كئيب حزين مضطهد هكذا عرف نفسه سامر ( أبو يزن) منذ الأزل ، لم يذكر قط انه عومل كإنسان طوال سنوات حياته الثلاثين المريرة لا يذكر ان احدا احترمه او كان طيبا معه باستثناء جدته العجوز ام صبحي التي كانت تتأمل حماقته و تصرفاته السمجة التي لا يختلف اثنان انها اصغر من عمره بكثير فتتمتم ببعض كلمات و تقول الله يرزقك العقل يا ابني ، كان الجميع يعتقدون ان سامر يعاني مشاكل في صعوبات التعلم و بطئ الاستيعاب و يعتقدون انه مرض عضوي و لكن الواقع ان سامر لا يعاني من اي مرض عضوي بالمخ الا انه بطي التعلم و بليد لسبب غير معروف .
كان الجميع لا يحبون سامر منذ طفولته لأنه يؤذي اطفالهم الذين يصغرونه بالسن و بينما يتسلى به الذين يماثلونه بالعمر و لا يتوقفون عن ضربه و السخرية منه طوال الوقت ، كانت ام سامر امرأة طيبة و لكنها قاسية و سريعة الغضب فلم تكن تستطيع تحمل اخطاء سامر التي لا تعد ولا تحصى و قد قامت بتجربة جميع وسائل التعامل معه و تطويره و لكنها لم تأتي بأي نتيجة فتوقفت عن محاولة اصلاحه و بدأت باستخدام العنف معه لكي لا يحرجها امام الناس استعملت سياسة القمع بكل معانيها فكانت تقوم بحبسه في غرفته إن جائها احدٌ ما و لم تكن تسمح له ان يلعب مع اطفال اقربائه او ان يذهب معها الي أي مكان .
مضت طفولة سامر على هذا الشكل و النمط السيء ولم يكن يحظى بمعاملة أفضل بالمدرسة فكان جميع المدرسين يكرهونه لإيذائه الطلاب المتفوقين بالصف بضربهم و تمزيق كتبهم و سرقة أغراضهم و نقودهم أما الطلاب العاديون فكانوا لا يترددون بإيذائه و نعته بألفاظ ( كالبهيم و التيس و الغبي ) و نادرا ما تجد سامر يجلس في مقعده الخلفي بالصف دائما تجده معاقباً عند سلة المهملات لكي يبقى تحت نظر المدرسين ولا يُشغل زملائه .
عندما دخل سامر مرحلة المراهقة لم يتحسن الوضع بل على العكس تعزز في نفسه انه مختلف عن الباقيين غير محبوب لا أحد يحي صحبته حتى الطلاب منخفضوا الدرجات لأن شخصيته منهزة كثيرا و ظهر ذلك في تأتأته التي لا تنتهي بالإضافة الى سوء مظهره و قلة نظافته التي كانت عاملا اضافياً في تنفير زملائه منه ، لم ينسى سامر ذلك اليوم بعد انتهاء الدوام عندما كان يتناول شطيرة وجدها في احد الأدراج عندها رفع رأسه ليرى ابراهيم و عامر يرمقونه بكره و بابتسامة ساخرة قال ابراهيم ( شو يا فار عم تاكل زبالة غيرك اكيد كالعادة ) لم يجرؤ سامر على الرد عليه لأن ابراهيم اطول و اضخم من سامر و قد خاض سامر عراكً معه من قبل و عاد الى منزله