يقول الشيخ
عبدالرحمن بن عبدالله الصبيح
الصف في ذاك السوق الكبير
في شمال الرياض طويل و ممل،
بينما الكاشيرات خالية!!
و لا يوجد إلا نفر يسير
لا يغطي احتياجات المتسوقين ..
وصل إلي الدور : يا أخي وش هذا ؟ سوق كهذا السوق و يبخل علينا ببعض الموظفين ؟!
كان الكاشير الذي عن يمين الكاشير و عن شماله خاليين،
قال: والله ما عندنا موظفين!
قلت : ما عندكم موظفين؟!
و الناس العاطله هذي وش تسوي ؟
لماذا لا تأتي للعمل عندكم؟
قال: من يصبر على هذا العمل المتعب الشاق؟ عمل شاق و راتب قليل، تقف ثمان ما يزيد على ثمانِ ساعات و تأخذ راتبا يقل على ثلاثة آلاف ريال! يا أخي هذه ماذا أعمل بها؟
ثم قال: يأتي الموظفون فما يمكثون إلا قليلاً ثم يبادرون بالفرار.. و الله لولا الحاجة و الطفش لما أتيت. أنا أعلم أنها لا تفيدني في شيء و لكن ماذا أعمل، أتريدني أن اجلس في البيت، هنا أحسن. أحسن من الاستراحة و السهر و البلوت.
مرة أخرى وصلت إلى الكاشير في ساعة متأخرة، و كان الموظف الشاب في آخر دوامه، و بلغ منه التعب و الطفش مبلغاً عظيما، لم تفتنِ تلك النظرات الحانقة أو الحاقدة أو ...، و لم تفتنِ كذلك خدمته السيئة و رميه للأغراض، و إظهاره عدم رغبته في خدمتني... أقدر له حاله و لكني لم أحب هذا التصرف، و كان لابد من الكلام، و أنا –بغض النظر عن شاب الكاشير المسكين- لم آت لهذا السوق شحاذاً، و إنما أتيت و أنا أعلم أن هذا الذي يرمي أغراضي سيلهب ظهري بفاتورة قد تقارب 500 ريال.
قلت له : ياخوي أرفق، وبعدين انا ما سويت لك شيء تحط حرتك فيني،،!
نظر إلي وشعر ببعض تأنيب الضمير و ابتسم و قال: معليش يا مطوع، يا أخي تعب و طفش، و راتب زفت، و كل شيء زفت !!
قلت له بعد أن كُسر الحاجز: وش دعوى ؟ كم يعطونكم راتب ؟
قال: أنا أقل من 2000 ريال!! لأن معي متوسط، و الثانوي قليل من يتعدى 3000 ريال ، و قد يتجاوزها. ثم قال: و الله لولا الشايب عندي –يقصد أبوه، و أنا حرصت أن آتي بنفس التعبيرات أو ما يقاربها – ناشبٍ فيني و الله ما أجي هنا. الشايب يقول لي لا أشوفك في البيت.
ثم تحدث عن العمل الشاق و المحفزات القليلة، وأوقات العمل المتعبة و الشاقة، و تحدث عن الفتن التي يواجهها. الغريب في الأمر أن الشكوى من هذا الأمر من أشخاص لا تبدوا عليهم سيما الالتزام !! ولكنهم كلهم يشكون من هذا الأمر، و لم أكن من يبادر بفتح هذا الموضوع بل هم.. موضوع الفتنة! يا أخي حنا شباب، رجال ، و بشر، و للأسف أنهم هم من يتعرض لنا في كثير من الأحيان، أو أن يكون اللبس فاتناً لنا. و أنا سبق أن رأيت بعض المظاهر تكاد تنخلع لها قلوب الرجال فما بالك بالشباب، و أخص العزاب، من ضحكات عالية، و كشف النقاب و إرجاعه بشكل متكرر، أو إهماله حتى يسقط و من ثَم إرجاعه، و هكذا .
أحدهم قال لي و كان ذا ابتسامة و خفة نفس و روح بعد أن اشتكى التعب و مشقة العمل و الفتنة: يا مطوع و الله فتنة !! قلت له : تزوج ! قال : من وين لي أتزوج؟ الراتب لا يكاد يصل 2000 ريال؟ هذه لا تكفيني مدة شهر! و الوالد رافض. قلت أتعذر لأبيه: يمكن ما عنده قدره . قال : بل عنده، و لا إشكال عنده، بس يقول صغير !!
