الجيل الجديد .

الجيل الجديد . @algyl_algdyd_1

عضوة شرف في عالم حواء

؛؛ قصة رواية .. الحلقة الخامسة ؛؛

حلقات تحفيظ القرآن

الحلقة الاولى
https://www.hawaaworld.com/sho...

الحلقة الثانية
https://www.hawaaworld.com/sho...

الحلقة الثالثة
https://www.hawaaworld.com/sho...



الحلقة الرابعة
https://www.hawaaworld.com/sho...

من الحلقة السابقة:
وعندما أردت البدء في القراءة على الأخ ياسر أثار انتباهي أمر عجيب فلم أملك
نفسي حتى سألت ياسرا عنه، فقلت له مازحا...
-------------------------------
- هل كان الشيخ عصام يعني سورة هود التي نعرفها؟!
فأجاب ضاحكا:
- نعم، هي سورة هود ذات الستة أرباع !
- وهل يطيق الناس ذلك؟
- إن قرأت بها في صلاة العشاء، فهي أخف صلاة عشاء مرت بهم منذ سنوات!
فقد اعتاد أهل المسجد والحي جميعا هذه الصلاة، لا سيما والمسجد يؤخر الإقامة،
وصارت صلاة العشاء في مسجدنا هذا بمثابة الغسيل لقلوبهم بعد يوم طويل حافل
بأحداث كثيرة من عمل ودراسة وتجارة وغير ذلك مما يعتري الناس في نهارهم، فتأتي
هذه الصلاة بقرآنها لتختم اليوم بخاتمة المسك والسعادة القلبية فينقلبوا بعدها وقد هدأت
نفوسهم ورحلت أحزانهم وطابت حياتهم، فكثيرا من الناس لا يعلمون أن دواء نفوسهم في
مثل هذه الصلاة الخاشعة ينعمون فيها بغمرات من السكينة وفيوضات من الرحمة.
بعد أن أجابني الأخ ياسر رأيته يتهيأ للاستماع لمراجعتي السورة غير أني سارعت إلى
سؤال آخر كنت أحسبه الأخير قبل أن البدء، فقلت:
حسنا، غير أن ثمة سؤال ما زال يدور في ذهني لا أحسبني سوف أستطيع القراءة الآن
إلا بعد إجابته، وتعلمون أن المرء متى كان ذهنه في شُغُل لم يهنأ بقراءة صافية من
الأخطاء..
تفضل يا أسامة..
لقد رأيت المسجد أخي ياسر مكتظا في صلاة المغرب وهذا الذي ساقني إليه وبعدما
انتظمت في صفوف المصلين كنت أحسبني سامعا صوتا مثل التي تشدو في القنوات ومما
اعتاد الناس الالتفاف حول مثله، إلا أني لم أجد ذلك في الشيخ عصام، أرجو أن تفهم
سؤالي جيدا ، لأني أعرف أني لم أكن جيدا في صياغة السؤال..
نعم نعم أفهمك، وستراه أكثر اكتظاظا في صلاة العشاء على طولها ، لكن ما ذكرت ليس

