
السـؤال:
جرت العادة عندنا أنّ الحاجَّ إذا أراد الذهاب إلى الحجِّ صنع طعامًا ودعا الأقارب والأحباب والجيران إليه، ويفعل الشيء نفسه عند عودته،
وتسمّى هذه الدعوة عندنا بقولهم: «عشاء الحاجّ»، فنرجو منكم بيانَ حكم صنع هذا الطعام، وبارك الله فيكم.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين،
وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فالطعامُ المعدُّ عند قدومِ المسافر يقال له «النقيعة»، وهو مُشتقٌّ من النَّقْعِ -وهو الغبار-
لأنّ المسافر يأتي وعليه غبارُ السفر، وقد صحَّ عن النبيِّ صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم أَنَّهُ:
«لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ نَحَرَ جَزُورًا أَوْ بَقَرَةً»أخرجه البخاري
والحديثُ يدلّ على مشروعية الدعوة عند القدوم من السفر
وقد بوّب له البخاري:
«باب الطعام عند القدوم، وكان ابنُ عمرَ رضي الله عنهما يُفطِر لمن يغشاه» «فتح الباري» لابن حجر:
أي: يغشونه للسلام عليه والتهنئة بالقدوم، قال ابن بطال في الحديث السابق: «فيه إطعام الإمام والرئيس أصحابَه عند القدوم من السفر،
وهو مستحبٌّ عند السلف، ويسمَّى النقيعة، ونقل عن المهلب أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا قدم من سفر أطعم من يأتيه ويفطر معهم،
ويترك قضاء رمضان لأنه كان لا يصوم في السفر فإذا انتهى الطعام ابتدأ قضاء رمضان».
هذا، ومذهبُ جمهورِ الصحابة والتابعين وجوبُ الإجابة إلى سائرِ الولائم،
وهي على ما ذكره القاضي عياض والنووي ثمان«شرح مسلم» للنووي
منها: «النقيعة»،
مع اختلافهم هل الطعام يصنعه المسافرُ أم يصنعه غيرُه له؟
ومن النصِّ السابقِ والأثرِ يظهر ترجيحُ القولِ الأَوَّل.
أمَّا إعدادُ الطعام قبل السفر فلا يُعلم دخوله تحت تَعداد الولائم المشروعة؛
لأنها وليمة ارتبطت بالحجّ وأضيفت إليه، و«كُلُّ مَا أُضِيفَ إِلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ يُصَحِّحُهُ».
للشيخ فركوس كان الرد جزاه الله خيرا
و العلم عند الله تعالى