ، لمَ تثير حفيظتها ؟ تألمت ، انتبهت ، البيت صغير جداً ، أخواتها في بيوت أكبر بكثير ، فلما دخل زوجها إلى البيت كانت عابسة فسألها عن عبوسها سكتت فغضب وقعت مشكلة كبيرة ، قد تنتهي بالطلاق أحياناً ، هذا الذي تكلم بهذه الكلمة (( لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جنهم سبعين خريفاً )) .
أنا أقول لكم أبلغ ، لو ذكرت امرأة أمامك .
(( إن قذف المحصنة يهدم عمل مائة سنة )) .
.
(( إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جنهم سبعين خريفاً )) .
بالجلسات ، بالسهرات ، يشرح الناس في هذه السهرة ، فلانة ليست جميلة ، مثلاً توصف بأردأ أوصافها ، فالسيدة عائشة قالت عن أختها صفية : إنها قصيرة ، قال : يا عائشة لقد قلت كلمة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته ، ما قولكم ؟ لقد قلت كلمة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته .
●●
..الأب الصالح والأم الصالحة حديثهما يدور دائماً حول الكمال والأخلاق والدين ~
إخوانا الكرام ، يكون بالبيت عدة فتيات ، فتاة لها شكل معين ، فتاة لها شكل أقل من شكل أخوتها ، الحديث المستمر عن فلانة بارعة الجمال ، وفلانة ليست جميلة إطلاقاً هذا الحديث إذا زاد عن حدّه في البيت يصبح مقياس الفتاة جمال فقط ، فالتي هي أقل من أختها تصاب بعقدة نفسية ،
أما الأب الصالح ، والأم الصالحة ما في حديث إلا على الكمال والأخلاق والدين ، والصلة بالله ، والموقف الحكيم ، الحديث الذي يُلقى في البيت حديث أساسه مكارم الأخلاق .
أنا أروي لكم نصاً عن أحد التابعين اسمه الأحنف بن قيس ، كان قصير القامة أسمر اللون ، مائل الذقن ، أحنف الرجل ، ناتئ الوجنتين ، غائر العينين ، ليس شيء من قبح المنظر إلا وهو آخذ منه بنصيب ، وكان مع ذلك سيد قومه ، إذا غضبَ غضب لغضبته مئة ألف سيف ،
لا يسألونه فيما غضب ، وكان إذا علم أن الماء يفسد مروءته ما شربه .
يعني في البيت الحديث عن البطولة ، عن الاجتهاد ، عن التحصيل ، عن الأدب عن أداء الصلوات ، عن قيام الليل ، عن القرآن ، إذا الحديث هكذا في بنات بأشكال متنوعة كلهم يلتفون حول أمهم وأبيهم ،
إذا الحديث عن الجمال فقط ، والتي أقل جمالاً من أختها يصبح عندها عقدة كبيرة جداً ، الأب ينتبه .
●●
..التساوي في العدل والمودة بين جميع الأولاد ~
صدقوا أيها الأخوة ، بكل بيت هناك أولاد ، وقد يكون ابن أذكى من ابن ، وقد يكون ابن له وجه صبوح أكثر من أخيه ، الأب المؤمن ، والأم المؤمنة ، لا تميز ولا في النظرات ، نظرة بنظرة ، قبلة بقبلة ، احتضان باحتضان ، ما وجد الابن الأقل جمالاً أي معاملة أقل من أخيه ، فنحن أعناه على أن ينتصر على نفسه ، أما إذا في تفرقة ، الأول يُبتسم له في وجهه ، والثاني في عبوس ، مع مرور الأيام تنشأ عقدة تنفسية .
أنا مصر إلى آخر سلسلة من هذه الدروس أن أخطاء الأولاد ، وعقد الأولاد ، وتقصير الأولاد ، وانحراف الأولاد ، وأمراض الأولاد ، من أخطاء الآباء ، والأبوة مسؤولية وبإمكانك أن تكون أباً وأمامك أولاد يتفانون في طاعتك .
قال : اشهد يا رسول الله أنني نحلت ابني حديقة ، فسأله : ألك ابن غيره ؟ قال : نعم ، هل نحلته كما نحلت هذا ؟ قال له : لا ، قال : أشهد غيري فإني لا أشهد على جور .
العدل ، والمودة ، يجب أن تكون المودة لكل الأولاد بالتساوي ، الابتسامة أحياناً تُقبل ابناً وتنسى الثاني ، يتحطم الثاني ، أحياناً تحمل ابناً و تنسى الثاني ، أحياناً تبتسم في وجه ابن وتنسى الثاني ، هذا الذي ينتبه لهذه النقاط الدقيقة يكون موفقاً توفيقاً كبيراً .
●●
..على كل معلم أن يغير أسماء طلابه في العام الدراسي إن أثار هذا الاسم ضحكاً ~
لي كلمة خاصة بالمعلمين : أحياناً يكون هناك اسم يثير الضحك ، بعض المعلمين ينادون مثل هؤلاء الطلاب بألقابهم ، لا بأسمائهم ، هناك أسماء غير جميلة .
أحد الصحابة دخل على النبي الكريم ، قال له : ما اسمك ؟ قال له : زيد الخيل قال له : بل أنت زيد الخير .
أعرف معلمين كثيرين ، يغيرون أسماء طلابهم بالعام الدراسي فقط ، في كلمات في كثير من البيوت لها أسماء غير مقبولة ، فأنت كمعلم غيّر هذه الأسماء إلى أسماء أخرى أو اكتفِ بالاسم الأول ، أو بالاسم الثاني .
فالنبي من شمائله أنه كان يغير أسماء صحابته ، ما اسمك ؟ قالت له : عاصية قال لها : بل طائعة ، أنت طائعة .
●●
..من عدّ كلامه من عمله فقد نجا ~
أيها الأخوة ، حينما تعد كلامك من عملك تنجو ، ما دام :
(( إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جنهم سبعين خريفاً ))
.
ينبغي أن تعد كلامك من عملك ، كلمة واحدة ، أحياناً يقول معلم لطالب أنت غبي بساعة غضب ، لكن هذه الكلمة سمعها الطفل ، قد تستمر معه عشر سنوات ، قد تضعف معنوياته ، قد تنشا عنده عقدة نفسية ، خطأ ، عود نفسك الكلام الجيد ، المنضبط ،
وكلما ارتقى مستوى الكلام في البيت ارتقى مستوى الأولاد ، فإذا حرصت أن يكون رفقاء أولادك من المستوى الراقي المهذب ، وإذا ضمنت مدرسة لا يستمع بها الطفل إلى كلام بذيء تكون قد حققت نجاحاً كبيراً في تربية أولادك .
(( من هوي الكفر فهو مع الكفرة ، ولا ينفعه علمه شيئاً )) .
.
هناك تعليقات لاذعة ، هناك حوار مكشوف ، هناك أدب رخيص ، هذا الأدب الرخيص والحوار المكشوف ، والتعبيرات اللاذعة ، وهناك طرف جنسية ، أنا والله لا أصدق أن بيتاً مؤمناً فيه طرفة جنسية إطلاقاً ، هذه الطرف الجنسية ليست للمؤمنين ، للمتفلتين ،
للشاردين عن الله عز وجل ، حتى لو سمعت طرفة من هذا النوع ينبغي ألا تضحك ، إنك حينما لا تضحك تلقن من ألقى هذه الطرفة درساً لا ينسى .
والله مرة كنت بجلسة أي جلسة عمل ، أحد الحاضرين تكلم بكلمة سيئة جداً الكل ضحكوا ، أنا لم أضحك ، بل أخذت موقفاً ، فلما انتهى الاجتماع تبعني الذي ألقى الكلمة قال لي : أي خدمة ؟ قلت : شكراً ، لكن أنا لقنته درساً بهذه الطريقة ، إذا طرفة جنسية وضحكت ، معنى ذلك قبلتها .
●●
..الكلمات التي ينطق بها الابن هي انعكاس لما يقوله الأب ~
ابنك لك ، تربيه تربية عالية على الكلام المهذب ، على الكلام المؤدب ، على الكلام الجاد ، على اختيار الكلمة اللطيفة ، اقرأ القرآن ، ﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ ، اقرأ القرآن ﴿ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً ﴾ اقرأ القرآن ﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾ ، اقرأ السنة ،
يا بنيتي إن هذه الثياب تصف حجم عظامك ، ممكن تتكلم كلمات لكن كلها مهذبة ، ولا تجرح شعور الإنسان .
