


أختاه.. يا من غاصت في أوحال الذنوب والمعاصي يا من تكابد في هذه الدنيا لجمع ما فيها ولم تعلم
أن كل ما تجمعه سيزول يومًا من الأيام يا من ترى المنكر في غيرها ولا تنكره تراه في أعز الناس عليها ولا تنكره
أقول لك يا أختاه هذه الأبيات:
إنما الدنيا فناء *** ليس للدنيا ثبوت
إنما الدنيا كبحر *** يحتوي سمكا وحوت
ولقد يكفيك منها *** أيها الطالب قوت
فاغتنم وقتك فيها *** قبل ما فيها يفوت
أختاه.. إن كنت تريدين الفوز بشيء من هذه الدنيا الزائلة بعد موتك.. ليس الفوز بالمال والجاه والمنصب
بل العمل الصالح الذي سبق بعد الموت
فالدنيا لن تدوم لأحد ولن يجني المرء سوى العمل الصالح...
فقد قال العزيز الحكيم في كتابه الكريم: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَْنْهَارُ}..

فشمري عن ساعديك قبل فوات الأوان قبل أن يفوتك قطار الحياة فحينئذ لن تستطيعي اللحاق به:
يا من بدنياه اشتغل *** وغره طول الأمل
اَلموت يأتي بغتةً *** والقبر صندوق العمل
فلا تسوفي وتؤجلي أعمال الخير والصلاح وتقولين: غدًا أفعل كذا عندما أكبر سأتمسك
بهذا الدين وأفعل الطاعات وأترك المحرمات الآن لا زلت صغيرة على ذلك.
أختاه الموت لا يعرف صغيرًا ولا كبيرًا لا يعرف مريضًا ولا صحيحًا لا يعرف عبدًا ولا حرًّا..
فكم هي أبواب الخير كثيرة، وكم هي وسائل الدعوة وفيرة،
وكم هم الناس اليوم متعطشون للدعاة الصادقين المخلصين.
ولكن ضعفت العزائم، وخارت الهمم، وخملت النفوس
وقعدت عن المعالي، فأبدلنا الله ذلا بعد عز وصغارا بعد شموخ،
وجهلا بعد علم، وتفرقا بعد إئتلاف، فصرنا في مؤخرة الركب.
فيا شباب الإسلام، يا خدّام هذا الدين العظيم...

عليكم بعلو الهمة في نصرة هذا الدين والذود عنه، فلا ترضوا من الأشياء إلا أعلاها،
ولا ترضوا من تبليغ هذا الدين إلا تمامه، والحذر الحذر من أن تقصر الهمة
عن أن تضرب سهما تلو السهم في نصرة هذا الدين وتبليغه.

الدعوة هذا شعار المسلم المسئول، شعار ينبغي أن يقذف في قلوبنا الإحساس بالمسؤولية،
والخوف على مصائرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، ما خلقنا الله عبثاً
ولا من أجل الأكل والشرب والنوم والتناسل، فتلك مهمة البهائم، لتكون في خدمة بني البشر،
أما الإنسان فقد خلقه الله تعالى لمهمة أسمى وأرفع وأعلى،
هي عبادة الله تعالى وخلافته في الأرض،
{وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة}.
وهذه المهمة السامية والعظيمة في آن واحد، تحتاج همة عالية،
ويقظة دائمة، وشعور بالمسؤولية لا يتوانى ولا يضعف، بقدر حجم هذه المهمة، وبقدر حاجياتها وتبعاتها
كيف بنا ونحن نريد الآخرة، ونسعى إلى نشر الخير والحق بين الناس؟
كيف بنا ونحن نطمع فيما عند الله من الأجر والثواب، عزة وكرامة في الدنيا،
ونعيم مقيم في الآخرة؟
في هذا الوقت والغربة قائمة، غربة الدين ومعالمه، وغربة أهل الحق وابتلاؤهم،
فكوني اخيه ممن وطّنوا أنفسهم وأموالهم على إمضاء العقد الذي أمضاه سلفهم {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم
بأن لهم الجنّة يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون وعداً عليه حقاً
في التوراة والإنجيل والقرآن}.
احبتي في الله
لقد انتهى عهد النوم، وحل محله عهد اليقظة والمثابرة
والكد والجد، فكل ما حولنا يدعو إلى ذلك، وإنها مهمة الأنبياء والمرسلين، ولن ينتصر
هذا الدين إلا برجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، ولا يقيدهم نوم ولا راحة عن
الدعوة والجهاد،
{حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله}.
فكوني انت من هؤلاء واعلي بهمتكِ الى هامات السحب...


جزاك الله خير وبارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك ..