يتميز عصرنا هذا بكونه عصر"هستيريا تخفيف الوزن" ونجد الغالبية العظمى إما في حالة رجيم أو التخطيط للبدء به أوعلى الأقل الحساب بالارقام لمايأكلونه من (كالوري calories سعرات حرارية ) ويقلقون إن هم أكثروا من الأكل ويعود الفضل في ذلك إلى صناعة تخفيف الوزن ودور الأزياء ووسائل الإعلام من مقروءة ومسموعة ومرئية بترسيخ مفهوم النحافة والرشاقة بأنها الوسيلة الوحيدة للصحة والنجاح والجمال مما أدى للفهم الخاطىء للمحافظة على صحة الجسم وبالتالي سوء التغذية والضعف في سبيل الحصول على الجسم الرشيق. والحقيقة هي أن النحافة الزائدة مضرة للصحة أكثر من البدانة الزائدة، وقد أظهرت دراسة حديثة استغرقت 20عاماً في الولايات المتحدة أن نسبة الوفيات في الأشخاص الذين يقل وزنهم بنسبة 10 20% عن الوزن الطبيعي هي أعلى مما هي عليه عند البدينين. وللأسف سوء الفهم لدينا نظن دائماً أن زيادة الوزن وحده هو الذي يضر بالصحة وأن النحافة هي الصحة والجمال والسعادة وكل ماتتمنى ان تكون. وللحصول على الرشاقة والوصول الى جسم نحيف بأسرع الطرق وأسهلها نجد أن الواحدة منهن تلجأ الى إستعمال كل مايصل اليها سواء عن طريق المجلات غير المتخصصة أو التلفاز أوحتى الكتب التج
ارية البحتة البعيدة عن أبسط الاسس العلمية أو عن طريق الصديقات حيث إن إحداهن تتبع رجيماً معيناً قد تكون باستشارة الطبيب ومن ثم تبدأ بتوزيعه على صديقاتها دون التأكيد هل يتوافق مع جسم صديقتها أم لا. بالإضافة الى استخدام الأعشاب أو السوائل المضرة دون إستشارة طبية وكذلك إنتشار استخدام حبوب التخسيس والحبوب المسهلة ومدرَّات البول وسد الشهية كما تلجأ بعضهن إلى عملية الإستفراغ والتقيؤ قسراً بعد تناول أي وجبة غذائية حتى قبل أن يستفيد الجسم من أي جزء منها. وكما ذكرت سابقاً أننا عصر" هستيريا النحافة" حيث نجد أن جميع العوامل المحيطة بالفرد في حياته اليومية من صحافة وإعلام وأصدقاء وأفراد الأسرة وإعلانات في الشوراع والأسواق ومؤسسات تعليمية وندوات ومنتديات وشبكة معلومات (إنترنت) توجه بطريق مباشر وغير مباشر أن النحافة هي الصحة والجمال والأناقة والنجاح والسعادة والدليل على ذلك أن معظم الشخصيات الناجحة والذكيةوالسعيدة والمشهورة سواء كانوا ممثلين أو ممثلات أو مذيعين أو مذيعات أو مطربين أو مطربات أو فتيات إعلانات وملكات جمال ولاعبي كرة قدم كلهم ذوو جسم رشيق ونحافة، هذه العوامل جميعها تؤثر في نفسية وعقلية الشخص ممايجعله يتأثر بالب
يئة المحيطة به ويجعله يركض وراء موضة النحافة دون اعتبار لما يتلاءم مع طبيعة جسمه وصحته. ولأن الرشاقة والجسم النحيف هو أمل كل امرأة وبعض الرجال نجد الحرص الشديد لإنقاص الوزن كلما طرأت زيادة خفيفة حتى أصبح الرجيم أحد مستلزمات العصر والتهافت عليه دون اعتبار أو تقدير للعواقب السلبية التي يتسبب فيها الفقدان المفاجىء للوزن نتيجة إتباع رجيم قاس دون استشارة طبيبة أو إجراء