إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره , و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئاتأعمالنا , من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له , و أشهد أن لا إله إلا الله , و أشهد أن محمدا عبده و رسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه و التابعين لهمبإحسان إلى يوم الدين , و سلم تسليما كثيرا .
و بعد :
فإن هذه الرسالة أخطها لكل رجل و امرأة ، حيث كانوا ، حتى نعالج جرحا شققناه بأنفسنا ، و الذي نخشى من أن نتمادى فيه ، فيحل علينا غضب الله و عقابه ، فنندم بعد أن فات وقت الندم .
فالناظر في أحوال الناس هذه الأيام متعلمين أو العوام ، ليجد النظرة الجارحة و المحتقرة لمن رزقه الله بالبنات ، أو بالأصح كان أول ذريته هن الإناث ، فنسمع منهم من يقول:
· (مسكين الله يرزقه ولد!!) ، فأقول لمن يرد على لسانه هذا الكلام ، هل رسول الله محمد عليه الصلاة و السلام إذن مسكين؟؟ هل حرم من
الجنة حين كانت ذريته إناث، و هن أربع بنات من زوجه خديجة رضي الله عنها!!؟
و هل قد حظيت أنت بالرضا من الله و الدخول في رحمته و الأمن من مكره، حين رزقك الله (الابن)!؟
تذكر دائما الآية في سورة الكهف و التي ترددها كل جمعة:( المال و البنون زينة الحياة الدنيا) زينة فقط ، و لكن لم يرد في الإسلام أن
البنات زينة، بل هن حـجــاب و وقاية من النـــار ، نعوذ بالله من حرها و سمومها. (فهل طفاية الحريق عند اشتعالها زينة؟ أم ضرورة ؟؟)
أخي الساخر ، أختي الساخرة:
إن الأبناء الذين رزقكم بهم الله بلاء و فتنة ، فالله تعالى قادر على أن يخطف أنفاسهم في ثانية واحدة ، وهل تشك في ذلك؟
و هو قادر أيضا أن يهب لذلك الرجل الذي تضحك عليه توائما من الذكور.!فهل تستطيع منع ذلك؟!
إذن لماذا التعالي ، و التكبر و الغـــــــــرور ؟!!
كأنك تنسب هذه النعمة لنفسك ، و كأن الأبناء من صنعك لا من صنع الله؟! و كأنك بسخريتك تدعي أنك الخالق لهم و الحافظ و الرازق
و الواهب و العياذ بالله.
ألا تخشى من غضب الله عليك إذا تماديت في هذه المعصية و أخذت تنبز فلان بلقب بأبو البنات احتقارا و سخرية؟؟ أو قولك زوجته لا
تنجب إلا البنات !
اعلم رحمك الله أن اللسان قد يكون نقمة :" ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد"
و اعلم أن نعمة البنين ستسأل عنها هل شكرتها و أديت حق الله فيها من رعاية و تربية على الأخلاق الإسلامية الفاضلة ، أم صرفتها
في التباهي و الغرور و الغطرسة ، و أصبحت أخا لقارون الذي قال :( إنما أوتيته على علم عندي)!!
هل تشكر هذه النعمة أم تكفرها بالجحود ، و نكران الواهب سبحانه.
ثم إن عليك واجب أن تربي أبناءك على أن يكونوا في المجتمع مثل الجسد الواحد، فهو في خدمة المحتاج حيث كان ، و في إغاثة
اللهفان و مساعدته ، فأبناؤك هم أبناء المجتمع المسلم كله ، فلماذا تلمز غيرك و تستهزئ به لأن الله لم يهب له البنين؟ وكان الأجدر
بك أن لا تشعر أخاك المسلم بأنه ضعيف و محتاج ، بل الرجل المستقيم هو من يقول الحمد الله أولادي هم أولاد لك..
· وهناك من يقول لمن وهب الله له البنات :" الله يرزقه الذرية " !! ، كأنه يوضح من هذا الدعاء أن البنات ليسوا من الذرية ، و النسل ،
لاأدري هل يعتبرهن حيوانات؟؟ أم جمادات؟؟
و الله عز وجل يقول :" يهب لمن يشاء إناثا و يهب لمن يشاء الذكور ... الآية.." فهن مذكورات شئت أم أبيت من هبات الله و نعمه ، و
العجيب من ذلك أن بعض النساء تقول هذا الدعاء لمن ليس لديه إلا البنات ! ، و نسيت أنها واحدة من بنات حواء ، فلماذا لم تدفن نفسها في
التراب ، فهي لا شيء!!
و لماذا تبحث عن زوجة لولدها أليست الزوجة أنثى ، و قد اعتبرتها خارجة عن النسل ، إذن من سيلد ذرية لولدها ؟ هل ستزوجه رجل مثله؟؟
فكل من احتقر البنات و تفاخر بالبنين ، سيأتي اليوم الذي يبحث فيه عن أنثى ، لابنه ، كما بحث هو لنفسه ، فهو بحاجة إليها ، و لا يستطيع
أن يستغني عنها طيلة فترات حياته ، و لكنه يتجاهل كل ذلك بهدف الاحتقار و السخرية و الخبث الذي في نفسه تجاه أخيه المسلم.
