فوضى الأسماء وجناية الآباء والامهات

الحمل والإنجاب

فوضى الأسماء وجناية الآباء والامهات
(من حـصه و منيره الى جوانا وريتال)

اسم الشخص هو الرمز اللفظي الدال عليه،وقد يكون احيانن
الاسم له علاقه بالشخص نفسه من ناحية الحظ
وكما انهُ يُنادى يوم القيامه بأسمه
وايضا قد يعطي الاسم نوعاً من التأثير أو الانطباع الحسن أو السيئ عن الشخص المتسمي به كما تدلبعض الإشارات قديماً وحديثا، ولذا كانت العناية باختيار الاسم منبعثة من أهميته،فهو يلازم الإنسان حيّاً وميتا، ويظل أيضاً متسمياً به حتى في عالمهالآخر.

ولقد نبه نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- وسلم لتلك القيمةالرمزية للاسم، فحث على اختيار الأسماء الحسنة، واقترح أمثلة عليها، ولم تعجبهأسماء أخرى، فأنكرها أو أمر بتغييرها.

وشيء له هذا الثبات وتلك الديمومةجدير بأن نوليه عناية خاصة، فنحن لن نَعجب من رجل يعتني بمنـزل أحلامه، ويستدينالديون الطائلة من أجل إتمامه، وإظهاره بصورة حسنة يرضاها، وهو عَمَلٌ قد يستحقذلك؛ لأن حقبة طويلة من عمر ذلك الرجل سترتبط بذلك المكان.

فكيف والاسم أكثرأهمية وارتباطاً وبلا كُلْفة؟! أفلا نعجب حينئذ من أولئك الذين يسمون أبناءهموبناتهم بأسماء لا تدل على الاهتمام، ولا على حسن الاختيار، أو تدل على التبعيةالعمياء لغير العرب الذين ننتمي إليهم؟!

ولعلكم لاحظتم ما شاع في الأعوامالأخيرة من أسماء جديدة وغريبة لا تتصل بلغتنا، ولا بثقافتنا، وبخاصة أسماء الإناث،فغلبت عليها الميوعة المتكلفة، والعبثية غير المسؤولة، وتنافس في اختيارها بعضالآباء والأمهات، مما دَفَعَ فئة منهم إلى اختراع أسماء عجيبة لا وقار فيها، أو ذاتدلالة عكسية، أو بلا دلالة مطلقا، لا يهمهم من ذلك كله إلا مواكبة (الموضةالمحمومة) للأسماء الجديدة والغريبة.

ولأنني وجدت في الأمر ظاهرة تستحق الاستقصاء والعلاج كنتُ -منذ مدة- وما زلت أتتبعمروجي أمثال تلك الأسماء ومخترعيها في الشبكة العنكبوتية بخاصة، فوجدت عدداً منالموسوعات والمؤلفات وجملة من مواضيع المنتديات تتناول هذه الشؤون بالتفصيلوالتأصيل، ومن ذلك أطروحات تحمل أمثال هذه العناوين: (أسماء جديدة غريبة جداوجميلة)، (يا بنات الحقوا على آخر أسماء الدلع)، (أسماء بنوتات روووعة)، (أسماءبنات جديدة لعام 2010) وهي سلسلة تبتدئ بعام 2005.

وتحت تلك المواضيع أسماءعجيبة، المناسب منها قليل، وأكثرها باطل في اشتقاقه وفي معناه وفي ادعاء أصلهالعربي.

ومن تلك الأسماء المقرونة بمعانيها التي توحي أنها معان عربية وهيليست كذلك: (رانسي: اسم الغزال)، (كارمن: اسم زهرة برية)، (ميار: ضوء القمر)، (مادلين: اسم فاكهة صيفية)، (تولين: اسم الزهرة)، والأطرف: (هايدي: اسم فتاةالجبل)، ويبدو أن الذي اخترع هذا المعنى نسي أن يُضيف (سالي) و(أَلِيْس)، ويَدَّعيأن معنى سالي: (فتاة الحزن)، ومعنى أَلِيْس: (فتاة العجائب).

وليس هذا وأمثاله فحسب، بل هناك شروحات ومقولات مطولة لا يتسع لها المقال، وحين يقعغير المتخصص على مثل هذا يظن يقيناً أن أصحاب تلك الأطروحات يتحدثون عن علم راسخ،فيسمي بما فيها وهو مطمئن.