●
●
الدرس الثالث في التربية الاجتماعية الكلمات التي ينطق بها الابن ، هي انعكاس لما يقوله الأب ، أي بشكل أو بآخر في أوعية توضع في المركبات للماء لها فتحة من الأعلى ولها صنبور من الأسفل ،
الذي يوضع في أعلاها يؤخذ من الصنبور ، صح هذا الكلام ؟ الآن كل ابن كائن له وعاء ثقافته من أين ؟ من كلام أولاد الشوارع ، يتكلم كلاماً بذيئاً جداً في البيت ، ثقافته من رفقاء السوء في المدرسة يسمعونه كلمات بذيئة جداً يتكلم بها بالبيت ،
إن سمع من أمه أو أبيه كلمات فيها طرف جنسية يرويها لأصدقائه ، فهذا الإنسان كالوعاء الذي يأخذه من أعلاه يعطيه من صنبوره الأسفل ، فلا تنتظر من ابن تغذيه أنت بالشاشة فقط وبمشاهد ليست ترضي الله عز وجل ، وبحوار فيه إشارات جنسية ،
لا تنتظر من هذا الطفل أن يكون مهذباً أبداً .
●●
..أبرز نقاط التربية الاجتماعية للصغار أن تعلمهم الصدق و الأمانة~
الابن غالٍ ، والابن المربى لا يقدر بثمن ، فلذلك هذا اللقاء الثالث في التربية الاجتماعية متعلق بالكلام ، البيت لا يوجد فيه كذب ، ولا سرقة ، ولا كلام بذيء ، أبرز نقاط التربية الاجتماعية للصغار أن تعلمهم الصدق ، وأن تعلمهم الأمانة ، وأن تعلهم الكلام المنضبط .
(( أَيُّهَا الْمَلِكُ ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ ، نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ ، وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ ، وَنَعْبُدَهُ ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ ، وَأَمَرَنَا ، الآن الشاهد ، بِصِدْقِ الْحَدِيثِ ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ ، وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ )) .
.
إذاً أيها الأخوة الكرام ، يجب أن يكون واضحاً في أذهانكم أن الكلام الذي ينطق به الأب والأم ، في اللقاءات ، والسهرات ، والاحتفالات ، وفي الزيارات ، وفي النزهات هذا الكلام إذا كان منضبطاً أعطى الأولاد القدوة في الكلام المنضبط .
والحمد لله رب العالمين
./..النتهت الدورة الخامسة,.
..الدوره السادسه.].
● ●
●●
أيها الأخوة الكرام ، مع درس جديد من دروس تربية الأولاد في الإسلام ، والموضوع اليوم موضوع يمكن أن تلحقه بشتى الموضوعات السابقة واللاحقة ، موضوع الحوار بين الأب وابنه ، ذلك لأن معظم الآباء إما لغفلة ، أو لعدم تقدير ، أو لضعف في خبراته التربوية ، يعطي الأوامر لأولاده ويعنفهم ، وهذا شأنه في أكثر أوقات حياته مع أولاده.
●
●
ولكن لو كشف الأب أو الأم قيمة الحوار مع الأبناء ، لوجدوا أن القائد الناجح لا الذي يأمر ، بل الذي يُقنع ، إنك إن أقنعت أولادك بشيء تبنوا هذا الشيء ، وطبقوه نصاً وروحاً ، أما إذا أمليته عليهم ، وكنت قاسياً طبقوه شكلاً في وجودك ، فإذا غبت عنهم لا يطبقوه أبداً .
●●
..شقاء الأولاد شقاء حكمي لآبائهم وأمهاتهم ~
لذلك أول نقطة ، اجلس مع ابنك ، أي أنا أتمنى على كل أب وعلى كل أم أن يخصصا وقتاً للجلوس مع أولادهم ، عندك مواعيد ، عندك لقاءات ، عندك محاضرة ، في مهمة ، أن تجلس مع أولادك هي أكبر مهمة ،
لأنهم جزء منك ، لأن شقاءهم يشقيك ، ولأن سلامتهم تسعدك ، فالوقت الذي تجلس به مع أولادك هو وقت ثمين ، وقت موظف لمستقبلك ومستقبلهم .
وقد أكدت لكم كثيراً أن الله عز وجل حينما قال :
﴿ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ﴾ .( سورة طه ) .
ولم يقل فتشقيا ، مع أن الصياغة اللغوية تقتضي أن تكون فتشقيا ، لكن العلماء قالوا : شقاء الأزواج شقاء حكمي لزوجاتهم ، ويقاس على ذلك أن شقاء الأولاد شقاء حكمي لآبائهم وأمهاتهم .
لذلك لو أن الإنسان خصص وقتاً في أسبوع جلسة ، كل بضعة أيام جلسة ، على الطعام ما في مانع ، لابدّ من أن تجلس مع أولادك كي تحاورهم ، وأنت لا تعلم كم يسعد الابن حينما يرى أباه الإنسان العظيم ، يسأله عن دراسته ، عن أحواله ، من أصدقاؤه ؟ كيف يمضي الوقت معهم ؟ بماذا يشعر في المدرسة ؟ أي أستاذ تأثرت به يا بني ؟ ماذا قال لك ؟ هذا الحوار موضوع هذا اللقاء الطيب .
●●
..الجلوس مع أولادك هي أكبر مهمة لأنهم جزء منك~
أول شيء اجلس معه ، لكن لا ينبغي أن تكون واقفاً ، وهو دون بكثير ، تملي عليه الأوامر ، ولا أن يكون هو واقفاً وأنت مضطجع ، ينبغي أن تجلس معه ، أن يكون إلى جانبك ، أو أن يكون تجاهك ، نوع الجلسة يختلف ، لا تكون أعلى منه ، ولا أعلى منك ، اجلس معه إما إلى جانبك ، أو باتجاهك .
الجلسة الودية أهم شيء أن لا تكون سريعة ، قبل الدوام بعشر دقائق ، قبل الطعام ، قبل اللقاء ، قبل مجيء الضيوف ، الجلسة السريعة لا تثمر ، اجلس معه وأنت تشعر أن الوقت بعد هذا اللقاء ممتد ، لعل الحديث يكون ذا شجون ، لعلك ترى ابنك قد تأثر تأثراً بالغاً ،
اجلس معه في جلسة مفتوحة ، مفتوحة لساعة مثلاً ، أما لدقائق ، قبل المغرب ، قبل الصلاة ، قبل الطعام ، قبل الموعد ، قبل مجيء الضيوف ، لا ، اجلس معه في وقت مفتوح وحاول أن تحاوره ، وحاول أن تأخذ منه ، وأن تعطيه ، وأقول لك بكل دقة حاول أن تجعله صديقك .
أعرف آباء كثيرين أُلهموا هذه الطريقة بالمعاملة ، فكان أبناؤهم أقرب الناس إليهم وكانوا معهم ، وكانوا ظلهم .
●●
..الشروط الواجب تحقيقها أثناء جلوسك مع ابنك للحوار ~
أين تجلس معه ؟ المكان ، الهيئة ، لا تكن أنت واقفاً ، أو هو واقف ، اجلس معه وجهاً لوجه ، أو جنباً إلى جنب ، لكن أين تجلس في مكان مألوف ، مثلاً غرفة الجلوس فيها صخب ،
الأولاد صغار يضحكون ، يتراكضون ، هذا الجو ليس جواً صالحاً للحوار ، اجلس معه في غرفته ، أو في غرفتك ، أو في غرفة خاصة ، لعله أراد أن يقول لك شيئاً ، لن يقوله أمام أمه ، لعله أراد أن يقول شيئاً لن يقوله أمام إخوته ، هيئ مكاناً على انفراد بينك وبينه ،
دائماً وأبداً النصيحة من الأب على انفراد مقبولة ، النصيحة من الأب ولو مع التأديب على انفراد مقبولة ، أما أمام إخوته الإناث تثور كرامته ، أمام أصدقائه ، لا ، حاول أن يكون هذا اللقاء بينك وبينه ، وفي غرفة مريحة ، والوقت مفتوح ، وإذا أمكن أفضل مكان خارج البيت ، في مكان جميل ، في جلسة مريحة ، لا أقول نزهة لكن شبه نزهة ،
أحياناً في مكان منضبط لا يوجد ولا مشكلة ، قد يكون مطعم مثلاً خذه ، يشعر له شأن كبير عندك ، هو غالٍ عليك ، أنت حريص على أن تجلس معه ، أنت لا تعلم كم هي الثمرة حينما تجلس مع ابنك ، ويعلم ابنك علم اليقين أنك مشغول ، وعندك مهمات ، لكن هناك عتب دائماً أنه : يا أبتِ أنت لنا ، عملياً الأب ليس لأولاده للغريب ،
●
●
يتألمون ، ويعتبون ، نحن الأصل ، غيرنا أنت لهم وغيرك لهم ، أما نحن من لنا غيرك ؟ أنت تظن أنه أنا أمنت الطعام والشراب ، أمنت الكساء ، هذا شيء لابدّ منه ، لكن هناك حاجة عند الطفل ، أو عند الشاب إلى اهتمامك ، كيف أن الابن بحاجة إلى الغذاء هو بحاجة إلى عطف أبيه ، إلى اهتمام أبيه ، إلى مودة أبيه ، إلى وقت يجلسه مع أبيه ،
دائماً تسبه وتلعنه ، دائماً تشهر به ، وبين أن يكون كظلك ، معك دائماً ، بخدمتك ، يدك اليمنى ، فرق كبير ، تتخذه صديقاً ولابدّ من جلسة حوار معه .
