قرع لأبواب السماء

الأسرة والمجتمع

محاضره جدا جميله اقريها كااااامل تشرح صدرك ولا تنسوني من الدعاء

محاضرة
( قرع لأبواب السماء )
لفضيلة الشيخ بدر المشاري




ما خاب مَنْ دعاه ، و لا ندم مَنْ سأله و رجاه
لا إله إلا هو يجيبُ دعوةَ المضطر إذا دعاه ، و لا إله إلا هو يكشفُ الكربَ عمَّن ناجاه ، لا إله إلا هو يسمعُ تضرُّع المظلوم و شكواه ، لا إله إلا الله لا يخفى عليه نداءُ المنكوب إذا ناداه ، أو مَنْ تحرّكت بالدعاء شفتاه
و الصلاةُ و السلامُ على رسولِ الله محمدِ بنِ عبدِ الله و على آلهِ و صحبهِ و مَنْ والاه
ثم الوصيةُ تقوى الله
يا ربّ صَفْحَكَ يرجو كلُّ مقترب * فأنتَ أكرمُ مَنْ يعفو و مَنْ صَفَحَا
يا ربّ لا سببٌ أرجو الخلاصَ به * إلا رجاءً و لُطْفاً منكَ إنْ نفحا
فما لجأتُ إلى ربي بمعضلةٍ * إلا وجدتُ جنابَ اللُّطف مُنفسِحا
و لا تضايقَ أمرٌ فاستجرتُ به * إلا تفرَّد بابُ الضيقِ و انفتحا
لا إله إلا الله .. ما قُرعتْ أبوابُ السماء .. لا إله إلا الله ما قُرعتْ أبوابُ السماء بمثلِ مفاتيحِ الدعاء
لا إله إلا الله .. يسمعُ دبيبَ النملةِ السوداءِ ، في الليلةِ الظلماءِ ، على الصخرةِ الصماءِ
لا إله إلا الله .. أجابَ قوماً بنملةٍ بعد أنْ رفعتْ يديها إلى السماء
لما خرجَ سليمانُ يستسقي بالناس ، و في طريقه منْ بيته للمصلى رأى نملةً رفعتْ يديها ، تدعو ربَّ العِزَّة ، تدعو الذي يُعطي و يمنحُ ، و يلطفُ و يغيثُ
قال سليمانُ : أيها الناسُ ، عُودوا فقد كُفيتم بدعاءِ غيركم
فأخذَ الغيثُ ينهمرُ بدعاءِ تلك النملة
لا إله إلا الله .. إليه يصعدُ الكَلِمُ الطيب ، و الدعاءُ الخالص ، و الهاتفُ الصادق ، و الدمعُ البريء
فهلَّا قرعنا بابه ، و هلَّا لُذْنا بجنابه ، و وقفنا بعتباتِ بابه
يا أصحابَ الحاجات ، يا مَنْ تكالبتْ عليكمُ الملمَّات .. يا كلَّ مكروب ، يا كلَّ مهموم ، يا كلَّ مظلوم
أليسَ فيكم عينٌ باكيةٌ ، و قلبٌ حزينٌ .. أليسَ منكم منَ الضعفاء المنكوبين .. أين قلوبُكم التي تشتعلُ ، و دموعُكم التي تسيلُ
أليسَ منكم عزيزٌ قد ذلَّ ، و غنيٌّ قد افتقرَ ، و صحيحٌ قد مرضَ
أنتم و أولئك .. إلى مَنْ تلجؤون ؟ و مَنْ تنادون ؟ و مَنْ تشتكون ؟ أيديكم إلى مَنْ تمدون ؟
اقرعوا أبوابَ السماء ، و جُدُّوا بالدعاء ، فالدعاءُ سلاحُ المؤمن ، و عمادُ الدين ، و نورُ السمواتِ و الأرضينَ ، و ما قُرعتْ أبوابُ السماء بمثلِ مفاتيح الدعاء
اقرعوا الباب ، و أكثروا القرعَ و الإلحاحَ ، فإنه يوشكُ أنْ يفتح لكم
جاء في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال : ( جِدُّوا بالدعاء فإنه مَنْ يُكثر قرعَ الباب يوشَك أن يُفتح له )
لا تيأسنَّ و إنْ طالتْ مطالبةٌ * إذا استعنتَ بصبرٍ أنْ ترى فَرَجَا
أخلقْ بذي الصبر أن يحظى بحاجته * و مدمن القرع للأبواب أنْ يَلجَا
ذكر أحدُ العارفينَ عن ابن القيم رحمةُ الله عليه أنه رأى في بعضِ السكك باباً قد فُتح ، و خرجَ منه صبيٌّ يستغيثُ و يبكي ، و أمُّه خلفَه تطردُه حتى خرجَ فأغلقتِ البابَ في وجههِ و دخلتْ ، و ذهبَ الصبيُّ غيرَ بعيد، ثم وقفَ مفكِّراً ، فلم يجدْ مأوىً غير البيت الذي أُخرج منه ، و لا مَنْ يأوي إليه إلا والدته .. رجعَ مكسورَ القلبِ حزيناً ، فوجدَ البابَ مرتدّاً مغلقاً ، فتوسَّد و وضعَ خدَّه على عتبة الباب فنام ، حتى خرجتْ أمه ، فلما رأته على تلك الحال لم تمتلك إلا أنْ رمتْ بنفسِها و التزمتْه و أخذتْ تُقبِّله و تقول : يا ولدي ، أين تذهب عني ؟ مَنْ يؤويك سواي ؟ ألم أقل لك لا تخالفني ؟ ثم ضمَّته إلى صدرها و أدخلتْه إلى بيتها
تأمَّلوا في هذه الأم و في قول النبي صلى الله عليه و سلم : ( إن الله جل و علا أرحم بعباده من الوالدة بولدها )
فأين تقعُ رحمةُ الوالدة منْ رحمةِ الله التي وسعتْ كل شيء ؟
وقفْنا ببابكَ يا ذا الملك * و قفْنا ببابك و الملكُ لك
و جئناك نطوي قفارَ السُّهاد * و ما خابَ ياربّ مَنْ أمَّلك
إنَّ الله جلَّ و علا العفوُ أحبُّ إليه منَ الانتقام ، و الرحمةُ أحبُّ إليه منَ العقوبة ، سبقتْ رحمتُه غضبَه ، و حلمُه عقوبتَه .. الفضلُ أحبُّ إليه منَ العدل ، و العطاءُ أحبُّ إليه منَ المنع
إذاً بادرْ أخي بقرعِ الباب .. و أنت الذليلُ الحقيرُ .. و اضرع إلى العليِّ الكبير ..تضرُّع الأسير بقلبٍ كسير ، و قل :
يا إلهَ العالمين .. يا أكرمَ الأكرمين .. عبدُك أسيرُ الخطايا .. صاحبُ الهفوات و الرزايا .. واقفٌ بابك .. يقرعُ أبوابَ رحمتِك .. الخيرُ دأبك ، و الحكمُ حكمُك ، و أنتَ أرحمُ الراحمين
هذه ناصيتي الكاذبة .. ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك .. لا ملجأ و لا مَنْجَى منك إلا إليك
أسألك مسألةَ المسكين ، و أبتهلُ إليك ابتهالَ الخاضع الذليل ، و أسألك سؤالَ الخائف الضرير
سؤالَ مَنْ خضعتْ لك رقبتُه ، و رَغِمَ لك أنفُه، و فاضتْ لك عيناه
ربَّنا لا نهلكُ و أنت رجاؤنا .. ربَّنا لانضيعُ و أنت أملنا .. ربَّنا لا نذلُّ و أنت ملاذنا
يا ذا النِّعَم التي لا تحصى .. و يا ذا المعروف الذي لا ينقضي .. ندعوك في كل لحظاتنا ، و في كل أوقاتنا .. فاستجب يا ربنا دعاءنا
ذكرُ صاحبُ كتاب الفرج بعد الشدة و الضيقة في الجزء الخامس قصةً أذكرُها بتصرُّف
عن رجلٍ منْ أهل هذه البلد ، جلس في السجن خمسةَ عشرَ عاما خلفَ القضبان ، و في ليلةٍ من الليالي بعد أنْ أرخى الليلُ سدولَه وجد نفسه في زنزانةِ السجن .. اتُّهم بالقتل ، و حُكم عليه بالقصاص .. كيف كان ذلك ؟
قال :
ما إنْ وصل من دورة عسكرية ، و كانت الفرحةُ ترفرفُ بقلبه و مشاعره ، و كان يحدث نفسه عن ليلة الأنس و وقت اللقاء بالأطفال و الأقارب و الأحباب
و بعد وصوله بثلاث ساعات و الابتسامة تعلو شفاه الأسرة ، و يداعب الأطفال .. فجأة و بدون مقدمات جاء من يطرق الباب بشدة ، فخرجت ، فإذا برجال الأمن يسألون عني بالاسم كاملا ، فطلبوا مني مرافقتهم للشرطة ، و كنتُ لحظتَها مطمئناً
قال : كانت المفاجأة المدوية ، و التي هزَّت كياني ، و أفقدتني القدرةَ على التعبير ، حيث وجه الضابط المناوب تهمة القتل العمد لي ، قال أنت قتلت المواطن فلان بن فلان
و أنت مطلوب للعدالة
يقول : اسودَّت الدنيا بعيني ، و فقدتُ اتزاني و لم أصدق ما أسمع ، حاولت إقناع نفسي أن التهمة قد تكون لغيري و أن الاسم مشابه ، أو أن هناك سوء فهم أو أي خطأ .. لكنَّ المفاجأة زادت اتساعا بعد التحقيق معي بشكل جاد ، و أدخلت الزنزانة و ازدادت المصيبة بعد أن أوضح لي المحققون أن إنكاري لا يقدم و لا يؤخر لأنَّ الشهود موجودون و يؤكدون صدق التهمة ، و أنني القاتل الحقيقي
يقول : واصلتُ بالدفاع عن نفسي ، و محاولات تبرئةِ نفسي ؛ حتى تمت إحالتي للقضاء ، و لقد ظهرَ لي أشخاصٌ لا أعرفُهم شهدوا أنني القاتل ، و الأدهى منْ ذلك أنني - و ربي - لا أعرفُ القتيلَ و لا أعرفُ الشهودَ
