إبــــداع @abdaaa_3
محررة
فن التعامل مع المشكلات الزوجية
مهما بلغ الحب بين الزوجين وحرص كل منهما على إسعاد الآخر، فلابد من حدوث اختلاف في وجهات النظر من وقت لآخر، قد يتطور الى حد الخلاف وذلك لأن حب الزوجين لبعضهما لا ينفي كونهما شخصين مختلفين من كافة جوانب الشخصية من ناحية الثقافة أو القيم والتجارب,
وهنا تتجلى أهمية القدرة على تكيف الزوجين مع ظروف حياتهما الجديدة، والتكيف يدل على سلامة التفكير وعلى حسن استخدام الطاقات والقدرات والإمكانات المتاحة للتعامل مع الموقف الجديد أو المشكلة أو الأزمة، وقد ينجح المرء رجلاً أو امرأة أو يخفق، قد يصيب وقد يخطىء، او قد يحقق قدراً من هذا وذاك معاً، إلا أن القوة وكفاءة القدرة تظهران في مواقف الشدة وعند نزول المحن وفي اعقاب المشكلات,,
جاء في كتاب للنساء فقط - نحو حياة زوجية هادئة لفؤاد شاكر:
من ثمرات الإيمان الصادق انه يحفظ على المؤمن والمؤمنة الاتزان النفسي والتماسك والثبات، فلا يفلت خيط الإدراك الواعي وزمام التفكير الرشيد، وذلك لأن الإيمان الحق يصدر عن التسليم لرب الخلق مدبر الأمر وكاشف الكرب الموفق والمعين، ومن اجل هذا كان من علامات الإيمان الشكر لله في الرخاء والصبر عند البلاء والرضا بكل القضاء ) ا,ه
ومن هنا نستنتج أن اول قاعدة للتعامل مع المشكلات تقتضي توطين النفس منذ البداية على تقبل المشكلة أو المحنة موضع الخلاف واعتبارها شيئاً طبيعياً لا مندوحة عنه في الحياة، ثم يتجلى أثر الإيمان الصادق واليقين المطلق في درجة تقبل المؤمن للمحنة أو المشكلة ومقدار صبره عليها، وإذا ما ذكّر المؤمن نفسه بعاقبة الصابرين وأجر احتسابهم ما يلقونه من بلاء ومشكلات عند الله، إذا ما ذكّر نفسه بذلك هانت عليه مشكلته وحمد الله تعالى على انها في دنياه وليست في دينه، وفي هذا من الطمأنينة والسكينة ما هو كفيل بمشيئة الله بتخفيف ألمه وحزنه,
هذه هي القاعدة التي يجب أن يتفق عليها الزوجان في بداية حياتهما وقبل وقوع المشكلات، ووالله لو طُبقت هذه القاعدة على صعيد المجتمعات لقلّت نسبة الطلاق ولاستطعنا أن نحد من تضخم صغائر المشكلات الناتجة عن إغفال ما سبق!
ذلك ان الكثيرين والكثيرات يدخلون عالم الحياة الزوجية وفي أذهانهم انطباعات حالمة وغير واقعية عنها فلا يرون فيها إلا ما هو وردي ناعم شفاف! فإذا ما صدمهم الواقع بغير ما كانوا يتوقعون ولولوا وقرعوا اجراس الندم مؤذنين بالفراق راكضين إلى ابغض الحلال! وماكان ذلك ليحدث لو انهم وطنوا انفسهم منذ البداية على تقبل واقع الحياة الزوجية بحلوها ومرها وصبروا واحتسبوا أجر ذلك عند الله عز وجل,,
هذا عن بدايات الحياة الزوجية وما يجب ان تُبنى عليه، فماذا عن معترك الحياة الذي تكثر فيه الاحتكاكات المتوترة والمواقف الانفعالية المختلفة التي تحتاج إلى قدرة تمكن من التعامل معها بما يطفىء جذوتها ولا يؤججها ويصعد حدتها؟!
