بحثت عنها في كل مكان لكني لم اجدها .. اظنها ستظهر يوما ما ..
هناك في الريف بين احضان الطبيعه حيث الهدوء و السكينه .. حيث الحياه تبدو حقيقيه .. الابقار ترعى في مرعاها كل صباح .. و موزع الصحف كعادته يصل الينا متأخر لكن لا بأس لم تعد الاخبار تشد انتباهي كثيرا فهي تتكر في الصحف اليوميه مع اختلاف التاريخ طبعا .. لا ادري لما يتعب رؤساء التحرير و ملاك الصحف انفسهم بطباعة الصحف ؟!
بعيدا عن الصحف و الاخبار .. اعود للطبيعه حيث للحياه معنى و للانسانيه وجود .. احمد الراعي شيخ كبير قارب الخامسه و السبعين من عمره يرعى ابقارنا منذ زمن, فمنذ ان ادركت نفسي و هو يراعاها قالت لي امي: انه يعمل في الرعي منذ اكثر من ثلاثين سنه و انه وحيد فقد ماتت زوجته قبل خمسة عشر سنه , و كانت امرأه لطيفه هكذا وصفتها امي ..
انه وقت الغروب .. يثير في نفسي احاسيس كثيره حتى اصبحت لا افهمها .. عادت الابقار من مرعاها و ها هو العم احمد يغني لها .. فتحت النافذه و رحبت به : مرحبا عم احمد اهلا بك .. اووه اهلا بك تبدين سعيده اليوم ! ما الخبر ؟ لا لا شيء يذكر جلست اراقب المغيب و سمعت صوتك هذا كل ما في الامر .
أ تدرين؟ لم تخرج البقره الكبيره للمرعى انها مريضه علينا احضار البيطري لها , اظنها ستموت قريبا فقد شارفت على الخامسه عشر من عمرها . قال ذلك بصوت حزين خمس عشر سنه..خمس عشر سنه و كررها و عيناه تنظر للاسفل . اووه عمي لا تحزن ستتحسن انا متأكده .
لا يا ابنتي انها كبيره و لم تعد بصحه جيده كما عهدتها . هذه البقره ولدت بعد وفاة زوجتي بساعات .. عجيبه هي الدنيا تجتمع الاضاد فيها .. اه عمي اسفه لم اقصد ذلك .. لا لا عليك لم انسى حتى تذكريني فأنا هنا بجسدي و بالماضي تعيش روحي .. احببت هذه البقره كثيرا و شعرت بالمسؤوليه تجاها .. العنايه بالبقر تتطلب الرفق و اللين فهي تفهم و تحس بنا .. عمي أ تحب البقر لهذا الحد ؟
نعم قرأت الكثير عنها لذا اقول لك انها قد تموت قريبا .. فمتوسط عمر البقر ثمان سنوات و بعضها من اثنا عشر الى خمس عشر سنه و قليل منها يتجاوز ذلك .
امر صعب ان ترى من تحب يموت امامك و انت عاجز عن انقاذه .. انها سنة الحياه , عجيب امره ظننته سيكره تلك البقره بالذات لانها ولدت في يوم كتب عليه الحزن ابدا .. لكنه احبها و يرعاها كما لو كانت انسان , نحن قد نحتقر من يحب الحيوان لهذا الحد .. لما تجردنا من انسانيتنا ؟ قد يقول البعض و ما شأن الانسانيه بالحيوان ؟ اليس من الانسانيه الرحمه و الرفق؟ اليس منها العطف و الحنان ؟ ان وجد ذلك في حياتنا نحن البشر فلا بد ان ينعم به الحيوان و يحس به . الم يقل المصطفى:" مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ ، وَلا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ " .؟ الم يقل عليه السلام : "اذا اراد الله بأهل بيت خيرا ادخل عليهم الرفق"؟
اذاً لابد ان تتضح معالم الانسانيه في تصرفاتنا و من ثم سنرى انعكاساتها على حياتنا و على الكائنات من حولنا ..
ما اجمل ان تلامس اناملنا الزهور برفق و حنان .. هل جربت التحدث للزهور ؟ قد يقول البعض هذا ضرب من الجنون ؟ و انا اقول انها روحك و انسانيتك تتجلى عندما تكرم مخلوقات الله التي خلقها لتمتع ناظريك بها ..
تغرد الاطيار في بداية كل صباح .. و يصيح الديك معلناً بداية يوم جديد .. و تغادر الاطيار اعشاشها تاركه افراخها بحثاً عن الرزق المجهول .. فهل تفكرنا قليلاً ؟
الماده و سرعة وتيره الحياه سرقتنا من الانسان الذي اعتنت به الاديان و تحدث عن فضله الفلاسفه و الرهبان .. فهل توقفنا قليلاُ لنعود لذاتنا و نحي انسانيتنا التي قتلتها المدينه ؟؟؟!
سما الديره @sma_aldyrh
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
المدينه وكل وسائل الحضاره قتلت إنسانيتنا
رااائع جدا ياسما المدينه
راق لي قلمك
بإنتظارك في بوح آخر
رااائع جدا ياسما المدينه
راق لي قلمك
بإنتظارك في بوح آخر
ماشاء الله تبارك الرحمن
ابدعتي ...
فعلا الكثير يضحك من يولى الحيوانات عنايه واهتمام
وكأنها لا تستحق اي نوع من الرفق والرحمه
ابدعتي ...
فعلا الكثير يضحك من يولى الحيوانات عنايه واهتمام
وكأنها لا تستحق اي نوع من الرفق والرحمه
ذات يوما كان الغراب اكثر منا انسانية حين كان يواري سوءة اخيه
في قصة هابيل وقابيل حين قتل الاخ اخيه وهكذا توارثنا تجردالانسانيه اتجاه بني جنسنا
مرورا بالحيوان والجماد وحتى الهواء والخ والخ
فماكان فعل المدنية بماتبقي من انسنايتنا التى نحملها الا تحصيل حاصل!!
جميل حرفك كجمال انسانية ورفق العم احمد.
في قصة هابيل وقابيل حين قتل الاخ اخيه وهكذا توارثنا تجردالانسانيه اتجاه بني جنسنا
مرورا بالحيوان والجماد وحتى الهواء والخ والخ
فماكان فعل المدنية بماتبقي من انسنايتنا التى نحملها الا تحصيل حاصل!!
جميل حرفك كجمال انسانية ورفق العم احمد.
الصفحة الأخيرة
تقبلي مرورى وودى