بسم الله الرحمن الرحيم
الحوار من أعلى المهارات الاجتماعية، وهو من عمل الأنبياء، والعلماء، والمفكرين، وقادة السياسة، ورجال الأعمال، والمربين، وهو أساس لنجاح الأب مع أبناءه، والزوج مع زوجه، والصديق مع أخيه، والأمة الناهضة هي الأمة التي تشيع فيها ثقافة الحوار بين أبنائها، وكلما ابتعدت الأمة عن فتح آفاق الحوار عانت من الأمراض الاجتماعية ( التسلط، الذل، الكذب، المخادعة .. الخ).
مبادئ عامة:
1. إن محاولات التوفيق بين المصالح والحاجات والأفكار المتضاربة يشكل منبعاً أساساً للأفكار المبدعة والحلول المبتكرة، فمواقف الخلاف تفجر مخزوناً هائلاً من الطاقة يمكن لفائدتها أن تكون عظيمة لو وجهت الاتجاه الصحيح.
2. إن النقاش الجاد الشجاع للقضايا الصعبة المعلقة بين الأفراد والجماعات كفيل ببناء الأمن الحقيقي وتشييد أواصر الثقة. إن تجنب النقاش والحوار حول الخلافات الحادة والصغيرة يتسبب في تحول أسلوب التفكير عن الواقعية والمنطق نحو جوٍ مغلق من الخيالات والأوهام التي قد تكون أشد خطراً وضرراً من الوقائع الموضوعية والأفكار والمواقف التي يحملها الآخرون.
يحاول الناس السيطرة على الآخرين للأسباب التالية:
1. يريدون تحقيق مصالحهم فقط.
2. يخافون من اللقاء الحقيقي خاصة فيما يتعلق بالتعبير عن القضايا الصعبة والهامة.
3. يتقمصون الدور والموقع الذي يمثلونه بدلاً من تمثل حاجات ومصالح كل الأطراف.
4. يخضعون لجمود التفكير النمطي الجاهز في حل المواقف المشكلة. ولا يحاولون ولا يقدرون على إبداع أساليب جديدة.
5. يسعون لحماية وتأمين شخصياتهم الضعيفة.
6. يحاولون تجاوز الصراع أو حله بشكل سطحي دون تعمق في جذوره وحقيقته.
كيف يتم بناء التواصل والتفاهم:
1. إن المعاركة والانتصار كثيراً ما يكون هدفاً بحد ذاته لدى البعض، فإذا كان هدفك التفاهم والتعاون المستمر مع الآخرين فعليك أن تمتلك المهارات والقدرات التي تمكنك من إقامة التواصل الجيد والتقيد بقواعد التفاهم المثمر وعدم إظهار التفوق والقوة على الطرف الآخر.
2. عندما يكون الانطباع الأول سيئاً يقرر طبيعة العلاقة من خلال القلق الذي يتحول إلى موقف دفاعي فيلتزم الآخر الحذر والسكوت أو يصبح المرء هجوميا ومتوتراً أو يتصنع إبراز الثقة الزائدة.
3. إذا كنت تشعر أن مصلحتك في تشجيع محدثك على التعاون المثمر تجنب وإياك أخطاء التفكير النمطي، وكن على وعي بما أتيت به إلى اللقاء، وحدد لنفسك المزايا التي تتمتع بها ونقاط ضعفك في علاقاتك مع الآخرين.
4. أزل الحواجز وأعط الآخر فرصة ليتعرف عليك ولا تظهر صورة مصطنعة، وتجنب سوء التفاهم وتقديم معلومات مباشرة بما يسمح بالتحكم في موضوع النقاش وتوفير إمكانية توجيه الحديث إلى نقاط مختارة.
الاستجابة البناءة:
هي التي تدفع المتحاورين للوصول إلى مزيد من نقاط التفاهم واستمرار اللقاء. وتتحقق هذه الاستجابة بالبعد عن الحوار التقييمي للآخر أو النقدي الذي يمكن بسهولة أن يحرج محدثه، ولا بأس من الإشارة بطريقة ودية إلى بعض ما يزعجنا ولفت نظر الآخرين إلى الآثار السلبية الناجمة عن تصرفات أنانية أو استفزازية. وهنا تجدر الإشارة إلى بعض مزايا الآخر وتقديره وحتى إظهار الإعجاب بما لديه. لأن التعبير عن المشاعر الإيجابية يحقق تواصلاً متكاملاً.
بعض العبارات الإيجابية التي يمكن أن نفتتح بها جلسة النقاش:
1. إنه لمن دواعي سروري أنك تقدر جهودي في التحضير لهذا اللقاء.