يقول الاستاذ جاسم المطوع في كتابه الحروف الابجدية في السعادة الزوجية :
الحياة الزوجية تعترضها بعض المواقف التي يشتد بها الزوج أو الزوجة، فلذا ينبغي ان يكون الطرف الآخر سهلاً في التعامل ليناً في الكلام قريباً في المشاعر حتى يستطيع ان يستوعب الآخر وتهدأ العاصفة وتنتهي المشكلة لأن الرفق ماكان في شيء إلا زانه ومانزع من شيء إلا شانه، والحياة الزوجية كلها مواقف إما لك وإما عليك والذكي هو من أعد عدته الخاصة للتعامل مع هذه العواصف الطارئة على سفينة الزواج وخير أنواع العدة اليسر واللين والرفق ا,ه
كما يقول الدكتور نورمان رايت استاذ علم النفس ومدير برنامج الاستشارات الزوجية والعائلية بكلية الأمراء بجامعة كاليفورنيا الأمريكية:
لمعالجة مواقف الشجار لابد من لزوم احد الطرفين للصمت، ويضيف بأنه عند حدوث اي خلاف وتصاعد حدة الموقف يجب ان يضع كلا الزوجين في اعتبارهما ضرورة مواجهة هذا الموقف بأكبر قدر ممكن من التفهم لوجهة نظر الطرف الآخر وعدم اعتبار اختلاف وجهات النظر بمنزلة إعلان الطرف الآخر للتمرد والعصيان ا,ه
إذن,, فالقاعدة الثانية للتعامل مع المشكلات هي لزوم احد الطرفين للصمت وتفهمه لرأي الطرف الآخر مع اللين والرفق في التعامل معه، ويتبع ذلك ايضاً الحذر كل الحذر من الانفعال والغضب الذي يقترن غالباً بقرارات ارتجالية غير موفقة توقع صاحبها في دائرة الندم ولات ساعة مندم ! وكم رأينا وسمعنا وقرأنا عن عديمات العقل والحكمة ضحلات العلم و الثقافة من ضحايا المسلسلات ! اللواتي يسارعن عند ادنى مشكلة زوجية إلى لملمة ثيابهن ومن ثم يتوجهن إلى بيوت أهاليهن!!
إن سرعة الغضب والانفعالات الطائشة تدل على ضعف في الشخصية ، ذلك ان القوة الحقيقية تكمن في قوة الإرادة والسيطرةعلى هوى النفس وكبح جماحها، وقديماً قيل العقل عقال النفس عن هواها وقيل ايضاً من غلبه الهوى فليس لعقله سلطان !
ولا اغفل في هذا الموضع عن قاعدة ابي الدرداء رضي الله عنه إذ قال لامرأته: إذا رأيتك غضبت ترضيتك وإذا رأيتني غضبت فترضيني وإلا لم نصطحب !