مليء بالرضوض لم يستطيع ان يسدد له ضربة واحدة ، قال عامر وهو يقترب منه ( شو رأيك اليوم تبات بأوتيل خمس نجوم و بكرا تلاقي حالك بالمدرسة ) لم يعرف سامر ماذا يرد و لكنه بدأ يتلعثم بكلام غير مفهوم و بدون مقدمة قام ابراهيم و عامر بسحبه دون ان يقاوم و بانزاله السلم بوضع مزري مليء بالركل و الصفع ثم توجهوا الى منطقة دورات المياه ، لسوء حظ سامر لم يكن اي من المدرسين موجوديين لم يراه الا عدد قليل جدا من الطلاب الذين لم يبالوا به ابدا ، دخل الأولاد دورة المياه و توجهوا الى آخر حمّام و رموه داخله ثم اغلقوا الباب و قاموا بربط مقبض الباب مع الباب الآخر فقد كانوا مخططين لكل شيء ، لم يلبث سامر داخل دورة المياه فترة طويلة ربما نصف ساعة فقط و لكن خلال هذا الوقت قرر ان ينتقم من ابراهيم و سامر و ان يصبح شخصاً آخر أكثر عدوانية لكي لا يجرؤ احد على الاقتراب منه ، لحسن الحظ كان الفرّاش يتفقد دورات المياه قبل مغادرته لأنه اعتاد على وجود طلاب محبوسين او مختبئين في دورات المياه فعندما رأى مقبض الباب مربوط بالباب الآخر علم ان احداً ما مسجون فيها و كان قد اعتاد رؤية هذه الربطة فلم تكن هذه المرة الأولى التي يقومون بها ابراهيم و عامر مع طلاب آخرون .
لم تجدي محاولات سامر في جعل نفسه مرعباً أي جدوى فقد أصبح أكثر عدائية و بالمقابل أصبح زملائه و مدرسينه يكرهونه أكثر من ذي قبل ولم يقدروا على تحمل ايذائه و عدائيته .. نظر مدير المدرسة الى سامر من خلف نظاراته السميكة و قال :( هي المرة العشرين الي بنزلوك عندي خلال أسبوع واحد امتى بدك تزوق على دمك و ليش ولي أمرك ما عم يجي صرنا متصلين مع ابوك مليون مرة و كل مرة بقلنا جاية و ما بيجي بكرا اذا ما بيجي أبوك على المدرسة بدي إفصلك ولاه ) ثم قام بصفعه على وجهه .
بالطبع لم يكمل سامر تعليمه وقد تم فصله من المدرسة بعد أن قام بطعن أستاذ الرياضيات بسكينٍ أحضرها معه من المنزل و برر فعلته أن الأستاذ كان يتعمد احراجه أمام زملائه بالأسئلة عن الدروس الماضية و اجباره على حل المسائل أمام الطلاب حيث أنه كان يقف محتاراً لا ينطق بحرف و يقوم الطلاب بالسخرية منه و وصفه بألفاظ نابية ، و عندما تكرر هذا الموقف قام بفعلته و طعن الأستاذ و لكنه لحسن الحظ لم يمت، بالطبع تم حجز سامر فترة من الزمن و لكن نظرا لصغر سنه و تنازل الأستاذ عن حقه بعد محاولات أهل سامر العديدة لإصلاح الموضوع و وجود أحد اقرباء سامر ممن يوصفون ( بالواصلين ) لم تطل فترة حجزه كثيراً .
رشفت أم سالي قهوتها الساخنة بحذر ثم نظرت الى أم سامر وتنهدت بعمق ، قالت أم سامر و هي تضع صحن الحلوى أمام أم سالي : ( شِبك يا محاسن خانوم عم تنَفخي كأنه على ضهرك جبل من لما فِتي شايفتك مو على بعضك خير ان شاء الله؟)
قالت أم سالي : ( و الله يا إم سامر هكلانه هم سالي بنتي صار عمرها 30 و لهلأ ما حدا دق بابنا )
قالت أم سامر وهي تتناول قطعة حلوى من الصحن ( اي ستي و شو يعني دخيلك و اذا صارت تلاتين هلأ سن الزواج اتأخر ما عاد متل على ايامنا و بعدين متلها متايل شوفي كتير من الي حوالينا عندن أد بنتك و أكبر و مو متزوجين بيجي نصيبا بوقته لا تهكلي هم )
قالت أم سامر بحزن بعد أن وضعت فنجانها على الطاولة :( يا إم سامر انتي بتعرفي إنه بنتي سالي قمر جمال و علم الله يحرسها و اهم شي اخلاق و سمعتها متل الليرة الدهب و سيدة أعمال ناجحة كتير شوفي اسم الله كيف شغلت الفلوس الي طلعولها من ورتة المرحوم و خلتهن يضاعفوا اضعاف بس الكمال لله لولا قصة العرج الي عندها ما كنت هكلت هم بس دايما الناس لما بدِلوا عليها بقولوا حلوة بس عرجا اه يا ام سامر قلبي بيتقطع لما فكر انه طول عمرا راح تقعد بلا جواز )
تنهدت أم سامر ثم قالت ( مجتمع متخلف و شو يعني اذا بتعرج شوي و الله لو عندي ابن اكبر منها لآخدا دغري و حطا بعيوني )
ابتسمت ام سالي و قالت :( اي و هون حطنا الجمّال يا ام سامر انتي متل إختي و أنا ما بعدك غريبة بنوب شو رأيك تاخديها لسامر واذا اكبر منه بتلات سنين مو مشكلة بالنسبة إلنا الا اذا انتو عندكون مانع اعتبريني ما حكيتلك شي بنوب )
رفعت أم سامر حاجبيها بتعجب شديد و قالت ( ييييييي تتحورئي بنتك سالي الحلوة العاقلة الذكية الفتحة ترضى تتزوج الشرشوح سامر ههههههههه انتي بتعرفيه لإبني سامر لك لتكوني خرفتي كنت راح انسى انك بتعرفيه طول عمره خروق و فاشل و مشكلجي لهلأ ما عرف يلاقي شغل ما حدا عم يرضى يشغله عنده اي حتى صاحب محل الخضرة ما رضي يحوي عنده اذا بنتك رضيت فيه وهادا مستحيل من وين بده يفتح بيت الله يعدمني اياه طول عمره موطي راسي قدام الناس )
هزت ام سالي برأسها قليلاً ثم قالت ( بعرف يا إم سامر نحنا عشرة عمر و كل الي حكيتيه عن سامر بعرفه بس سامر بحس قلبه طيب و جواته انسان تاني بكرا سالي بدير بالها عليه و بتعلمه كيف يتغير و بتشغله معاها بعدين بالبداية سالي بتصرف على البيت ما شاء الله مادياتها عال العال و بعدين بصير هو يساعدا بالمصروف شو قلتي ؟ فاتح سالي بالموضوع ؟ )
قالت أم سامر بنبرة فرِحة :( طالما إنه هيك ماشي فاتحي بنتك بالموضوع و انا بحكي لسامر الموضوع و ان شاء الله بصير خير ).
بالطبع فرِح سامر بالخبر كثيراً ، لم يكن يحلم أن يتزوج أساساً فكان يعلم أن من الصعوبة أن يجد فتاة تقبل الارتباط به فكيف به يرتبط بسالي أفضل بنات الحي و أذكاهنّ و أعلاهنّ منصباً و مال و كان يدعو الله أن تقبل سالي و لا تعارض رغبة أمها ، أما بالنسبة لسالي بعد نقاشٍ طويل مع أمها مليءً بالبكاء و الجدال و الاعتراض اقنعتها أمها أنها ترغب أن ترى حفيداً لها قبل أن يتوفاها الله لأنها عجوز مريضة ضعيفة و أنها ترغب أن تطمئن على سالي في بيت الزوجية قبل وفاتها فقبلت مرغمةً ارضاءً لرغبة والدتها التي أقنعتها أن المحبة تأتي بعد الزواج و ان لا تستسلم لنفورها الشديد من سامر الذي كانت تصفه سالي دائماً بالعفن الأبله و أنها ستغيره و تزيل الغبار أو كما تقول سالي ليست فقط غبار بل أكوام من النفايات عن شخصية سامر حتى تظهر شخصية أخرى مختلفة تماماً .
