من هنا وعلى أرض الواقع، المح من بعيد طيفاً عابراً خلته.."خيال"..ولكني حين أقترب أجد ذلك الخيال مترجماً إلى حقيقة"نعم" إنها الحقيقة...!لم أتصور أن هناك ثمة إنسان يعيش أوربما يستطيع العيش بهذاالشحوب والإنطواء..
إقتربت منها قليلاً ...المح في وجهها خطوط عريضة كأنها تحكي لي معاناة إنسان قاسية..حاولت أن أتجاوب مع تلك الملامح..ولكن سرعاً مارتدت ضنوني إلى خاطري..دونما أي نتيجة أو حلاً شافياً.
كان لابد ..أوكان حتمياً علي أن أسأل حتى أطمئن على تلك المرأة..أقتربت منها سألتها عن موعد إقلاع الطائرة..قليلاً من الأسئلة..ولكن الأن يحين موعد الإقلاع ونرحل.
لكني لم أطق الصبر وأنا أرها بهذه الحالة المؤلمة ...جلست بجانب مقعدها سألتها أي خدمة؟ نظرت إلي بنظرات لم أجد لها تفسيراً شككت فيما قلت: هل في كلامي خطأ ؟ لم أنتبة لكلامي.. صعبة هي تلك المرأة فكأن تلك السنوات قد حفرت في جوانحها آثار ألم قاسي يصعب عليها البوح به..كانت الرحلة طويلة كاد يقتلني الملل فكلما نظرت إليها أختنق أكثر.
قلت الأن لابد أن أتكلم ،سألتها:في وجهك أثار تعب بحته هل تعانيين من شيء؟ أأستطيع أن أخدمك بشيء؟ نظرت إلي بصمت ثم التفتت إلى نافذة الطائرة تتأمل جمال الغيوم..وكأننا بين كتل ثلجية بيضاء. قالت: أنظري يابنيتي إلى هذه الغيوم،إقتربت نظرت إليها.."جميلة نعم" لكنني لم أجد بها مايلفت الإنتباه،كما أرى في تلك العجوز من شدة التركيز. قالت: الم تلاحظي في هذه القطع الثلجية شيء غريب؟! قلت لا.. فقط هي"جميلة وروعة من روائع الرحمن " قالت :يابنيتي..هي روعة من روائع الرحمن نعم،ولكن تلك الروعة محيت عندما شوهتها قلوب البشر! نظرت إليها بتعجب فأنا لم أفهم ماتقول؟! ولم أجد شاهداً على كلامها في تلك القطع الثلجية فهي قمة في الروعة والجمال إذن إين التشوية الذي تقوله تلك العجوز؟ إذن في الأمر سر.
حدقت فيها وهي تهم في تفكير عميق..وقلت إن روعة الرحمن لايمكن أن يغيرها أحداً من البشر أويقدر على تحريك ساكن فيها إلى بأمرة سبحانة..
فكيف تقولين أنها شوهت، وماعلاقة قلوب البشر في ذالك! قالت إسمعي يابنيتي قصتي حتى تعلمي إن تلك القلوب التي هي قلوب البشر كانت أقسى وأقوى من أي شيء تتصورينه على هذا الوجود طالما انها فقدت حياتها وفقدت الحكمة من عملها.
بنيتي عندما تزوجت رزقني الله بزوج صالح عشنا معاًعسشة هنية لم تدم طويلاً رزقت منه بولد وبنت..ربيتهما أحسن تربية..كنت أرقبها لحظة بلحظة..واشعر مع كل يوم يكبران فيه إن براعم الأمل تترعرع فيهما.
كبرا وتخرجا..البنت تزوجت وسافرت مع زوجها،وبقيت مع ولجي وحيدي الذي كان هو محور تفكيري وراحتي بعد أن أرتحت وطمأننت على أخته، كنت المح في وحهه بصيص من الأمل واضحاً،وآثار تربيتي أيضاً وواضحة المعالم.