و جلستُ في السجن خمسةَ عشرَ عاماً لأنَّ أبناءَ القتيل قُصَّر ، فبعدَ مرور هذه السنوات لم يعفُ الأبناءُ و لا الوكيلُ الشرعيُّ ، بل طالبوا بالقصاص ، و بعد خمسةَ عشرَ عاماً منَ الهمِّ و الغمِّ و الآلام و المعاناة جاءتِ المفاجأةُ الكبرى ، ففي صباح يوم الجمعة طلبَ مني رجالُ الأمن الاستعدادَ لكتابة الوصية ، و أبلغوني أنَّ هذا آخر يوم في حياتي ، و أنَّ وقتَ التنفيذ للقصاص عليَّ حان وقته ، و لقَّنوني الشهادة ، و كتبوا صكَّ الوصية
بعد ذلك اقتادوني إلى ساحة القصاص ، و كانتِ الجموعُ كبيرة كبيرة ، و رجالُ الأمن قد عملوا سياجاً كبيراً حول الساحة ، و كان ذكرُ الله لا ينقطعُ عن لساني ، و تمَّ تثبيتي بالعمود ، و إغلاق عيني ، و بدأ المسؤولُ في تلاوة البيان
يقول : و في هذه اللحظاتِ ذكرتُ الله و دعوتُه ، و قلتُ : ربي .. ربي إنني مظلومٌ ، و أنتَ وعدتَ ، و أنت الصادقُ في وعدِك ، و أنتَ تسمعُ دعوةَ المظلوم ، و أنا مظلومٌ و أنتَ علَّامُ الغيوب ، فوَّضت أمري لك ، لا إله إلا أنت لا شريك لك
قال : و الله لم أكملْ دعائي أثناءَ تلاوة البيان حتى سمعتُ أصواتاً عاليةً ، و صراخاً مرتفعاً ، و سمعتُ صوتَ رجلٍ يقول : لا تقتلوه ، أنا القاتل .. لا تقتلوه ، أنا القاتل
سبحانَ مَنْ يسمعُ نداءَ المظلومين .. سبحانَ مَنْ يسمعُ أنات المضطهدين
يقول : و تبعَ ذلك أصوات كثير ة ، لم أعد أسمعُ ما حولي ، و توقَّف البيانُ عن التكملة ، و سمعتُ أحدَ رجال الأمن يقول : هؤلاء الشهود يعترفون أنهم القتلة ، و سمعتُ آخرين يطالبون بسرعة تنفيذ القصاص
و استمرَّ الجدلُ طويلاً ، فبقيتُ في مكاني ، مكتوفَ الأيدي ، مربوطَ القدمين ، و العيونُ مغطاةٌ
ثم يقول : اتَّضحَ الحقُّ ، و زهقَ الباطلُ ، و أنطقَ الله الشهودَ في آخر لحظةٍ
يقول : فجاءَ الأمرُ في إيقاف القصاص بي ، و خرجتُ إلى الدنيا مرةً أخرى كمولودٍ جديدٍ
لا إله إلا الله
و لرُبَّ نازلةٍ يضيقُ بها الفتى ذرعاً * و عند الله منها المخرجُ
ضاقتْ فلما استحكمتْ حلقاتُها * فُرِجَتْ و كنتُ أظنُّها لا تُفرجُ
لا إله إلا الله
هو ناصرُ الضعيف ، و مفزعُ كلِّ ملهوف
لا إله إلا الله
مَنْ تكلمَ سمعَ نطقَه ، و مَنْ سكتَ علمَ سِرَّه ، و مَنْ عاشَ فعليه رزقُه ، و مَنْ ماتَ فإليه منقلبُه
لا إله إلا الله
مَنْ دعاه أجابَه ، إذا أراد شيئاً قال له : كنْ فيكون
ما بين طرفةِ عينٍ و انتباهتِها * يغيِّر الله منْ حالٍ إلى حالِ
جاءتِ امرأةٌ إلى بقيّ الأندلسي فقالتْ له : إنَّ ابني قد أسرتْه الإفرنجُ ، و إني لا أنامُ الليلَ منْ شوقي إليه ، فليسَ لي ليلٌ و لا نهار ، و لا صبرٌ و لا قرار
فقال : انصرفي حتى ننظر في ذلك إنْ شاء الله ، و أطرق الشيخ و حرك شفتيه يدعو الله لولدها بالخلاص
فذهبت ، فما كان غير أيام حتى جاءتْ و ابنها معها ، فقال - اسمع خبرَه يرحمُك الله - فقالَ : كيفَ كانَ أمرُك ؟
قال : إنني كنتُ فيمَنْ يخدمُ الملكَ ، و نحنُ في القيود ، و بينما أنا ذاتَ يومٍ أمشي إذ سقطَ القيدُ منْ رجلي ، فأقبلَ عليَّ الموكَّل بي فشتمَني ، فقال : أفككتَ القيدَ ، قلتُ : لا ، قال : مَنْ فكَّ القيدَ منْ رجليك ، فقلتُ : و الله لا أدري ، و لكنْ سقط و لم أشعر
فجاؤوا بالحداد ، فأعادوه مرةً أخرى ، و سمَّر مسمارَه ، و قيَّد رجلَه ، ثم يقول : قمت ،
فسقطَ مرةً أخرى ذلك القيد ، قال : فسألوني ، قالوا : هل لك والدة ؟ قلتُ : نعم
قالوا : اتركوه و أطلقوه فإنَّ خلفَ هذا دعوةٌ مستجابةٌ .. إنَّ خلفَ هذا دعوةٌ مستجابةٌ
فيقول : و أطلقوني
فسأله الشيخ عن الساعة التي سقط القيدُ منْ رجليه ؛ فإذا هي نفس الساعة التي دعا له فيها الشيخ
و إني لأدعو الله و الأمر ضيق علي فما ينفك أن يتفرجا
فرب فتى ضاقت أصاب له في دعوة الله مخرجا
لا إله إلا الله
( و إذا سألك عبادي عني فإني قريبٌ أجيبُ دعوةَ الداعي إذا دعانِ )
لا إله إلا الله
قريبٌ .. يسمع و يجيب ، و يعطي البعيد و القريب ، و يرزق العدوَّ و الحبيب
لا إله إلا الله
قريبٌ .. يغيثُ اللهفان ، و يشبعُ الجوعان ، و يسقي الظمآن ، و يتابعُ الإحسن
لا إله إلا الله
قريب .. عطاؤه ممنوح ، و خيرُه يغدو و يروح ، و بابُه مفتوح ، حليمٌ كريمٌ صفوح
لا إله إلا الله
قريبٌ .. يدعوه الغريقُ في البحار ، و الضالُّ في القفار ، و المحبوسُ خلفَ الأسوار ، كما دعاه عبدُه في الغار
لا إله إلا الله
قريبٌ .. فرجُه في لمحة البصر ، و غوثُه في لفتة النظر ، المغلوبُ إذا دعاه انتصر ، اطلعَ فستر ، و علمَ فغفر ، و عُبدَ فشكر
لا إله إلا الله
قريبٌ .. جوادٌ مجيد ، لا ضِدَّ له و لا ندَّ و لا نديد ، أقربُ للعبد و ربي منْ حبل الوريد ، على كلِّ نفس قائمٌ و شهيد ، محمودٌ ممدوحٌ حميد
لا إله إلا الله
قريبٌ .. دعا المذنبين للمتاب ، و فتحَ للمستغفرين الباب ، و رفعَ عن أهل الحاجات الحجاب ، فهلَّا قرعتمُ الباب ، و ناديتمُ العزيز الوهاب ، كما دعاه عبده يونس فجاءه الجواب
( فنادى في الظلمات أنه لا إله إلا أنتَ سبحانك إني كنتُ منَ الظالمين )
فماذا كانتِ الإجابة ؟ - اسمعوا الإجابة - قال الله : ( فاستجبنا له )
استجابَ الله له بعد أنْ سمعتِ الملائكةُ صوتَه فقالتْ : صوتٌ معروفٌ ، منْ عبدٍ معروفٍ
ناداه في ظلماتٍ ثلاث : في ظلمة الليل ، و في ظلمة البحر ، و في ظلمة الحوت
فسبحان مَنْ سمعَه منْ قعر البحار ، و هو على عرشه واحدٌ قهار
و نادي إذا سجدتَ اعترافا * كما ناداه ذو النون بن متى
و أكثرْ ذكرَه في الأرض دأبا * لتُذكر في السماء إذا ذكرتا
لا إله إلا الله
( يسأله مَنْ في السموات و الأرض كلَّ يومٍ هو في شأن )
أين أنتم يا أهلَ الحاجات ؟ أين المرضى ؟ أين المديونون ؟ أين المستضعَفون ؟ لماذا طرقتم الأبوابَ كلها و نسي الكثيرُ منكم بابَ الله ؟
لا تسألنَّ بني آدم حاجة * و سلِ الذي أبوابُه لا تُحجبُ
الله يغضبُ إنْ تركت سؤاله * و بني آدم حين يُسأل يغضبُ
جاءَ في روايةٍ أنَّ سعيدَ بنَ عنبسةَ قال : بينما رجلٌ جالسٌ يعبثُ في الحصى و يحذفُ به ، قال : إذ رجعت حصاةٌ فدخلتْ في أذنه فبقيتْ مدةً منَ الزمن ، و هي تؤلمه ، و بينما هو ذات يوم جالسٌ إذ سمعَ رجلاً يقرأ : ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه و يكشف السوء )
فقال ذلك الرجل : يا رب يا رب أنت المجيب و أنا المضطر فاكشف ما بي من ضر
أنت المجيب و أنا المضطر فاكشف مابي من ضر
فنزلتِ الحصاةُ منْ أذنه ، نزلت الحصاةُ في الحال ، و صدقَ رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم قال في حديث ابن عمر : ( الدعاء ينفع ما نزل و ما لم ينزل )
فعليكم عبادَ الله بالدعاء
و هذا رجل صلَّى معي في المسجد قبل تسعة أو عشرة أعوام صلاة العشاء ، فإذا بي ألحظُ أنه يبكي طوالَ الصلاة بكاءً لفتَ أنظارَ الجميع ، و بعد الصلاةِ التفتُّ فإذا به غريبٌ عن المسجد ، و مازال في بكائه ، صليتُ السنةَ الراتبةَ ، و سلَّمتُ عليه ، و سألتُه عن سبب بكائه ، فأخبرني بتلك القصة يوم قال بأنه منْ أهل الشمال في هذه المملكة المباركة ، و أنه قد أصيبَ بحادثٍ قبل تسع سنوات منْ حديثه لي .. قال : أصبتُ على أثر ذلك الحادث بشلل في قدميّ ، لم أترك طبيباً و لا مستشفى - يقول - و لا علاجا و لا دواء إلا طرقتُ بابه في المملكة و في خارجها ، و كلما ذهبتُ إلى طبيبٍ قال لي بأنَّ حالتك ميؤوسٌ منها ، فيقول : فقدتُ الأملَ منَ الناس ، و لكنْ بقي الأملُ متعلقاً بربِّ الناس سبحانه و تعالى
يقول : أرادَ الله أنْ يكونَ لذلك سبباً ، جلستُ في المجلس الذي أجلسُ فيه متمدداً كعادتي ، و كانَ عندي أحدُ الأطفال الصغار الذي يحبو و يلعبُ في الغرفة
يقول : و أدخلَ عليَّ أهلُ البيت القهوةَ و الشايَ في صينيةٍ وُضعتْ على درج مرتفع ، فإذا بالطفل يحبو و يتقدم إليها ، فما كانَ منه إلا أنْ شدَّ تلك الصينية نحوه ، فانسكبتْ عليه ، فقمتُ فزعاً منْ مكاني خائفاً ، فما كان مني إلا أنْ أحسستُ أنَّ رجلي تتحركُ ، فمشيتُ أربعَ خطواتٍ أو تزيد ، و دخلَ عليَّ أهلُ البيت ، فلما رأوني قد قمت منْ مكاني ماشياً جلسوا يبكون ، و لا أدري هل كان فرحاً على ممشاي أو حزناً على ذلك الطفل الذي سُكِبَ عليه ذلك الحار
قال : و قبلها يعلمُ الله كنتُ أدعو الله أنْ يمنَّ عليَّ بالشفاء ، فجاء الفرجُ و الإجابة : ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه و يكشف السوء )
إي و ربي
فاشتدْ يديكَ بحبلِ الله معتصما * فإنه الركنُ إنْ خانتك أركانُ
و حدثني أحدُ الثقات مؤذنٌ لأحد المساجد في الرياض عن جارٍ لهم أنهم أصيبَ بشللٍ نصفي ، و قد انشل لسانُه تماماً ، فتعطَّل عن الكلام و الحديث
يقول : و في يوم من الأيام زرنا ذلك المريض بعد أنْ أمضى مدةً منَ الزمن فإذا به يتكلم و ينطق و يحرك لسانه بطلاقة ، فسألناه ، فقال ذلك الرجل
اسمعوا يا مرضى .. اسمعوا يا مَنْ أنتم على الأسرة البيضاء
قال : فسألناه عن ذلك
فقال : إنني اتجهت بأكفي إلى السماء ، و لم أستطع أنْ أتكلمَ و لا أحرِّك لساني و لا بحرف ، لكنَّ لسانَ قلبي نادى ربه ، و دمعتْ عيناي ، و ذرفتْ دموعي على خدي ، و كنتُ أقولُ وقتها :
اللهم إنَّ لساني تعطَّل عن ذكرك .. اللهم حرِّك لساني و اجعله ينطق بالذكر و الشكر و الاستغفار .. اللهم أعدْ إليَّ كلامي حتى أستطيعَ أنْ أسبِّحك و أستغفرَك و أذكرَك
فقال : ما هي إلا أيام و يأتيني الفرجُ منْ ربِّ الأرض و السماء ، ثم تكلمتُ و نطقَ لساني
أين أنتم أيها المرضى ؟ أين أنتم يا أهلَ الأسرة البيضاء ؟
يا مَنْ امتلأتِ بكمُ المستشفيات ، و ضاقتْ بكمُ العيادات .. يا مَنْ سهرتْ عيونكم منَ الأنين ، و تعبتْ أجسامكم و أجسادكم منَ البكاء و الآلام و الحنين
لماذا لجأتم للناس و ذهبتم للسحرة و المشعوذين ، و طرقتم الأبوابَ كلها ؟ هل يا تُرى نسيتم بابَ الكريم الذي يسمع دعاء المريض ؟
فعليكم بالدعاء فهو منْ أنفع الأدوية ، فالدعاءُ عدوُّ البلاء ، يدافعُه و يعالجه أو يمنعُ نزوله ، و يرفعُه أو يخففه إذا نزل ، و هو سلاحُ المؤمن
ارفع أكفك إلى السماء .. و اقرع بابَ السماء بمفاتيح الدعاء ، و قل يا أرحمَ الراحمين
فقد جاء في حديث أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم - كما خرَّجه الحاكم في المستدرك و صححه - يقول أنه قال : إنَّ لله ملكا موكَّل يؤمِّن و يقول : ( يا أرحم الراحمين فمَنْ قالها ثلاثا ، قال الملك له : إنَّ أرحمَ الراحمين قد أقبل عليك فاسأل )
قال العباس بن مصعب حدثنا بعض أصحابنا قال سمعت أبا وهب يقول : مرَّ ابنُ المبارك برجلٍ و قال له : أسألك أنْ تدعوَ لي أن يرد الله علي بصري ، فدعا الله فرد الله عليه بصره و أنا أنظر
من الذي يفزع إليه المكروب ، و يستغيث به المنكوب ، و تصمد إليه الكائنات ، و تسأله المخلوقات ، و تلهج بذكره الألسن ، و تألهه القلوب
إنه الله الذي لا إله إلا هو
أحسنُ الأسماء ، و أجمل الحروف ، و أصدق العبارات ، و أثمن الكلمات ، هل تعلم له سميا
الله
فإذا الغنى ، و البقاء ، و القوة ، و النصرة ، و العز ، و القدرة ، و الحكمة ، و الجلال ، و العظمة ، و الهيبة ، و الجبروت
الله
إليه تُمَدُّ الأكفُّ في الأسحار ، و الأيادي في الحاجات ، و الأعينُ في الملمات ، و الأسئلة في الحوادث
باسمه تشدو الألسن ، و تستغيث ، و تلهج ، و تنادي ، و بذكره تطمئن القلوب ، و تسكن الأرواح ، و تهدأ المشاعر و يستقر اليقين
ذكر الذهبيُّ في سيره في ترجمة الإمام محمد بن المنكدر قال في ليلة منَ الليالي استسقى أهل الحرم ? أي في المدينة ? و لم يسقوا ، يقول : ذهبتُ لمسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم أتعبَّد في مكانٍ لي ، فقال : بينما أنا جالسٌ في منتصف الليل إذ دخل عليَّ رجلٌ لم أعرفه ، رجلٌ أسود ، تعلوه صفرة ، عليه رداء و إزار - يقول - جلس يلتفت يمنة و يسرة حتى اطمأن أنه لا أحد في المسجد فرفع أكفه إلى السماء ، فقال : يا رب يا رب إنَّ أهلَ الحرم قد استسقوك فلم تسقهم
ثم اسمعوا ماذا قال :
قال : يا رب .. اللهم إني أقسم عليك أنْ تنزل عليهم المطر
قال الإمام محمد : قلتُ هذا مجنون ، كيف يجرؤ يقسم على الله جل و علا ؟
قال : أقسم عليك يا الله ، أقسم عليك يا الله أنْ تنزل المطر
قال الإمام محمد : و الله ما تحرَّك منْ مكانه إلا و قد نزلَ المطر علينا
( رُبَّ أشعثَ أغبرَ لو أقسمَ على الله لأبرَّه )
و ذكرَ صاحبُ كتاب ( لا تحزن ) تحت عنوان ( و هو الذي ينزِّل الغيث ) قالَ حفظَه الله : حدثنا أحدُ الفضلاء منَ العبَّاد أنه كان بأهله في الصحراء في جهة البادية ، و كانَ عابداً قانتاً منيباً ذاكراً لله ، قال : فانقطعت المياه المجاورة لنا ، و ذهبتُ ألتمسُ ماءَ لأهلي فوجدتُ أنَّ الغديرَ قد جفَّ ، فعدتُ إليهم ، ثم التمستُ الماء يمنةً و يسرةً فلم نجد و لو قطرةً ، و أدركنا الظمأ ، و احتاجَ أطفالي للماء ، فتذكرتُ ربَّ العزة و الجلال القريب المجيب ، فقمتُ فتيمَّمتُ و استقبلتُ القبلةَ ، و صليتُ ركعتين ، ثم رفعتُ يدي و بكيتُ ، و سالتْ دموعي ، و سألتُ الله بإلحاح ، و تذكرتُ قوله : ( أمَّنْ يجيبُ المضطرَّ إذا دعاه ) ، فو الله ما هو إلا أنْ قمتُ منْ مقامي ، و ليس في السماء منْ سحابٍ و لا غيمٍ ، يقول و إذا بسحابةٍ قد توسَّطت مكاني و منزلي في الصحراء ، و احتكمتْ على المكان ، ثم أنزلتْ ماءً ، فامتلأتِ الغدران منْ حولنا و عن يميننا و يسارنا ، فشربنا و اغتسلنا و توضأنا ، و حمدنا الله سبحانه و تعالى ، ثم ارتحلتُ قليلاً خلفَ هذا المكان و إذا الجدبُ و القحطُ ، فعلمتُ أنَّ الله ساقها بدعائي ، فحمدتُ الله ( و هو الذي ينزل الغيث منْ بعد ما قنطوا و ينشرُ رحمته و هو الوليُّ الحميد )
اللهم أغثْ بلادنا يا ربَّ العالمين
جاء في حديث عائشة كما ذكر الأوزاعي أنها قالت : ( إنَّ الله يحبُّ الملحين في الدعاء ) ، و في صحيح الحاكم منْ حديث أنس أنَّ النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( لا تعجزوا في الدعاء فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد ) .