صحيحا، وربما غرّك طرائق بعض الشباب في الأداء من تلوين لأصواتهم وتكلفهم
الخشوع والبكاء عند بعض الآيات وتردادهم لها، فإن الشيخ عصام لا يرى ذلك ولا يحمد
فعله وإنما هي القراءة الساكنة المطمئنة أسرع نفاذا إلى القلوب من غيرها، وربما يكون
هناك من هو أحسن صوتا من الشيخ عصام ويستوى معه في سكون القراءة وهدوئها
ولكن عندما يصلي الناس خلفه ويكتظون – على حد قولك – في المسجد لا يسمعون
مجرد صوت تال للقرآن، وإنما يسمعون إغاثته لملهوفهم، وإعانته لضعيفهم، وابتسامته
لمن ضاقت بهم الحياة منهم، فكل واحد من المأمومين جاء وهو يحمل حبا للشيخ عصام،
وهو كذلك يحبهم، فهو ليس بعيدا ولا غيبا عنهم، ولكنه بينهم أب رحيم وأخ شفيق وابن
بار كذلك، ودائما ما يحاول هو أن يكون فيه خلق من أخلاق القرآن يمشي به في الناس
وله مع كل واحد منهم موقف محمود وأنا واحد من هؤلاء يا أسامة، فأنت تراهم ظاهرا
شخوصا يصطفون وراءه ، وهم في الحقيقة أفئدة تتعانق حبا، وهذا هو السبب في
(الاكتظاظ) الذي تراه..
ثم قطع ياسر كلامه قائلا لي:
أراني أكثرت عليك، فإن شئت اكتفيت بما ذكرت لك..
لا لا ، بل إني مختلط بما أسمع فلا أعي الآن غيره، ولست لك بتاركٍ حتى تذكر لي
ذلك الموقف الذي كان بينك وبين الشيخ عصام!
فضحك ياسر ولكن هذه المرة لم يكن وحده يضحك وإنما أحسب أن جميعه كان يضحك
ثم قال لي:
يا لك من فتى، سأحكيه لك قطعا ولكن بعد أن أتمم لك الإجابة عن سؤالك..
حسنا، اتفقنا.
أزيدك: الشيخ عصام له هدي في القراءة ينقلك إلى معنى ما تسمع من الآيات، فهو بارع
في تصوير المعاني بصوته وأدائه، فإن قرأ آيات تحكي عن الجنة فأنت تدخل الجنة
بصوته تمرح بين أشجارها وترويك أنهارها وتنعم بسندسها وحريرها ولا يكون ذلك إلا
عن فهم وتدبر لكتاب الله، ولا تعجب من قدرته تلك، فهو رجل خالط القرآن لحمه
ودمه، لا يتصور أحد أن له أنيسا غيره ولا صاحبه دونه، تغمره الخشية متى قرأ وهذا
كله تسمعه في صوته دون تصنع أو تكلف، وهذا كله يغلّف صوته بغلاف من سكينة
ووقار وجلال..
إنك يا أسامة ربما صليت خلف إمام ذي صوت حسن، متقن لأحكام التجويد لكنك نادرا
ما تجد معه ما تجده مع الشيخ عصام!
ما هذا الشيء أخي ياسر؟
الاطمئنان!
ماذا تعني بالاطمئنان؟
أعني به أن الشيخ عصام عندما يقرأ فإنه يزيد على الأداء الواعي والإتقان الطبعي
اطمئنان الحفظ ورسوخه، وهذا نلمسه في جمال الوقف والابتداء، وهذا ملمح مهم في
صوته متى شعر به المأموم فإنه يثق في قراءة الإمام ويرخي العنان لفكره وقلبه لمعايشة
ما يتلى عليه من الآيات، ومهما أطال فإنه لا يشعر بتعب ولا نصب ويهنأ بحياة طيبة،
أرأيت لمَ جاء هؤلاء الناس واكتظوا خلف الشيخ عصام؟
جزيت خيرا أخي الحبيب، مفاهيم ينبغي أن تصحح لدي ولدى كثير من الفتيان.
اعتدل ياسر في جلسته واتخذ هيئة أخرى في مجلسه تزيد على الأولى سكينة وإجلالا،
وما أراه بتلك الجلسة الجديدة إلا حاكيا جلسة شيخه – وشيخي- عصام، ثم قال لي كما
يأمر القائد:
اقرأ سورة هود.
فبدأت – يا هند- وما أن أتيت على قوله: .. حكيم خبير، إلا وجدته يشير إليّ بالتوقف
قائلا:
ما هذا؟!
نكمل في الحلقة القادمة بإذن الله
الدكتور سعيد حمزة
1
191

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

امي حب دائم
امي حب دائم
جزاك الله خيرا
في انتظار البقية