قلت : كم عمرك؟ و بعد مفاوضات طويلة . كم تعطيني ...الخ ، قال: 19 سنة. و كان شكله أكبر من ذلك بكثير. قلت : 19 سنة و تريد الزواج؟ قال: أليس الإسلام حث على التبكير في الزواج، و الله لو تشوف إلي أشوفه ! قلت : و متى ستكبر ؟ قال : إذا صار عمري 30 سنة.
أنا قلت للشايب: اجل لا تلومني إذا رحت من هنا أو هناك، في الخارج... أنا لا أستطيع التحمل.
طيب وش قال؟ قال : لو رحت حشيت رجولك !
ولماذا لا تترك العمل و تكمل الدراسة؟ قال: والله مفكر ، و لكن وجهي مهوب وجه دراسة ، و أنا –الحمد لله – كملت المتوسطة كاملة من غير نقصان، و ذهابي للمدرسة إضاعة للوقت ، فقلت خل أقصرها من أولها و بلا صداع رأس و هم و غم، بس الشايب رفض هذا الأمر، و قال: ما أشوفك في البيت، يا المدرسة يا تشتغل! قلت : هنا أرحم.
آخر قلت له: خلاص بيجون الحريم ينافسونكم ، قال ضاحكا الله يحييهم ، ثم قال: أتحداهم يصبرون، أنا يوم أجي كان كل هذه الكاشيرات مليانه، و أنا لي ستة أشهر فقط، و بعضهم أتى بعدي و غادر. العمل متعب، و لا تحصل منه شيئا، و الله بس أشتغل لأني أستحي آخذ من أبوي بس، و إلا أعلم أنني لن أتزوج و لن أشتري سيارة و لن أعمر بيتا .. و الله حرام! الرواتب لا تصل 3500 ريال ، و هذا المبلغ لا يأخذه أي أحد. ثم هنا يكدونك كد، ثم يرمونك، و أنت لا تستفيد منهم شيء. أنا ما قهرني إلا لماذا رواتب النساء أكثر منا. أنا ثانوي و لا يصل راتبي لهذا المبلغ .
و التقيت بأناس كثر و كلما وقفت عند الكاشير تبادلت و إياه أطراف الحديث، و كلهم يردد نفس الكلام: التعب ، قلة الرواتب، الفتن ، و أنه لن يعمل شيئا في هذه الدنيا، و كلهم يشتكي الظلم الواقع عليه، أحدهم قال ساخرا : طيب نصير حريم ويعطونا وجه!
من الطرائف أنه بقي لي 25 هلله، فأخذها. فلما سألته عنها ، قال : لماذا لم تخبرني عنها قبل طباعة الفاتورة. قلت : أين ذهبت؟ قال : جيب فلان (التاجر)، قلت : و لوحات تبرع بالباقي لهم !؟ قال : نعم هذه إذا أخبرتني قبل، و إذا لم تخبرني يأخذها هو!!!
قلت له : و أنت !!؟ قال كلمة لا أود ذكرها!!
تلك بعض أحاديث شباب الكاشير ، بعضها حديث و الأخر قديم ، أي قبل إحساس (كُتل المشاعر) بفتياتنا المسكينات ...
أعانكم الله يا (شباب الكاشير) و يبدوا أن مجتمعنا بدأ يضيق بكم فعلاً.
ولكن صدقوني من باب إحسان الظن بكُتل المشاعر هذه، فهم يهدفون إلى هدف جميل جدا، و هو ألا تبنوا أنتم حياتكم حتى لا يحصل في المجتمع وقودا يستحق الشفقة من (كُتل المشاعر!).

كاندريل @kandryl
عضوة مميزة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.


الله ييسرلهم والله انه مسساكين ري يعينهم
بصراحه ماعجبني عمل النساء بالكاشير لسبب انهم غير قادرين لتحمل المسؤليه
بصراحه ماعجبني عمل النساء بالكاشير لسبب انهم غير قادرين لتحمل المسؤليه


الصفحة الأخيرة
والله يساعد شبابنا ويغنيهم ..