لا إله إلا الله
إذا اضطربَ البحرُ ، و هاجَ الموجُ ، وهبَّ الريحُ العاصف ، قرعَ أصحابُ السفينة الأبوابَ و نادَوا : يا الله .


إذا وقعتِ المصيبةُ ، وحلّتِ النكبةُ ، وجثمتِ الكارثةُ ، قُرعتْ أبواب السماء و نادى المصابُ المنكوبُ : يا الله .
إذا بارتِ الحيلُ ، وضاقتِ السُّبُلُ ، وانتهتِ الآمالُ ، و تقطَّعتِ الحبالُ ، قرعوا البابَ و نادَوا : يا الله .
إذا ضاقتْ عليك الأرضُ بما رحُبتْ ، و ضاقتْ عليك نفسُك بما حملتْ ، فاهتفْ و قل : يا الله .
ذكرَ ابنُ أبي الدنيا في كتاب المجابين في الدعاء عن الحسن قال : كان رجل - اسمعوا لهذه القصة ، اسمعوا لها جيدا ? قال : كان رجلٌ منْ أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم من الأنصار يُكنى بأبي معلم و كان تاجرا ، يتَّجرُ بماله و بمال غيره ، يضربُ به في الآفاق ، و كانَ ناسكاً ورعاً ، فخرج مرة فلقيَه لصٌّ ، لصٌّ مقنع بالسلاح
قال له ذلك اللص : ضع ما معك فإني قاتلك . قال : ما تريد من دمي ؟ خذ المال . قال : أما المال فهو لي ، و لا أريد إلا دمك .
قال : إذاً اتركني أصلي أربعَ ركعاتٍ - إنها الصلاة يا عباد الله - قال : اتركني أصلي أربع ركعات . قال : صلّ ما بدا لك
يقول : ثم صلى أربع ركعات ، فكانَ منْ دعائه في آخر سجوده أنه قال : يا ودود ، يا ودود ، يا فعَّال لما تريد ، أسألك بعِزّك الذي لا يرام ، و بملكك الذي لا يضام ، و بنورك الذي ملأ أركان عرشك أنْ تكفيَني شرَّ هذا اللصّ ، يا مغيث أغثني ، يا مغيث أغثني ، يا مغيث أغثني .
فإذا هو بفارسٍ قد أقبلَ بيده حربةٌ قد وضعَها بين أذني فرسه ، فلما بصرَ به اللصُّ أقبلَ نحوه ، فطعنَه ، فقتله ، ثم أقبل إليَّ قال لي : قم
فيقول : قمتُ
فقلتُ : مَنْ أنت بأبي و أمي ، فقد أغاثني الله بك اليوم
فقال : أنا ملك من أهل السماء الرابعة .. يقول أنا ملك من أهل السماء الرابعة
دعوتَ بدعائك الأول فسُمعت لأبواب السماء قعقعة
لا إله إلا الله
يقولُ : دعوتَ بدعائك الأول فسُمِعَتْ لأبواب السماء قعقعة .. ثم دعوتَ بدعائك الثاني فسُمِعَتْ لأهل السماء ضجَّة ..ثم دعوتَ بدعائك الثالث فقيل لي : دعاءُ مكروبٍ ، فسألتُ الله أنْ يوليني قتله
اسمعوا يا أهل الحاجات .. اسمع يا مكروب .. يا مهموم .. اسمع يا مظلوم
قال الحسن : فمَنْ توضأ و صلى أربع ركعات و دعا بهذا الدعاء استُجيبَ له مكروباً كان أو غير مكروب .
سبحان مَنْ إذا دعاه الغريقُ نجَّاه ، و مَنْ إذا دعاه الغائبُ ردَّه ، و إذا دعاه المبتلى عافاه ، و إذا دعاه المظلومُ نصرَه ، و إذا دعاه الضَّالُّ هداه ، و المريضُ إذا دعاه شفاه ، و المكروبُ إذا دعاه فرَّج عنه ما أتاه
ليتنا ندعو الله كثيرا .. ليت ضعفَنا يتصل بقوته ، و فقرَنا يتصل بغناه ، و عجزَنا بقدرته
و صدق الله يوم قال : ( و قال ربكم ادعوني أستجب لكم ، إنَّ الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنمَ داخرين )
و رُوِيَ أنَّ إبراهيمَ ابنَ أدهمَ كانَ مع قومٍ في سفينة في البحر ، فهبَّت الرياح ، و هاجت الأمواج ، فبكى الناس و ضجُّوا ، فقيل لمعيوف أو ابن معيوف : هذا إبراهيمُ بنُ أدهمَ لو سألته أنْ يدعوَ الله
فإذا هو نائم في ناحية السفينة ، ملفوف الرأس في كساء ، فدنا منه فقال : يا أبا إسحق ، أما ترى ما في الناس و ما هم فيه
قال : اللهم قد أريتنا قدرتك فأرنا عفوك . قال : فهدأتِ السفينةُ
سبحان الله .. حُقَّ لنا أنْ ندعوَه في الشدة و الرخاء ، و السراء و الضراء ، و نفزع إليه في المهمات ، و نتوسل إليه في الكُرُبات ، و نطَّرح على عتبات بابه سائلين باكين ، ضارعين منيبين
حينها يأتي مددُه ، و يصلُ عونُه ، و يسرع فرجُه ، و يحلُّ فتحه


كلُّ الحبال تتصرَّم إلا حبله ، كلُّ الأبواب تُوصد إلا بابه ، و هو قريبٌ سميعٌ يجيبُ دعوةَ المضطرِّ إذا دعاه ، يأمرك الله و أنت الضعيفُ المحتاجُ ، و هو الغنيُّ القويُّ الواحد الماجد


إذا نزلتْ بك النوازلُ ، و ألمتْ بك الخطوبُ ، فالهجْ بذكْره ، و اهتفْ باسمه ، و اطلبْ مددَه ، و اسأله فتحَه و نصره
مرغ الجبين لتقديس اسمه لتحصل على تاج الحرية ، و أرغم الأنف في طيب عبوديته لتحوز أوسامَ النجاة


يا أهلَ الجهاد ..يا أهلَ الجهاد .. يا إخواننا في كل مكان .. يا من تضطهدون و تقتلون .. يا مَنْ تقتَّل نساؤكم .. يا مَنْ تقتَّل نساؤكم ، و يذبح أبناؤكم .. ارفعوا أكفكم إلى السماء و أنتم موقنون بالإجابة ، و أبشروا بالخير ، فإما حياةٌ بعزة أو موتٌ بشهادة

قال سليم بن عامر : دخلتُ على الجرَّاح ، فرع يديه ، فرع الأمراء أيديهم ، فمكث طويلا ، ثم قال لي : يا أبا يحيى ، هل تدري ما كنا فيه ؟ قلت : لا
وجدتكم في رغبة فرفعت يدي معكم
قال : سألنا الله الشهادة
فو الله ما بقي منهم أحد في تلك الغزاة إلا استشهد
( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات و يدعوننا رغبا و رهبا و كانوا لنا خاشعين )
( قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا و ثبِّت أقدامنا و انصرنا على القوم الكافرين )
فماذا كانت النتيجة ؟ ( فهزموهم بإذن الله )
يا أمةَ المليار مسلم ..هؤلا ء إخوانكم ينادونكم بلسانِ حالهم
إلى كلِّ إمام .. و إلى كلِّ مصلٍّ .. إلى الشيخ المسنّ في مصلاه .. إلى المرأة في خِدْرِها .. إليكم جميعاً هذا النداء .. قال الله تعالى : ( حتى إذا استيأسَ الرُّسُلُ و ظنوا أنهم قد كُذِبوا جاءهم نصرُنا )
فقد حَمِيَ الوطيسُ .. و بلغتِ القلوبُ الحناجر .. و اشتدَّ الأمرُ .. و تكالبَ العدوُّ.. و تواطأ الكفارُ علينا منْ جانب
الطائراتُ تقصفُ بأنواع القذائف .. بأنواع القذائف المدمِّرة .. و الراجماتُ تقذفُ بأنواع الصواريخ .. و الجليد يطاول الجبال .. حتى ذكرنا إخواننا يوم الأحزاب
( إذ جاؤوكم منْ فوقكم و منْ أسفل منكم و إذ زاغتِ الأبصارُ و بلغت القلوب الحناجر و تظنون بالله الظنون هنالك أبتلي المؤمنون و زلزلوا زلزالا شديدا )
أيتها الأمة ألا يوجدُ فينا مَنْ لو أقسم على الله لأبره .. ألا يوجدُ فينا مَنْ يرفع أكفَّ الضراعة إلى ربه فيستجيبُ له .. هل بخلتم علينا حتى بالدعاء .. فأين نصرتكم لنا
أقول لهؤلاء اصبروا و صابروا و رابطوا .. فإنَّ مع العسر يسرا ، و مع الصبر نصرا ، و بعد الليل فجر ، و بعد الشدة رخاء ، و بعد الضراء سراء ، و لكل حادثة عزاء ، و بعد الجوع شبع ، و بعد الظمأ ري ، و بعد السهر نوم ، و بعد المرض عافية
سوف يصل الغائب ، و يهتدي الضال ، و يُفَكُّ العاني ، و ينقشعُ الظلام .. ( فعسى الله أنْ يأتيَ بالفتح أو أمر منْ عنده )
بشِّر الليل بصبحٍ صادقٍ يطاردُه على رؤوس الجبال و مسارب الأودية ، و بشِّر المهموم بفرج قريب ، و بشِّر المريض بعلاج سريع بإذن الله جل و علا ، بشِّر المنكوب بلطفٍ خفيّ و كفّ حانيةٍ وادعةٍ
إذا رأيت الصحراء تمتدُّ و تمتدُّ فاعلم أنَّ وراءها رياض خضراء وارفة الظلال .. إذا رأيت الحبل يشتد و يشتد فاعلم أنه سوف ينقطع .. و اعلموا أنَّ مع الدمعة بسمة ، و مع الخوف أمن ، و مع الفزع سكينة
و النارُ لا تحرقُ إبراهيمَ التوحيد لأنَّ الرعايةَ الربانيةَ فتحتْ نافذةَ ( بردا و سلاما ) .. البحرُ لا يُغرق كليمَ الرحمن لأنَّ الصوتَ القويَّ الصادقَ نطقَ بقوله : ( كلا إنَّ معيَ ربي سيهدين )
