قصة الصياد والعجوز الحكيمه

الملتقى العام

كان ياماكان في سالف العصر والاوان
كان هناك صياد للسمك ، وكان الرجل فقيرا معدما، لا يملك من حطام هذه الدنيا الا كوخا لم يبق منه الا الاسم ، والا فان توالي الايام وتعاقب الليالي قد أبلَت جِدّته ،واحالته الى اشبه بالخراب من بيت يأوي الانسان اليه.
وكان عنده من متاع الحياة شبكة صيد لو ان الجمادات كانت ذات حس وشعور ، ومنطق وبيان ، لتكلمت ، ولقالت الكثير عن سيرة هذا الصياد البائس، فقد رافقته دهرا طويلا...
لم يكن الصياد يدّخرُ شيئا.فقد اكن يخرج كل يوم الى البحر ويلقي بشبكته اول النهار ، ليخرجها بعد فترة تتراقص عيناه فوق خيوطها التي تظهر له بعد ان كانت غائبة تحت طيات الماء ، ينظر ماحملت اليه من رزق..

فيأخذ افضل الصيد الى السوق يبيعه ليشتري لعائلته بثمنه مايحتاجون اليه من طعام ومؤنة.
اما ذاك الذي يرفضه المشترون ن وتلفظه نفوسهم فان للصياد فيه شأنا اخر.،
ياخذه الى الدار حيث تصلحه الزوجة الصابرة لاولادها ليسدوا به رمقهم ويلهوا به بطونهم التي مضها الجوع...
وهكذا كانت حياة الفلاح بين مدٍّ وجزر كماهو حال البحر الذي يستمدُ منه قوت عياله اليومي.

خرج الصياد منذ الصباح الباكر وهو يجر رجليه الى البحر جرا، فقد مرَّ عليه اسبوع كامل يذهب الى البحر اول النهار ليعود في اخره الى داره لايحمل الا شبكته على ظهره ودمعة عصية في عينيه لمرأى اولاده وقد اصطفوا الى باب الدار ينتظرون عودته بما يسكت جوعهم ويسد رمقهم.

وقف الصياد البائس على حافة البحر ينظر الى امواج المياه الهادئة تتكسر على صخور الشاطيء ، تمتم بكلمات خافتة كأنه يستجدي البحر ان يجود عليه ولو بشيء بسيط ، يعيد البسمة الى وجوه ابنائه الذين اخذ الجوع منهم كل مأخذ.
والقى شبكته واخذ ينتظر حتى اذا ما اخذت النفس حاجتها من الانتظار رفع الشبكة التي كانت محملة بالخيبة الممضة.
اعاد الصياد البائس رمي الشبكة مرة اخرى وثالثة ورابعة وخامسة كلها ترجع اليه صفرا
القى الصياد الشبكة ن لكن ليس في البحر هذه المرة وانما على الارض جلس بجانبها ينعى حظه العاثر ويبكي لاطفال زغب الحواصل ، لم يذوقوا الطعام الا جوازا .
وضع الصياد خدّه المنكود بين يديه المتعبتين وراح في تفكير عميق، يقلب واقع حاله ذات اليمين وذات الشمال ، ولعبت به الافكار و تشعبت به الخواطر، ومرت على فكره في تلك اللحظات اللواتي كان يحسبهنَّ زمنا طويلا كلَّ فكرة تخطر على قلب اب منكود ، ينظر الى ابنائه وقد ذوت زهرتهم الندية وذبل غصنهم اليانع.

لايدري الفلاح كم مضى عليه من الوقت، عندما مرَّ بجانبه صاحب الحظ السعيد والعيش الرغيد
لقد مـــرَّ بجانبه ملك تلك البلاد وامير تلك الوهاد ن بحاشيته وخدمه وحشمه.
تقدمه الابطال والفرسان، وتدق بين يديه الطبول والدفوف.
لم لا وقد درَّ عليه القدر ثديا فياضا.
لم ينتبه الصياد الى كل الذي قدمنا لان مصيبته ذهبت بعقله ووجدانه بعيدا الى هناك.
الى حيث تجلس تلك الزوجة البائسة الى اولادها تعللهم بشتى الاماني ريثما يعود معيلها يحمل لهم اكسير الحياة....

