جنان الجنة @gnan_algn
عضوة فعالة
<>*** فلســـفة الشـــهادة ***<>
<> ***فلسفة الشهادة ***<>
سطّر الشهداء في تاريخ أمتنا الحديث والقديم، لوحات زاهية من الشرف والشجاعة والإقدام، صنعت لأمتنا تاريخا كبيرا من الانتصار ودحر قوى الظلم والضلال إن كانوا مشركين أو صليبيين أو مستعمرين، واليوم احتل الشهداء المكانة التي تليق بهم في ذاكرة أمتنا وأجيالنا اللاحقة، وما كان ذلك ليحدث لولا القيمة العليا للشهادة، التي غرستها عقيدتنا الإسلامية في نفوس أبنائها، بحيث أصبحت ثقافة عامة يفهمها الصغار قبل الكبار والعوام قبل العلماء، وأصبحت الشهادة هدفا عاليا يتسابق أبناء الأمة في الوصول إليها، لعلهم يفوزون بها أو يرتقون إلى مدارجها.
إن دماء الشهداء أحيت أمة من الموات، وإن دماء الشهداء صنعت انتصارات مجيدة ضد الأعداء
أياً من الأديان والشرائع يمتلك رؤيا تأثيرية وفاعلة لدم الشهداء، كهذه التي سطرتها شريعتنا السمحة الغراء؟؟؟؟
أيا من النظريات الفلسفية المادية التي لا تؤمن إلا بالواقع المحسوس تستطيع أن تصنع جيلا بل أجيالا تحب الشهادة كما يحبون هم الموت؟؟؟؟؟
إن الذي يؤمن بالواقع المحسوس ولا يؤمن بحياة خلفه لا يمكن أن يندفع خارج حدوده، بل سيستغرق كل جهده للاستزادة من متاعه والنهم من ملاذّه، أما الانسان الرسالي المؤمن بقيم الإسلام وبحياة الشهادة وخلود الشهداء وفاعليتهم وتأثيرهم في الحياة، وتأثرهم بها فإنه يدوس عليها بقدمه ويندفع طالبا الشهادة،
يا عابد الحرمين لو أبصرتـنا لعلمت أنك في العبادة تلعــب
من كان يخضب خده بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضـــب
أو كان يتعب خيله في بـاطلٍ فخيولنا يوم الصبيحة تتعــبُ
ريح العبير لكم ونحن عبيرنـا وهج السنابك والغبار الأطيـب
ولقد أتـانا من مقـال نبينـا قول صحيح صادق لا يكذـب
لا يـستوي غبار أهل الله في أنف امرئ ودخان نار لا يكذبُ
هذا كتاب الله يـنطق بــيننا ليس الشهيد بميت لا يــكذبُ
معنى الشهادة :-
تعني "القتل في سبيل الله"، وهي تعني كذلك أن يقتحم المؤمن ساحات الموت من أجل رفعه دين الله، أو من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا كما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله"
مكارم الشهداء :
خص الله سبحانه الشهداء بكرامات ومزايا تكافئ جَلَدَهم وتضحياتهم بأضعاف مضاعفة، ومنحهم من العطايا والهبات ما رغبهم في سلك درب الشهادة حاثين الخطى، لعلهم يلحقون بركب الشهداء ، وإذا ما حاولنا أن نحصي أهم هذه الكرامات نجد:
1- الحياة التي يحيونها بعد قتلهم يعيشون في الجنات ويتفيأون الظلال ويأكلون الثمار ويسرحون بين أنهارها {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون} (آل عمران-169)
2- رغم هول الخطوب وبارقة السيوف ودوي الانفجارات وتقطع الأوصال إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر: " بأن الشهيد لا يجد من ألم القتل إلا كما يجد أحدكم من ألم القرصة".
3- إن الله سبحانه يكافئ الشهداء بالأمن يوم الفزع الأكبر تعويضا عما لا قوه من أهوال الحروب، سواءً كانت حشود الجيوش أو قعقعة السيوف، أو قصف المدافع أو أزيز الرصاص أو ضجيج الطائرات وصوت الانفجارات، وجاء في الحديث أن رسول الله عليه الصلاة والسلام سأل جبريل عليه السلام عن هذه: {ونفخ في الصور فصعق من في السموات والأرض إلا من شاء الله}، من الذين لم يشأ الله أن يصعقهم؟ قال: هم شهداء الله.