، الرسولُ في الغار بشَّر صاحبه بأنه وحده جلَّ في علاه معنا فنزلَ الأمنُ و الفتحُ و السكينةُ
إذاً فلا تضيقوا ذرعاً .. فمنَ المحال دوام الحال ، و أفضلُ العبادة انتظارُ الفرج ، و الأيامُ دُوَل ، و الدهرُ متقلّب ، و الليالي حبالى
و الغيبُ مستور ، و الحكيمُ كلَّ يوم هو في شأن ، و ( لعلَّ الله يُحدث بعد ذلك أمراً ) ، و ( إنَّ مع العسر يسراً )
البابُ الموصدُ له مفتاحٌ ، و القلعةُ المنيعةُ لها بابٌ ، و لكلّ قميصٍ منَ الشّدَّة جيبٌ منَ اللطف ، و لكلّ غرفةٍ ضيقةٍ من الكرب سعةٌ من الفرج ..إذا ادلهم الليل انقشع ، و إذا احتبس القطر هَمَع
بشّر الفقيرَ بالغنى ، و المريضَ بالعافية ، و الغائبَ بالقدوم ، و المتعبَ بالراحة ، و المسجونَ بالخروج
و الأيامُ دول ، و الفلكُ يدور ، و لكلّ أمر حَدّ ، و الدهرُ مقبلٌ مدبر ، و الأيام آخذة معطية
و الزمان يومان ، و لكل نازلة رحيل ، و لكل صعب سهولة ، و لكل داء دواء ، و لكل علة حيلة
حكمةٌ نافذةٌ ، و قدرةٌ باهرةٌ .. فلا تجزع ( فإنَّ مع العسر يسرا ) ، و لا تيأس فـ ( إنَّ مع اليسر يسرا ) ، و لكنْ ليس يسراً واحداً بل يسران ..إذاً فاقرعوا بابَ السماء بالدعاء .. و قولوا :
أيا ملكَ الملوك أقلْ عثاري * فإني عنك أنأتني الذنوبُ
و أمرضَني الهوى لهوان نفسي * و لكنْ ليس لي غيرك طبيبُ
أيا ديَّان يوم الدين فرِّج * هموماً في الفؤاد لها دبيبُ
قل و اقرع بابَ السماء :
يا ربّ أنت المرجَّى أنت العزيزُ القدير ، يا ربّ أنت المجيرُ قد مسنا ما يضير ، فلا تكلنا لنفسٍ فيها تمادى الغرور
اقرع باب السماء و قل :
اللهم اغفر لنا .. اللهم اغفر لنا قبل أنْ تشهدَ الأعضاءُ و الجوارح ، و تبدو السوءاتُ و الفضائح
يا ربّ مَنْ للبائس الفقير ، غير الكريم المالك القدير ..
فحسبُنا الله و نعمَ الملتجا .. و حسبُنا الله و نعمَ المرتجى .. ثم الصلاة ما تغنى الشادي
على محمد النبي الهادي .. ما هتفتْ ورقاء بالنياح ، و غرَّد القمريّ في الصباح
أقول ما سمعتم و تسمعون ، و أستغفرُ الله .. أستغفر الله .. أستغفر الله لي ولكم و لسائر المسلمين و المسلمات ، و المؤمنين و المؤمنات ، منْ كلّ ذنبٍ فاستغفروه و توبوا إليه ، إنه هو الغفور الرحيم
الحمد لله .. الحمد لله .. أحمده يا مَنْ حمد نفسه قبل أنْ يحمده الحامدون .. و أرجو ك الصفحَ عما سلف يا مَنْ يرجو عفوه المذنبون .. و أسألك الأمن يا مَنْ يلوذ به الخائفون
شكرا لك يا ربي على المنن العظام ، و العطايا الجسا م
اللهم صلّ و سلّم على نبينا محمد بن عبد الله ، عبدك و رسولك ، صاحب الفصاحة و البيان ، و حامل الوحي و أمين الرسالة ، و صفوة البشر و على آله و صحبه و مَنْ تبعه بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
فيا عبادَ الله .. اتقوا الله تعالى حق التقوى و راقبوه ، و اعلموا أنه ( مَنْ يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب ) ، ( و من يتق الله يجعل له من أمره يسرا ) ، ( و من يتق الله يكفر عنه سيئاته و يعظم له أمرا )
اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام
و اكنفنا بركنك الذي لا يُرام و اغفر لنا بقدرتك علينا
يا رب كم من نعمة أنعمت بها علينا قلَّ لك عندها شكرنا فلم تحرمنا
و كم من بلية ابتليتنا بها قلَّ لك عندها صبرنا فلم تخذلنا
يا ربّ كم قُرع بابُك ، و كم ليذ بجنابك
يا رب مَنْ للمكروب ، و مَنْ يكفي المنكوب ، و مَنْ ينجِّي المظلوم في ظلمات البر و البحر
يا رب من يمن على المستضعفين في الأرض ، و مَنْ يكشف الضر
لا إله إلا الله
لا إله إلا هو الذي قال في كتابه : ( قل الله يُنجيكم منها و مِنْ كلّ كرب ) ، و هو الذي قال في كتابه : ( أليسَ الله بكافٍ عبدَه ) ، و هو الذي قال : ( و نريد أنْ نمنَّ على الذين استُضعفوا في الأرض )
لا إله إلا أنت .. دعاك الصالحون و الأنبياء و المرسلون
يا ربّ .. دعاك آدم فجاءه مددك ( ثم اجتباه ربه فتاب عليه ثم هدى )
قرعَ نوحٌ البابَ فجاءه الجوابُ ( و نجيناه و أهله مِنَ الكرب العظيم )
و إبراهيم ( قلنا يا نارُ كوني برداً و سلاماً على إبراهيم )
و يعقوب ( عسى الله أنْ يأتيني بهم جميعاً )
و داوود ( فغفرنا له ذلك و إنَّ له عندنا لزلفى و حُسْن مآب )
و أيوب ( فكشفنا ما به مِنْ ضر )
و يونس ( و نجيناه منَ الغمّ )
و محمد صلى الله عليه و سلم ( إلا تنصروه فقد نصرَه الله )
قال ابنُ مسعود رضي الله عنه : ما كُرب نبيٌّ منَ الأنبياء إلا استغاثَ بالتسبيح
و قال بعضُهم : يغفر ذنبا ، و يكشف كربا ، و يرفع أقواما و يضع آخرين
و ربّي يا عبادَ الله .. ما قُرعتْ أبوابُ السماء بمثل مفاتيح الدعاء
جاء عن أبي سلمةَ عبد الله بن منصور قال : حزنَ رجلٌ حزناً شديداً على شيء لحقه و أمر أهمَّه و أقلقه ، فألـحَّ في الدعاء .. اسمعوا يا عباد الله .. ألـحَّ في الدعاء ، فهتف به هاتفٌ و قال : يا هذا .. قل :
يا سامعَ كلّ صوت ، و بارئَ النفوس بعد الموت .. يا مَنْ لا تغشاه الظلمات ، و يا مَنْ لا يشغله شيءٌ عن شيء
قال الرجل : فدعوتُ بهذا ففرَّج الله عني ، و لم أسأل ربي تلك الليلة حاجةً إلا أعطانيها
و في كتاب الزهد للإمام أحمد عن قتاتة قال : قال ما وجدتُ للمؤمن مثلاً إلا رجلاً في البحر على خشبة ، فهو يدعو يقول : يا ربّ ، يا ربّ .. لعل الله عز و جل أنْ ينجيه
أين أنت يا مَنْ سئمتَ منَ العيش و ضقتَ ذرعاً بالأيام .. إنَّ هناك فتحاً مبيناً ، و نصراً قريباً ، و فرجاً بعد شدة ، و يسراً بعد عسر
بابا مفتوحا .. فهلا قرعت الباب .. هلا قرعت الباب
يا مَنْ تشتكي العقمَ أو تأخَّر عنك الإنجابُ .. لماذا هذا اليأس ؟ لماذا تركتَ البابَ و ابتعدتَ عن الدعاء بحجة أنه قد كُتب عليك ذلك و قدِّر
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : أصبحتُ و ما لي سرورٌ إلا بانتظار مواضع القدر ، إنْ تكن السراء فعندي الشكر ، و إنْ تكن الضراء فعندي الصبر
و هذا يا عبادَ الله لا يتعارضُ مع رفع الأكف إلى السماء
أعرفُ امرأة كبيرة في السنّ تزوجتْ بثلاثة رجال و لم تنجب أبدا ، فطالت بها الأيام و السنين و الأعوام ، و بعد زواجها منَ الرجل الثالث تقول : فجأة تفاجأ الأقاربُ بعد كشفٍ أجريتُه في المستشفى أنني حامل .. و لكنْ تقول : حينمت سُئلتُ عن العلاج قلتُ للجميع بصوت عال : إنَّ النافعَ و الضار هو الله
و إنني يعلمُ الله لا أعلم علاجاً إلا تلك الدعوات التي رفعتُ بها أكفي إلى السماء ، و ناديتُ بنداء زكريا ، و قرعتُ بابَ السماء فقلتُ : ربي ( هبْ لي منْ لدنك ذرية طيبة إنك سميعُ الدعاء ) ، ( ربي لا تذرني فرداً و أنتَ خيرُ الوارثين )
تقول : و تذكرتُ أنَّ الإجابةَ جاءته بقول الله تعالى : ( فنادتْه الملائكةُ و هو قائمٌ يصلي في المحراب أنَّ الله يبشّرك بيحيى مصدقاً بكلمةٍ منَ الله و سيداً و حصوراً و نبياً منَ الصالحين )
كلّ ذلك مع أنَّ زكريا قد بلغ منَ الكبر عتيا و امرأته عاقر ، تقول المرأة : أيقنتُ بالإجابة ، و علمتُ أنَّ الله ( يهبُ لمنْ يشاء ذكورا ، و يهب لمنْ يشاء إناثا ، و يجعلُ مَنْ يشاء عقيما )
