ضوء المكان

ضوء المكان @doaa_almkan

عضوة شرف عالم حواء

قصة رائعة جداً .. من كتاب هل تبحث عن وظيفة ؟ .. للشيخ الدكتور محمد العريفي ..

الملتقى العام

ذكر ابن كثير في تاريخه أن رجلاً من ضعفاء الناس كان له على أحد الأمراء مال كثير ..
فماطله ومنعه حقه .. وكلما طالبه به آذاه .. وأمر غلمانه بضربه ..
فاشتكاه إلى قائد الجند .. فما زاده ذلك إلا منعاً وجحوداً ..

قال هذا الرجل المسكين :
فلما رأيت ذلك .. يئست من المال الذي عليه ودخلني غمٌ من جهته .. فبينما أنا كذلك وأنا حائر إلى من أشتكي ..

إذ قال لي رجل : ألا تأتي فلاناً الخياط أمام المسجد ..
فقلت ماعسى أن يصنع خياط من هذا الظالم ؟ وأعيان الدولة لم يقطعوا فيه ..

فقال : الخياط هو أقطع وأخوف عنده من جميع من اشتكيت إليه .. فاذهب لعلك أن تجد عنده فرجاً ..

قال : فقصدته غير محتفل في أمره .. فذكرت له حاجتي ومالي وما لقيت من هذا الظالم ..
فقام وأقفل دكانه .. ومضى يمشي بجانبي حتى وصل إلى بيت الرجل ..
وطرقنا الباب .. ففتح الرجل الباب مغضباً ..فلما رأى الخياط .. فزع .. وأكرمه واحترمه ..

فقال له الخياط : أعط هذا الضعيف حقه ..
فأنكر الرجل وقال : ليس له عندي شيء ..

فصاح به الخياط وقال : ادفع إلى هذا الرجل حقه وإلا أذنتْ …!!
فتغير لون الرجل ودفع إلي حقي كاملاً ..

ثم انصرفنا ..

وأنا في أشد العجب من هذا الخياط .. مع رثاثة حاله .. وضعف بنيته .. كيف انقاد ذلك الكبير له ..
ثم إني عرضت عليه شيئاً من المال فلم يقبل ..

وقال : لو أردت هذا لكان لي من المال مالا يحصى ..
فسألته عن خبره وذكرت له تعجبي منه .. فلم يلتفت إليّ .. فألححت عليه ..

وقلت : لماذا هددته بأن تؤذّن ؟! ..

قال : قد أخذت مالك فاذهب .. قلت : لابد والله أن تخبرني ..

فقال: إن سبب ذلك أنه كان عندنا قبل سنين في جوارنا أمير تركي من أعالي الدولة وهو شاب حسنٌ جميل ..
فمرت به ذات ليله امرأة حسناء قد خرجت من الحمام وعليها ثياب مرتفعة ذات قيمة ..
فقام إليها وهو سكران فتعلق بها يريدها على نفسها ليدخلها منزله .. وهي تأبى عليه وتصيح بأعلى صوتها وتقول : أنا امرأة متزوجة ..وهذا رجل يريدني على نفسي ويدخلني منزله ..وقد حلف زوجي بالطلاق أن لا أبيت في غير منزله ومتى بت هاهنا طلقت منه .. ولحقني عارٌ ومذلة .. لا تغسلها الأيام ..

قال الخياط : فقمت إليه فأنكرت عليه وأردت خلاص المرأة من بين يديه فضربني بسكين في يده فشج رأسي وأسال دمي ..
وغلب المرأة على نفسها فأدخلها منزله قهراً ..

فرجعت وغسلت الدم عني وعصبت رأسي .. وصحت بالناس وقلت ..
إن هذا قد فعل ماقد علمتم فقوموا معي إليه لننكر عليه ونخلـّـص المرأة منه..
فقام الناس معي فهجمنا عليه في داره فثار إلينا في جماعة من غلمانه بأيديهم العصي والسكاكين يضربون الناس .. وقصدني هو من بينهم فضربني ضرباً شديداً مبرحاً حتى أدماني .. وأخرجنا من منزله زنحن في غاية الإهانة والذل ..

فرجعت إلى منزلي وأنا لا أهتدي إلى الطريق من شدة الوجع وكثرة الدماء .. فنمت على فراشي فلم يأخذني النوم .. وتحيرت ماذا أصنع حتى أنقذ المرأة من يده في الليل لترجع فتبيت في منزلها حتى لا يقع عليها من زوجها الطلاق ..
فألهمت أن أؤذّن للصبح في أثناء الليل لكي يظن أن الصبح قد طلع فيخرجها من منزله .. فتذهب إلى منزل زوجها ..
فصعدت المنارة وبدأت أؤذن وأرفع صوتي ..