4- يُغفر للشهداء مع أول دفعة دم تخرج من أجسادهم الطاهرة، حيث تغفر للشهيد كل ذنوبه وإن كانت كبائر إلا الدين ، كما أخبر رسول الله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي يرويه مسلم عن أبي قتادة، أنه سمع رسول الله عليه الصلاة والسلام يذكرهم بأن الجهاد في سبيل الله، والإيمان بالله أفضل الأعمال، فقام رجل فقال : يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله عليه الصلاة والسلام : نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر، ثم قال رسول الله عليه الصلاة والسلام كيف قلت ؟ قال أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي، فال رسول الله عليه الصلاة والسلام نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين، فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك.
5- يجار من عذاب القبر ، حيث جاء في الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أن الناس يعذبون في قبورهم ويتعرضون لضغطات القبور التي تؤدي إلى تداخل الأضلاع إلا أن الشهيد لا يعذب في قبره، حيث جاء في الحديث : "أن رجلا سأل النبي عليه الصلاة والسلام: ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال : كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة" رواه النسائي.
6- يُكرم الشهيد بأن يلبس تاج الوقار، حيث أن الياقوتة فيه خير من الدنيا وما فيها، كيف لا ؟ وهو قد تمرد على الدنيا ونعيمها ومتاعها، أملا فيما عند الله سبحانه، فلذلك منحه الله عز وجل هذا التاج، الياقوتة فيه خير من الدنيا وما فيها.
7- يزوج باثنتين وسبعين من الحور العين، يطوف عليهم في ليلة واحدة، حيث يُعطى من القدرة على ذلك، وهن لسن كنساء الدنيا، إنما هن غاية في الحسن والجمال والنضارة والبهاء، إذا نظرت إحداهن إلى الدنيا أنارت وأشرقت من ضياء
وجهها.
8- يشفع الشهيد في سبعين من أهله وأقاربه كرامة للشهيد، يكرم الله به أقرباءه "أبيه – أمه – إخوانه – أخواته والمقربين"، حيث يكون لهم شفاعتان شفاعة رسول الله عليه الصلاة والسلام وشفاعة الشهيد، وجاء في الحديث الذي يرويه المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "للشهيد عند الله ست خصال : يغفر له في أول دفعة من دمه، يرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة فيه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه".
والله سبحانه وتعالى كما أخبر: بأنه هو الذي يختار الشهداء من بين خلقه ويصطفيهم، رغم حرص العديد إن لم يكن جميع المسلمين على طلب الشهادة، فهو الذي ينتخب الشهداء من بينهم، كما قال سبحانه في سورة آل عمران {إن يمسسكم قرح فقد مسَّ القوم قرح مثله، وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين} (آل عمران-140)، فهذه الآية تفيد بأن الله سبحانه يتخذ من المؤمنين شهداء على قدر طهرهم وعلى قدر صدقهم وإخلاصهم، وليس كل من طلب الشهادة نالها، وليس كل من ورد موارد الشهداء قضى شهيدا، فها نحن نرى القائد الفذ خالد بن الوليد يروي عن نفسه: "لقد خضت مئة معركة أو يزيد، وما بجسدي موضع شبر إلا وبه ضربة سيف أو طعنة رمح أو رمية سهم، وها أنا ذا أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء"، وللقائد خالد بن الوليد أجر الشهداء بإذن الله وإن مات على فراشه، كيف لا ؟ وهو سيف الله المسلول.
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : "تضمن الله لمن خرج في سبيل الله لا يخرجه إلا جهاداً في سبيلي وإيماناً بي وتصديقاً برسولي، فهو عليّ ضامن أن أدخله الجنة أو أُرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلاً ما نال من أجرٍ أو غنيمة، والذي نفس محمد بيده ما من كلم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته حين كلم، لونه لون الدم، وريحه مسك، والذي نفس محمدٍ بيده لولا أن أشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبداً، ولكن لا أجد سَعةً فأحملهم ولا يجدون سعةً، ويشق عليهم أن يتخلفوا عني والذي نفس محمدٍ بيده لوددت أن أغزو في سبيل الله فاقتل ثم أغزو فاقتل ثم أغزو فاقتل".
