حمامة لا تحب ثرثرة الحمام
في ليلة بدرية على بساط أحمر كانت ممددة قدميها وبيدها كأس شاي و مسندة ظهرها للجدار ، ترى أنه لا ينقصها في الحياة شيء ، ثم وضعت كأسها على الأرض و رفعت رأسها لتتأمل البدر من جديد فرأت طيرا يحط قرب قدميها ؛ طيراً أكبر من العصفور وأصغر من الحمامة قليلا ، بل هو حمامة
جفلت المرأة من الطير و قالت :
- بسم الله طير في الليل!
ضحكت الحمامة وقالت:
- أردت زيارتك
فردت المرأة مبتسمة :
- أهلا وسهلا بك
قالت الحمامة :
- أنا مثلك حزينة
- لكني لست حزينة ، ألا ترين السعادة التي أعيشها من مثلى في مكان هاديء ووقت هاديء أسامر القمر وكأس الشاي
- أليس هناك ما يكدر صفوك؟
- لا يوجد ؛ خاصة في هذه الساعة لا يوجد شيء
- ماشاء الله ..رأيتك وحيدة فظننتك مثلي إذا حزنت أبقى وحيدة
ثم أطرقت الحمامة براسها إلى الأرض فقالت المرأة:
- ماذا يحزنك ياحمامة؟
- تحزنني أحداث النهار
- وما بها أحداث النهار؟ الذي أعرفه أن الطيور تحب البكور وإشراقة الشمس
- ليست كل الطيور
- بصراحة لم أرَ في حياتي طيرا حزينا قبلك
- انَّا أُمم أمثالكم
- ومن أين تأتيكم الأحزان؟
- من أحداث الحياة
- اسمعي ياحمامة أنا أكبر منك سنا وتعلمت شيئا قد يفيدك
- ماذا تعلمت؟
- تعلمت أن الحياة بريئة من اتهاماتنا كلها
- لكنها تحزننا أحيانا
- لا أرى ذلك
- مالذي ترينه إذاً ، إني أقوم من نومي كل يوم مشيحة بوجهي عن الطيران وعن البحث عن الطعام و لا أحب مشاركة الحمامات ثرثرة الصباح هذه حياتي الا ترين أنها حياة محزنه؟
- اني لا أرى في ذلك إلا حمامة ترفض الحياة
- لماذا تبدلين موضوع الحديث أنا اكلمك عن نوع الحياة الكئيبة التي أعيشها وأنت تحدثيني عن رفضي او قبولي
- نعم أحدثك عن ذلك لأنه موضوعنا
- موضوعنا عن الحياة وليس الأنفس
- وما الحياة إلا أحياء تتنفس
- تحبين الفلسفة يا امرأة!!! اخترتك من بين الناس لأفضفض لك لكن يظهر أنه لم يخلق بعد من يفهمني
- ربما
- سأطير باحثة عن خبير بالحياة يساعدني في علاجها
- من يدري قد تجدين ذلك الخبير!!!
- أتشككين في ذلك ؟
- بل الله على كل شيء قدير
- أتريدين أن تزيدي شكي؟
- بل أريد أن أزيد إيمانك بقدرة الله
- أتظنين أن لقوة الايمان أثر في تبديل الحياة او تغيير مجراها؟
- الذي أعرفة أن الإيمان يفعل المعجزات
- حقا... إني أحتاج لمعجزة تتغير بها حياتي ومرت فترة صمت طويلة قالت بعدها الحمامة :
- لم أنت صامته؟
- لا أجد ما أقولة
- علميني كيف أجعل إيماني يفعل المعجزات
- لو كنت أعرف طريقة لسلكتها قبلك
- لعلك تعرفين ولا تريدين مشاركتي ذلك
- والله لا أدري ولا أسعى لمعرفة ذلك
- ولم لا تسعين؟ المعجزات أمرها عظيم إنها تبدل الحال وتكسب الأمور عظمة من عظمتها
- من قال لك أني أريد الأشياء العظيمة
- لا أصدقك فمن لا يحب العظمة؟
- قد أعطاني الله من العظمة ما يكفيني
- ماذا أعطاك إني لا أرى شيئا عظيما !! امرأة جالسة أرضا على بساط في منتصف الليل تراقب السماء وتشرب كوب شاي
- لكنى أراني أجلس جلسة انبياء على الأرض أراقب زينة السماء ومعي شراب محبب... هذه العظمة التي أراها
- هذا التفكير لا ينفع يمكن لأي انسان أن يفسر واقعه كما يشاء ثم يقول أني أعيش العظمة
- ولما لا يفعل ذلك؟
- ذلك هروب
- هروب مما ؟
- من الواقع الحقيقي الذي يعيشه
- هو بتفسيره لا يهرب من واقعه لكنه يهرب من التفسيرات المتشائمة
- هذا لا يغير الواقع
- الواقع لا يُغير يا عزيزتي البته، لذا سُمي واقعا ، فقد وقع وانتهى أمره
- إذن لا فائدة في تفاؤلنا البتة
- التفاؤل ليس من أجل الواقع إنه من أجل قلوبنا
- نغير قلوبنا؟!!
- بل نجددها
- القلوب لا تتجدد
- القلوب كا النبتة تحيى وتموت تمرض وتتعافى
- هكذا أنت!! كلما فتحت موضوعا خرجتي منه لموضوع آخر
- لا زلنا في نفس موضوعنا الأول ، لازلنا نتحدث عن حياتنا
- موضوع القلوب هذا جديد
- وكيف نعيش الحياة بلا قلوب؟
- الحياة السعيدة تعافي القلوب وتحييها
- والقلوب الحية المتعافية تجعل الحياة سعيدة
- يخلق الإنسان فيجد الحياة سبقته في الوجود فتؤثر عليه وعلى قلبه
- كل إنسان تخلق حياته معه
- إذا على الحياة و القلب أن يتغيرا معا في نفس الوقت
- وهذا ما يحدث أي حركة او هاجسا أو فكره تحدث في قلبك تؤثر في حياتك
- وهل يفكر القلب؟
- نعم يفكر ويعمى ويبصر ويهتدي ويضل
- وماذا عن العقل؟
- هو الخادم المطيع للقلب
- صار القلب كل شيء
- نعم هو المضغة التي إن صلحت صلح الجسد كله وإن فسدت فسد الجسد كله
ا . هـ القصة بقلمي