بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
**
بدأت الأخبار تتوارد إلينا و نحن في ترقبٍ مميت .. و إستفهام مخيف ..
بدأنا نبحث عنها .. و نتناقلها و نتقولها في مجالسنا و ننشرها ..
و كيف نهدأ من روع أنفسنا و تلك الجرائم تتوارد إلينا في كل فينة..
من قتل و خطف .. و من سرقة و إنتهاك للحرمات و الأعراض ..
بدأت حياتنا شاقة علينا و منهكة لنا بـ تلك الإستفهامات اللتي تتوارد
على عقولنا .. واحداً تلو الآخر ..
هل سـيحدث ليّ ما حدث ليّ فلانة ..؟
كيف استطاع ذاك المجرم أن يفعلها ..؟
أي قلب يملكهُ هؤلاء .. وهل يمكلون قلب أصلاً ..؟
أي حقد و خبث سيطر عليهم فـ أعماهم ..؟
أيعقل أن هناك بشر بـ هذا الإجرام..؟
كيف استطاع التسلسل و كيف و كيف ..؟
- ونغلق على أنفسنا في قفص الخوف ..
و الأسئلة الثقيلة المزعجة المرعبة ..
تبيتُ معنا و ترمي المفتاح بـعـيـــداً عنا ..
**
هنا يا أخيتي قفي .. قفي لحظة و تأملي .. أوقفي نفسكِ و اسئليها ..
إلى متى هذا الرعب و الخوف .. إلى متى هذا القلق .. وهذا العيش ..
الذي قضى على راحتكِ و على راحة من حولكِ .. قضى على استقراركم ..
فـ عند كل تأخر أو خروج انتفض قلبكِ و بدأت تلعب بك الوساوس ..
كلما خرج قريب إلى أي مكان بدأ التوتر يطغى عليكِ و يأكل منكِ ..
و كأنني أراكِ جالسة حيرى .. كلما أتى أحدٌ لـ يكلمكِ و يحادثكِ ..
قلتِ صه .. قلبي منشغلٍ على فلان .. تأخر كثيراً اتصلتُ به فلم يجيـب ..
الساعة الآن كذا و كذا .. و لم يتأخر إلى هذا الـوقــت من قـبـل ..
و بدأتِ في داومة ما بين سؤال و انتظار .. و تفكير بمن تتصلين ..
إلى من تلجئين .. و الكل قد نام .. و لم يـصحـو بـ هذا الليل أحد ..
إلا الواحد الأحد .. الفرد الصمد .. ذلك الرب القادر .. الحــافــظ ..
من أخرج يونس من بطن الحوت .. من حمى يـوسـف و أخاه ..
اعلمتِ أخيتي بـ من تلجئين { فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } يـوسـف64
تأملي الآية الكريمة تأمليها أخيه "و لـ يطمنئن قلبكِ بـ رحمة الرحيم و حفظه ..
**
و دعيني أخبركِ أمراً بعد هذا التأمل .. أننا في هذة الحياة الدنيا ..
سـ نرى الكثير من الغرائب و نسمع الكثير من الترويعات المفزعة ..
فلا تظني أبداً أن الزمن السابق لم يكن فيه خوف و فزع وما إلى ذلك ..
و لا تظني أيضاً أن الزمن التالي سـ يخلو منه .. بل سيستمر و يستمر ..
إلى أبعد مما تتصورين .. و سوف تلاقينها و تواجهينها شئت أم أبيتِ ..
من بعثٍ و نشورٍ ومشي على الصراط و أهوال .. يشيب لها الولدان ..
أهوال يحق للمرء أن يفزع منها .. و يعمل بلا توقف لـ يتقيها و يحذرها ..
محبة لله .. و رغبة بما عنده من ثواب .. و رهبة من عقابه و عذابه ..
حتى نصل إلى دار القرار .. و ننعم بـ رضى المنان ..
وقال الله سبحانه و تعالى في كتابه العزيز ..
{ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ }
و قد قــال أحد السلف ..
تــزود للــذي لا بـــد مـنــه .. .. .. فإن الـمــوت ميقات العبادِ
وتـب مما جنيت وأنـت حي .. .. .. وكـن متنبهاً قبــل الــرقـادِ
ستندم إن رحلـت بغيـر زاد .. .. .. وتشقى إذ يناديك المنـادي
أترضى أن تكون رفيق قوم .. .. .. لهم زاد وأنـــت بغيـر زاد
**
أخيتي الحبيبة .. لـ تستقر أنفسنا و تهدأ .. و نعلم و نعي زوال هذة الدار ..
نعلم أن النهاية قادمة لـ كل شيءٍ على هذا الوجود .. و أن مصيرنا في حفرة ..
مصيرنا إلى ضيق اللحود إلى فزعٍ أكبر و خوفٍ أعظم لـ نعمل و نجتهد لـ نتقيه ..
الدنيا تنادينا لـ نغتر بها و نأنس لها .. تُغرينا و تتزين لنا و تتبهرج و تختال ..
أفلا نخاف منها .. و نحذر منها .. ألن نكشف حقيقتها و نضعها أمام أعيننا ..
أخواتي .. قد يكون ما بيننا و بين الموت إلا لحظة فـ لِما الركون و التسويف ..
ألا تشتاقي إلى الجنة .. ألا تشتاقي لـ رؤية ملك الملوك و مالك الملك جلا في علاه ..
ألا تشتاقي لـ حبيبكِ محمدٍ عليه السلام .. إلا تشتاقي لـ رؤية زوجاته أمهاتكِ ..
رضي الله عنهن و أرضاهن جميعاً .. ألا تشتاق أن يكون بالكِ هادئاً مستقراً ..
ألا تشتافي أن تعيشي بلا خوف من الموت و لا المرض و لا فقدان عزيز ..
ألا تشتاقي أن تعيشي في قصرٍ أنتِ فيه الملكة .. مجابة كل آوامركِ ..
بل و كل ما تتمنين تجدينه أمامكِ .. بلا تعب و لا نصب و لا طلب..
ألا تشتاقين لـ حياة صافية هائنة لا يعكر مزاجكِ و لا يزعجكِ فيها أدنى شيء ..
**
أخيتي الحبيبة .. الجنة غالية ثمينة .. فـ كيف تفرطين فيها .. كيف تبدلينها بـ دنيا فانية ..
وربي أنها تستحق .. و رضى ربــكِ أحق من كل حق .. فهلَ وقفتِ .. فهلَ اعتبرتِ ..
هل علمتِ أين الخير و السعادة الحقيقية .. هل سعيتِ لها بـ كل جدٍ و عزيمة ..
أخيتي الحبيبة .. أقبلي على الله .. أقبلي على فعل الخير .. و اسئلي الله الإعانة ..
اسئليه التوفيق و الثبات .. اسئليه العزم و الرشاد و ثقي تمام الثقة بـ رب الأرباب ..
كما قال سبحانه { فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى } آل عمران 195
أخيتي الحبيبة .. هاتِ هذا القفص و احمليه بـكل ثقله .. و أرميه عن كاهلكِ ..
تخلصي منه .. و خلصي حياتكِ من هذا الرعب الذي لا يستحق و لن يستحق ..
و لكي تبعديه عنكِ و عن حياتكِ .. إليك أغلى الكنوز تحميكِ و تعينكِ على التخلص منه ..
كنز ثمين .. يجعل لـ حياتكِ معنى و قيمة .. و يملأكِ إصراراً و عزيمة ..
" ثقي بـ الله و أحسني الظن فيه و ألجئي إليه في السراء و الضراء "..
عن ابن عباس ، قال : كنت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما ، فقال :
{ يا غلام احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ،
وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ؛
لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء ؛
لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام ، وجفت الصحف }
**
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بـ قلمي .. غروب شمسك