وجعلت أنظر إلى باب داره هل أرى المرأة خرجت .. ثم أكملت الآذان فلم تخرج ..
ثم عزمت على أنه إن لم تخرج أقمت الصلاة حتى يتحقق الخبيث أن الصبح قد خرج .. فبينما أنا أنظر هل تخرج المرأة أم لا .. إذ امتلأت الطريق فرساناً ورجالاً ..

وهم يفولون : أين الذي أذّن هذه الساعة ؟ وينظرون إلى منارة المسجد ..
فصحت بهم : أنا الذي أذّنت .. وأنا أريد أن يعينوني عليه ..

فقالوا : انزل ! .. فنزلت ..

فقالوا : أجب الخليفة .. ففزعت .. وسألتهم بالله أن يسمعوا القصة فأبوا .. وساقوني أمامهم وأنا لا أملك من نفسي شيئاً حتى أدخلوني عل الخليفة .. فلما رأيته جالساً في مقام الخلافة ارتعدت من الخوف وفزعت فزعاً شديداً ..

فقال : أدن .. فدنوت ..

فقال لي : ليسكن روعك وليهدأ قلبك .. ومازال يلاطفني حتى اطمأنت نفسي .. وذهب خوفي ..

فقال لي : أنت الذي أذّنت هذه الساعة ؟
قلت : نعم يا أمير المؤمنين ..

فقال : ماحملك على أن أذّنت هذه الساعة ؟ .. وقد بقي من الليل أكثر مما مضى منه ؟ فتغرُ بذلك الصائم والمسافر والمصلي وتفسد على النساء صلاتهن ..

فقلت : يؤمنني أمير المؤمنين حتى أقص عليه خبري ؟ ..

فقال : أنت آمن .. فذكرت له القصة .. فغضب غضباً شديداً ..وأمر بإحضار الرجل والمرأة .. فأحضرا سريعاً ..
فبعث بالمرأة إلى زوجها مع نسوة من جهته ثقات ..

ثم أقبل على ذلك الرجل فقال له : كم لك من الرزق ؟ وكم عندك من المال ؟ وكم عندك من الجواري والزوجات ؟ .. فذكر له شيئاً كثيراً ..
فقال له : ويحك أما كفاك ما أنعم الله به عليك حتى انتهكت حرمة الله وتعديت على حدوده وتجرأت على السلطان ؟! .. وما كفاك ذلك حتى عمدت إلى الرجل الذي أمرك بالمعروف ونهاك عن المنكر فضربته وأهنته وأدميته ؟! فلم يكن له جواب ..

فأمر به فجعل في رجله قيد .. وفي عنقه غل .. ثم أمر به فأدخل في كيس .. وهذا الرجل يصيح ويستغيث .. ويعلن التوبة والإنابة .. والخليفة لا يلتفت إليه .. ثم أمر الخليفة به فضرب بالسكاكين ضرباً شديداً حتى خمد ..

ثم أمر به فألقي في دجلة فكان ذلك آخر العهد ..
ثم أمر الخليفة صاحب الشرطة أن يحتاط على مافي داره من الأموال التي كان يتناولها من بيت المال ..
ثم قال لي : كلما رأيت منكراً صغيراً أو كبيراً ولو كان على هذا – وأشار إلى صاحب الشرطة – فأعلمني .. فإن اتفق اجتماعك بي وإلا فعلامة مابيني وبينك الآذان .. فأذن في أي وقت كان .. أو في مثل وقتك هذا ..

فقلت : جزاك الله خيراً .. ثم خرجت ..

فلهذا لاآمر أحداً من هؤلاء بشيء إلا امتثلوه .. ولا أنهاهم عن شيء إلا تركوه خوفاً من الخليفة المعتضد .. وما احتجت أن أؤذن في مثل تلك الساعة إلى الآن .. والحمد لله ..
3
715

هذا الموضوع مغلق.

محبه الاسلام
محبه الاسلام
هذا الكتاب فعلا راااااااااااااائع ..
اثابك المولى غاليتى ..
زهـرة الخليج
زهـرة الخليج
فعلا هذه قصة رائعة والكتاب أروع .. شكرا لك أختي ضوء المكان :)
ضوء المكان
ضوء المكان
أخواتي love islam و زهـرة الخليج ..

الله يجزاكم خير .. ويثيبكم ..

وهو فعلا كتاب رائع ..