صفحات الماضي
صفحات الماضي
الشكر


الشكر هو الثناء على صاحب المعروف الذي أداه إليك فتشكره علي جميل أفعاله .. وهو شعور يدل على نفس سوية، وفطرة نقية، والله سبحانه وتعالى رضيَه لعباده فقال :- ( وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) سورة الزمر: 7 .. ووصف به الصفوة من خلقه وهم رسله وأنبياؤه فقال عن نوح :- ( إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ) سورة الإسراء:3 .. وقال في حق الخليل إبراهيم :- ( شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ ) سورة النحل:121 .. وكان رسولنا الأعظم صلى الله عليه وسلم العلَمَ في ذات يوم قال مقالته الشهيرة :- ( أفلا أكون عبداً شكوراً ) ..
فمن أسدى إليك معروفاً فحقه الشكر ، ومن قدم لك خيراً فحقه الثناء ، ومن واصل العطاء استحق الإمتنان ، والمسلم يقدِّر المعروف، ويعرف للناس حقوقهم، فيشكرهم على ما قدموا له من خير .. وهنا يقول النبي صلى الله عليه وسلم ف ذلك :- ( لا يشكر الله من لايشكر الناس ) رواه أبو داوود .. وقال :- (من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه ) رواه أحمد والحاكم وغيرهما ..

الزوجة الشاكرة ..
والزوجة الصالحة من شأنها أن تكون راضية عن زوجها لا تتضجر ولا تتسخط بل شاكرة له محتسبة حياتها كلها لله .. فواجبها أن تتجنب التسخط ، وجدير بها أن تكون كثيرة الشكر ؛ فإذا سُئلت عن بيتها وزوجها وحالها أثنت على ربها ، وتذكرت نعمه ، ورضيت قسمته ؛ فالقناعة كنز الغنى ، قال صلى الله عليه وسلم :- ( أُريت النار فإذا أكثر أهلها الناس، يكفرن) قيل أيكفرن بالله ؟ قال صلى الله عليه وسلم ( لا.. يكفرن العشير ، لو أحسنت لإحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيراً قط ) رواه البخاري .. وقال صلى الله عليه وسلم :- ( لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها و هي لا تستغني عنه ) رواه النسائي ..

قوة الشكر..
يقول الدكتور :- عبد الدائم الكحيل فى بحثه الرائع :- أسرار "قوة الشكر" :- لقد قام العلماء بتجارب كثيرة لدراسة تأثير الشكر على الدماغ ونظام المناعة والعمليات الدقيقة في العقل الباطن ، ووجدوا أن للشكر تأثيراً محفزاً لطاقة الدماغ الإيجابية ، مما يساعد الإنسان على مزيد من الإبداع وإنجاز الأعمال الجديدة. كما تؤكد بعض الدراسات أن الامتنان للآخرين وممارسة الشكر والإحساس الدائم بفضل الله تعالى يزيد من قدرة النظام المناعي للجسم!
يقوم الدكتور Robert Emmon وفريق البحث في جامعة كاليفورنيا بدراسة الفوائد الصحية للشكر، وقد وجد بنتيجة تجاربه على الطلاب أن الشكر يؤدي إلى السعادة وإلى استقرار الحالة العاطفية وإلى صحة نفسية وجسدية أفضل. فالطلاب الذين يمارسون الشكر كانوا أكثر تفاؤلاً وأكثر تمتعاً بالحياة ومناعتهم أفضل ضد الأمراض. وحتى إن مستوى النوم لديهم أفضل!

الشكر لعلاج المشاكل اليومية...
ويؤكد الباحثون في علم النفس أن :- الشكر له قوة هائلة في علاج المشاكل ، لأن قدرتك على مواجهة الصعاب وحل المشاكل المستعصية تتعلق بمدى امتنانك وشكرك للآخرين على ما يقدمونه لك. ولذلك فإن المشاعر السلبية تقف حاجزاً بينك وبين النجاح ، لأنها مثل الجدار الذي يحجب عنك الرؤيا الصادقة، ويجعلك تتقاعس على أداء أي عمل ناجح.
عندما تمارس عادة "الشكر" لمن يؤدي إليك معروفاً فإنك تعطي دفعة قوية من الطاقة لدماغك ليقوم بتقديم المزيد من الأعمال النافعة ، لأن الدماغ مصمم ليقارن ويقلّد ويقتدي بالآخرين وبمن تثق بهم. ولذلك تحفز لديك القدرة على جذب الشكر لك من قبل الآخرين، وأسهل طريقة لتحقيق ذلك أن تقدم عملاً نافعاً لهم.