مظيت في سفينتي بآمان وخضت بها كل الدروب,وذلل الرحمن لي كل المصائب،خضنا سوياًعباب البحر ومضينا حيث شأنا..وكانت رحلتنا في سلام.
الحمدلله نج إبني فلذة كبدي ..هذا كل ماأرجوه ... لم يتبقَ إلا زواجك يابني..فأنا لم يبقى لي من العمر إلى القليل..وراحتي عليك هي أكبر راحة أرجوها.
تزوج الإبن ومضت السفينة تمخر تلك العباب...ولكن مياة البحر الدافئة بدأت تتكتل..إلى صورة جليد.
بدأت أدفع حياتي بصعوبة وأنا بين تلك الكتل..."وكانت تلك العجوز قد توقفت عن الحديث قليلاً..لتنظر إلى النافذة..التفت إليها ..فجأة أجهشت بالبكاء،حاولت تهدأتها قليلاً..قليلاً حتى هدأت ،ورجوتها رجاء حاراً أن تكمل قصتها ..وقالت وصوتها قد بح من البكاء..حسناً يابنيتي سأكمل ..فلقد حدثت نكسة في حياتي إنقلبت تلك النسمات الهادئة إلى رياح عاتية..جعلتني أصتدم بقطعة جليد حطمت كل آمالي وكسرت مجداف الأمل الذي كنت أدير به دفة رحلتي..فزوجة إبني..:
قطـعــــــة ثلــــــج!
نعم زوجة إبني قطعة ثلج حقيقية..،تفتري علي بأقوال واهيه لاتريدني أن أنظر إلى بصيص الأمل الذي لم يبقً لي إلا هو على هذه البسيطة..أبناء أبني أنظر إليهم من بعيد..استرق الإبتسامة من شفاههم من بعيد..أداعبهم ايضاً من بعيد... وكانت تلك آخر ذكرياتي معهم.
خرجت من بيتي تائهة أين أذهب فالخوف من المجهول يحيط بي بعد أن تحطمت بي سفينة أحلامي ..أين أمضي ترى إين المصير..؟
فيارب عفوك هل يضيق بمثلي الكون الفسيح؟؟!
بدأت خيوط الليل تظهر ...وبدأ الظلام الحالك يخيم على أرجاء المكان ومع حلول الظلام أظلمت كل دروب حياتي ولم يبقً بسفينة حياتي أي أثر للنجاة يوحي بالأمل ولكن..
مع الله إلى مطامحنا نصل...نعم إلى مطامحنا نصل..
مظيت وبرحمن كان توكلي..وبه أضأت طريقي الحالك..ومضيت إلى أن وصلت إلى منزلي القديم...وبدأت بعدها أشعر بالقليل من الأمل بالرغم من عدم وجود شاهد عليه في هذا المكان..ولكنه الإحساس الذي قادني إلى منزلي القديم وكأني أعلم إنه هنا ستكون نهايتي..
ولم البث قليلاً حتى سمعت طارقاًِيطرق بابي! إستنكرت ذالك!! ربما ضيف يريد منزلاً آخر في هذه الساعة المتأخرة..ولكنني سأفتح الباب لإعرف منه ماذايريد.. فتحت الباب..ماذا أرى ..إقتربت أكثر وأكثر....وإذا بالتي تقترب مني فتاةً شابة لكني لم أستنكر ملامحها..نعم إنها هي إنها إبنة جارتي..فلقد كبرت وشبت وأخذت من ملامح امها الشيء الكثير...
لاتتصوري إن تلك الفتاة كانت هي قارب النجاة بالنسبة لي..فلقد توفيت ولدتها منذ زمن وبقيت عند والدها..حتى أتيت وقطعت معها مشوار رحلتي بسلام.
لم تكمل تلك المرأة الطاعنة في السن حديثها معي ققد أعلن الأن موعد هبوط الطائرة ..وبذلك نكون قد تفرقنا.
تحياتي لكم جميعاً.
أميرة الإحساس @amyr_alahsas
محررة برونزية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️