قصة .. سأبقى معك ..

الأدب النبطي والفصيح

صفق الباب بقوةٍ ارتعشت لها أركان الغرفة الصغيرة ، أقبل نحوي بكليته العملاقة .. عيناه المحتقنتان تصوبان أسنةً ملجومةً بالنار .. كأنما يود لو يهتّك جدران الدار بحدقيه ..
ارتعدّت جوارحي مع انفراج النافذة و اقتحام رياح صرصر لفضاء الغرفة .. كأنما قد جاءت هذه الريح لتشارك (شوقي ) عواصفه الهوجاء ..
بقيت حيثما أنا .. أتملّى غضبه المتناثر .. وأشفق على ما آل إليه .. رغم ما فعلته بي يا شوقي .. رغم ما فعلته بي !إلا إنني لا أزال أحمل لك بين غياهب أضلعي .. حباً لا يُقدّر .. رغم هجرك إيايَّ .. و انصرافك لفتاةٍ .. سلبتك عقلك الناضج .. و استبدلته بعواطفٍ جوفاء .. واهية .. كزيف الطيف عندما ينعكس بجفن المياه ..
ها هو ذا وقوفك المنكسر كل حين .. يتكرر أمام ناظري .. تقتربُ مني .. و لكن بنانك لا يجرؤ حتى على لمسي .. فأنت ترى بضمك و لثمك و حديثك إياي خيانة!خيانةٌ لتلك التي سرقتك من نعيمي .. و رمتك في بئر جحيمها .. لاتزال .. مطأطئ .. كالجبل الشاهق .. الذي يصدع هامته تبلّج البرق ..إطراقك هذا يقوّض جوانحي .. و يفتّك صدري ..فلا تقف هكذا طويلاً .. تعال إليَّ .. أقحمني بصدرك الدافىء .. دعني أغسل همَّ قلبك و أنوّر لك دروب حقلك .. أفرغ إليّ ما يعترك و يثور فيك .. فعيناك تحكيان .. و رعشة يداك تفصحان .. وثوب البدر الأبيض يفضح أسرار آلامك عبر الأثير ..فدع دموعك الحارقة تجري .. حرر قيودها .. و أفضها على صدري .. حتى و إن أذابتني .. حتى و أن أحرقَتني .. كل الرضى لذلك سيدثر كياني .. فأنا لن أنسى بأنك يوماً .. قد فُتنتَ بي .. و لن أنسى بأنك أياماً .. قد سامرتني .. و طلقت الدنيا ليالٍ عديدةٍ لتمتع ناظريك بحسن انصاتي وصمتي حيناً و بديع حديثي وصوتي أحايينا..
لقد أحببتك .. و لا أزال .. أما أنت .. فقد أحببتني .. و لكنك لم تعدْ !
اقترَبَ مني .. أنامله تود أن تحط بوزرها على وجهي .. أطيل النظر إليه .. فيكبو عليّ برقة عينيه ..
و أستشعر أنامله الحانية.. تعانق سحنتي .. و إذا به يضمني إليه بقوة .. فكأنما يود لو يغرسني بداخله ..بغتةً .. و إذا بالباب يُفتح بقسر .. أواّه !! لقد عادت هذه الفتاة مرةً أخرى !! طالعتنا بحنق .. شعرها الثائر يتلو غيظها و غيرتها مني .. تقدمت نحونا وأنا لا أزال أنعم بعناق شوقي .. فصاحت مغتاظة : أنا أحدثك فتفرّ مني و .. ))
قاطعها شوقي بحدة أثلجت صدري : اغربي عن وجهي .. قد ضقت ذرعاً بأفعالك الماجنة و بتصرفاتكِ اللاعقلية !
اتسعت حدقتاها و السخط يهتّك أوزارها .. و إذا بها تقبل نحوي و تجرني .. غرست لهيب عينيها بوجهي و صفعتني بالأرض .. شعرت بأحد أضلعي قد تصدّع .. فتأوهت بصمت .. لكن شوقي لم يظل مكتوف اليدين ، بل ثأر لي و أطاح صفعةً بصدغها .. جعلت دموعها تتطاير في كل مكان وصوتها ينتثر بحرقة (( تباً لك !! ألأجل دفترٍ سخيفٍِ تصفعني !!))
فانحنى شوقي عليّ و انتشلني من الأرض و ضمني إليه وهو يقول (( دفتر مذاكراتي .. ليس مجرد دفتر.. إنه تاريخ حياتي .. فإن تلاشى وضاع .. فكأنما ماضيّ قد تلاشى وضاع!)) قبلني و عاين صدع ضلعي .. ثم خرجت معه .. إلى حيث خرجنا ..
2
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

بحور 217
بحور 217
قصة عجيبة لا تخلو من طرافة

تميزت بوفرة المفردات وغزارة اللغة

أسلوبها جميل ومفاجأتها قوية بل عنيفة

ألست معي يا من تسمت بالجريمة أن هناك من بني البشر من هم في ضعف هذا الدفتر وربما أشد ؟؟

هناك من يجلس بصمت يسامر الألم في انتظار عودة كائن ما !!!

كم يجمل بالمرء أن يتعلم أن محبة الخلق لا تدوم فيتعلق بحب الخالق


قلت : لاتزال مطأطئ ..... والصواب مطأطئاً
قلت : أفرغ إليّ ما يعترك ..... ربما قصدت ما يعتريك
قلت : و أفضها على صدري .... لم أفهم كلمة أفضها فهل قصدت أفرغها ؟؟


مرحبا بك وننتظر المزيد من مشاركاتك :26:
الملاك الغريب
قصه جميله رائعه اعجبتني
اسلوب غريب يحمل في نهايته مفاجأه غير متوقعه احسنتي
:26: