واسمعوا معي إخوةَ الإيمانِ قصةَ امرأةٍ من بني إسرائيلَ كانت مسلمةً عابدةً صالحةً ابنةَ ملكٍ من الملوكِ تقدَّمَ لخِطبتِها رجلٌ من أبناءِ الملوكِ فأبت أن تتزوَّجَ به ثم قالت لجاريةٍ لها انطلقي والتمسِي لي رجلاً ورِعًا زاهدًا ناسِكًا فقيرًا، فانطلقَتِ الجاريةُ فوجدت فقيرًا عابدًا ورعًا، فجاءت به الى مولاتِها، فقالت لهُ إن شئتَ أن تتزوَّج بِي ذهبتُ معك إلى من يعقِدُ نكاحِي عليك، ففعلَ فعقدُوا النِّكاحَ ثم قالت له انطلِقْ بِي إلى أهلِك، فقالَ: واللهِ ما أملِكُ إلا هذا الكساءَ الذي على ظهرِي هو دِثارِي بالليلِ ولباسِي بالنهارِ، فقالت إنِّي قد رضيتُ بك على ذلك. ابنةُ الملوكِ تقولُ للفقيرِ الوَرِعِ رضيتُ بك على ذلك، فانطلَقَ بِها إلى أهلِه، وكانَ يكسِبُ بالنهارِ ويأتيها بالليلِ بما تُفطِرُ عليه، ولم تكن تفطرُ بالنهارِ بل تصومُ تطوُّعا للهِ تعالى، وكان إذا أتاها بشىءٍ أفطرت عليهِ وحمِدتِ اللهَ تعالى على كلِّ حالٍ، قالَ الآن تفرَّغتُ للعبادة، فلما كانَ ذاتَ يومٍ لم يُفتحْ عليهِ بشىءٍ يأتيهَا به، ففزِعَ من ذلك وشقَّ عليهِ وقالَ: زوجتي جالسةٌ في بيتِها وهي صائمةٌ تنتظرُ أن ءاتيَها بشىءٍ تُفطرَ عليهِ، فقامَ فتوضَّأَ وصلَّى ودعا ربَّه تبارك وتعالى وقالَ: يا ربُّ إنكَ تعلَمُ أنِّي ما أسألُك لدُنيايَ وإنما ذلك لرضى زوجةٍ صالحةٍ، اللهم ارزُقْني رزقًا من لدُنْكَ فإنَّك خيرُ الرازقِين، قال فنَزلَتْ عليه لؤلؤةٌ من السماءِ فأخذَها وذهبَ بها إلى امرأتِه، فلمَّا نظرت إليها راعَها ذلك وقالت له: من أين أتيتَ بهذه اللؤلؤةِ التي لم أرَ مثلَها قطّ عندَ أهلِي؟ فقالَ لها طلبتُ اليومَ قُوتًا فلم يُفتَحْ لِي بشىءٍ فدعوتُ ربِّي سبحانه وتعالى فرزَقَني هذه اللؤلؤةَ منَ السماء. فقالتِ ارجِعْ إلى مكانِك الذي دعوتَ اللهَ تعالى فيهِ فابتَهِلْ إليهِ واسأَلْهُ وقلْ: اللهم سيدِي ومولاي إن كانَ هذا شيئًا رزقتَنا في الدنيا فبارِك لنا فيهِ، وإن كانَ مما ادَّخَرْتَه لنا في الآخرةِ الباقيةِ فارفَعْه، ففعَلَ الرجلُ ذلك، فرُفِعَتِ اللؤلؤةُ، فرجعَ إليهَا فأخبرَها بذلكَ، فقالت: الحمدُ للهِ الذي أرانا ما ادَّخرَ لنا في الآخرةِ، ثم قالت: لا أبالِي الآنَ أن لا أقدِرَ على شىءٍ من هذه الدارِ الفانيةِ، وشكَرَتِ اللهَ تعالى على ذلكَ.
إخوة الإيمانِ، الدنيا سجنُ المؤمنِ وجنةُ الكافرِ كما جاءَ في الأثَر، لا تفرحُوا إلا بعلمٍ أو عملٍ صالحٍ فإنهُ الرفيقُ في القبرِ حيثُ يتخلَّفُ الأهلُ والمالُ والأصدقاءُ والولدُ.
اللهم لا تجعَلِ الدنيا أكبرَ همِّنا، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، وزهِّدْنا فيها يا أرحمَ الراحِمين. هذا وأستغفر الله لي ولكم.

أسمآء @asmaaa_52
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
جزاك الله خير