· ومن الأساليب الساخرة قد تجد أم الزوج و قريباته لا يبشرن بقدوم الأنثى ، وقد لا يكلفن أنفسهن الاتصال بالزوجة المنجبة للأنثى أو زيارتها ، لأنها
لا تستحق ذلك ، ورغبة منهن في جرح مشاعرها و إيذائها

وهن لا يعلمن أنهن بذلك يزدن من نصيب حسناتها ، في حين أن سيئاتهن تتضاعف ، كيف لا و هن يسخرن بها في كل مجلس ، فلانة
عندها ثلاث ، أربع ، خمس ..، ست ... مسكينة ... يوه ..بالتأكيد تريد الولد .. وقد يصل الإيذاء لتخبيب الزوج على زوجته ، بمعنى أن
يطلبن منه أن يطلقها أو أن يبغضها ، ويشعرنه أنه تزوج امرأة ناقصة ، وما علمن أنهن بذلك وقعن في كبيرة من كبائر الذنوب و العياذ
بالله فقد ورد في الحديث النبوي أنه من خبب زوجة أو زوجا على الآخر فهو ملعون و مطرود من رحمة الله ، فلماذا نعرض أنفسنا للطرد
من رحمة الله لمجرد الحسد من فلانة ، و تتبع عثراتها ، و تصيد نواقصها حتى لا تهنأ مع زوجها ، و العياذ بالله.
و أرى من الواقع أن من تسعى لهذا الأمر الخبيث أنه يرتد عليها و على بيتها و أسرتها ، فهي تشغل نفسها في هذه الزوجة التي تحتقرها و
تتبع عثراتها، فيسلط الله عليها من يتتبع عثراتها، و تفاجأ بأن زوجها قد تزوج عليها ، رغم كثرة البنين الذين أنجبتهم ،، فهل أغنوا عنها
من عقاب الله شيئا؟؟ هذا في الدنيا فكيف بالآخرة؟!
· إني لأعجب و حق لي ذلك ممن يتفاخر بالبنين و يحتقر البنات ،
فأتساءل، هل البنون الذين يتفاخر بهم و يغتر بهم يستطيعون رد القضاء و القدر؟؟
هل باستطاعتهم دفع الموت ؟
هل باستطاعتهم دفع المرض ؟
هل باستطاعتهم إطالة عمرك ؟
هل باستطاعتهم كشف الضر و الغم و الهم إذا كتبه الله عليه؟؟
لماذا نعلق أنفسنا بالبنين و نجعلهم مسببين ، و ننسى أن الله هو المحيي المميت الرازق النافع ، فنحن لا نستغني عن ربنا و بحاجة إلى ا
الله و إلى عونه و مفتقرون لرحمته و غفرانه .
إنني بهذه الأسطر لا أنكر نعمة البنين وكذلك البنات ، و لكن أدعو من هذا المنبر إلى توعية أنفسنا أولا ثم أزواجنا و أقاربنا إلى كف اللسان
عن الجزع و السخط ، لأن فلان لم يرزق بالبنين أو أن فلانة حملت وهاهي تنجب المولودة الثامنة أو السادسة ،، و نستهزئ بها في المجالس
، غافلين عن دعوات علينا ستلقى في السحر أو في الثلث الأخير من الليل ، تدعوا على من ذكرها بسوء ، و من اغتابها و آذاها ، أن ينتقم الله
منها ، و أن يجعل الله حياتهم مع أبنائهم شقاء ، و أن لا يروا من أبنائهم إلا ما يسخطهم و يؤذيهم .
و أن يجعل عيشه كدرا ، فهل بنوكم سيردون هذا الدعاء إن كتب الله قبوله؟؟!!
إني أعلم أن كل فرد منكم متيقن كمال التيقن أن البنات نعمة و أن احتقارها من عادات الجاهلية،، لكن السؤال هنا لماذا لا يوافق علمنا العمل؟؟
لماذا نقول ما لا نفعل؟؟
لماذا نحن في قراره أنفسنا نؤمن بأن كراهية البنات عادة قبيحة ، و إذا أردنا أن نوقعها على من لا نحب من أقاربنا و من نحسد من أقاربنا
أصبح أمرا جائزا؟ و أصبحنا نشارك الناس في المجالس فيما هم فيه من باطل؟؟
فنكتب من الردود بخلاف ما نفعل في مجتمعنا ، و ما نمارس في حياتنا.
أرجو أن أكون قد و ضحت ما التبس على الغالبية من الناس ، حين تناسوا أن البنين و البنات هم من عند الله ، و هم من بني آدم الذين قال الله
فيهم :" ولقد كرمنا بني آدم ..."
لنتعاون جميعا على ازالة هذه اللوثة .
و لنهنئ كل منجبة و كل من امتدحها رسول الله عليه الصلاة و السلام بالولود ،، دون أن يحدد الجنس الذي ولدته .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.