وهنا إشارة لطيفة إلى القاعدة الثالثة وهي ضرورة ترك العناد والمكابرة والمسارعة لاسترضاء الطرف الآخر، على ان يفرق الطرفان بين الاختلاف في الرأي وبين العناد ، فالخلاف في الرأي يُبنى اساساً على الإقناع والاقتناع وهدفه الوصول إلى أفضل الآراء لصالح الأسرة، أما العناد فلا هدف وراءه إلا إثبات الذات ولو ادى ذلك إلى عواقب وخيمة، ولذلك فإن العناد يعد نوعاً من انواع الانانية المقيتة وليعلم الزوجان ان ترك العناد والاعتذار عن الخطأ في حال وقوعه لا يقللان ابداً من شخصية طرف أمام الطرف الآخر بل على العكس تماماً، فذلك يظهر مدى نضج الشخصية وترفع صاحبها عن الصغائر,,
كما يجب على الطرف المعتذر منه - وهذه هي القاعدة الرابعة - ان لا يتمادى في غضبه وأن لا يسترسل في لومه وعتابه بل يقبل الاعتذار ويتغاضى عن رفيق دربه وشريك حياته يقول الشاعر في هذا المعنى
إذا اعتذر الحبيبُ إليك يوماً
فجاوز عن مساويه الكثيره
فإنَّ الشافعي روى حديثاً
بإسناد صحيحٍ عن مغيره
عن المختارِ أنَّ اللهَ يمحو
بعذرٍ واحدٍ ألفي كبيره
إن الإقرار بالخطأ والاعتذار عنه طريقة رائعة لامتصاص الغضب واحتواء الموقف أو المشكلة، ولقد أعجبتني جداً مقالة قرأتها في مجلة الفرحة الكويتية العدد الرابع تحت عنوان - الطريقة السحرية لامتصاص غضب الزوج - حيث ورد ما نصه بشيء من التصرف:
عندي طريقة سحرية أمتص بها غضب زوجي سأنقلها لكم فإن أحبت الزوجات تقليدي في مهارتي وسحر طريقتي وأحب الازواج نقل الأمر الى زوجاتهم فلهم ذلك، هذه الطريقة السحرية التي اتبعها مع زوجي لا ادري هل توافق ما عند علماء النفس والاجتماع ام لا؟! لكنني اجزم انها من الدين أصلاً وفصلاً وهاكم الطريقة,, تأخرت يوماً في العودة الى البيت ولا عذر لي، وأنا أعلم أن زوجي قد وصل إلى البيت قبلي والمساء قد هبط، فأول شيء ابدأ به هو البحث عن زوجي الغاضب وعمل شيء لمسح غضبه ونيل رضاه بأن اقترب منه على استحياء وأقر بخطئي، إذن الخطوة الأولى وهي المهمة في الحل السحري كما لاحظت ايتها الزوجة: ابتدئي انت دائما بتحريضه على عتابك ثم أيديه واعترفي بتأخيرك، سيقول الزوج في نفسه: إذن انا صاحب الكلمة - إنها مطيعة - مسكينة - أرتاح اليها - أحبها! وتقول الزوجة لنفسها: في تصرفي هذا فوائد أجنيها هي: غضب بسيط ولابد للمملوء من فيضان ! - زوال الغضب - الرضا عني - انطباع حسن عني - تعويده على عدم مبادرته باللوم والحساب والمساءلة الشديدة، وهذا الذي اريده وأن يتحول تعبيره عن غضبه من الصراخ الى العتاب في المواقف المقبلة ويخف تدريجياً، تتابع الزوجة اعتذارها مع إقرارها بالخطأ وتبيان عذرها الدافع اليه,, لاحظي معي هنا,, الزوجة تنظر اليه وتبتسم على استحياء وتتركه يتكلم وتسمع له وتؤيده بين المقاطع كأن تقول أنا آسفة,, أدري إني غلطانه,, الله يهديني ثم تبرر له سبب التقصير، فإن قبل عذرها كان بها، وإن قاطعها تسكت فقد لا يقتنع بالأسباب ولكنها محاولة قد تخفف من غضبه وأخيرا تبين له نيتها بعدم العودة إلى الخطأ فتقول: إن شاء الله أنتبه ولا أتأخر مرة ثانية,,, طريقتي السابقة تساعد بها المرأة زوجها على التنفيس عن غضبه في الحالة التي تتحملها هي وفي وقت يناسبها، وتضمن عدم وجود شيء في قلبه وأنها ستقضي ليلتها دون انزعاج وشقاق وجفوة، ولأنها تقره على كلامه وتؤيده فلا تحوجه لإعطاء المزيد من التعليمات والتنبيهات وهي في الوقت نفسه تعطيه الفرصة ليثبت سطوته وأن كلمته هي المسموعة فيرتاح، وتفكر الزوجة وتقول: هناك شرارة الموقف وهناك وقودها غضب الزوج ولا يوجد ماء عذر ، والشرارة قريبة من الوقود، إن تجاهلتها اخشى ان تشتعل بالوقود فتحرق المكان كله وأنا لا ادري، فما العمل؟! الحل في أن أتركها تشتعل ولكن تحت مراقبتي وسيطرتي لئلا تشعل المكان كله، إلى ان ينتهي الوقود فتنطفىء النار من نفسها !! ا,ه
كما يلزم ان اذكر الزوج في مثل هذا الموقف بقوله تعالى: والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ,,
هذا ولا يفوتني ان اعقب على ما سبق بقاعدة ذهبية هي القاعدة الخامسة من أجاد تطبيقها لمس نتائجها بنفسه الا وهي محاولة قلب الموقف الانفعالي المتوتر إلى موقف عاطفي وهنا أقف لأقول لآدم وحواء:
هذا قليل قد شرحتُ دفينَه
وعلى ذكائك انت فهم الباقي!!