لا تيأس أيها الأخ العقيم ، و لا تقنط يا مَنْ تأخر عنك الإنجاب ، فالله لا يختار لعبده إلا الصالح ( و عسى أن تكرهوا شيئا و يجعل الله فيه خيرا كثيرا )
ثم ابذلوا الأسباب بالدعاء .. اقرعوا الأبواب
أعرفُ رجلاً عقيماً لا ينجبُ لكنه صاحبُ همةٍ عاليةٍ ، و ثقتُه بالله كبيرة ، كان دائماً يحرصُ على الرقية الشرعية ، حدثني يقول بأنه بدأ يشعرُ بتحسُّن منذ أصبح يقوم منَ الليل كل ليلة ، و يُناجي ربَّه بقلبٍ حاضر صادق هو و زوجته ، و يقول : إنَّ الذي جعلني أتحسَّن منْ مرحلة إلى أخرى قادرٌ سبحانه على أنْ يرزقني الولد
لله درُّه ذكَّرنا بحديث النبي صلى الله عليه و سلم يوم قال : ( ادعوا الله و أنتم موقنون بالإجابة )
و جاء منْ حديث جابر رضي الله عنه قال : سمعتُ رسول الله عليه و سلم يُوصي قبل وفاته بثلاث ليال يقول : ( لا يموتُنَّ أحدكم إلا و هو يحسنُ الظنَّ بالله جل و علا ) ، رواه مسلم
فليبشر هذا و أمثاله ، فقد ثبتَ في البخاري و مسلم أنَّ النبي الله صلى الله عليه و سلم قال : ( أنَّ الله عز و جل يقول : أنا عند ظن عبدي بي و أنا معه حيث يذكرني )
جاء في بعض الآثار أنَّ رجلا صلى على جنازة مع المصلين في المسجد ، يقول : وقفتُ في الصفوف ، و وقفتُ في الصف الأول لا أدري ماذا أقول في دعائي للميت
قال : فلما كبرنا التكبيرة الأولى قرأتُ الفاتحة ، و في الثانية صليتُ على رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و في الثالثة وقفتُ متحيراً لا أدري ما أقول ، فنظرتُ تلقاءَ وجهي فرأيتُ الجنازة ممددةً على النعش ، فقلتُ : يارب - اسمعوا الكلمات و الدعوات الصادقات - قال : قلتُ يا رب .. لو أنَّ هذا الميت ضيفي لأكرمته ، و هو اليوم ضيفك و أنت أكرم الأكرمين
قيل فرؤي الميت في المنام بعد زمان ، فقيل له : ماذا صنع الله بك ؟ قال : إنَّ الله غفر لي و رحمني و أدخلني الجنة بدعوة فلان بن فلان
ثم ذهبوا إليه فسألوه عن الدعاء الذي قاله ، فقال : قلتُ كذا و كذا ، فأخبروه بأنهم رأوا الميت في المنام فقال : إنَّ الله قد غفر له و رحمه و أدخله الجنة
قال : و الله ما قلتُ إلا أنه لو كان ضيفي يا ربّ لأكرمته ، و هو اليوم ضيفك و أنت أكرم الأكرمين
و ساريةٍ لم تسْر في الأرضِ تبتغي * محلا و لم يقطع بها البيدَ قاطعُ
سرتْ حيثُ لم تسْر الركاب * و لم تنخ بورد و لم يقصر لها القيد مانعُ
تفتح أبواب السماء و دونها * إذا قرع الأبواب منهن قارع ُ
إذا أوفدتْ لم يردد الله وفدها * على أهلها و الله راء و سامعُ
و إني لأرجو الله حتى كأنني * أرى بجميل الظن ما الله صانعُ
إذاً يا عبادَ الله فاقرعوا أبواب السماء .. و إذا سألتَ فاسأل الله ، و إذا استعنتَ فاستعن بالله
أسمعتَ أيها لمديون ؟ أسمعتَ يا مَنْ تراكمتْ عليك الديون ؟ مَنْ أنت ؟ أنت في ذل النهارو هم الليل
كم منْ واحدٍ منَ المديونين عجز عن الوفاء ، و كم يعيش منَ المعسرين و ربي في شقاء
اسمعوا لهذا الحديث .. أخرجَ الترمذي عن علي رضي الله عنه أنَّ مكاتباً جاءه فقال : إني عجزتُ عن كتابتي فأعنِّي . قال : أوَ لا أعلمك كلمات علمني إياها صلى الله عليه و سلم
اسمع أيها المديون
قال : لو كان عليك مثل جبل ديناً أدَّاه الله عنك ، قال : قل : اللهم اكفني بحلالك عن حرامك و أغنني بفضلك عمَّنْ سواك
و أخرج أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال : ( دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم المسجد فإذا هو برجلٍ منَ الأنصار يقال له أبو أمامة ، فقال : يا أبا أمامة ما لي أراك جالساً في المسجد في غير وقت صلاة ؟ قال : يا رسول الله همومٌ لزمتني و ديونٌ أثقلتني . فقال له الرسولُ صلى الله عليه و سلم أفلا أعلّمك كلمات إذا قلتَها أذهبَ الله عنك همَّك ، و قضى الله عنك دينَك ؟ قلتُ : بلى يا رسول الله . قال : قل إذا أصبحتَ و إذا أمسيتَ : اللهم إني أعوذ بك منَ الهم و الحزن ، و أعوذ بك منَ العجز و اكسل ، و أعوذ بك منَ الجبن و البخل ، و غلبة الدين و قهر الرجال . قال : ففعلتُ ذلك فأذهبَ الله عني همي ، و قضى عني ديني )
لا إله إلا الله .. يجيبُ مَنْ دعاه ، و يسمعُ مَنْ ناجاه
قال السرى السقطي : كنْ مثلَ الصبيّ إذا اشتهى على أبويه شهوة فلم يمكناه
قعدَ يبكي عليهما ، فكنْ أنتَ مثله ، فإذا سألتَ ربَّك و لم يُعطك فاقعد فابكِ عليه ، ذكر ذلك البيهقيُّ في شُعَب الإيمان
إذاً ارضَ بما عند الله في جميع ما يفعله بك ، فإنه ما منعك إلا ليعطيك ، و لا ابتلاك إلا ليعافيك ، و لا أمرضك إلا ليشفيك ، و لا أماتك إلا ليحييك
فإياك أنْ تفارق الرضا عنه في طرفة عين فتسقط منْ عين الله ، و صدق الله يوم قال : ( حتى يقول الرسول و الذين آمنوا معه متى نصرُ الله ألا إنَّ نصرَ الله قريبٌ )
يجري القضاء و فيه الخير نافلة * لمؤمنٍ واثقٍ بالله لا لاهِ
إنْ جاءه فرحٌ أو تابه ترحٌ * في الحالتين يقول الحمدُ للهِ
أيها المظلومُ و المستضعف .. أيها المظلوم و المستضعف.. يا مَنْ سرتْ دعواتُك في آخر الليل ، و سالتْ دمعاتك على الخدين .. إذا انقطعتْ بك الأسبابُ ، و غُلّقتْ في وجهك الأبوابُ .. ارفع كفَّك إلى السماء ، و اقرع بابَ السماء ، و أبشرْ بالفرج
عن الحجاج بن صفوان بن يزيد قال : وشى رجلٌ ببشر بن سعيد إلى الوليد بن عبد الملك
يا ويل مَنْ يكذبون على العلماء و الدعاة ، و يحرّفون كلامهم عند ولاة الأمور و المسؤولين ، يا ويل المنافقين و المستمعين و المتجسسين
اسمعوا إلى هذه القصة و اعتبروا و قفوا قبل فوات الأوان
وشى رجلٌ ببشر بن سعيد إلى الوليد بن عبد الملك أنه يطعنُ في الأمراء ، و يعيبُ بني مروان ، فأرسل إليه الوليد ، و الرجل عنده ، فجيء به ترتعدُ فرائصُه فأُدخل عليه ، فسأله عن ذلك ، فأنكر بشر و قال : لم أفعل و لم أقل هذا الكلام ، فالتفت الوليد إلى الرجل فقال : يا بشر ، هذا يشهدُ عليك بذلك ، فنظر إلى بشر و قال : نعم . فنكس بشر رأسه و جعل ينكث في الأرض ، ثم رفع رأسه و قال : قد شهد بما قد علمت و إني لم أفعل ، اللهم إنْ كنتُ صادقاً فأرني به آية . قال : فاكبَّ الرجلُ بوجهه ، فلم يزل يضطرب حتى مات و العياذُ بالله
إنها دعوةُ مظلوم سرتْ بالليل ، نمنا عنها .. و الله ليس عنها بنائم
و اسمعوا إلى هذه القصة ..اتصل بي في ليلةٍ منْ ليالي رمضان في العام الماضي أحدُ الأخوة و طلب مقابلتي .. يعلم الله فإذا به مهموم محزون مغموم ، سألته : ما الذي أصابه ؟
قال بأنه فصل منْ عمله ..بعد أنْ جلس يبكي طويلاً ، و تلعثم بالكلمات بسبب البكاء ، قلت له ما الأسباب ؟ قال كذب علي فلاف و فلان - من زملائه الذين يعملون معه - فجلس يبكي بكاء شديدا بعد أن أطرق رأسه و هو يجهش بالبكاء ، فقلتُ له : اصبر و احتسبْ عسى الله أنْ يعوّضك خيراً
يعلم الله - و هو رجلٌ كانَ فقيراُ ، و ليس له دخلٌ إلا هذا الراتب - ثم أطرقَ رأٍسه قليلاً و رفع أكفه إلى السماء ، يعلم الله أنه يوم رفع اهتز جسدي و ارتعد
قلت له : ماذا تصنع يا فلان ؟ قال : حسبي الله و نعم الوكيل ، حسبي الله و نعم الوكيل ، الله أعدل و أكرم ، أسأل الله أنْ يريَهم ذلك في أنفسهم و في أولادهم . قلتُ : له استرجع لا تدعو على أخيك المسلم . قال : لا و ربي ، دعهم فالله حسبي و حسيبهم