عمليات جراحية بإشراف طبيب ولكن دون الإعتبار للآثار الجانبية في المستقبل ونلاحظ في الوقت الحالي أنواعاً عديدة من التدخل الجراحي لعلاج السمنة منها إجراء عمليات في القناة الهضمية وذلك بإستئصال جزء من الأمعاء الرفيعة للتقليل من إمتصاص الطعام أو إستعمال الدباسة الجراحية للمعدة وتقليل حجمها أو إدخال بالون من مادة البولي فينيل في المعدة وكذلك شفط الدهون من أجزاء مختلفة من الجسم ولاشك أن جميع هذه العمليات لها آثار جانبية على المدى البعيد. لاشك أن المرأة السمينة عن الحد المعقول بالنسبة لوزنها وينطبق الحال على الرجال أيضاً إذا لم تتمكن من إتباع نظام حمية معينة أو على الأقل المحافظة على الوزن في الحد المعقول فسوف تصاب بأمراض عديدة وخطيرة منها على سبيل المثال م
رض السكري وأمراض شرايين القلب ويكون البدناء أكثر عرضة من غيرهم لإلتهاب الجلد نتيجة تجمع طبقات الدهن تحت الجلد وأيضاً لداء المفاصل نتيجة الوزن الزائد وكذلك لداء النقرس والفتاق واكتشف حديثاً بأن للسمنة علاقة قوية بإضطراب الدورة الشهرية ومن ثم العقم بالإضافة إلى المشاكل النفسية نتيجة الشعور بالإحباط والتعاسة واليأس مما يؤدي الى ظهور أمراض عصبية خطيرة والشعور بعدم الرغبة في الحياة ومحاولة التخلص منها. وقد اثبت علمياً وبدراسات كثيرة بأن السمنة المفرطة قد تؤدي إلى أمراض خطيرة قد تهدد حياة الشخص سواء إمرأة أورجل ، أيضاً النحافة المفرطة تؤدي إلى أمراض خطيرة قد تدمر صاحبها ومثال على ذلك مرض يعرف بإسم أنروكسيا نيرفزanorexia nervous وهو مرض يسبب فقدان الشهية ويرفض المرضى في هذة الحالة تناول الطعام رفضاً باتاً لاسباب نفسية وقد يموتون من الجوع لإعتقادهم أنهم يعانون من السمنة وهناك أمراض أخرى تصاب بها المرأة نتيجة النحافة المفرطة وذلك بسبب إختلال الوظائف البيولوجية في الجسم لعدم حصولها على القدر الادنى من المكونات الاساسية التي تساعدها على القيام بوظائفها البيولوجية. ومعروف لديك ولدى جميع الناس أن العصر عصر الفضائيات والاع
لام حيث أنك تجد أكثر من ثلاثمائة قناة تلفازية وعند تعاملك مع الإنترنت تجد ايضاً انها تروج وتساهم في نشر موضة الرجيم والنحافة في المقابل ماذا تملك منظمة الصحه العالمية من وسائل وإمكانيات أمام هذا السيل الجارف من الوسائل لدى المروجين لموضة النحافة. أعتقد أن المثل العامي والذي يقول"ينفخ في قربه مخروقة" تنطبق عليها تماماً وحتى لو قامت المنظمة بالتحذير من خطورة الموضة السائدة فإنها تقف عاجزة تماماً أمام الوسائل والإمكانيات الضخمة والحملة الشرسة من تجار الدعايات وشركات الأدوية والاعشاب ومروجي أنظمة الرجيم التي ماانزل الله بها من سلطان.
أستاذ الكيمياء الحيوية المشارك الدكتورجلال الدين أعظم جلالكلية العلوم/جامعة الملك عبدالعزيز
الرياض
سيدة الوسط @syd_alost
عضوة شرف في عالم حواء
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️