وأتابع مقالتي بالتأكيد على ضرورة الحرص على السرية وعدم نشر الزوجين لغسيلهما لأقاربهما ومعارفهما,
كذلك فإنه ينبغي على الزوجين - وفقاً للقاعدة السادسة - أن يجعلا من أخطائهما، دروساً يستفيدان منها مستقبلاً، تقول الكاتبة الصحفية إيرما كورتز في كتابها الأزمات,, الدليل لعواطفك :
إن حياتنا تتخللها مواقف متعددة من الأزمات والإنجازات، وفي كثير من الأحوال تكمن في قلب كل أزمة بذرة النجاح - لا الإخفاق - والأزمات هي دائماً نقطة التحول في حياة كل إنسان ومن خلال التجارب القاسية يكسب الشخص عادة مرونة ومقدرة على مواجهة المستقبل ا,ه
** كلمات أخيرة إلى آدم وحواء:
* علاج أي مشكلة زوجية يقتضي فهم نفسية الطرف الآحر وطريقة تفكيره ونظرته لتلك المشكلة، فاحرص على فهم نفسية شريكك في بداية حياتكما الزوجية,
* عند التعامل مع اي مشكلة لا تغفل عن قاعدة إن الحسنات يذهبن السيئات ! فبادر بما يسعد ويرضي الطرف الآخر عنك!
* اذكر محاسن شريكك قبل أن تعد مساوئه وعيوبه، وتذكر دائماً قول الشاعر:
وإذا الحبيبُ أتى بذنبٍ واحدٍ
جاءت محاسنه بألفِ شفيعِ!
* لا تلتمس الكمال في شريكك ووطِّن نفسك على تقبل أخطائه وعيوبه,,
تريدُ مبرأً من كُلِّ عيبٍ
وهل نار تكونُ بلا دخانِ؟!
** ولحواء خاصة:
وظفي عنصر الصوت والأنوثة والعاطفة الدافئة في التعامل مع أي مشكلة زوجية,, تكسبي الجولة!
20
2K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
ذلك ان الكثيرين والكثيرات يدخلون عالم الحياة الزوجية وفي أذهانهم انطباعات حالمة وغير واقعية عنها فلا يرون فيها إلا ما هو وردي ناعم شفاف! فإذا ما صدمهم الواقع بغير ما كانوا يتوقعون ولولوا وقرعوا اجراس الندم مؤذنين بالفراق راكضين إلى ابغض الحلال! وماكان ذلك ليحدث لو انهم وطنوا انفسهم منذ البداية على تقبل واقع الحياة الزوجية بحلوها ومرها وصبروا واحتسبوا أجر ذلك عند الله عز وجل,,
جزاك الله خير موضوع رائع جعله اله في ميزان حسناتك
جزاك الله خير موضوع رائع جعله اله في ميزان حسناتك
الصفحة الأخيرة
تسلم يمينك