لابد من أن تجالسه على هيئة معينة ، وفي مكان مريح ، والوقت مفتوح ، ولابدّ من أن تجالسه في وقت ليس هو مشغول فيه .
●
●
أحياناً تُدعى إلى نزهة ، وعندك عمل مهم جداً ، لابدّ من أن تنجزه ، لن تسر بهذه النزهة ما دام في عمل ، حينما تختار وقتاً مناسباً ، مكاناً مناسباً ، هيئة مناسبة ، وقتاً مفتوحاً وتحاوره ، تكون قد قطعت معه مراحل كثيرة .
●●
..أسلوب الزجر والشتيمة والنقد من أخطر أساليب الحوار بين الآباء و الأبناء~
هناك ملاحظة أحياناً أعد أخاً في الصباح ، صباحاً الإنسان نشيط ، استيقظ من النوم جسمه نشيط ، أحياناً الموعد عقب يوم مليء بالمتاعب ، تجد ما عندك إمكانية أن تحاور ، ما عندك إمكانية أن تتابع الأمر متابعة دقيقة ، ما عندك إمكانية التركيز ، طبعاً الموضوع عام ،
إن أردت أن تلتقي بإنسان ، والإنسان مهم طبق هذه الشروط نفسها ، الحوار له شروط .
أولاً :
(( علموا ولا تعنفوا )) .
.
أي أسلوب الزجر ، والشتيمة ، والنقد ، هذا مع الأسف الشديد أكثر الاتصالات الهاتفية تؤكد هذا الموقف من الأب ، ما عنده إلا السُباب ، ما عنده إلا التشدد ، ما عنده إلا اللوم ،
ما عنده إلا الدعاء على أولاده ، البيت مكروه صار عند الابن ، تجد الابن دائماً خارج البيت مع أصدقائه ، لا يحتمل النقد ، والتعنيف ، والسُباب ، والتجريح ، إضعاف الثقة بالنفس ، من لم يعرف الله عز وجل يكن أسوأ أب .
●●
..بطولة الإنسان لا أن يكون محترماً من أولاده فقط بل أن يكون محبوباً عندهم أيضاً~
أخوانا الكرام ، هناك حقيقة سأقولها لكم ولكن مع التأكيد عليها ، ثقافة الشرق أوسطية إن صحّ التعبير ، الثقافة الإسلامية الآن محترمة ، لكن ما كل أب محترم محبوب أنا أخاطب الآباء أحياناً ، بطولتك أيها الأب لا أن تكون محترماً من أولادك ،
أن تكون محبوباً عندهم ، فالحب يحتاج إلى بذل جهد ، يحتاج إلى وقت ، يحتاج إلى مال ، يحتاج إلى أن يرى هذا الشاب أن أباه شيء مهم جداً بالنسبة إليه .
●
●
انطلاقاً من هذه الحقيقة أقول لكم : العمل عبادة ، أنت حينما تتقن عملك ، وتكسب مالاً معقولاً ، وتنفقه على أولادك تشدهم إليك ، الأب الذي ينفق على أولاده بالمعقول محترم جداً و محبوب ، أولاده له ، أما مقصر في عمله مع التقصير يوجد دخل ضعيف ، مع الدخل الضعيف كل شيء طلبه ابني ما معي إياه ، دائماً ما معك ؟ يقول لك : لماذا أنجبتنا إذاً يوجد سؤال كبير .
●
(العمل عبادة )
فأنا من هذا المنطلق أرى أن العمل عبادة ، أنت بالعمل الزوجة والأولاد إليك ، أجمل كلمة قالها صحابي جليل : حبذا المال أصون به عرضي ، وأتقرب به إلى ربي ، حينما أقول حبذا المال لا أقصد به البذخ ، لا أقصد الإتراف ، التبذير ، إطلاقاً ، لكن جاء الشتاء الابن عنده معطف ؟
عنده كومبيوتر صغير ؟ يوجد أشياء بسيطة مؤمنة ، حاجاته الأساسية مؤمنة ، إذاً الابن مشدود إلى أمه وأبيه ، إذاً لا تزجره .
(( علموا ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف )) .
.
●
●
أنا أذكر مُدرسة قالت لطالبة عندها : أنت غبية ، هذه الكلمة سارت معها عشرين عاماً ، عقدتها ، يقسم بالله شاب ، أو طفل أصح ، دخل إلى المسجد وصلى بالصف الأول ، هم كانوا سبعة ، لكن الذي كان إلى جانب الطفل ما انتبه أنهم سبعة أشخاص ، فدفعه نحو الخلف ، هذا الطفل الذي دُفع نحو الخلف ترك المساجد لخمسة و خمسين سنة ، يقول : من هذا الدفع لم أتجه إلى المسجد ، طفل ، الأطفال أحباب الله .
●●
..أولادنا الورقة الرابحة الوحيدة في أيدينا ~
والله أيها الأخوة ، أقول وقلبي يعتصر : لم يبقَ في أيدي المسلمين من ورقة رابحة إلا أولادهم ، والأولاد يعني المستقبل ، لا تعنف ، لا تسب ، لا تزجر ، لا تضرب ، هذه كلها أساليب لا تجدي ،
هذه الأساليب تجعل شرخاً كبيراً بينك وبين ابنك ، هذه الأساليب تجعل ابنك ينافق لك ، يقول لك ما يرضيك ، وله أفكار أخرى ، أما حينما يحبك يصارحك ، هكذا قال لي صديقي ، بابا ما قولك ؟ حينما تفلح أن يكون ابنك صديقك فأنت أب مثالي ، أحياناً يكون نبرة صوت حادة ، كلام لطيف ، كلام رقيق ، يعني الكلمة الطيبة صدقة ، الابتسامة صدقة ،
أن تربت على كتفه شيء مسعد ، حديث لطيف مع ود ، الوقت مفتوح ، مرتاح أنت وهو ، هذا اللقاء قد يكون له آثار كبيرة جداً .
●●
..الله عز وجل أوامره مشفوعة بالتعليل فعلى كل أب أن يعطي ابنه الأمر مع التعليل: احتراماً له~
مثلاً هذا الإله العظيم الذي خلقنا له أن يأمرنا ، طبعاً ، أن يأمرنا وكفى ، من دون تعليق ، من دون تعليل ، من دون حكمة ، قال لنا :
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ .
( سورة التوبة الآية : 103 ) .
إله ، يأتي الأمر مشفوعاً بالتعليل ، بالحكمة ، أراد أن يقنعك بهذا الأمر لا أن يأمرك .
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾ .
( سورة التوبة الآية : 103 ) .
مثل آخر :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ .
( سورة البقرة ) .
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ ﴾ .
( سورة العنكبوت الآية : 45 ) .
﴿ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ ، إله ، كن فيكون ، زل فيزول ، أعطاك الأمر ، أعطاك التعليل ، فإذا أنت كلما أمرت ابنك أمراً قل له يا بني هذا الأمر لصالحك ، من أجل مستقبلك ، من أجل مكانتك ، من أجل سمعتك ، من أجل نجاحك في العمل ،
إله كن فيكون ، زل فيزول ، أعطانا الأمر مع التعليل ، فأنت من باب أولى أنت أب أن تعطي الأمر مع التعليل ، لأن التعليل احترام له .
أنا مرة كنت بمنصب قيادي ، مدير ثانوية ، عندي مئة و ثلاثة عشر مدرساً ، وعندي موجهون ، وعندي أمين سر ،
وعندي ، فأجمع كل فئة على حدة ، أقول لهم : نحن جميعاً فريق عمل ، في موضوع ، في عندنا مشكلة ، ما الحلول عندكم ؟ إما أن أقنعكم بما عندي من حلّ ، أو أن تقنعوني ، هذا الحوار يعمل وداً ، يعمل تألقاً ، يعمل انتماءً ، يعمل تطبيقاً .
●●
..الشدة تعلم الأولاد النفاق و الكذب~
أخوانا الكرام ، هناك نقطة مهمة ، لما غلط ضربته ، أي خطأ جاءه الكف ، انتهى ، لا يأمنك أبداً ، بدأ يكذب عليك بكل شيء ، صار في موقفين ، أنت بشدتك علمته النفاق ، بشدتك علمته الكذب ،
بشدتك علمته أن يكون هو بوادٍ وأنت في وادٍ ، أما بالود والحوار تجعله صديقك ، أنا أعرف أمهات كثيرات من قريباتي ، البنات صديقاتها ، ما الذي حدث في المدرسة يُبلغ للأم ، والأم توجه ، ماذا قيل لك ؟ أين ذهبت ؟ ما الذي حصل معك؟.