و في يوم الخطوبة بدت سالي حزينة كئيبة محمرة العينين وقد بكت حظها العاثر طوال الليل ، أما سامر فكان في قمة سعادته و قد جاء في قمة أناقته مرتدياً بذلة جديدة و بعيدة عن الذوق تماما فلونها أزرق غريب و ربطة العنق حمراء قام بتنسيقها مع جرابات حمراء و حذاء أبيض غريب الشكل فقد كان مشهورا بأناقته المضحكة عندما يريد التأنق و كان الناس يحرصون على رؤيته بالمناسبات كي يرفهوا عن أنفسهم قليلاً .
لم يكن موعد الزواج بعيداً فقد شهور قليلة تفصله عن الخطوبة.
في هذه الفترة التي سبقت الزواج بدأت أمور الثورة تتحرك في دمشق و المظاهرات الصغيرة تخرج من حينً إلى آخر و كانت سالي لا تتردد في التعبير عن رأيها في ما يحدث بالشارع السوري فكانت تتابع أحداث المظاهرات في شغف و تعبر عن حزنها لما يتعرض اليه المواطن الذي يطالب بأبسط حقوقه أن يعامل بإنسانية و يحصل على العدالة و المساواة و الحرية ، فكانت تملك مخزوناً كبيراً من الثقافة بالتاريخ السوري كأي امرأة سورية مثقفة حرة .
و بعد أن تم الزواج طلبت سالي من سامر أن تدعوه أبو يزن مبررة هذا الطلب أنها تكره إسم سامر و حتى تعطيه شعوراً أو دفعة للتغيير و لأنها ترغب أن تسمي ابنها يزن كإسم والدها المتوفى.
لم يستطع سامر إنكار شعوره بالغيرة من زوجته سالي ، فهي ناجحة في كل شيء بينما هو فاشل منذ الأزل ، محبوبة و اجتماعية و رزينة و أنيقة بينما هو عكس ذلك تماماً ، و يكان يرى نظرات السخرية و الاستحقار من جميع مَن حوله بما أن زوجته تكد و تعمل و تتولى المصاريف بالكامل و حتى أنها خصصت له مصروفاً شهرياً، أما سامر فقد كان يتولى أمور المنزل من تنظيف و غسيل و كي.
كان لديهم حاسوبٌ في المنزل و اشتراك انترنت ، لم يكن سامر يجيد استخدام معظم برامح الحاسوب و لكنه تعلم تصفح الانترنت و البحث و كان كثيرا ما يجد بريد سالي مفتوحاً و يقرأ ما يحتويه من رسائل .
لم تعتقد سالي أن سامر يعلم أي شيء عن الحاسوب لذلك لم تكن تلقي بالاً اذا ما تركت بريدها أو مُعرفها مغلق أم لا .
علم سامر أن زوجته لها ارتباط بنشطاء داعمين للثورة السورية عبر النت كما انه يعلم كم ( أكاونت) تمتلك على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك .
في ذلك اليوم خطرت في بال سامر فكرة لماذا لا ينتقم لنفسه مرة واحدة من هؤلاء الأشخاص الكريهيين المغرورين الذين يدّعون النجاح في كل شيء و الجميع يحبهم بينما يحتقرونه ؟ لقد سمع أن ابن أم حاتم اعتقلته المخابرات لمدة ثلاثة أيام لأنهم علموا أنه ناشط مع الثورة .
هذه فرصة لكي يشعر لمرة واحدة أنه أفضل من سالي و أنها في مأزق سيثير جنونها ، أعجبته الفكرة كثيراً بالتأكيد لن تعلم سالي أنه قام بالإبلاغ عنها !.