حانت من الملك التفاتة الى ذلك الرجل الذي لم يأبه الى وجود الملك ولا افزعه موكبه المهيب..
وباشارة منه فهم الحاجب كل شيء.
لان الملوك لايتكلمون مثلنا نحن باقي البشر.
فانهم يرون من غير اللائق ان يخسر احدهم بضع كلمات ثمنا لحياة هذا الذي لايساوي عندهم مقدارها من الكرامة.

لم يشعر الصياد المسكين الا واربع ايادي قوية قاسية لفرط ماتقلبت في اعطاف النعيم اخذت بساعديه واقامته على كره منه ،
قال له احدهم بازدراء كانه يبصق الكلمات بصقا في وجهه : اجب جلالة الملك!!

جلالة الملك؟؟..... هذه الكلمة لامكان لها في قاموس مفردات الصياد البائس
فقد كان قاموس مفرداته فقيرا جدا.
تعود هو على كلمة كوخ آيل للسقوط وشبكة صيد وسكة حتى السمكة الكبيرة ربما لم يكن يعرف لها معنى....

فماهذه المفردة الجديدة؟
نظر الى حيث اشار الجند، فرأى مالم يدُر يوما بذهنه.
وقف بين يدي الملك ، لم يدري كيف وصل اليه بل ولم يخطر هذا بباله حتما.

الملك:مابك ايها الصياد ، ولماذا مسحة الحزن هذه التي ترتسم على محياك؟
الصياد: قصتي كيت وكيت ياصاحب الزمان. ( ليس ابلغ من الحاجة ناطقا بالحجة)
القى الصياد البائس شبكته وهو يستجمع كل ماتعلمه طيلة حياته من الادعية والتعويذات ان يمنَّ الله عليه ولو بسمكة واحدة ياخذ وزنها ذهبا ليقيت اولاده الذين هدّهم الجوع واذبل اجسادهم،
انتظر الصياد طويلا ، اكثر من المرات السابقة لانه خشي ان يستعجل سحب الشبكة فيفوته الرزق والامل المنشود في الحصول على اكبر قدر من خزينة هذا الملك ، الذي يبدوا ان الاقدار جائت به الى هنا ن لتنهي شقاء ه.
وعل الصياد تاخر في جرّ الشبكة لانه كان يفكر مليا في هذه الثروة التي ليس بينه وبينها الا بمقدار مايستخرج شبكته من بين امواج هذا البحر،
وكثيرا ماتذهب الاماني بالبائسين بعيدا عن شواطيء الواقع.
لم يضجر الملك من طول المدة،
لان هؤلاء الملوك كانوا يبذلون الكثر لقضاء ساعات من المرح يضفيها عليهم بعض المهرجين،
وهاهو اليوم يرى مهرجا (في نظره ) مختلفا لكن لاعلى مسرح قصره الفخم وانما على مسرح هذه الحياة الكبير.
اما الحاشية فقد استبد بهم الفضول الى معرفة ماستؤول اليه نتيجة هذا الرهان الممتع
بين صاحب الحظ السعيد الذي يجد كل مايريد وعلى طباق الذهب وبين ذلك الصياد صاحب الحظ التعيس الذي لايجد مايسد به جوعة ابناءه...
اخرج الصياد الشبكة وهو يتمتم بادعيته ان يمن الله عليه بصيد وافر يغنيه مادام حيا، ولسنا ندري فربما راح الصياد يفكر وهو يستخرج الشبكة ممعنا النظر بين خيوطها بحثا عما يحقق له السعادة الابدية ، اقول ربما راح يفكر ويتخيل وجه زوجته الشاحب وقد استحال غضا طريا كوجوه الاميرات لما يناله من النعيم، وربما راح يحلم في الضياع والخيل المسومة ،