2. إني أشعر بالامتنان لأنك لبيت دعوتي.
3. إني أقدر هدوؤك وسعة صدرك.
4. لا يسعني إلا الإشادة بالفائدة التي قدمتها.
5. اعتذر إن أخطأت أو أسأت إليك بدون قصد. وبهذه الطريقة نوقظ المشاعر الإيجابية الحقيقية أثناء التواصل مع الآخرين.
وفي المقابل يجدر البعد عن عبارات مثل:
1. إن عمرك لا يعطيك الخبرة والقدرة الكافية.
2. إنك لا تفهم ولا ترتقي إلى مستوى هذه الأفكار ولا يمكن الاعتماد عليك.
3. اقتراحك تافه وسخيف وأنت متحيز ومغرض.
4. إنها امرأة غبية ومغرورة.من أكبر مشاكل التواصل هو اعتقادنا امتلاك الحقيقة دون الآخرين أو أننا الأقدر والأعلم لفهم كل ما يدور من حولنا، واستشفاف المستقبل. كل هذا لا ينسي التنبيه الواضح إلى بعض النقائص أو الأخطاء أو شرح الاختلاف في وجهات النظر والاحتجاج الهادئ والاعتراض البعيد عن الفظاظة ضروري ويساعد لوقف العدائية ورغبة التسلط أو الخروج عن الموضوع لدى الطرف الآخر، ولا بأس من استخدام عبارات مثل:
• إنني لا أوافقك الرأي وأختلف معك تماماً في نقطة محددة.
• يبدو أنه لم يتوضح ما أريد شرحه.
• ربما أسأت فهمي.
• لعلك لم تعطني الوقت الكافي لتوضيح فكرتي. ويفضل عدم التعميم في التخطيء أو التصويب والبعد عن الأحكام الشاملة والتقييمية للأشخاص والأفكار ونبذ الشك وسوء النية بشكل دائم والابتعاد عن الانتقاد الشخصي المباشر أو الإساءات السلوكية الجارحة لأننا بهذه الطريقة نخسر الآخر ونحبطه على نحو غير مرض. ولعله من الأهمية التأكيد على البعد عن الحديث الفوقي لما لذلك الأسلوب من أثر تنفيري.
أسس التفاهم المثمر والتواصل الجيد:
1. لا تعمم.
2. لا تقدم نصائح جاهزة.
3. عرف عن نفسك.
4. اعرف شريكك في الصراع.
5. قدم للآخر مبررات التواصل.
6. ميز بين المسائل الجوهرية الثانوية.
7. لا تعرقل محدثك.
8. تحدث إلى المستمع وليس عنه.
9. أعط المتحدث الوقت والانتباه.
10. عبر عن حاجاتك ومشاعرك ومخاوفك.
11. تحقق هل فهمت القصد جيداً.
الإصغاء الفعال:
إن القدرة على الاستماع هي الأداة الرئيسة للوصول إلى تواصل بين الناس وخاصة في مواقف الخلاف والصراع، وهي تلعب دوراً واضحاً في التخفيف من الميول العدوانية في لحظات التوتر والانفعال. والإصغاء الفعال يحمينا من الوقوع أسرى أفكارنا المسبقة أو انفعالاتنا المحمومة.
لتحقيق ذلك علينا تعلم ثلاث مهارات:
1. التلخيص:
وهو تكرار ما قاله محدثنا مستعملين في ذلك كلماتنا الخاصة وهو مفتاح الإصغاء الفعال ويبدأ بعبارات مثل:
• مما تقول فهم أنك .......
• إذا كنت أفهمك جيداً فإنك تعتقد أنك ......
• قلي هل فهمتك جيداً؟
بهذه الطريقة تركز انتباهك على ما يقول محدثك ويسهل عليك فهمه وله دور كبير في توجيه انتباه المتحدث إلى النقاط التي تهم الطرفين.
2. عكس المشاعر:
إن التواصل البصري والتركيز على لغة الجسد بمعنى التركيز على حركات أيدينا وجسدنا يعطي الآخر الثقة والأمان ويوحي له باهتمامنا بما يطرحه ويساعد بشكل كبير على رفع قدرته في إيصال ما يريد من الأفكار ويقرب وجهات النظر مغيباً مفهوم العدائية في الحوار.
3. توجيه الحديث:
إن إطالة الحديث والإجابات المعقدة والمتشعبة تصرف الآخر عن الانتباه وتشتت تركيزه ويضيع الوقت، وهنا لا بد من التدخل وإعادة التركيز باستخدام مهارة التلخيص وطرح الأسئلة الاستفهامية وطلب العودة إلى موضوع المحادثة الأصلي.