ومن طريف ما مر بي من ذلك أسماء اسْتُشِرْتُ فيمعانيها وفي أصولها العربية، فهذا صديق حميم رزقه الله بمولودة، وأحب أن ينتقي لهااسماً عربيّاً جميلاً جديدا، وهذا مطلب حسن، فاستشارني في أن يسميها: (ماهيتاب)،فبينت له أنه اسم غير عربي، ولا معنى له في لغتنا، فاستنكر عليّ، وذكر أن معناهمأخوذ من الهيبة كما أفادته زوجته مهيبة الجَناب، فحلفت له بالذي نزع عنه الهيبة فيبعض الأمور أن هذا غير صحيح، ثم عاد مرة أخرى يستشيرني في اسم (رَمِيْس)، فأخبرتهأنه اسم عربي يعني (المدفون) (أي المقبور)، ونهيته عن اختيار الاسم، وأكدت له أن فيالاسم فألاً غير حسن لابنته البريئة، ولكنه ظل يحاول إقناعي بجمال الاسم، وعذوبةإيقاعه، وكأنني ابن منظور أستطيع تغيير معناه لأجل عينيه، ولما أخفقَتْ محاولاتهوخاف على ابنته من الفأل السيئ قرر أن يقع في أقل الضررين، فعاد إلى اسم (ماهيتاب) يسأل عنه غيري لعلهم يجدون له مخرجا.

وصاحب آخر استشارني في تسمية ابنته: (رِسَال)، فأخبرته أن معناه (قوائم البعير)، فقال: بل معناه مأخوذ من الرسالةوالرسول ومن قولهم: على رِسْلِك، أي تَمَهَّلْ، وظل يقنعني بصحة كلامه، وكأنني أناطالب الاستشارة لا هو، ولما يئس مني عاد من الغد يستشيرني في اسم (مَيْلاء)، فبينتله أنه وَصْف للأشياء المائلة، فيقال: شجرة ميلاء لكثرة أغصانها، وعمامة ميلاء لمافيها من مَيَل، ووضحتُ أن صفة المَيَل واشتقاقاتها لا تصلح أن تكون اسماً لأنثى،فوصفني بالتعقيد، وتحميل الأمور ما لا تحتمل، ثم سمى ابنته (دِيَالا) مع أنني نهيتهأيضا، ولكن أصر؛ لأنه قرأ في أحد المنتديات أن معنى الاسم هو النهر، ولا أدري مَنورطه بذلك!

وهذا صاحب ثالث سألني عن معنى اسم (رَمَاز)، فذكرت له أنه بلامعنى، وألح هو على أن معناه مأخوذ من الرمز، وراح يسوق لي أمثلة من ابتكاره، ثم عرضعلي اسم (مُوْهَانا)، فأخبرته أن الاسم أعجمي، ولا معنى له في لغتنا العربية، وأصرهو على أنه اسم نوع من أنواع الطيور الهندية التي تمر على الجزيرة العربية فيهجرتها الموسمية، فكيف لا يكون الاسم عربيّا؟!!! ثم عرض علي اسم (رِيْتَاج) فقلت لهلا معنى له أيضا، إلا إذا كنت تقصد (رِتَاج) دون الياء، والرِّتَاج الباب الكبير،واسم من أسماء مكة المكرمة، فقال: هذا ما أقصده، ولكن الاسم بالياء أعذب وأجمل،فسمى ابنته (ريتاج) بعد أن أضاع وقتي، وصَدَّع رأسي

وهذا صاحب ثالث سألني عن معنى اسم (رَمَاز)، فذكرت له أنه بلا معنى، وألح هو على أنمعناه مأخوذ من الرمز، وراح يسوق لي أمثلة من ابتكاره، ثم عرض علي اسم (مُوْهَانا)،فأخبرته أن الاسم أعجمي، ولا معنى له في لغتنا العربية، وأصر هو على أنه اسم نوع منأنواع الطيور الهندية التي تمر على الجزيرة العربية في هجرتها الموسمية، فكيف لايكون الاسم عربيّا؟!!! ثم عرض علي اسم (رِيْتَاج) فقلت له لا معنى له أيضا، إلا إذاكنت تقصد (رِتَاج) دون الياء، والرِّتَاج الباب الكبير، واسم من أسماء مكة المكرمة،فقال: هذا ما أقصده، ولكن الاسم بالياء أعذب وأجمل، فسمى ابنته (ريتاج) بعد أن أضاعوقتي، وصَدَّع رأسي.

ألا تلاحظون أن أصحابي عنيدون لا يستجيبون لاستشاراتيالمجانية؟! كما أنهم لا يستشيرونني إلا في أسماء الإناث، وهذا يدل على أن الأسماءالتي يستشيرونني فيها مفروضة عليهم من زوجاتهم المصونات، ولذا يحاولون إقناع أنفسهموإقناعي بصحتها، (هذه الفقرة أنتقم فيها منهم مع كل الود لهم).