ولسنا نلومه اذا ذهب الخيال به بعيدا الى اقتناء الجواهر والدرر كابناء النعمة واهل الثراء.
لم لا وصاحب الزمان قد مر بجانبه .
اخرج الصياد شبكته الفارغة من كل صيد الا من بقية جمجمة انسان علقت بها.
فحزن حزنا شديدا لخيبة الحظ. فقد خسر الرهان، وضاعت منه الفرصة التي لايتوقع ابدا ان الزمان يجود عليه بمثلها.
اغرورقت عيناه بالدموع
خنقته العبرة وخانته الكلمات ، مرَّ على خاطره شبح اولاده البائسين اظلمت الدنيا بعينه ، لم يعد يرى شيئا
وفجاة..
رنّ في اذنه صوت الملك نديا: مابك ايها الصياد ، استنقذ هذا القحف الذي صادته شباكك لاعطيك وزنه ذهبا كما وعدتك.
برقت عيناه ببارق الامل ، عادت اليه اماله ، لكنها لم تكن كبيرة هذه المرة ،لان الجمجمة لم تكن كاملة . بل كانت نصف جمجمة او اقل
انها جمجمة لعين وراس انسان يبدو انه تمتع بنصف عمره تقريبا وابتلع القدر النصف الاخر.
اخذ الصياد نصف الجمجمة هذا مسرورا به ، بل ولسنا نبالغ اذا قلنا انه همّ
مرارا ان يقبلها لانه راى فيها المنقذ من سطوة الفقر وباس الجوع.
وصل صاحب السعادة الى قصره
وطلب من خازن بيت ماله ان يزن الجمجمة ويعطي الصياد وزنها ذهبا ...
اخذ الخازن بقية الجمجمة من الصياد واشار اليه بيده ان اتبعني....
اخرج الخازن ميزانا صغيرا ووضع الجمجمة في كفته اليمنى ووضع بضع دنانير ذهبية في الكفة الاخرى ورفع الميزان....
فرجحت كفة الجمجمة...
اضاف لها دينار اخر
ووزن الجميع فرجحت كفة الجمجمة.
استغرب الخازن قليلا ووضع ثلاث قطع اخرى ، لكن شيئا لم يتغير فقد رجحت كفة الجمجمة ....
استولت الدهشة على الخازن
جلب ميزانا اكبر ووضع الجمجمة في كفة ووضع كمية من الذهب لايشك عاقل انها تساوي عشر جماجم كاملة وزنا في الكفة الاخرى
فشال الذهب ....
ارتبك الخازن وقد تملكه العجب وراح يفحص الميزان لعل به خللا....
لكن بقيت المشكلة قائمة...
وضع الخازن كمية اخرى مضاعفة ووزن الجكجكو فرجحت....
تحير الخازن لهذا الامر الذي لم ير له مثيلا طيلة حياته
وضع الخازن هذه المرة عشر كيلوات من الذهب مقابل الجمجمة لكن النتيجة لم تتغير...
بدّلَ الخازن الميزان بواحد اكبر منه ووضع في كفته اضعاف الكمية الاولى من الذهب مقابل تلك الجمجمة، ووزنها لكن شيئا في الامر لم يتغير.
استخرج الخازن كل مافي الخزينة من ذهب ووضعه في كفة اكبر مايملك من ميزان ووضع الجمجمة في الكفة الاخرى واستعان ببعض اعوانه لكن النتيجة لم تتغير
عرف الخازن ان الامر اصبح في غير مقدوره حله.
وصار يتحتم عليه الرجوع الى الملك ليرى رايه....
اما صاحبنا الصياد فقد كاد يفقد بقية مايملك من عقل لهذا اللغز المحير.