أيها الأخوة ، أنا أحياناً ألتقي بأخ كريم ، في ود بالغ ، في سلام بمنتهى الأدب ، في ابتسامة ، ومع ذلك يحضر عندي عشر سنوات أقول لا أعرفه ، لماذا لا أعرفه ؟ ما سمعت منه كلمة ، لما يتكلم أعرف مستوى وعيه ، مستوى إدراكه ، لغته ، نصوصه ، محاكمته ، مهما إنسان داوم بجامع لسنوات تلوى السنوات ما دام ما تكلم ما احتككت فيه ، أحياناً اُسأل عن أخ من أجل الزواج ، أقول والله لا أعرف شيئاً ، عندي من ثمان سنوات لكن ولا مرة زارني بالبيت ، ولا مرة جلست معه وحدثته ، ولا حدثني ، لا أعرف شيئاً عنه ، إلا أنه لطيف ، وسلامه حار ، ومبتسم فقط .
●●
..عدم معرفة طريقة التفكير عند ابنك و ملاحظته و لغته إلا عند محاورته~
عندما ابنك يحكي لك ، ترى لغته ، تفكيره ، قيمه ، مبادئه ، ما الشيء الذي لفت نظره ؟ لماذا حفظ هذه القصة ولم يحفظ تلك ؟ لما يحكي الابن تكشف كل شيء ، دائماً الابن يتلقى تعليمات منك ، وساكت ، تعليمات وساكت ، لا تعرف شيئاً عنه ، لما تعطيه مجال يحكي ، يشرح ، يبين ، يؤكد لك بعض الأشياء تنتبه أنت .
إذاً لن تعرف ابنك إلا إذا حاورته ، طريقة تفكيره ، ملاحظته ، ذاكرته ، لغته ، نصوصه ، مثلاً ممكن يكون موضوع الحوار مشكلة ، أحياناً يكون كلاماً مفتوحاً ، لا يوجد قاعدة ، لا يوجد محور ، لا يوجد بنود ، لقاء عفوي ، من قصة إلى قصة إلى قصة .
●
●
مرة قال لي أخ كريم : حضرت خطبة عند إنسان فتح 28 موضوعاً ، ما أغلق ولا واحد ، خواطر ، خواطر ، خواطر .
●●
..الحوار بين الأب و ابنه يقوم على النهوض بالابن و الاستماع إليه ~
أحياناً اللقاء إذا لم يكن مُعَداً ، خواطر عشوائية ، أما لو فرضنا أنا جلست معه أحاوره في موضوع دراسته ، موضوع الدراسة ، هل هناك مواد صعبة عليك ؟ هل هناك مواد تحتاج إلى مدرس خاص ؟ أي مادة تعلقت بها ؟ تعرف أن هناك مواد تفوق بها ، مواد لم يتفوق بها ، أما أنه لا أعرف شيئاً عنه ، اجعل باللقاء موضوع واحد ، موضوع محدد ،
أو في مشكلة في البيت التأخر مثلاً صباحاً ، كيف تعالج هذه المشكلة ؟ يعني دائماً المدرسة تشكو لأولياء الصغار تأخرهم عن المدرسة ، هذه مشكلة كيف تعالج ؟.
أنا أقدم لكم موضوعاً عن الحوار بشكل عام ، ممكن تحاور زوجتك ، أولادك أصدقاءك .
إذاً حبذا لو كان في موضوع محدد للحوار ، ودائماً الموضوع عرض المشكلة ، طرح حلول ، مناقشة هذه الحلول ، أو عرض البديل لهذه الحلول ، أحياناً هناك إنسان دون أن يشعر عنده رغبة بتصيد الأخطاء ، هذا نموذج موجود ، إذا الأب هدفه الأول يتصيد أخطاء أولاده هذه مشكلة كبيرة ، الحوار لا ينجح ، ممكن يغلط بكلمة ،
ممكن يعطي رقماً غير صحيح ، أنت تناسى سبعة ثمانية أخطاء ، وحاسبه على واحدة ، أما هذه غلط ، هذه غلط ، قام أسكته ، انتهى ، أنا أقول : الحوار قضية أن أنهض به لا أن أحاسبه .
● ●
●●
أيها الأخوة الكرام ، مع درس جديد من دروس تربية الأولاد في الإسلام ، والموضوع اليوم موضوع يمكن أن تلحقه بشتى الموضوعات السابقة واللاحقة ، موضوع الحوار بين الأب وابنه ، ذلك لأن معظم الآباء إما لغفلة ، أو لعدم تقدير ، أو لضعف في خبراته التربوية ، يعطي الأوامر لأولاده ويعنفهم ، وهذا شأنه في أكثر أوقات حياته مع أولاده.
●
●
ولكن لو كشف الأب أو الأم قيمة الحوار مع الأبناء ، لوجدوا أن القائد الناجح لا الذي يأمر ، بل الذي يُقنع ، إنك إن أقنعت أولادك بشيء تبنوا هذا الشيء ، وطبقوه نصاً وروحاً ، أما إذا أمليته عليهم ، وكنت قاسياً طبقوه شكلاً في وجودك ، فإذا غبت عنهم لا يطبقوه أبداً .
●●
..شقاء الأولاد شقاء حكمي لآبائهم وأمهاتهم ~
لذلك أول نقطة ، اجلس مع ابنك ، أي أنا أتمنى على كل أب وعلى كل أم أن يخصصا وقتاً للجلوس مع أولادهم ، عندك مواعيد ، عندك لقاءات ، عندك محاضرة ، في مهمة ، أن تجلس مع أولادك هي أكبر مهمة ،
لأنهم جزء منك ، لأن شقاءهم يشقيك ، ولأن سلامتهم تسعدك ، فالوقت الذي تجلس به مع أولادك هو وقت ثمين ، وقت موظف لمستقبلك ومستقبلهم .
وقد أكدت لكم كثيراً أن الله عز وجل حينما قال :
﴿ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ﴾ .( سورة طه ) .
ولم يقل فتشقيا ، مع أن الصياغة اللغوية تقتضي أن تكون فتشقيا ، لكن العلماء قالوا : شقاء الأزواج شقاء حكمي لزوجاتهم ، ويقاس على ذلك أن شقاء الأولاد شقاء حكمي لآبائهم وأمهاتهم .
لذلك لو أن الإنسان خصص وقتاً في أسبوع جلسة ، كل بضعة أيام جلسة ، على الطعام ما في مانع ، لابدّ من أن تجلس مع أولادك كي تحاورهم ، وأنت لا تعلم كم يسعد الابن حينما يرى أباه الإنسان العظيم ، يسأله عن دراسته ، عن أحواله ، من أصدقاؤه ؟ كيف يمضي الوقت معهم ؟ بماذا يشعر في المدرسة ؟ أي أستاذ تأثرت به يا بني ؟ ماذا قال لك ؟ هذا الحوار موضوع هذا اللقاء الطيب .
●●
..الجلوس مع أولادك هي أكبر مهمة لأنهم جزء منك~
أول شيء اجلس معه ، لكن لا ينبغي أن تكون واقفاً ، وهو دون بكثير ، تملي عليه الأوامر ، ولا أن يكون هو واقفاً وأنت مضطجع ، ينبغي أن تجلس معه ، أن يكون إلى جانبك ، أو أن يكون تجاهك ، نوع الجلسة يختلف ، لا تكون أعلى منه ، ولا أعلى منك ، اجلس معه إما إلى جانبك ، أو باتجاهك .
الجلسة الودية أهم شيء أن لا تكون سريعة ، قبل الدوام بعشر دقائق ، قبل الطعام ، قبل اللقاء ، قبل مجيء الضيوف ، الجلسة السريعة لا تثمر ، اجلس معه وأنت تشعر أن الوقت بعد هذا اللقاء ممتد ، لعل الحديث يكون ذا شجون ، لعلك ترى ابنك قد تأثر تأثراً بالغاً ،
اجلس معه في جلسة مفتوحة ، مفتوحة لساعة مثلاً ، أما لدقائق ، قبل المغرب ، قبل الصلاة ، قبل الطعام ، قبل الموعد ، قبل مجيء الضيوف ، لا ، اجلس معه في وقت مفتوح وحاول أن تحاوره ، وحاول أن تأخذ منه ، وأن تعطيه ، وأقول لك بكل دقة حاول أن تجعله صديقك .