ومهما يكن منأمر فلن أنتقد وأسكت، أو أطالب بأن نسمي أبناءنا أسماء تقليدية دائما، بل سأسوقجملة من المعايير التي يتحقق من خلالها جمال الاسم وجلاله، وتتأكد فيه صلاحيتهالزمانية والمكانية، والمعايير هي:


1-
أن يكون الاسم عربيّا، فالأمة المعتزةبذاتها تحافظ على هويتها، ولا تقلد الآخرين فيما لا موجب له، كما أن معاجمناالعربية تتسع لآلاف الأسماء، ومؤهلة للتوالد والاشتقاق، وهذا معيار لا تنازل عنهمطلقا.

2-

أن يكون الاسم حسن المعنى، وهذا من البدهيات التي لا يختلف عليهاذوو الوعي؛ إذ لا قيمة لأي اسم مهما كان مغرياً إذا كان معناه غير حسن، مثل اسم (شَجَن وشُجُوْن وأشْجَان)؛ إذ إن أشهر معانيها يدل على الهم والحزن، وذلك ما لايريده أحد لفلذة كبده، ويجب الانتباه إلى أن بعض معاني الأسماء تبدو حسنة في منظوردون منظور، مثل: (هُيَام)، فالهيام هو منتهى العشق، وفي الجملة يبدو معنى غير سيئ،ولكنه ليس مثاليّا، ولا يناسب فتاة يأمل فيها أهلها أن تكون راشدة حصيفة، وكذلك اسم (غُرُوْب)، فمن دلالات الغروب الانتهاء والغياب، ويقال غربت شمسه وغرب نجمه إذاانتهى عمره ومات، وهو كذلك يُشير إلى مشهد شاعري نراه للشمس أثناء غروبها، ولكنالدلالة الأولى أفسدت الثانية، وجعلت الاسم غير مثالي، ومن الجدير ذكره في هذاالسياق نقد قولهم: «الأسماء لا تُعَلَّل»، بل تُعَلَّل وتُعَلَّل، ولا يوجد اسم إلاوهناك معنى له، وسبب في اختياره حتى لو خفي علينا بشكل أو آخر، وتلك المقولة يَحتجبه من يَجهل معاني الأسماء، أو من يُرَوِّج لأسماء لا معاني لها
3- أن يدل الاسم المذكر على مذكر أو صفة يناسبها التذكير، مثل: (مهند) و(مُنذر)،وأن يدل الاسم المؤنث على مؤنث أو صفة يناسبها التأنيث مثل: (أَرْوَى) و(بَتُوْل)،فإذا جرى العرف على أن الاسم المذكر يعود لمؤنث باتفاق فلا بأس، مثل: (غدير) و(أسيل) و(أريج)، فهذه أسماء لا يتسمى بها إلا الإناث مع أنها تعود لمذكر، فيقال: (هذا غدير، وهذا خَدّ أسيل، وهذا أريج طيب)، أما إذا كان الاسم جديداً لم يُتَعارفعليه فإن الأصل أن يَحتكم الناس في تذكيره وتأنيثه إلى اللغة، فمثلاً اسم (الجوديأو جودي) يعود على مذكر، وهو جبل رست عليه سفينة نوح عليه السلام، فمن غير المناسبإطلاقه حاليّاً على أنثى إلا إذا انتشر بين الناس على أنه اسم أنثى، وهناك أسماءمشتركة بين الجنسين، والأسلم تجنبها، مثل: (مَلَك) و(فَرَح).

4-

أن يكونالاسم مقبولاً في أعراف البيئة المحلية، فقد نجد اسماً عربيّاً حسن المعنى، ولكنالعرف يكاد يحصره على بيئة أخرى غير بيئة المتسمي بالاسم، وهذا من شأنه أن يُعَرِّضصاحب الاسم للنبز واللمز من المراهقين وأمثالهم، ومن تلك الأسماء: (كاظم) و(متولي)،فمن معاني الأول: كظم الغيظ، ومن معاني الثاني: الشخص الذي يتولى القيام بالأمور،والمعنيان جيدان، ولكن الاسمين ارتبطا بأقطار أخرى، وأحياناً تكون للأسماء بعضالخصوصية في مثل هذه الحالات.

5-

أن يكون إيقاع اللفظ مناسبا، فالاسم المذكريُناسبه الإيقاع القوي أو المعتدل، أما الاسم المؤنث فيناسبه الإيقاع العذب الرقيق،فمن غير المناسب أن يُسمى الولد (وسيم)، والبنت (عائضة).