قال الملك وقد تملكه الفضول، ( ومثل حال هذا الصياد البائس لايمثل الا ساعة متعة عند هؤلاء الملوك العابثين ، لايقيمون وزنا لمشاعره ولاآلامه واماله.):

الق شبكتك ايها الصياد المسكين واي شيء ستخرجه اعطيك وزنه ذهبا
قال الراوي
ياسادة ياكرام
ويلغنا ان الخازن قابل مليكه وهو في اتم الدهشة والحيرة
واخبره بامر الجمجمة الغريبة.
ايتغرب الملك اشد الاستغراب
وباشارة من يده طلب ان يحضرَ الخازنُ الميزان والذهب والجمجمة.
فماهي الا دقائق حتى صار كل شيء بين يدي جلالته.
وبدا الخازن بوز الجمجمة وتدرجا من الاوزان القليلة حتى انتهى بكل مافي الخزينة.
اتسعت دائرتا عيني الملك وبرق منهما بارق عجيب ، وبدا كانه ينظر الى ماوراء الافق لانه ذهب به الخيال بعيدا في هذه اللحظة من حسن حظ الصياد ان الملك لم يكن من عادته ان يغدر او يخون وعدا قطعه هلى نفسه.
اعطاه الملك شيئا بسيطا لسقيت اهله وامَّلَهُ بالمزيد ريثما يكشف سر هذه الجمجمة المحيٍّر.
غادر الصيد فرحا بماجادت به يد الملك عليه ،
وبقي الاخير حائرا يقلب الافكار عساه ان يهتدي الى مايفك هذا اللغز الكبير
امر جلالته الوزير ان يجمع مستشاريه واهل الخبرة والدراية والحكمة في حاشيته على جناح السرعة.
فلما وصلوا اليه وصاروا بين يديه وعرض عليهم الامر ، لم يجد عند احد منهم الجواب الكافي ، ولاالحل المعقول.
فقد سلمّ الجميع ان هذا الامر خارج عن دائرة معارفهم ، وفوق مستوى عقولهم.
امر الملك ان تُوضع الجمجمة في قفص من الزجاج ويوضع القفص عند باب القصر
وان يُعلن عن جائزة سنية لمن يحلُّ امر هذا اللغز العجيب.
وطار الخبر في الافاق وصار كل من يرى في نفسه القدرة على حل بعض الامور البسيطة يتطلع الى كسب جائزة الملك.
وصار الحكماء والخبراء واهل الطب والحكمة والسحر والكهانة وماشابههم يتوافدون الى قصر الملك ليجربوا عقولهم وحظوظهم.
بل ووصل الامر ان صار الناس يقدمون من الاصقاع البعيدة على امل ان يعودوا بهدية الملك.
لكن احدا لم يتوصل الى حل هذا اللغز
كان الناس في بداية الامر يتوافدون بكثرة الى المكان حتى ان قصر الملك كان يغصُّ بهم احيانا على كِبَرِ حجمه وتوسعة بنائه.
وبدأت الاعداد تقل مع مرور الايام ،
فَـقَـد فَقَدَ الناس الامل في ان يجدوا حلا لهذه المعضلة.
لكنَّ الملك بقي مهتما في الامر يحدوه الامل ان يرى يوما الحل لهذا الامر .
ومرت ايام اُخَــــر صار الصندوق الزجاجي مهجورا لانَّ احدا لم يعد ياتي اليه .
وذات صباح.................
حضرت عجوز قد احنى الدهر ظهرها واخذ ت الايام منها كل ماخذ.
وهي تمشي على ثلاث بعد ان كنت تدبُّ على اثنتين.
تقدمت نحو الصندوق بخطى مرتجفة، فاسرع اليها الحارس واوقفها قائلا الى اين ايتها العجوز؟؟؟
قالت الى الصندوق يابني ، ألَم يعلن الملك عن جائزة لمن يحل هذا اللغز العجيب؟
قال الحرسي وهو يحاول ان يكتم ابتسامته لئلا يجرح شعور العجوز: وعندكي انتي الحل؟؟
قالت : اليس من حقي ان اجربحظي لعلي ان اكون انا صاحبة الحظ السعيد فافوز بجائزة الملك؟؟
تقدم الحرسي الاخر وقد كان اقلَّ صبرا وادبا من صاحبه وقال لها:
لقد راى هذا الصندوق العلماء والمنجمون والسحرة والكهان واهل الحكمة والراي ولم يهتدوا للوصول الى شيء.
ومااراكي الا وقد اضناكي طول الجلوس في البيت فاحببتي ان ترفهي عن نفسكي قليلا..
اذهبي الى غير هذا المكان.
التفتت اليه ورفعت من راسها الذي كان يوازي ظهرها لانحناءه وقالت يابني علمتني الحياة درسا لاباس ان اعلمكه مجانا: لاتزدري احدا لاتعرفه فربما كان عنده تفريج همكَ وزوال كربتك.
لم يفهم الحرسي شيئا لانه اوصد باب قلبه وعقله امام هذه العجوز سلفا.
الحت العجوز على رؤية الصندوق ، ولم يجد الحرسيان بدا من اخبار الملك بامرها.
......................
اذن لها الملك لانه كان غارقا في هم هذا اللغز العجيب ويرى النجاة في اي قشة من الممكن ان توصله الى شاطيء المعرفة.
نزل الملك الى حيث توجد العجوز والصندوق والميزان في باحة القصر.
..........قال الراوي
ياسادة ياكرام
وبلغنا ان الملك نزل مع العجوزالى حيث يوجد الصندوق وهو لايشك انها انما جائت لتعبث به قليلا ، لكنه لم يجد بدا من اشباع رغبة نفسه بسبر غور ماترمي اليه.
امسكت العجوز بالجمجمة واطالت النظر فيها وهي تقلبها بين يديها المرتجفتين...
وخيّـــم على المكان سكون عجيب اذ ان الجميع قد اتفقوا على احترام صمت هذه المراة التي احنى الدهر ظهرها..
ولم يقطع على القوم سكونهم الرهيب الا صوت العجوز المتهدج ، وهي تطلب اليهم بلغة الامر.
العجوز: هل حقا ان جميع مستشاريك ومنجميك واهل الاستشارة قد راوا الجمجمو ايها الملك؟؟
الملك على استحياء : نعم!!
العجوز: ولم يهتدوا الى فك لغزها الغامض؟؟؟؟
الملك: لا!!
العجوز تتمتم: مع انه من الوضوح بمكان.
الملك: ماذا تقولين؟؟؟ احقا تعرفين اللغز؟؟
العجوز: طبعا ايها الملك الهمام.
الملك: ........... ( لم يجد مايقول سوى الصمت واستعجال العجوز بالتوسل )
لاندري على وجه الدقة ماالذي منعه ان يامرها على الفور بكشف هذا السر الذي اقضَّ مضجعه حتى حرمه الرقاد..
لكننا نعتقد والله اعلم انه ربما خشي انْ هو الحَّ عليها ان تتمنع وتتأبى عليه فيضيع ماقد يعجز على حله اخر الدهر...