أعرف آباء كثيرين أُلهموا هذه الطريقة بالمعاملة ، فكان أبناؤهم أقرب الناس إليهم وكانوا معهم ، وكانوا ظلهم .
●●
..الشروط الواجب تحقيقها أثناء جلوسك مع ابنك للحوار ~
أين تجلس معه ؟ المكان ، الهيئة ، لا تكن أنت واقفاً ، أو هو واقف ، اجلس معه وجهاً لوجه ، أو جنباً إلى جنب ، لكن أين تجلس في مكان مألوف ، مثلاً غرفة الجلوس فيها صخب ،
الأولاد صغار يضحكون ، يتراكضون ، هذا الجو ليس جواً صالحاً للحوار ، اجلس معه في غرفته ، أو في غرفتك ، أو في غرفة خاصة ، لعله أراد أن يقول لك شيئاً ، لن يقوله أمام أمه ، لعله أراد أن يقول شيئاً لن يقوله أمام إخوته ، هيئ مكاناً على انفراد بينك وبينه ،
دائماً وأبداً النصيحة من الأب على انفراد مقبولة ، النصيحة من الأب ولو مع التأديب على انفراد مقبولة ، أما أمام إخوته الإناث تثور كرامته ، أمام أصدقائه ، لا ، حاول أن يكون هذا اللقاء بينك وبينه ، وفي غرفة مريحة ، والوقت مفتوح ، وإذا أمكن أفضل مكان خارج البيت ، في مكان جميل ، في جلسة مريحة ، لا أقول نزهة لكن شبه نزهة ،
أحياناً في مكان منضبط لا يوجد ولا مشكلة ، قد يكون مطعم مثلاً خذه ، يشعر له شأن كبير عندك ، هو غالٍ عليك ، أنت حريص على أن تجلس معه ، أنت لا تعلم كم هي الثمرة حينما تجلس مع ابنك ، ويعلم ابنك علم اليقين أنك مشغول ، وعندك مهمات ، لكن هناك عتب دائماً أنه : يا أبتِ أنت لنا ، عملياً الأب ليس لأولاده للغريب ،
●
●
يتألمون ، ويعتبون ، نحن الأصل ، غيرنا أنت لهم وغيرك لهم ، أما نحن من لنا غيرك ؟ أنت تظن أنه أنا أمنت الطعام والشراب ، أمنت الكساء ، هذا شيء لابدّ منه ، لكن هناك حاجة عند الطفل ، أو عند الشاب إلى اهتمامك ، كيف أن الابن بحاجة إلى الغذاء هو بحاجة إلى عطف أبيه ، إلى اهتمام أبيه ، إلى مودة أبيه ، إلى وقت يجلسه مع أبيه ،
دائماً تسبه وتلعنه ، دائماً تشهر به ، وبين أن يكون كظلك ، معك دائماً ، بخدمتك ، يدك اليمنى ، فرق كبير ، تتخذه صديقاً ولابدّ من جلسة حوار معه .
لابد من أن تجالسه على هيئة معينة ، وفي مكان مريح ، والوقت مفتوح ، ولابدّ من أن تجالسه في وقت ليس هو مشغول فيه .
●
●
أحياناً تُدعى إلى نزهة ، وعندك عمل مهم جداً ، لابدّ من أن تنجزه ، لن تسر بهذه النزهة ما دام في عمل ، حينما تختار وقتاً مناسباً ، مكاناً مناسباً ، هيئة مناسبة ، وقتاً مفتوحاً وتحاوره ، تكون قد قطعت معه مراحل كثيرة .
●●
..أسلوب الزجر والشتيمة والنقد من أخطر أساليب الحوار بين الآباء و الأبناء~
هناك ملاحظة أحياناً أعد أخاً في الصباح ، صباحاً الإنسان نشيط ، استيقظ من النوم جسمه نشيط ، أحياناً الموعد عقب يوم مليء بالمتاعب ، تجد ما عندك إمكانية أن تحاور ، ما عندك إمكانية أن تتابع الأمر متابعة دقيقة ، ما عندك إمكانية التركيز ، طبعاً الموضوع عام ،
إن أردت أن تلتقي بإنسان ، والإنسان مهم طبق هذه الشروط نفسها ، الحوار له شروط .
أولاً :
(( علموا ولا تعنفوا )) .
.
أي أسلوب الزجر ، والشتيمة ، والنقد ، هذا مع الأسف الشديد أكثر الاتصالات الهاتفية تؤكد هذا الموقف من الأب ، ما عنده إلا السُباب ، ما عنده إلا التشدد ، ما عنده إلا اللوم ،
ما عنده إلا الدعاء على أولاده ، البيت مكروه صار عند الابن ، تجد الابن دائماً خارج البيت مع أصدقائه ، لا يحتمل النقد ، والتعنيف ، والسُباب ، والتجريح ، إضعاف الثقة بالنفس ، من لم يعرف الله عز وجل يكن أسوأ أب .
●●
..بطولة الإنسان لا أن يكون محترماً من أولاده فقط بل أن يكون محبوباً عندهم أيضاً~
أخوانا الكرام ، هناك حقيقة سأقولها لكم ولكن مع التأكيد عليها ، ثقافة الشرق أوسطية إن صحّ التعبير ، الثقافة الإسلامية الآن محترمة ، لكن ما كل أب محترم محبوب أنا أخاطب الآباء أحياناً ، بطولتك أيها الأب لا أن تكون محترماً من أولادك ،
أن تكون محبوباً عندهم ، فالحب يحتاج إلى بذل جهد ، يحتاج إلى وقت ، يحتاج إلى مال ، يحتاج إلى أن يرى هذا الشاب أن أباه شيء مهم جداً بالنسبة إليه .
●
●
انطلاقاً من هذه الحقيقة أقول لكم : العمل عبادة ، أنت حينما تتقن عملك ، وتكسب مالاً معقولاً ، وتنفقه على أولادك تشدهم إليك ، الأب الذي ينفق على أولاده بالمعقول محترم جداً و محبوب ، أولاده له ، أما مقصر في عمله مع التقصير يوجد دخل ضعيف ، مع الدخل الضعيف كل شيء طلبه ابني ما معي إياه ، دائماً ما معك ؟ يقول لك : لماذا أنجبتنا إذاً يوجد سؤال كبير .
●
(العمل عبادة )
فأنا من هذا المنطلق أرى أن العمل عبادة ، أنت بالعمل الزوجة والأولاد إليك ، أجمل كلمة قالها صحابي جليل : حبذا المال أصون به عرضي ، وأتقرب به إلى ربي ، حينما أقول حبذا المال لا أقصد به البذخ ، لا أقصد الإتراف ، التبذير ، إطلاقاً ، لكن جاء الشتاء الابن عنده معطف ؟
عنده كومبيوتر صغير ؟ يوجد أشياء بسيطة مؤمنة ، حاجاته الأساسية مؤمنة ، إذاً الابن مشدود إلى أمه وأبيه ، إذاً لا تزجره .
(( علموا ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف )) .
.
●
●
أنا أذكر مُدرسة قالت لطالبة عندها : أنت غبية ، هذه الكلمة سارت معها عشرين عاماً ، عقدتها ، يقسم بالله شاب ، أو طفل أصح ، دخل إلى المسجد وصلى بالصف الأول ، هم كانوا سبعة ، لكن الذي كان إلى جانب الطفل ما انتبه أنهم سبعة أشخاص ، فدفعه نحو الخلف ، هذا الطفل الذي دُفع نحو الخلف ترك المساجد لخمسة و خمسين سنة ، يقول : من هذا الدفع لم أتجه إلى المسجد ، طفل ، الأطفال أحباب الله .
●●
..أولادنا الورقة الرابحة الوحيدة في أيدينا ~
والله أيها الأخوة ، أقول وقلبي يعتصر : لم يبقَ في أيدي المسلمين من ورقة رابحة إلا أولادهم ، والأولاد يعني المستقبل ، لا تعنف ، لا تسب ، لا تزجر ، لا تضرب ، هذه كلها أساليب لا تجدي ،
هذه الأساليب تجعل شرخاً كبيراً بينك وبين ابنك ، هذه الأساليب تجعل ابنك ينافق لك ، يقول لك ما يرضيك ، وله أفكار أخرى ، أما حينما يحبك يصارحك ، هكذا قال لي صديقي ، بابا ما قولك ؟ حينما تفلح أن يكون ابنك صديقك فأنت أب مثالي ، أحياناً يكون نبرة صوت حادة ، كلام لطيف ، كلام رقيق ، يعني الكلمة الطيبة صدقة ، الابتسامة صدقة ،
أن تربت على كتفه شيء مسعد ، حديث لطيف مع ود ، الوقت مفتوح ، مرتاح أنت وهو ، هذا اللقاء قد يكون له آثار كبيرة جداً .
