في ساحة السباق (قصة قصيرة)

الأدب النبطي والفصيح

في ساحة السباق


هي قصة خيالية بقلمي ..أرجو لكم المتعة والفائدة..
والآن مع الحكاية


أين أنا؟

كيف جئت إلى هنا؟

هل هذه ساحة سباق أم ماذا؟

ما هي إلا لحظات وإذا بإشارة بدئ السباق تدق.

بدأ الناس من حولي يركضون. وقفت لبرهة أتأملهم فمنهم من يركض وكأنه ريح مرسلة. ومنهم من يمشي الهوينى. ومنهم من ظل واقفا في بداية السباق لم يتحرك.

لم يعتريني حماس شديد فآثرت المشي على الركض. فقد كان الملل و الكسل يسريان في عروقي كعادتي.

ولكن ما قصة هذا السباق على أي حال؟

حاولت إيقاف أحد المتسابقات المسرعات لعلي أعلم سبب العجالة التي هي فيها ولما ترغب بالفوز! وبالفعل تمكنت من إيقافها فسألتها: "لماذا تركضين؟ ما قصة هذا السباق؟"

أجابت: "كلنا يريد الفوز ألا ترين ما يوجد في نهاية الطريق!"

نظرت للأفق علّي أرى ما تراه ولكن الضباب شوش رؤيتي فقلت لها: "لا! لا أستطيع أن أرى شيئا بسبب الضباب. ماذا يوجد هناك؟"

ردت وقد نفد صبرها:"لا يوجد أي ضباب. عذرا! فليس لدي وقت. علي أن أسرع وإلا خسرت"

ثم عاودت الركض مجددا وبقيت أنا في المؤخرة تتصارع التساؤلات في ذهني: "من أين يأتي كل هؤلاء بعلوالهمة هذه!! كيف يستطيعون الركض بكل هذه السرعة بينما أنا لا أستطيع!!"

لم يمضي وقت طويل فقد كان السباق أقصر بكثير مما اعتقدت. دقت إشارة انتهاء السباق واختفى الجميع فجأة!!!

يا ترى ماذا يحدث؟

تلفت يمنة ويسرة وقد عم الهدوء المكان...

فإذا بي أرى بيتا صغيرا. اقتربت منه. قرعت جرس الباب. ولكن ما من مجيب. أدرت مقبض الباب راجية أن يكون غير مقفل. وبالفعل كان كذلك. دخلت للبيت. رأيت مرآةً كبيرةً معلقة على أحد الجدران. نظرت إليها.

صرخت بقوة: "ماهذا!!!!"

"لا يمكن أن تكون هذه أنا"

كيف للبياض أن يكسو شعر رأسي ولخطوط التجاعيد أن تشوه بشرتي وأنا في السادسة عشر من العمر!!

أبدو وكأني في الثمانين!!

لا أصدق! ما الذي يحدث لي؟

وتستكمل سلسلة الأعاجيب تتابعها بواحدة. عندما تكلمت صورة انعكاسي في المرآة قائلة: "انتهى السباق يا مرام. انتهى السباق يا مرام"

رددت بصوت حاد:"ما قصة هذا السباق؟ أنا لا أفهم شيئا"

أجابت صورتي:"إنه سباق الحياة يا مرام. لقد انتهت حياتك. ألا ترين نفسك وقد بلغت من الكبرعتيا"

أجبت: "ولكني مازلت في السادسة عشر. كيف مضى الوقت بهذه السرعة؟"

قالت: "الحياة أسرع بكثير مما نتخيل يا مرام. ويا أسفى على أدائك السيء. فلم تكن لك رؤية واضحة تسعين لها. فسيطر الملل والكسل على حياتك. ولم تعلمي بأن النهاية أوشكت أن تحين. فما هو إلا سباق قصير. وأسفى يا مرام!! رضيت بالأدنى فكان الأدنى ما حصلت عليه. خسرت يا مرام. خسرت يا مرام"

صحت بالمرآة:"لا لا..."

نهضت من نومي فزعة. وجدت نفسي على السرير في غرفتي. هرعت إلى مرآتي.

همست لنفسي:"الحمد لله لا أزال كما أنا في السادسة عشر. لقد كان مجرد حلم."

لا لم يكن حلما بل هو حقيقة حياتي التي غابت عن ناظراي. لا لن تكون هذه نهايتي بإذن الله. لن أرضى بالأدنى. لن أخسر السباق.
16
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ذوق واحساس 1
ذوق واحساس 1
نور يتلألأ ..
ان الكثير من الناس قد فاتهم السباق ...
أما البعض ما زالوا فيه ولاكن ..
ليس لديهم الرغبة في السباق والمنافسة ..
بسبب أنهم قد لبسوا ثوب العجز والكسل ..
غاليتي :
انك مبدعة حقا في كتابة القصص ..
فطريقتك في كتابة الأحداث والسرد ..
مشوقة و تزيل عنا الملل ..
والأجمل ان قصصك دائما ما تكون ..
ذات مغزى ومعني ..
بوركت يمناك يا كاتبة ماهرة .
فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ


رائعة يانور بهذه الرمزية في قصتك الهادفة ..!
حقاً إن الحياة سباق .. ومن فاته لحاق الركب
فاتته الحياة ..
" ومن لم يعانقه شوق الحياة
تبخر في جوها واندثر "...!

ومن أدرك تلك الحقيقة قبل فوات الأوان فاز بإذن الله
لتبدأكل مرام .. حين تنتبه من غفلتها .. سباق الحياة .. وسوف تلحق الركب ..!
قصصية بارعة أنت ياغالية ..!
استمري بتوفيق الله تعالى ..!
وبوركت..!
تغريد حائل
تغريد حائل
كل سباق ليس للطاعات فهو زهيد
فعجلة الحياة تدور ونحن ندور في المضمار
نركن للأحلام، وندندن للتباطؤ وأنغام الكسل...
وعندما نفيق من غفلتنا يجتاحنا طوفان الندم..!
فلنتعلم تحديد الهدف قبل الانطلاق
والجري بإتجاه عقارب الساعة لا عكس التيار
فالفلاح -بإذن الله -للمثابرين بما يرضي الله..!

الغالية نور..
سطوة قلمكِ القصصي غزيرة التصوير
في كل سكب جديد تتجلى لنا لغة حوارية منفردة الجمال والتشويق..!
سلَّم الله عزف قلمكِ الباهر..!
وفقكِ الله!!
نعمة ام احمد
نعمة ام احمد
ما أجملها من قصة
تحوي في طياتها العبر والدروس ..
نفع الله بقلمك يانور ..
فالطريقة القصصية هي من أروع الطرق لتوصيل
المعلومة ولتحقيق الهدف ..
جعله الله في ميزان حسناتك
ودمت بود ..
أم فرناس
أم فرناس
جزاك الله خيرا