6-

أن يُنطق الاسمباللهجة العامية كما ينطق باللغة الفصحى، مثل: (باسل) و(زياد) و(رزان) و(هتون)،وهناك أسماء جميلة المعنى والنطق بالفصحى، ولكنها لا تنطق كما هي في اللهجة العاميةالمحلية، مثل: (سُهَيْل) و(عَمْرو) و(مَيْس) و(هَيْفاء)، فبعض كبار السن والموغلينفي العامية سينطقونها إما بتغيير الحركات، أو بزيادة الحروف أو نقصانها، وسينطقون (سُهَيْل) (سْهِيل) بتسكين السين وكسر الهاء، و(عَمْرو) سينطقونها بالواو التي لاتُنْطق، وفي (مَيْس) سيقولون (مِيْس) بإمالة فتحة الميم إلى كسرة، وفي (هَيْفاء) سيحذفون الهمزة (هَيْفا)، وقد يُمِيْلون فتحة الهاء إلى كسرة أيضاً (هِيْفا)، وهذامن شأنه أن يُفسد بنية الاسم وإيقاعه.

7-

أن تكون حروف الاسم منطوقة فياللغة الإنجليزية، وذلك مطلب عصري، ويجدر بنا الالتفات إليه وإن كان ثانويّا، ولاسيما أن كثيراً من تعاملاتنا الحديثة لا تخلو من اللغة الإنجليزية نطقاً أو كتابة،ومن تلك الأسماء الصالحة للغتين: (وليد) و(هشام) و(أماني) و(هند)، ومن الأسماء التيسيتغير نطقها في اللغة الإنجليزية: (صالح)؛ حيث سينطق: (ساله)، و(عواطف) سينطق: (أواتف
- أن يناسب الاسم المراحل العمرية للإنسان، ومؤخراً غفل بعض الآباء عن هذا الجانبوبخاصة في أسماء البنات، وتَصَوَّرَ أن ابنته ستظل طفلة، فاختار لها اسماً لا يناسبمراحلها العمرية المتقدمة، مثل: (وَجْد)، (وَسَن)، والأدهى من ذلك أن يكون الاسمغير عربي، فمن منا يتصور أن تكون له جدة اسمها: (جوَان) أو (جُوليا) أو (فريال)؟!

وبعد، فهذه جملة من المعايير المثالية يَحسن الأخذ بها كلها أوبمعظمها، فإن لم يكن فلا تتهاونوا في المعيارين الأول والثاني، وليعلم الآباء أنهمسيختارون لكل مولود اسماً واحدا، ولن يضيرهم لو أطالوا تفتيشهم عن الاسم المناسبالذي يحقق كل المعايير أو أكثرها، ويستطيعون سؤال المتخصصين في علوم اللغة العربيةوآدابها، ولكلية اللغة العربية في جامعة الإمام هاتف مخصص للاستعلامات اللغوية،ورقمه: (2585588 01)، وسيجدون منهم ومن غيرهم من المتخصصين كل ترحيب، ولا تنسوا أنالاسم أجمل إهداء يقدَّم للمولود، فانتقوا هداياكم، وتيقنوا أن أسوأ ما في الهديةبَخْسُها أو رَدُّها، وسيحدث ذلك حين يعي صاحب الاسم أن اسمه غير مناسب، فيصيبهنفور منه، أو يسعى إلى تغييره.

بقي أن أُذَكِّر إدارات الأحوال بضرورةالحفاظ على هويتنا العربية في أسماء أبنائنا وبناتنا، ولهم في وزارة التجارةوأمانات المناطق والبلديات أسوة حسنة، فالقائمون عليها يمنعون المنشآت التجاريةالمحلية من التسمي بأسماء أجنبية أو عديمة المعنى، والمحافظة على هوية أسماءأبنائنا وبناتنا أولى بكثير من المحافظة على هوية أسماء المخابز والمطاعم، وأخشى إنلم تتخذ إدارات الأحوال موقفاً جادّاً من تلك الظاهرة الدخيلة أن تزداد عاماً بعدآخر، فتنعكس الآية، ثم يصير الاسم العربي نشازاً مثيراً للسخرية، ولا أظن أنالاستعانة بمتخصصين في اللغة العربية أمر يشق على إدارات الأحوال، وبإمكان أولئكالمتخصصين أن يُسهموا في إقرار الأسماء المناسبة، وفي اقتراح أسماء عربية جديدةتوافق أهواء محبي التغيير.


د. فواز بن عبدالعزيز اللعبون من المملكه العربيه السعوديه
عضو هيئةالتدريس
في قسم الأدب بكلية اللغة العربية في جامعة الإمام

منقول

20
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

اموت بثوبه وشماغه
رفع
Danayh
Danayh
صدقتي خيتو
رفع
ام العيال99
ام العيال99
ياالله كلام درر بصراحه جزاك الله خيرا علي النقل الراااااااائع

فهل من وااااعيييين
رنوية العسل
رنوية العسل
رفع
عاشقة تراب الجنه1
اب