و بعد ثلاثة أيام أخبرني بعضُ الإخوة أنَّ أولئك الذين دُعيَ عليهم أنَّ أحدَهم قد أصيبَ بكسر في رجله و أصيبتْ زوجتُه بسرطانٍ كاملٍ ، و آخر أصيبتْ أخواتُه بسرطانٍ في الدم .. إلى وقتنا هذا
يعلم الله أننا نعلم أنَّ دعوة المظلوم أنها تسري ليس بينها و بين الله حجاب
وردَ عن الإمام أحمد في المسند أنَّ النبي صلى الله عليه و سلم قال بأنَّ الله ( يستجيب دعوة المظلوم و لو كان فاجراً )
و عن عصام بن زيد - و هو رجل من مزينة - قال : كان رجل من الخوارج يغشى مجلس الحسن فيؤذيه ، فقيل للحسن : يا أبا سعيد ، ألا تكلم الأمير حتى يصرفه عنا ، فسكتَ عنهم ، قال : فأقبل الحسنُ جالساً مع أصحابه ، فلما رآه قال : اللهم قد علمتَ أذاه لنا فاكفناه بماشئتَ . فخرَّ - و الله - الرجلُ منْ قامته ، فما حُمِلَ إلى أهله إلا ميتاً على سرير
هذه دعوةُ المظلوم قال عنها ربكم جل و علا في الحديث القدسي : ( و عزتي و جلالي لأنصرنَّكِ و لو بعد حين )
تذكر أيها الأخ : إذا دعتك قدرتُك على ظلم الناس فتذكَّر قدرةَ الله عليك
أتهزأ بالدعاء و تزدريه * و ما تدري بما صنع الدعاء
سهامُ الليل لا تخطي و لكنْ * لها أمدٌ و للمد انقضاءُ
الدعاءُ نعمةٌ كبرى ، و منحةٌ عظمى ، جادَ بها المولى ، فشأنه عظيم ، و نفعُه عميم ، و مكانته عالية في الدين ، فما استُجلبتِ النعم بمثله ، و لا استُدفعتِ النقم بمثله ، ذلك لأنه يتضمَّن توحيدَ الله ، و إفرادَه بالعبادة دونما سواه ، فهو رأسُ الأمر ، و أصلُ الدين .. فما أشدَّ حاجةَ العباد إلى قرع أبواب السماء بمثل مفاتيح الدعاء
كلُّ الناس بحاجةٍ إلى الدعاء ..
الراعي و الرعية ، إنْ كان راعيا ولاه الله رعيته فما أحوجه إلى قرع الباب ، و طلب التوفيق و الصواب ، كي يثبت الله سلطانه ، و يعينه على استعمال العدل في رعيتة ، و يحببه إليهم و يحببهم إليه
و إنْ كان مجاهداً في سبيل الله فما أعظم حاجته إلى قرع الباب ، يطلب النصر ، و يستنزل السكينة و الثبات في اللقاء ، و يسأل به خذلان الأعداء ، و إنزال الرعب في قلوبهم ، و هزيمتهم و تفرُّق كلمتهم
و إنْ كان داعيا إلى الله فما أشدَّ حاجته إلى دعاء ربه ، و سؤاله الإعانة و القبول و التوفيق و التسديد ليثبته على الحق ، و يصبر على عثار الطريق و مشاقه ، و تصغي إليه الأفئدة ، و يُقبل كلامه
و إنْ كان مريضا فما أشد فاقته و أعظم حاجته للدعاء ؛ ليستشفي به من مرضه ، و يسأل به كشف كربته ، و أنْ يمنّ الله عليه بالشفاء
و بالجملة فالمسلون بل و من في الأرض جميعا كلهم - و ربي - بأمسّ الحاجة للدعاء
و إخلاصه لرب الأرض و السماء ليصلوا بذلك إلى خيري الدنيا قبل الآخرة
فأين أنت أيها الطبيب قبل المريض ، و المعلم قبل المتعلم ؟ أين أنت .. الغني قبل الفقير ؟ كلكم - و ربي - بحاجة إلى الدعاء
إي نعم
ارفعوا أكفكم إلى السماء فكم من شخص قال بأننا لسنا بحاجة إلى الدعاء
و الله لن تنصر الأمة إلا بتوفيق الله و بدعاء الصالحين منهم
فحسبنا الله و نعم الوكيل ، حسبنا الله و نعم الوكيل
أيها الطلاب و يا أيها الشباب .. يا من تبحثون عن العمل و الوظيفة ، لماذا طرقتم الأبواب كلها و نسيتم بابَ الله ؟هل سألتمُ الله قبل سؤال الناس ؟
قدَّمتم الشهادات ، و طلبتم الشفاعة و الواسطات ، لكنْ لماذا لم ترفعوا أكفكم إلى ربّ الأرض و السموات ؟
يقول أحدُ الشباب ممنْ يحمل الشهادة الثانوية : ما تركتُ دائرة علمتُ أنَّ فيها مجالا للوظيفة إلا تقدَّمت لها ، و قدَّمت الواسطات و الشفاعات لكنْ دون جدوى ، فنصحتني والدتي مذكرة لي بأنَّ النافعَ و الرازقَ هو الله ، فدعوتُ الله في تلك الليلة دعوةً صادقة ، فصليت صلاة الفجرفي المسجد فإذا بأحد الجيران يسألني عن الوظيفة ماذا فعلتُ بها ؟ فأخبرتُه بما حصلَ ، فقال لي : تأتيني هذا اليوم في مكتبي ? و هو أحد المسؤولين - فجئته حاملا ملفي ، و قام فوراً بتوجيه الاعتماد لعملي ، فعلمتُ علمَ يقين أنَّ النافعَ و الرزاقَ هو الله
عبادَ الله .. إذا كانَ الدعاء بتلك المنزلة العالية ، و المكانة الرفيعة ، فأجدر بالعبد أنْ يتفقه فيه ، و أنْ يلمّ بشيء من أحكامه و لو على سبيل الإجمال ، حتى يدعو ربه على بصيرة و هدى ، بعيدا عن الخطأ و الاعتداء ، فذلك أرجى لقبول دعائه و إجابة مسألته ، فللدعاء شروط منها :
- أنْ يكونَ الداعي عالما بأنَّ الله قادرٌ على إجابة دعائه
- ألا يدعو إلا الله
- أنْ يتوسَّل إلى الله بأحد أنواع التوسل المشروع كفعل الثلاثة أصحاب الغار
- أنْ يتجنَّب الاستعجال - احذروا الاستعجال - لقول النبي صلى الله عليه و سلم منْ حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول دعوتُ فلم يُستجبْ لي ) رواه البخاري و مسلم
- الدعاء بالخير لقول النبي صلى الله عليه و سلم : ( يُستجاب للعبد ما يدعو بإثم أو قطيعة رحم )
- حُسْن الظن بالله
- حضور القلب لقول النبي صلى الله عليه و سلم : ( و اعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً مَنْ قلبٍ لاه )
- إطابةُ المأكل قال : ( يا سعد أطبْ مطعمَك تُجبْ دعوتُك )
و كما في الحديث الذي رواه مسلم بأنَّ ( الله طيب لا يقبل إلا طيبا ) ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر ، أشعث أغبر ، يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ، و مطعمه حرام ، و مشربه حرام ، و ملبسه حرام ، و غُذّيَ بالحرام ، فأنى يُستجاب له ؟
أين أصحاب الربا ؟ أين الذين يأكلون السحت و أموال الباطل كم تدعون الله ليل نهار لكنه لا يستجاب لكم .. إذاً ( إنَّ الله طيب لا يقبل إلا طيبا )
- و تجنبوا الاعتداء بالدعاء قال تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعا و خفية إنَّ الله لا يحب المعتدين )
و هناك أوقات و أمكان و أحوال و أوضاع يُستجاب فيهل الدعاء منها على سبيل الإيجاز لا على سبيل الحصر :
- ليلة القدر
- الدعاء في جوف الليل ، و يكفي أنَّ الله سبحانه و تعالى ينزل في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : مَنْ يدعوني فأستجيب له ؟ مَنْ يسألني فأعطيه ؟ مَنْ يستغفرني فأغفر له
أين المذنبون و المقصرون و العاصون ؟ كم نسمع بأنهم ملّوا و سئموا منَ الضيقة في الصدر و الطفش و الهموم .. هلا قرعتم باب السماء في آخر الليل
- و كذلك دُبر الصلوات المكتوبة ، كما جاء منْ حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : ( قيل : يا رسول الله أي الدعاء أسمع ؟ قال : جوف الليل و دُبر الصلوات المكتوبة )
و الصلاة بذاتها دعاء ، و الدعاء هو العبادة
- و كذلك بين الأذان و الإقامة ، و عند زحف الصفوف و النحامها في المعركة ، و عند نزول الغيث ، و ساعة من الليل ، و الساعة التي في يوم الجمعة ، و عند شرب ماء زمزم ، و في السجود ، و الدعاء يوم عرفة
و الدعاء في الملتزم ما بين الباب و الحجر الأسود كما حدثنا بذلك شيخنا العلامة الشيخ عبد الله بن جبرين ، أخبرنا بأنَّ الذي يقف بين الباب و بين الحجر في الملتزم يدعو الله بقلب حاضر إلا استجاب الله له ، و أورد الشيخ حفظه الله حديثا متصلا ذكره حفظه الله و أعانه ، لا كما يفعل بعض الجهلة اليوم يقفون و يتعلقون بأستار الكعبة كلها ، فالملتزم ما بين الباب و الحجر الأسود الدعاء عند ذلك مستجاب