●●
..الله عز وجل أوامره مشفوعة بالتعليل فعلى كل أب أن يعطي ابنه الأمر مع التعليل: احتراماً له~
مثلاً هذا الإله العظيم الذي خلقنا له أن يأمرنا ، طبعاً ، أن يأمرنا وكفى ، من دون تعليق ، من دون تعليل ، من دون حكمة ، قال لنا :
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ .
( سورة التوبة الآية : 103 ) .
إله ، يأتي الأمر مشفوعاً بالتعليل ، بالحكمة ، أراد أن يقنعك بهذا الأمر لا أن يأمرك .
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾ .
( سورة التوبة الآية : 103 ) .
مثل آخر :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ .
( سورة البقرة ) .
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ ﴾ .
( سورة العنكبوت الآية : 45 ) .
﴿ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ ، إله ، كن فيكون ، زل فيزول ، أعطاك الأمر ، أعطاك التعليل ، فإذا أنت كلما أمرت ابنك أمراً قل له يا بني هذا الأمر لصالحك ، من أجل مستقبلك ، من أجل مكانتك ، من أجل سمعتك ، من أجل نجاحك في العمل ،
إله كن فيكون ، زل فيزول ، أعطانا الأمر مع التعليل ، فأنت من باب أولى أنت أب أن تعطي الأمر مع التعليل ، لأن التعليل احترام له .
أنا مرة كنت بمنصب قيادي ، مدير ثانوية ، عندي مئة و ثلاثة عشر مدرساً ، وعندي موجهون ، وعندي أمين سر ،
وعندي ، فأجمع كل فئة على حدة ، أقول لهم : نحن جميعاً فريق عمل ، في موضوع ، في عندنا مشكلة ، ما الحلول عندكم ؟ إما أن أقنعكم بما عندي من حلّ ، أو أن تقنعوني ، هذا الحوار يعمل وداً ، يعمل تألقاً ، يعمل انتماءً ، يعمل تطبيقاً .
●●
..الشدة تعلم الأولاد النفاق و الكذب~
أخوانا الكرام ، هناك نقطة مهمة ، لما غلط ضربته ، أي خطأ جاءه الكف ، انتهى ، لا يأمنك أبداً ، بدأ يكذب عليك بكل شيء ، صار في موقفين ، أنت بشدتك علمته النفاق ، بشدتك علمته الكذب ،
بشدتك علمته أن يكون هو بوادٍ وأنت في وادٍ ، أما بالود والحوار تجعله صديقك ، أنا أعرف أمهات كثيرات من قريباتي ، البنات صديقاتها ، ما الذي حدث في المدرسة يُبلغ للأم ، والأم توجه ، ماذا قيل لك ؟ أين ذهبت ؟ ما الذي حصل معك؟.
أيها الأخوة ، أنا أحياناً ألتقي بأخ كريم ، في ود بالغ ، في سلام بمنتهى الأدب ، في ابتسامة ، ومع ذلك يحضر عندي عشر سنوات أقول لا أعرفه ، لماذا لا أعرفه ؟ ما سمعت منه كلمة ، لما يتكلم أعرف مستوى وعيه ، مستوى إدراكه ، لغته ، نصوصه ، محاكمته ، مهما إنسان داوم بجامع لسنوات تلوى السنوات ما دام ما تكلم ما احتككت فيه ، أحياناً اُسأل عن أخ من أجل الزواج ، أقول والله لا أعرف شيئاً ، عندي من ثمان سنوات لكن ولا مرة زارني بالبيت ، ولا مرة جلست معه وحدثته ، ولا حدثني ، لا أعرف شيئاً عنه ، إلا أنه لطيف ، وسلامه حار ، ومبتسم فقط .
●●
..عدم معرفة طريقة التفكير عند ابنك و ملاحظته و لغته إلا عند محاورته~
عندما ابنك يحكي لك ، ترى لغته ، تفكيره ، قيمه ، مبادئه ، ما الشيء الذي لفت نظره ؟ لماذا حفظ هذه القصة ولم يحفظ تلك ؟ لما يحكي الابن تكشف كل شيء ، دائماً الابن يتلقى تعليمات منك ، وساكت ، تعليمات وساكت ، لا تعرف شيئاً عنه ، لما تعطيه مجال يحكي ، يشرح ، يبين ، يؤكد لك بعض الأشياء تنتبه أنت .
إذاً لن تعرف ابنك إلا إذا حاورته ، طريقة تفكيره ، ملاحظته ، ذاكرته ، لغته ، نصوصه ، مثلاً ممكن يكون موضوع الحوار مشكلة ، أحياناً يكون كلاماً مفتوحاً ، لا يوجد قاعدة ، لا يوجد محور ، لا يوجد بنود ، لقاء عفوي ، من قصة إلى قصة إلى قصة .
●
●
مرة قال لي أخ كريم : حضرت خطبة عند إنسان فتح 28 موضوعاً ، ما أغلق ولا واحد ، خواطر ، خواطر ، خواطر .
●●
..الحوار بين الأب و ابنه يقوم على النهوض بالابن و الاستماع إليه ~
أحياناً اللقاء إذا لم يكن مُعَداً ، خواطر عشوائية ، أما لو فرضنا أنا جلست معه أحاوره في موضوع دراسته ، موضوع الدراسة ، هل هناك مواد صعبة عليك ؟ هل هناك مواد تحتاج إلى مدرس خاص ؟ أي مادة تعلقت بها ؟ تعرف أن هناك مواد تفوق بها ، مواد لم يتفوق بها ، أما أنه لا أعرف شيئاً عنه ، اجعل باللقاء موضوع واحد ، موضوع محدد ،
أو في مشكلة في البيت التأخر مثلاً صباحاً ، كيف تعالج هذه المشكلة ؟ يعني دائماً المدرسة تشكو لأولياء الصغار تأخرهم عن المدرسة ، هذه مشكلة كيف تعالج ؟.
أنا أقدم لكم موضوعاً عن الحوار بشكل عام ، ممكن تحاور زوجتك ، أولادك أصدقاءك .
إذاً حبذا لو كان في موضوع محدد للحوار ، ودائماً الموضوع عرض المشكلة ، طرح حلول ، مناقشة هذه الحلول ، أو عرض البديل لهذه الحلول ، أحياناً هناك إنسان دون أن يشعر عنده رغبة بتصيد الأخطاء ، هذا نموذج موجود ، إذا الأب هدفه الأول يتصيد أخطاء أولاده هذه مشكلة كبيرة ، الحوار لا ينجح ، ممكن يغلط بكلمة ،
ممكن يعطي رقماً غير صحيح ، أنت تناسى سبعة ثمانية أخطاء ، وحاسبه على واحدة ، أما هذه غلط ، هذه غلط ، قام أسكته ، انتهى ، أنا أقول : الحوار قضية أن أنهض به لا أن أحاسبه .
سيد الخلق وحبيب الحق ، هذا الإنسان العظيم كان مستمعاً من الطراز الأول ، أكثر الأشخاص المثقفين اللسان طليق ، لكن بطولتك كإنسان أن تتقن فن الاستماع ، وتراه يصغي للحديث بسمعه وبقلبه ، ولعله أدرى به ، كان عليه الصلاة والسلام حينما يأتي إلى البيت قد تحدثه السيدة عائشة حديثاً طويلاً ، مرة حدثته عن أبي زرع وأم زرع ،
قصة طويلة ، ووقت طويل استغرق لروايتها ، وهو يصغي لها ، حدثته عن شجاعته ، وعن كرمه ، وعن محبته لزوجته ، ثم إنها في النهاية قالت له : غير أنه طلقها ، النبي علق على هذه القصة قال : وأنا كأبي زرع لأم زرع غير أني لا أطلقك .
أنت قد تكون عالماً كبيراً ، مثقفاً ثقافة واسعة ، الإصغاء للآخر بطولة وذكاء وأخلاق عالية .
.(آداب الحوار ).
إذاً ابتعد عن تصيد الأخطاء ، وابتعد عن المقاطعة ، كن مستمعاً لبقاً له ، أحياناً أخطأت ، ارتكبت خطأ كبيراً ، أنا أسأله ما قولك بهذا العمل يا بني ؟ هل تعتقد أنه صواب أم خطأ ؟ اجعله هو ينطق أنه خطأ ، القصة كلها ممن يملي على الآخرين ، أو ممن يحاورهم ليصل معهم إلى النتائج ، يوجد بالقرآن أساليب كثيرة ،
فيها حوار مع الطرف الآخر كي يوصلهم ربهم إلى نتيجة كان من الممكن أن تفرض عليهم ، هذه القواعد في الحوار تصلح مع كل الأطراف ، مع زوجتك ، حتى مع رئيسك في الدائرة ، عود نفسك النفس الطويل بالحوار.