قالت العجوز بلغة الامر: عليَّ بحفنة تراب!!!!!
وقع طلبها كالمطرقة الثقيلة على راس الملك ، الذي اعتاد طيلة عمره على اصدار الاوامر وليس تلقيها.
ومما زاد الطين بلّــــة كما يقولون انها طلبت حفنة تراب ،
راود الشك قلب الملك انها ربما تكون معتوهة، لكنه سرعان ماطرد هذا الهاجس لانه
رآها قد امسكت بالجمجمة كما يمسك الصيرفي البصير القطعة من النقود
وقلبتها كما يقلب الجواهريُّ اللؤلؤة الثمينة.

وبأشارة منه هرع الحرسي الذي كان ينظر الى جلالته منتظرا اوامره ازاء هذا الطلب الغريب. الى الخارج وعاد محملا بحفنة من التراب ،
مدت العجوز يدها وسط دهشة الملك وحاشيته التي لامزيد عليها الى يد الحرسي وتناولت شيئا من التراب وصارت تضعه بعناية في المحجر من الجمجمة. كررت هذا الامر مرتين او ثلاثا حتى امتلأ مكان العين بالتراب
فاشارت الى الخازن بصيغة الامر وبلهجة كلها ثقه.
خذ الجمجمة الان وزنها ايها الرجل.
اخذها الخازن بيده وهو يتردد ببصره بين الملك والعجوز مخافة ان يكون امتثاله لامرها ، على غير هوى الملك...
لكنه راى علاءم القبول ترتسم على وجه الملك...
وضع الجمجة في الميزان ووضع بعض القطع النقدية.
وحدثت المعجزة.........
لقد رجحت كفة الذهب هذه المرة......
اتسعت عينا الملك وفغر فاه من غير ان يشعر...
قام الخازن برفع شيء من الذهب لكي يستقيم الوزن
الى ان استقر الوزن على الكمية الصحيحة...
كل هذا والعجوز لاتغادر الابتسامة شفتيها وهي تنظر الى الجميع قد لجمتهم الدهشة..

التفت اليها الملك بعدما تاكد بعينه ان الامور رجعت الى سننها الكونية الطبيعية
وقال:
هل لكي ايتها العجوز الطيبة ان تخبرينا عن سر هذه الجمجمه؟؟؟؟؟
قالت :
نعم ايها الملك ...
والامر سهل جدا.. ولايحتاج الى مزيد تفكير...
هذه الجمجمة لعين انسان ،
وعين الانسان ( ابن ادم ) لايملأها الا التراب
ولو كان لها واديا من الذهب لتمنت ان لها واديا اخر....
فهم الملك المراد واجاز العجوز واكرم الصياد اكراما بالغا
وامر ان ينقش على باب قصره
ان عين ابن ادم لايملأها الا التراب......................................
انتهت القصة
0
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️