كيف يمكن مواجهة مواقف الضغط ؟
للإجابة على هذا السؤال يلزم تعريف (التوكيد الذاتي) وهو تصرف الفرد في العلاقات مع الآخرين بحيث يعبر عن مشاعره ومواقفه ورغباته وحقوقه بشكل صريح ومباشر وحازم، دون أن يخل بحقوق أو مشاعر الآخرين.
في الواقع أننا نخضع ونستسلم عندما نسمح للآخرين أن يغتصبوا حقوقنا وحجر الأساس في ذلك هو شعورنا بصعوبة قول لا وقلقنا من التقييم السلبي لنا من قبل الآخرين. ويساعد على توكيد الذات قول حازم وواضح يصف ما نريد وما لا نريد فعله بشكل محدد وعلى تبرير مختصر حقيقي للرفض أو التجاوب.
اسباب الغضب أثناء الحوار وكيفية تجنبه:
من الضروري معرفة أنه عندما يجد الغضب المكبوت والمتراكم مخرجاً للتعبير يشكل على الأغلب انفجاراً غير ملائم لطبيعة الموقف الذي سمح بظهوره. مما يفاقم المشكلة ويضيق آفاق التعامل
لأن الغاضب عادة ينظر للأمور نظرة منفرة ويستعمل عبارات منفرة مثل:
•ودعني يا سيدي أنهي ما أقوله.
• يضايقني كثيراً أنك تقاطعني اسمح لي أن أنهي ما أريد قوله.
• ملاحظتك في محلها إلا أنني لم أكمل حديثي بعد.
• جميل منك إيضاح فكرتي لكني أرجو منك الانتظار حتى أنهي وجهة نظري.
حاول الاستعاضة ع العالم شرير.
• لا يمكن اليوم الثقة بأحد.
• الجميع سيعون لاستغلالي وإيذائي.
• لا أحد يصغي إلي.
ولكن عندما يكون الإنسان منسجماً مع نفسه وعواطفه ويشعر بغضب طبيعي يستخدم العبارة التالية:
• أشعر بالغضب.
• أشعر بالغضب والريبة تجاه العالم والآخرين.
• أشعر بالغضب وليس لدي المقدرة على التركيز الآن.
والفرق الكبير بين العبارتين هو الذي سيساهم في إبقاء التواصل ويترك الباب مفتوحاً من أجل المزيد من النقاش.قبل أن يتراكم فينا الغضب ويتصاعد بحيث يعرقلنا عن متابعة عملنا وحوارنا يفيدنا تعلم واستخدام العبارات التالية:
• من فضلك لا تقاطعني ن التقييمات بالآراء:
المقصود هنا ألا نأخذ تقييمات الآخرين على أنها حقيقة كاملة وموضوعية تنطبق علينا أو على أنها أحكام قاطعة ضدنا أو في حقنا, لأننا عندما نعتبرها كذلك نعطي لتقييمات الناس قيمة أكبر مما ينبغي ونسمح لهم بالتأثير بشدة في مجرى حياتنا وفي النتيجة فإننا سوف نوجه حياتنا طبقاً لتوقعات الآخرين ومتطلباتهم، بدلاً من توجيهها في ضوء حاجاتنا وقيمنا الخاصة، والحل يكون باعتبار التقييمات الموجهة من الآخرين آراء ووجهات نظر قد تمتلك الحقيقة أو بعضاً منها أو تخالفها ويمكن لنا استخدام عبارات لها تأثير إيجابي تجاه ما يطرحه الآخرون كتقييمات لنا:
• لا أتفق معك في حكمك علي.
• إن لي رأياً مخالفاً وربما لم تنظر إلى المسألة من كافة جوانبها.
• في الواقع إني أرى نفسي بشكل مختلف عن طرحك. لكن هذا لا يعني عدم توجيه الشكر للآخرين أو التعبير عن المشاعر الإيجابية وقبول المجاملة وتبادلها.
ويمكن التعامل مع النقد الموجه إلينا بشكل سلبي بمواجهة الاتهامات بصراحة ومباشرة والاستفسار عن المعلومات الضرورية وطرحها أيضاً. ولا بد أحياناً من الاعتراف بأننا لسنا في الحقيقة كاملين أو معصومين أو أننا نمتلك الصواب بعينه، وفي حال معرفتنا بارتكابنا خطئاً واضحاً لا بد من استباق النقد لأنفسنا وهذا في الواقع خير أسلوب لتفريغ التوتر وإبعاد العدوانية.
يتبع>>>

ويبقــى الاْمل @oybk_alaml_4
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️