أحياناً في نظر حاد ، وفي نظر لطيف ،
لا تشد نظرك إلى الآخر ، نظر رفيق ، أحياناً العين تنتقل يمنة ويسرة ، علواً ، وسفلاً ، أما أحياناً التحديق المستمر بشخص هذا شيء يبتعد عن اللباقة في اللقاء ، يجب أن يشعر وأنت تحاوره أنه في أمان ،
وأنه بالإمكان أن يدلي بآرائه ، ولو أنها لا تعجبك ، يعني أحياناً في مدرس ديانة في سؤال من طالب ما عنده جواب له ، لكن محرج مثلاً ، يصب عليه نقمته ، وغضبه ، ويتهمه بالكفر ؟ لا .
● ●●
قال له : ائذن لي بالزنا (والله لا يوجد أوقح من هذا السؤال) شاب قال للنبي الكريم ائذن لي بالزنا ، الصحابة ضجروا ، قال لهم : دعوه ، تعال يا عبد الله ، اقترب اِقترب ، قال له : أتحبه لأمك ؟ قال : لا ، قال : ولا الناس يحبونهم لأمهاتهم ، لأختك ؟ لخالتك ؟ لعمتك ؟ لابنتك ؟ يقول هذا الشاب : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وما من شيء أحب إليّ من الزنا ، وخرجت من عنده وما من شيء أبغض إلي من الزنا .
هذا حوار أيضاً .
. ● .
..تنمية الفكر عند الأبناء و تعليمهم الانضباط ~
لو أن هناك مشكلة لها مجموعة طرق (حلول عديدة) ، حاول أن تعينه أن يميز بين الحلول ، ما قولك في الحل الأول ؟ الثاني ؟ الثالث ؟ أيهما أفضل ؟ أنت تنمي له فكره ، تعلمه أنه قد يكون للمشكلة حلّ ، وقد يكون لها أكثر من حل ، فالآن المهمة أن توازن بين الحلول ، هذا أيضاً شيء مهم في الحوار .
هناك ثانوية ، في بكل صف قائمة بالأخطاء المألوفة ، التأخر ، عدم إحضار الكتاب ، التكلم من دون إذن فرضاً ......، فكل خطأ إلى جانبه رقم 10 ، وباليسار التفوق ، حصل على علامة تامة بمادة الرياضيات مثلاً ، مذاكرته الشفهية كانت بعلامة تامة ، إلى جانب هذا البند 20 ، ففي بطاقة فيها مئة نقطة فكلما أصاب يضاف إلى هذه النقط نقاط ،
وكلما أخطأ يحذف منها نقاط ، فتجد الانضباط بهذه المدرسة شيء لا يصدق ، أن هذه البطاقة في آخر العام جمع ألف نقطة ، أو ألفي نقطة ، يستطيع أن يأخذ مقابل الألفي نقطة كومبيوتر محمول ، صار الخطأ محسوب ، الخطأ يخسره نقاطاً ، والصواب يضيف له نقاطاً ، في أساليب لا تضطر تضرب ، ولا تزعج صوتك ، ولا تبلغ أهله .
.●.
..التربية علم قائم بذاته ~
دائماً التربية علم قائم بذاته ، التربية علم ، حبذا لو أتقن الآباء والأمهات قواعد التربية ، تجد البيت انتظم بلطف ، وبلا صخب ، وبلا ضجيج ، وبلا رفع أصوات ، في بيوت فيها اضطراب شديد ،
في بيوت من حكمة الأب والأم وإتقانهما لقواعد التربية تجد البيت الحركة فيه تتم بسلاسة .
بعد ذلك دائماً وأبداً إذا كل عمل مكافأة ، وكل عمل سيء له ثمن ، لا أقول ضرباً لكن هناك ثمن ، مادام الأعمال مقيّمة ومبرمجة ، مكافآت ، وفي عمل آخر له عقوبات ، صار في انضباط ، إذا أنت مدرس أعطيت وظيفة تفقدت من كتب أو من لم يكتب ، اليوم الثالث لا أحد يكتب الوظيفة ، ما دام في متابعة ، عود نفسك المتابعة ، إذا ابنك وعدك بشيء سجلها عندك ، بعد يومين هل فعلت هذا ؟ أبي لا ينسى ،
إذا وعدك بشيء سجله عندك ، حاول أن تتابع الأمر ، المتابعة جزء من التربية ، بنهاية الحوار وعدك بشيء ، أنت نسيت تسأله أول مرة نسيت تسأله ، والمرة الثانية نسيت تسأله ، يقول أبي لا يتذكر شيء ، التغى الحوار ، إذا اتفقت مع ابنك على خطوة يفعلها وسجلتها عندك ،
وبعد يومين طالبته بها على عدة مرات يقول لك : أبي لا ينسى أبداً ، هذه نقطة مهمة تعينك بعملك مع الموظفين ، مع أي إنسان لو تعطي أمراً ولا تتابعه تلتغى مكانة أمرك كلياً .
. ● .
..الأب العاقل يعطي ابنه فرصة ثانية إذا أخطأ ليعود إلى الصواب و يترك الخطأ ~
أحياناً يكون العقاب أن تحرمه من شيء تحبه كثيراً ، يعني في نزهة يوم الجمعة فرضاً ، فإذا في خطأ تقول له أنت محروم من النزهة ، ليس هناك داعٍ للتعنيف ، الشيء المحبب له ممكن أن يكون وسيلة لتأديبه ، له مبلغ كل يوم ، إذا أخطأ ، ليس هناك داع لأن تضربه ،
أو ترفع صوتك ، اليوم القادم ما في مبلغ مقابل الخطأ الذي ارتكبته ، أصبح الخطأ له ثمن ، الأب الناجح يعطي فرصة لابنه أن يتوب ، فإذا تاب كأنه لم يفعل هذا الذنب إطلاقاً ، عندما يشعر الابن أن كل خطأ ارتكبه وتركه انتهى لم يعد يحاسب عليه سيشعر بالراحة .
أعطِ فرصة للتائب أن يتوب ، بلغني ببعض البلاد المتقدمة طبعاً مادياً ، لكل مواطن صحيفة اجتماعية ، فإذا أخطأ ولو مخالفة سير تسجل ، إذا مضى سنتان دون أن تكرر تمحى المخالفة آلياً .
أعطِ فرصة لابنك إذا أخطأ أعطيه فرصة ، يقول لك : أنا لم أعد أعيدها ، وإذا ما عادها ارجع معه تماماً كما كنت من قبل ، هذه نقطة مهمة جداً ، في مجتمعات لا ترحم إذا إنسان أخطأ هذا الخطأ دائماً يُذكر به ، أما إذا في خطأ وفي عودة إلى الصواب ينبغي ألا يذكره بخطئه إطلاقاً .
أحياناً الأب يدعو لأولاده ، الله يوفقك يا بني ، إن شاء الله أراك في المستقبل من ألمع الأشخاص ، كلمات لها أثر كبير ، أنت لن تصبح إنساناً ، كل يوم ، كل يوم ، يتحطم يكون الابن ذكياً لكن الأب عصبي ، كل كلمتين أنت مالك مصير ، بعد ذلك سيصدق .
. ● .
..من زاد في تعنيف ابنه أضعف ثقته بنفسه ~
الآن نحن كمسلمين من كثرة ما قالوا عنا إرهابيين ، إرهابيين ، صدقنا ، اتهامات يومية ، صار الواحد يشك بنفسه ، كمثل ، لكن مثل كبير جداً .
فكلما كان تعنيفك للابن كثيراً ، أضعفت ثقته بنفسه ،
أنا أحياناً أجد طالباً ضعيفاً في مادة ، أنا أعطيه سؤالاً سهلاً جداً ، يجيب عنه إجابة تامة أثني عليه ، هذا الثناء يعمل له معنوية عالية ، رأساً يذهب للبيت يكتب الوظيفة ، يحاول أن يتابع ، فإذا وجدت من ابنك تفوقاً بسيطاً أثني عليه ، وتكلم لأمه أمامه ، اليوم هكذا فعل فلان ،
لأخوته ، دعه يشعر أنه تفوق ، هناك شخص همه أن يحطم أولاده عن غير قصد ، لكن تربية سيئة جداً يحطمهم ، يحطمهم ، أنا أرى أن الابن قدم شيئاً جيداً أثني عليه ، وأذكر هذا الشيء مرات عديدة لأخوته ، لأقاربه ، جاء أقرباؤه ذكر لهم هذا الشيء ، فيشعر بالاعتزاز .
● ● ●
الحقيقة التربية فن ، والتربية بطولة ، وأرجو الله سبحانه وتعالى أن نطبق هذا الموضوع في الحوار مع من نحب .
والآن الحديث في العالم كله عن الحوار ، والأولى الحوار مع الأولاد ، مع الزوجة ، مع الأقارب ، مع الأصحاب .
