مروة الصغيرة

مروة الصغيرة @mro_alsghyr

محررة برونزية

قصة خالد الابكم؟ خواطر طبية

الملتقى العام

قصة خالد الأبكم



د / أريج بنت سعد العوفي - طب أسرة


كانت العيادة اليوم مزدحمة بالمرضى ممن جاءوا من مناطق بعيدة يأملون أن تنتهي رحلة متابعاتهم هذه المرة مثل كل مرة مضت ...
دخل مريضنا خالد ذو العشرة أعوام مع اثنين من المرافقين ...ليتابع ضعف سمعه الذي يعاني منه منذ أعوام طويلة ...
عرفت فيما بعد أن أحد المرافقين هو والده والآخر الذي كان يتحدث طوال الوقت خاله الذي يهتم به وبمشكلته الصحية منذ البداية ...

جلس الخال يتحدث باسهاب عن وضع خالد وكيف أنه تحسن كثيراً مع السماعات التي ركبت له منذ فترة ، بل أضحى سمعه في المستوى الطبيعي مع وجود هذه السماعات المساعدة بفضل الله تعالى ...

كان خاله سعيداً بهذا الأمر وكيف أن المعلمين في المدرسة التي يدرس فيها ( الخاصة بالصم والبكم ) متشجعون جداً لمستوى تحسن خالد الدراسي ...
حتى أنه جاء هذه المرة بوالده كي نصف له السماعة الملائمة لعل وعسى أن يتحسن سمعه هو الآخر ...

قلت له : هل الوالد أيضاً لا يسمع ؟
أجابني الخال : نعم منذ سنين طويلة ...
التفتُ لخالد اسأله : كيف حالك ؟
أجابني بسرعة : الحمدلله بخير ...
سألته :كيف هي المدرسة ؟
أجاب : جيدة ...

انتبهت إلى أن نطق خالد لبعض الحروف ضعيف بعض الشيء ويحتاج للمتابعة والعلاج ...لكن مستوى ذكائه يتماشى مع سنه الطبيعي ...
سألت خاله : لماذا إذن لا تنقلونه لمدرسة عادية ...يستطيع خالد أن يتعايش فيها خاصة وأنه بحاجة إلى من يحدثه باستمرار كي يتحسن نطقه ...للأحرف ...
أمارات تعجب كثيرة أراها على وجه خاله ...وكأنه لا يصدق أن الابن الصغير بات شخصاً عادياً ...له الحق في الحياة الطبيعية مثل غيره ...

سألته : ما المشكلة إذن معكم ؟

********************

بدأ الخال يتحدث ...

بدأ الخال يصرح لي بحقيقة الوضع لهذه الأسرة التي تسكن بعيداً ...في إحدى القرى ...
لا أقدر أن أضعه في مدرسة عادية لأن خالد يحتاج أن يحافظ على قدرته على التعامل مع الصم حتى يعرف كيف يحادث أهله ...؟
قلت له : هلا شرحت لي المسألة بوضوح أكثر ؟
قال : كل أعضاء الأسرة لا يسمعون ... بدءاً من الوالد وخالد وأخواته ..
قلت : وخالد فقط الذي يتابع معنا ؟
قال : نعم ...تعلمين يا دكتورة من الصعب أن نترك القرية كلنا معاً في آن واحد ... وخالد أمره مهم ...
قلت : كم هي أعمار أخواته ؟
قال : الكبرى تجاوزت الخامسة عشر تقريباً ...والثانية عمرها حوالي ثمانية أعوام ...
قلت له بعصبية : والآن جئتني بوالده المسن لكي نعالج مشكلة ضعف سمعه وتركت الأختين في الدار اللتين ما زالتا في بداية حياتهما ...؟!!!
الاولى فقدت فرصتها في التعليم ...وقد تكون في بناء أسرة أيضاً ...
والثانية تريد أن تفقدها فرصتها هي الأخرى ؟
أليس هذا بحرام ..؟
بل وتصر على أن يظل خالد في هذا الجو رغماً عن إرادته ..!!!

بدأ الخال يدافع عن نفسه ...وان الامر ليس تمييزاً بقدر ما هو أهمال وعدم قدرة على أن يأتي بهم أجمعين ؟

جلست فترة طويلة أناقش هذا الخال بأن الامر مسئولية في عاتقه فكما يقدر على إحضار خالد في كل المواعيد ويعتني بها فمن حق أخواته أيضا ان يعشن حياة كريمة صحيحة ...
أحس الخال بخطئه وقال لي ...
ابشري يا دكتورة ...
اجعلي موعد خالد في الصيف القادم ...
وأعدك ...أن أحضرهم كلهم ...في سيارتي الصغيرة حتى لو وضعتهم فوق بعضهم البعض

تبسمت في داخلي ...
ليت كل الناس يحملون في داخلهم مثل هذا القلب الأبيض ..
وازددت شوقاً ... لرؤية خالد وأخواته وقد اجتمعن وثوب العافية يحفــّهم جميعا ..
يحملون الفرصة الكافية ليتعلموا أمور دينهم وما يحتاجوا لدنياهم
كل فرد في أمة المليار كنز ثمين فلنحرص على أن يبلغ قوته


منقووووووووووووووووووووول
2
599

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

صدى الكبريا
صدى الكبريا
جزاك الله خير على هذا النقل الجميل
نجمةسدير
نجمةسدير
يعطيك العافيه قصه مؤثرة