و كذلك دعوة المسافر ، و دعوة الولد الصالح لوالديه كما ثبت في الحديث ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ) و ذكر منها ( الولد الصالح يدعو له )
دعاء الغازي في سبيل الله
و الدعاء في شهر رمضان عامة لأنه شهر الرحمات ، تفتح فيه أبواب الجنات ، و تغلق فيه أبواب النيران
و عند صلاة التراويح و القيام نسمع المصلين يؤمنون ، فاستغلوا ليالي رمضان فهو شهر القنوت
و الصائم كذلك دعوته مستجابة عند فطره ، فأكثروا أيها الصوام أكثروا من الدعاء عن فطركم ، فإنَّ دعوة الصائم مستجابةٌ بإذن الله جل و علا
و كذلك دعوة الوالد على ولده ، أيها الآباء و الأمهات احذروا الدعاء على الأولاد ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لا تدعوا على أنفسكم و لا تدعو على أولادكم و لا تدعوا على أموالكم لا توافق من الله ساعة يُسأل فيها عطاء فيستجيب لكم )
ذكر لي أحدُ الدعاة أنَّ رجلا لديه ولدٌ طيبٌ صالح ، و في أيام الامتحانات المدرسية كان يذاكر ذلك الولد و يدرس ، و ملَّ الولدُ ، و طلبَ منْ والده مفتاحَ السيارة رغبة في الترفيه عن نفسه قليلا ، و رفض والده ، فطلبَ الولدُ منْ والدته أنْ تطلبَ منَ أبيه مفتاحَ السيارة ، و بالفعل طلبت مفتاح السيارة من والده ، فأخذ مفتاح السيارة و أعطته له ، فقال الوالد للأم : خذي هذا المفتاح أعطيه الولد أسأل الله ألا يردَّه . قالت الأم : فأعطيت الولد مفتاح السيارة ، فذهب ثم انتظرناه نصف ساعة و الساعة و طوال الليل ، و أذَّن الفجر و لم يحضر ذلك الولد ،
قال فلما انتهينا منْ صلاة الفجر و خرج الصباح انتظروا الولد و لم يحضر ، فذهبوا يسألون و يبحثون عنه ، فأخبروا بأنه قد أصيب بحادث و مات في ذلك الحادث ، و هو في ثلاجة منْ ثلاجات الموتى في أحد المستشفيات
وافقت تلك الدعوة باباً مفتوحاً فاستجابها الله جل و علا .. إي نعم ..احذر أخي منَ الدعاء على الولد ، و اسمع إلى هذه القصة التي ثبتت في الصحيح ، بل ثبتت في الصحيحين ، و هي قصةُ جريج العابد مشيرا إلى ذلك عن حميد بن هلال عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : كان جريج يتعبَّد في صومعته ، فجاءتْ أمه ، فجعلتْ كفَّها فوق حاجبها ، ثم رفعتْ رأسَها إليه تدعوه ، فقالت : يا جريج ، ثم قالت : يا جريج ، إني أمك كلمني ، فصادفته و هو يصلي ، فقال : اللهم أمي و صلاتي ، فاختار الصلاة ، فرجعتْ ثم عادتْ في الثانية ، فقالت : يا جريج إني أمك كلمني . فقال : اللهم أمي و صلاتي ، فاختار الصلاة ، فقالت : اللهم إنَّ هذا جريج هو ابني و إني كلمته فأبى أنْ يكلمني ، اللهم لا تُمته حتى تريه وجوه المومسات - أي وجوه الزانيات - قال : و لو دعتْ عليه أنْ يُفتتن لفتن ، قال : و كان راعي ظأن يأوي إلى ديره ، فخرجتِ امرأة منَ القرية فوقع عليها الراعي ، فحملت فولدت غلاما ، فقيل : ما هذا ؟ قالت : هو منْ جريج ، فأتوه ، فسألوه ، و هو في صومعته ، و جعلوا يضربونه ، قال : ما شأنكم ؟ قالوا : زنيتَ بهذه البغي فولدتْ منك . فقال : أين الصبي ؟ فجاؤوا به . قال : دعوني أصلي ، فصلى ، فلما انصرف أتِيَ بالصبي ، و أتى الصبي ، فطعنه في بطنه و قال : يا غلام مَنْ أبوك ؟ قال : فلان الراعي ..
إذا ً الشاهد لنا ألا تدعوا على أبنائكم ، لا تدعوا على أبنائكم ، و اعلموا أنكم لا تدعون أصمَّ و لا غائبا ، إنكم تدعون سميعا مجيبا قريبا هو الله سبحانه و تعالى
إنَّ الدعاء هو العبادة .. تقرَّبوا إلى الله بفعل ما افترضَ عليكم و بكثرة النوافل حتى تُستجاب الدعوة ، فإنها سبب و أدعى لقبول دعائكم و إجابة دعوتكم ( لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنتُ سمعه الذي يسمع به ، و بصره الذي يبصر به ، و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها ) ثم قال ? اسمع - : ( و لئنْ سألني لأعطينه ، و لئنْ استعاذني لأعيذنه ) رواه البخاري
و كذلك مُروا بالمعروف و انهوا عن المنكر ، و اعلموا أنَّ ذلك سبب - و ربي - في استجابة الدعوة ، و قد قال صلى الله عليه و سلم : ( و الذي نفسي بيده لتأمرُنَّ بالمعروف و لتنهوُنَّ عن المنكر أو ليوشكنَّ الله أنْ يبعثَ عليكم عقابا منه فتدعونه فلا يُستجاب لكم ) ، و جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لتأمرونَّ بالمعروف و لتنوهزنَّ عن المنكر أو ليسلطنَّ الله عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم )
إذاً فاقرعوا باب السماء .. اقرعوا باب السماء بمفاتيح الدعاء
يا ربي حمدا ليس غيرك يُحمد * يا مَنْ له كل الخلائق تقصدُ
أبوابُ غيرك ربنا قد أوصِدتْ * و رأيتُ بابَك واسعا لا يُوصدُ
الله أكبر و انتهى نصبي و زالت شقوتي .. الله أكبر و ارتمى قلبي بباب الرحمة ِ
حلَّقتُ في أفق الخشوع و قد شرقتُ بدمعتي .. و نفضتُ عن قلبي جبالا منْ ذنوب الغفلة ِ
و تركتُ أوصالا يجولُ بها ارتعاد الخشية ِ.. و بدأتُ أبكي مثلَ طفلٍ خائفٍ في الظلمةِ
فوجدتُ في المحراب أنسي بعد طول الوحشةِ .. و غدوتُ قلبا نابضا يهتزُّ مثل الشعلةِ
فإذا أنا وا لله لا أحد يكدِّر صحبتي .. و إذا العوالم قد رنتْ نحوي بعين الغيرةِ
إنَّ الصلاةَ بها ثباتُ القلب عند المحنةِ .. و هي العفافُ إذا دُعيتَ إلى سعير الشهوةِ
ياربّ فاجعل في الصلاة حياةَ هذي الأمةِ .. يُجزى المصلي بالجنان و في صلاتي جنتي
الله أكبر و انتهى نصبي و زالت شقوتي .. الله أكبر و ارتمى قلبي بباب الرحمةِ
ربنا ظلمنا أنفسنا و إنْ لم تغفر لنا و ترحمنا لنكوننَّ منَ الخاسرين
ربنا إننا نعوذ بك أن نسألك ما ليس لنا به علم و إلا تغفر لنا و ترحما لنكوننَّ منَ الخاسرين
إلهنا أغلقت الأبواب إلا بابك .. إلهنا وقف على أبواب الملوك حراسُها و بابك مفتوحٌ للسائلين
إلهنا غارت النجوم ، و نامت العيون ، و أنت حي قيوم
اللهم اجعل مكانَ اللوعة سلوة ، و جزاء الحزن سرورا ، و عند الخوف أمنا
اللم أبرد لعج القلب بثلج اليقين
و أطفئ ظمأ الأرواح بماء الإيمان
يا ربي ألق على العيون الساهرة نعاسا أمنة منك
و على النفوس المضطربة سكينة
اللهم ثبتها و أثبها فتحا قريبا
يا رب اهد حيارى البصائر إلى نورك ، و ضلال المناهج إلى صرطك ، و الزائغين عن السبيل إلى هداك
اللهم أزل الوساوس بفجر صادق من النور ، و أزهقْ باطل الضمائر بفيلق منَ الحق ، و رُدَّ كيد الشيطن و الشياطين يا رب العلمين بعددٍ من جنودك و عونك يا رب العالمين
اللهم أذهبْ عنا الحزن ، و أزل عنا الهم ، و اطرد من نفوسنا القلق
نعوذ بك من الخوف إلا منك ، و من الركون إلا إليك ، و من التوكل إلا عليك ، و من السؤال إلا منك ، و من الاستعانة إلا بك ، أنت ولينا و مولانا ، أنت نعمَ المولى و نعمَ النصير








3
10K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

سانغ مي
سانغ مي
جزاك الله خير
loulou12345
loulou12345
جزاك الله خير
صمت السعادة
صمت السعادة
من احب المحاضرات لقلبي
جزاك الله خيررر