والحمد لله رب العالمين.
الصفحة الأخيرة
إخوانا الكرام ، الصدق أمانة ، والكذب خيانة ، الصدق أمانة والكذب خيانة
لكن في حديث يقصم الظهر :
(( كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثاً هو لك مصدق أنت به كاذب )) .
.
لا تحابي نفسك ، إن حدثت أخاك حديثاً وهو لك به مصدق ، وأنت له به كاذب فقد ارتكبت خيانة ، خيانة كبيرة جداً .
(( كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثاً هو لك مصدق أنت به كاذب )) .
.
والكذب مهما يكن في توافه الأمور فهو كذب ، كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أقربائه فيما يبدو ، فسمع امرأة تقول لابنها تعال هاك أي خذ ، فالنبي انتبه ، قال لها ماذا أردت أن تعطيه ؟ قالت : تمرة ، قال : أما إنه لو لم تفعلي لكتبت عليك كذبة ، تعال هاك.
لي قريب مقيم بأمريكا ، جاء في الصيف ، فابنه الصغير يبدو أنه نشيط نشاطاً زيادة عن الحدود الطبيعي ، فجدته قالت له : اهدأ ومساء سآخذك إلى مكان جميل ، فهدأ لأنه صدقها ، فارتاحت ، في المساء لم تأخذه ، وهي بالأساس لا تنوي أن تأخذه ، لكن بهذه الطريقة تسكته ، هو صغير جداً قال لجدته : أنت إنسانة كاذبة .
●●
..على كل إنسان أن يلتزم الصدق لأن الصادق إنسان عزيز النفس~
يا أخوان الأب قدوة ، إياك ، ثم إياك ، ثم إياك أن تكذب لا على أولادك ، ولا على زوجتك ، قل الحق ولو كان مراً ، الصادق عزيز النفس .
عفواً لو أنت ذهبت إلى بيروت ، وقال لك شخص : أرجو أن تأتي بهذه الحاجة وأنت نسيته ، فلما عدت سألك ، هل أتيت بها ؟ لو قلت له مفقودة ، هو ما عنده إمكانية يحقق ، سكت ،
لكن أنت ألا تصغر أمام نفسك ؟ يصبح انهدام داخلي ، لو تجرأت وهو إنسان غالٍ عليك ، قلت له والله نسيت ، ينزعج منك ، لكن بعد الانزعاج تشعر بعزة الصدق ، تكلم ، قل نسيت ، لا تقل ما وجدتها
●
●
يعني في حالات كثيرة جداً لا يستطيع الآخر أن يكتشف الآخر ما إن كان صادقاً أو كاذباً ، كن صادقاً ، وهييء نفسك لموقف صعب ، لكن الصدق منجاة ، والكذب مهواة .
أي الأب ، الأم ، المعلم ، الأخ الأكبر ، مدير المحل ، مدير معمل ، مدير جامعة ، مدير مستشفى ، حاول أن تقول صادقاً .
هل تصدقون أن أحد رواة الحديث الشريف ، لأنه كذب على فرسه الذي أتى من المدينة إلى البصرة ليأخذ حديثاً عن هذا الراوي ، من المدينة للبصرة ، جاء ليأخذ حديثاً عن أحد الرواة ،
قبل أن يصل إليه رآه يجمع ثوبه هكذا ، موهماً فرسه بأن فيها شعيراً ، فلما أقبلت عليه أمسك بزمامها ، لا يوجد شعير ، لم يقبل أن يأخذ عنه الحديث ، أي الذي يكذب على فرسه ليس مؤهلاً أن يؤخذ عنه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أحبّ شيء إلى الله تعالى الشاب التائب :
●
●
أيها الأخوة ، (( إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر )) لما أنت تصدق مع الناس بعد حين تصدق مع نفسك ، وبعد حين تصدق مع ربك ، والله الذي لا إله إلا هو لو ألغي الكذب من حياتنا ، لكنا بحال آخر ، المرأة صادقة ، الزوج صادق ، المدير العام صادق الموظف صادق ، أما آلاف الحالات بإمكانك أن تكذب ، ولا أحد يكتشف أنك كاذب .
(( كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثاً هو لك مصدق أنت به كاذب )) .
.
لذلك ورد في الأثر :
(( أحب ثلاثاً ، وحبي لثلاث أشد ، أحب الطائعين ، وحبي للشاب الطائع أشد))
يعني إنسان بالثمانين لا يعصي الله ، أما بالخامسة عشر ، بالسادسة عشر ، بالثامنة عشر كتلة اندفاعات ، كتلة شهوات ، لا يوجد شيء أحب إلى الله تعالى من شاب تائب.
(( إن الله يباهي الملائكة بالشاب التائب ، ويقول انظروا عبدي ترك شهوته من أجلي )) .
(( أحب ثلاثاً ، وحبي لثلاث أشد ، أحب الطائعين ، وحبي للشاب الطائع أشد ، أحب المتواضعين ، وحبي للغني المتواضع أشد)) .
والله أيها الأخوة ، لو التقيت بغني مؤمن تشتهي الغنى منه ، من تواضعه ، من سخائه ، من حبه للآخرين .
(( وأحب الكرماء ، وحبي للفقير الكريم أشد )) .
يحب الطائعين وحبه الشاب الطائع أشد ، يحب المتواضعين وحبه للغني المتواضع أشد ، يحب الكرماء وحبه للفقير الكريم أشد .
(( أبغض ثلاثاً ، وبغضي لثلاثٍ أشد ، أبغض العصاة ، وبغضي للشيخ العاصي أشد )) .
(( وأبغض المتكبرين وبغضي للفقير المتكبر أشد )) .
يكذب ، يدعي ما ليس له ، كيف يستطيع الفقير أن يتكبر ؟ بالكذب .
(( وأحب الكرماء ، وحبي للفقير الكريم أشد )) .
●●
..الدين منهج موضوعي عليك أن تطبقه حتى تقطف ثماره ~
أيها الأخوة ، لابد من أن نقف وقفة متأنية عند ما يجري في البيت ، هذا الطفل ما في داعي أن نعمل له محاضرات ، يكفي أن نكون قدوة له ، القدوة قبل الدعوة ، يكفي أن تكون أنت مثلاً أعلى لهم ، وأمه كذلك ، وأخوه الأكبر كذلك ، الأمر يستقيم ، أحياناً تقول التربية تحتاج إلى معلومات ، إلى دراسات ، لا ، لا ، عندنا قاعدة : الانتفاع بالشيء ليس أحد فروع العلم به ، كيف ؟
يأتي إنسان يحمل دكتوراه في التكييف ، جامعة كبيرة ، يشتري مكيفاً ، يضغط مفتاح التشغيل يأتيه الهواء البارد ، لكنه على علم بكل ما يجري بهذا الجهاز ، موضوع الغاز ، تحول الغاز إلى جو بارد ...إلخ .
لو جاء إنسان لا يقرأ ولا يكتب واشترى مكيفاً ، وضغط مفتاح التشغيل يأتيه الهواء البارد مع أنه لا يفقه شيئاً مما يجري في هذا الجهاز ، فقال العلماء : الانتفاع بالشيء ليس أحد فروع العلم به .
يعني أنت حينما يصدق ابنك ، من دون تعمق ، من دون تحليل ، من دون فلسفة ، يقطف كل ثمار الصدق ، وحينما يكذب الإنسان من دون تحليل ، من دون تعميق ، من دون يتحمل كل نتائج الكذب .
فعظمة هذا الدين ، منهج موضوعي ، هو أنت حللته تحليلاً عميقاً ، لو لم تحلل هذا المنهج يكفي أن تطبقه ، حتى تقطف كل ثماره .
●●
..الصدق يجب أن يكون شمولياً يشمل كل أفراد الأسرة ~
لذلك هذا الموضوع موضوع الصدق يجب أن يكون شمولياً ، بدءاً من الأب وانتهاءً بالصغير ، حتى في دراسات الآن الطفل الرضيع أحياناً تنظفه ، وتطعمه ، ويبكي فإذا حملته عودته وهو في سن الشهر أنه لو كان قد أكل ، وارتوى ، وكان نظيفاً ، لكن يحب من يعتني به زيادة ، فيبكي تحمله ، أما في أب لا يحمله ، ما دام نظيفاً وآكل أكلاً جيداً ،
لا يحمله ، ما عاد يبكي بلا سبب ، أنت عودته يبكي بلا سبب ، لما حملته عودته يبكي بلا سبب .
إخوانا الكرام ، أكثر ما يعاني الآباء من أبنائهم في سنوات متقدمة من حياتهم أخطاء مارسوها حينما كان الأطفال صغاراً .
والحمد لله رب العالمين.
./...انتهت الدورة الرابعة ,.