زائرة

قابلية البشرية للإصابة بالاكتئاب

الملتقى العام

يحتاج منا العيش في الظروف المعاصرة أن نواجه مجموعة من التحديات الشخصية التي تطرحها الحياة، سواءأكنا جاهزين لها أم لا. ومن هذه التحديات (الطلاق، الفقدان، الصدمة، والألم المزمن) والمضايقات التي تحدث لحظة بلحظة والتي تخلق التوتر في الحياة اليومية (الجيران الذين يصرخون على بعضهم البعض، زحمة السير، سوء الهضم الناتج عن تناول وجبة طعام غير صحية وبسرعة، عدم توفر المال لدفع فالفواتير). ومن المفترض أن يقود عملك بطريقة ما هذه التحديات نحو حياة حيوية، هادفة وذات معنى.
لنستعير أحد الأقوال: الحياة شيء بغيض تلو آخر؛ وعملك أن تتأكد بألا يتكرر الأمر ذاته مرة بعد أخرى.
عندما تصطدم بعقبة في حياتك، تعمل من أجل التخفيف منها والالتفاف عليها لكي تستطيع الاستمرار...حتى تواجهك عقبة أخرى. وهذا يشبه إلى حد بعيد العوم (السباحة) في نهر وأنت على إطار دولاب سيارة.
عليك أن تسترخي وأنت تحتك بالصخور وقوة الماء السريعة، وأن تسمح للماء بحملك في اتجاه مجرى النهر، واثقـا مـن وجود ماء هـادي في مكان ما إلى الأمام. لسوء الحظ، فهذه الرسالة غير معروفة في مجتمعنا. لقد تعلمنـا شـيئا مختلفا تماما: أن نقـاوم ألم التجربة وأن نظهر كـم نحن أقوياء عبر هزيمتنـا لعواطفنا.تجعلنا هذه الفكرة عرضة لجميع أنواع المشاكل، بما فيها الاكتئاب .
تنشأ إحدى النواحي الرئيسية لإصابتك بالاكتئاب من التعامل مع شلال من ضغوط الحياة اليومية التي هيجزء من الحياة المعاصرة. تعمل ضغوط الحياة المتواصلة، الكبيرة منها والصغيرة، على تحدي قدرتنا ومرونتنا على حل المشاكل. وفي رحلتك للخروج من الاكتئاب، ستستفيد كثيرا من تعلمك تحديد الظروف الخطرة في حياتك
اليوميـة التـي يـمـكـن أن تؤدي إلى الاكتئاب. كلما أصبحت أفضـل في معرفة وتوقع أحداث الحياة التي تجعلك عرضة للإصابة، كلما أصبحت أكثر خبرة في تقصير دارة السلسلة الذهنية التي تقود إلى استراتيجيات علاج غيرفعالة، في الحياة العادية الكثير من الحالات، الأحداث والتفاعلات الشاقة.
تحتاج معظـم تحديات الحياة منا أن نوجد حلولا مبدعة، حتى وسـط معاناتنا من المشاعر العاطفية المزعجة.
أمر أكيد – وبالأخص إذا غرسـت إحساسًا بالفضول، الانفتاح، وقبول تجاربك الداخليـة وأنت تركز معظمجهودك على مواجهة المشكلة التي تعترضك أو حلها.
و القابلية الثانية الأساسية للإصابة بالاكتئاب تـأتي من كوننا جميعنا مبرمجين اجتماعيا لتجنب الازعاج العاطفي. وهذا بسبب تجارب التعلم المبكرة التي أثرت علينا دون وعينا لها نوعا ما. فمنذ الصغر، نتلقى العديدمن الرسائل الاجتماعية التي تشجعنا على ضبط مشاعرنا ودوافعنا السلوكية. وإذا فشلنا في ذلك، يمكن أن
تُعاقب. ربما قد هددك والدك المستاء: «توقف عن البكاء، وإلا سأفعل شيئا تبكي عليه حقا!» حتى لو كان لديكسببا وجيها للبكاء، وتدل رسالته تلك على أن هناك شيء خطأ في بكاؤك وعليك أن تتوقف عنه وإلا ستتعرض للعقوبة. ويظهر هذا النمط من التدرب على الضبط العاطفي منذ الطفولة المبكرة.
ربمـا لم يقـدم لك بعض الأشخاص ممن كنت تعتبرهم مثلـك الأعلى في بدايات حياتك الكثير من المساعدةفي تعليمك كيف تستوعب موقفا منفتحا، ومرضيا اتجاه عواطفك. ربما لكونهم قد تعبوا من مواجهة عواطفهم الخاصة لذلك لجأوا لتناول الكحول أو تعاطي المخدرات، أو عزل أنفسهم عن الآخرين، أو لجأوا إلى الإفراط فيتناول الطعام. ربما أنهم قد دخلوا في مرحلة من الاكتئاب المزمن، معتمدين على العلاج بالمهدئات والتعامل مع التحديات التي تواجههم بالتظاهر بأن المشاكل غير موجودة.
هناك طريقة أخرى نتعلمها لممارسة التجنب وهي طريقة التجربة والخطأ. ربما لاحظنا بأن استجابة معينة (كأن نتفادى المكالمات الهاتفية والتي نعرف بأنها ستسبب لنا الازعاج) ذات فائدة لذلك نكرر هذا الأمر مرة أخرى. ومـا لا ندركـه بالضرورة هو أنـه ربما أفادتنا هذه الاستجابة في إحدى الحالات، لكن مـا من ضمان بأنها
ستنفع في حالـة أخـرى مختلفة، أو ستفيد في المرة المقبلة، حتى لو كان الوضع مشـابها لما سبق. أو، الأمر الأهم
بالنسبة لنا، هو أننا لا ندرك بأنه يمكن أن يجدي هذا التفادي العاطفي لفترة قصيرة لكن ربما يأتي بنتيجة عكسيةعلى المدى الطويل. هذا ليس بالضرورة اختيارا واعيا من جانبنا، لأنه سرعان ما نعمم جميع أنواع القواعد عندماتعلم بقدرتنا على استخدام اللغة، سواء بشكل علني وجهوري (بالحديث) أو بشكل مستتر في الخفاء (بالتفكير).
بالواقع، إن معظم هذه القواعـد والتي تعلمناها اجتماعيا مقاومة للتغيير بشكل لا يصدق، حتى عندما يؤديإتباعها إلى نتائج كارثية..وهذا قد يقتضي اتخاذ موقف مرن في مواجهة تحديات الحياة بتراجع عن القواعد العقلية التي تبرمجت عليها وعدم السماح لها بتوجيه سولكك.
اذا كانت الاشياء التي تسبب لك التوتر في الحياة والمشقات اليومية هي الكبريت أو عيدان للثقاب فإن اتباع قواعد راسخة ومغروسة اجتماعيا والتي تشجع على التفادي السلوكي والاجتماعي هو الوقود .
د.كيرك ستروساهل .
0
155

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️