محمود القلعاوى
صفحات الماضي
صفحات الماضي
لا تبك على اللبن المسكوب ..
بعض الناس يعتبر طبعه الذي نشأ عليه .. وعرفه الناس به .. وتكونت في أذهانهم الصورة الذهنية عنه على أساسه .. يعتبره شيئاً لازماً له لا يمكن تغييره .. فيستسلم له ويقنع .. كما يستسلم لشكل جسمه أو لون بشرته .. إذ لا يمكنه تغيير ذلك ..
مع أن الذكي يرى أن تغيير الطباع لعله أسهل من تغيير الملابس !!
فطباعنا ليست كاللبن المسكوب الذي لا يمكن تداركه أو جمعه .. بل هي بين أيدينا ..
بل نستطيع بأساليب معينة أن نغير طباع الناس .. بل عقولهم – ربما - !!
ذكر ابن حزم في كتابه طوق الحمامة :
أنه كان في الأندلس تاجر مشهور .. وقع بينه وبين أربعة من التجار تنافس .. فأبغضوه .. وعزموا على أن يزعجوه .. فخرج ذات صباح من بيته متجهاً إلى متجره .. لابساً قميصاً أبيض وعمامة بيضاء ..
لقيه أولهم فحياه ثم نظر إلى عمامته وقال : ما أجمل هذه العمامة الصفراء ..
فقال التاجر : أعميَ بصرُك ؟!! هذه عمامة بيضاء ..
فقال : بل صفراء .. صفراء لكنها جميلة ..
تركه التاجر ومضى ..
فلما مشى خطوات لقيه الآخر .. فحياه ثم نظر إلى عمامته وقال : ما أجملك اليوم .. وما أحسن لباسك .. خاصة هذه العمامة الخضراء ..
فقال التاجر : يا رجل العمامة بيضاء ..
قال : بل خضراء ..
قال : بيضاء .. اذهب عني ..
ومضى المسكين يكلم نفسه .. وينظر بين الفينة والأخرى إلى طرف عمامته المتدلي على كتفه .. ليتأكد أنها بيضاء .. وصل إلى دكانه .. وحرك القفل ليفتحه .. فأقبل إليه الثالث : وقال : يا فلان .. ما أجمل هذا الصباح .. خاصة لباسك الجميل .. وزادت جمالك هذه العمامة الزرقاء ..
نظر التاجر إلى عمامته ليتأكد من لونها .. ثم فرك عينيه .. وقال : يا أخي عمامتي بيضااااااء ..
قال : بل زرقاء .. لكنها عموماً جميلة .. لا تحزن .. ثم مضى .. فجعل التاجر يصيح به .. العمامة بيضاء .. وينظر إليها .. ويقلب أطرافها ..
جلس في دكانه قليلاً .. وهو لا يكاد يصرف بصره عن طرف عمامته ..
دخل عليه الرابع .. وقال : أهلاً يا فلان .. ما شاء الله !! من أين اشتريت هذه العمامة الحمراء ؟!
فصاح التاجر : عمامتي زرقاء ..
قال : بل حمراء ..
قال التاجر : بل خضراء .. لا .. لا .. بل بيضاء .. لا .. زرقاء .. سوداء ..
ثم ضحك .. ثم صرخ .. ثم بكى .. وقام يقفز !!
قال ابن حزم : فلقد كنت أراه بعدها في شوارع الأندلس مجنوناً يحذفه الصبيان بالحصى !! ( )
فإذا كان هؤلاء بمهارات بدائية غيروا طبع رجل .. بل غيروا عقله ..
فما بالك بمهارات مدروسة .. منورة بنصوص الوحيين .. يمارسها المرء تعبداً لله تعالى بها ..



من كتاب استمتع بحياتك للدكتور محمد العريفي
أخت أخوها
أخت أخوها
يعطيك العافية والله قراءات مثمرة ورائعة إلى الامام متابعة لك لروعة الموضوع