أرأيتم يا فتية!! الإسلام هذا رسول الله عليه الصلاة والسلام، يقسم بربه عن رغبته بالقتال في سبيل الله وعدم رغبته في القعود خلف كل سريه متمنياً أن يقتل في سبيل الله ثم يحيا ثم يقتل ثلاث مرات لما للشهيد من أجر عند الله سبحانه وتعالى ولما له من كرامة، ولكن ما منعه عن القيام بذلك إلا شفقة ورحمةً بالمسلمين، حيث لا يستطيع أن يوفر لهم وسائل النقل والتجهيز للقتال، وكذلك هم قد لا يجدون ذلك، فيشق عليهم أن يتخلفوا عن رسول الله .
أسمعتم يا فتيه الإسلام ورجاله!!! حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه الذي يرويه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي قال : " ما من نفس تموت، لها عند الله خير، يسرها أنها ترجع إلى الدنيا ولا أن لها الدنيا وما فيها إلا الشهيد، فإنه يتمنى أن يرجع فيقتل في الدنيا لما يرى من فضل الشهادة" صحيح مسلم.
أي فلسفة تستطيع أن تدفع بالناس إلى ساحة الموت إلى درجة الاقتحام طلبا للقتل؟ –غير الإسلام- كما روى الإمام مسلم عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه قال : "سمعت أبي وهو بحضرة العدو يقول : قال رسول الله عليه الصلاة والسلام "إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف، فقام رجل رث الهيئة فقال : يا أبا موسى أ أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا؟ قال : نعم، فرجع إلى أصحابه فقال : أقرأ عليكم السلام ثم كسر جفن سيفه (غمده) فألقاه ثم مشى بسيفه إلى العدو، فضرب به حتى قُتل"
أي فلسفة تستطيع أن تقضي على التعلق بالدنيا ومغانمها طمعاً في الآخرة وما أعد الله فيها؟ كما حدث مع ذاك الصحابي، الذي أعطاه الرسول عليه الصلاة والسلام نصيبه من الغنائم كباقي المسلمين، إلا أنه أبى أن يأخذها قائلا ما على هذا بايعتك، إنما بايعتك على أن أضرب بسهم فيما ها هنا - مشيرا إلى نحره - فأفوز فأدخل الجنة. ودارت المعركة ووُجد هذا الصحابي مقتولا بسهم حيث أشار، وعُرض على رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال : أهو هو؟ فقال نعم، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : "صدق الله فصدقه الله، وأنا على ذلك من الشاهدين".
وأنتم يا فتية الإسلام ألم تؤمنوا برسول الله ؟ ألم تصدقوا بأن ما جاء به هو الحق من ربه؟ ألم تعطوا ر سول الله العهود والمواثيق؟ بلا والله لقد آمنتم وصدقتم وأعطيتم العهود والمواثيق، ورسول الله عليه الصلاة والسلام يحثكم اليوم لإغاظة الأعداء، وإراقة دمائهم دفاعا عن معتقداتكم، ودفاعا عن مقدساتكم، دفاعا عن ذوي الشهداء والمعتقلين، ودفاعا عن المستضعفين في الأرض، الذين يستغيثون بالله أن ينصرهم ضد الظالمين، فكونوا أنتم جنود الله التي تضرب العدو، فتزلزل كيانه وتنفجر فيه فتهد أركانه.
كونوا أنتم غوث الله الذي يلقي الصبر والطمأنينة على قلوب المستضعفين في الأرض، ويشفي صدورهم من الغيظ من الأعداء... يا فتية الإسلام قاتلوا من بين يدي رسول الله عليه الصلاة والسلام ومن خلفة وعن يمينه وعن شماله لتعيدوا أمجاد المقداد بن عمرو وسعد بن معاذ، فرسول الله عليه الصلاة والسلام محاصر من أنظمة الردة ومن بغي بني إسرائيل، وتسلط الاستكبار العالمي، مسرى ر سول الله يستغيث بكم، فجددوا العهد والبيعة مع الله ومع رسوله، كونوا صبَّرا في الحرب، صدَّقا في اللقاء ... تجمعكم جنات الله مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
عبد الله أحمد الشامي
2
608
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
نور البرق
•
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
نور البرق :جزاك الله خيرا وبارك الله فيكجزاك الله خيرا وبارك الله فيك
وفيكِ اللهم بارك أخيتي نور البرق شكر الله لك مرورك الطيب
الصفحة الأخيرة