لم تكف أم سالي عن البكاء للحظة طوال أسبوع كامل و قد مر هذا الأسبوع كأنه دهرٌكامل لم يتركوا أي فرصة في محاولة انقاذ سالي من هذا المأزق لقد جاء الأمن و اعتقلوها بطريقة شنعاء و لمدة أسبوع كامل لم يستطع أي أحد معرفة أي خبرٍ عن سالي و عن سبب اعتقالها .
شعر سامر بالندم على فعلته كثيراً لو كان الذي تم اعتقاله بسببه أي أحدٍ اخر غير سالي فإنه سيكون فرِحاً و لكنه لم يكن يعلم أنهم سيحجزونها كل هذه الفترة كان يعتقد أنهز سيقومون بصفعها مرتان و ثلاثة ثم يحذرونها من ارتكاب فعلتها مرة أخرى و ينتهي الأمر ، عندها قرر سامر أن يذهب و يستكشف الأمر بنفسه .
نظر الضابط علي الى سامر نظرة ازدراء و قال : ولاه كلب شو جابك لهون مو قلنالك لما بدنا اياك منجيبك ولاه ؟
اخفض سامر نظره و قال : سيدي جيت اسأل عن مرتي سالي الي بلغتكن عنها طولت كتير عندكن سيدي .
قام الضابط علي بصفع سامر على وجهه صفعة قوية و قال: ولا حشرة انت شو دخلك بتعرف انه الي بيسأل عن واحد من المعتقلين شو بصير فيه ولاه بيروح وراه دغري و بنحسب الله ما خلقك .
قال سامر و هو يبكي و يتلعثم : سيدي انا بدي عاونكن و اخدم الوطن و الله مو بس مشان سالي انا جيت
هنا أمسك الضابط علي سامر من ياقته ثم قام بدفعه على الأرض تم قال : شو مفكر حالك ولاه انت بدك تخدم الوطن ؟ الوطن اصلا مو للي متلك و ما بده خدماتك انت واحد نكرة حشرة روح انقلع من خلقتي أحسن ما طخك يا دب .
قال يامن وهو أحد أفراد المخابرات الملغومين في الدولة : ( سيدي شو بخصوص هادا الأجدب سامر الناس دريو اننا اخدنا مرته و الكل عم يسأله ليش أخدوها خايفين لا يغلطلوا بشي كلمة هيك ولا هيك و يقوم الناس علينا فوق ما انهن قايمين خصوصاً بعد ما ترجع مرته و يشوفوا الي صار فيها )
قال الضابط علي بعد أن نفث دخان سيجارته : ( اي معك حق ، خلصونا منه متل ما بتساوو دايماً و اعملوا نفس الحركة خلينا نحط نقطة جديدة على المعارضة ههههههههه)
قال يامن وهو يبتسم ابتسامة صفراء ( بأمرك سيدي فرصة نتسلى و ننبسط شوي ).
في مساء ذلك اليوم الحزين سمعت أم سالي طرقات قوية على باب منزلها احست بالفزع و الخوف من ذلك القدر المحتوم الذي ينتظرها خلف الباب و قد كانت مستعدةً لأسوأ الظروف ، و عندما فتحت الباب وجدت سالي ملقاةً على الأرض في حالة مزرية مليئة بالدماء و الجروح ، شعرت أنها بدأت تفقد الوعي و لكنها تمالكت نفسها و صرخت بأعلى صوتها ( سااااااالي دخيلكن يا عالم ) و قد سمع صوتها الجيران و أخذوا سالي إلى المستشفى و بعد الفحص أعلن الطبيب أن سالي حية و لكنها تعرضت لأذى شديد و كأن أحداً تعمد ضربها على ظهرها و كسر عامودها الفقري و للأسف لن تمشي بعد الآن و لكنها ستتحسن و تعود إلى البيت بعد أن يطمئنوا عليها تماماً و لكن بالطبع على كرسي متحرك .
( ظلمتيني يا إمي ) قالتها سالي وقد دمعت عيناها ، لم ترد أم سالي ، ساد الصمت لبرهة ثم تابعت سالي و هي تتأمل الثلج في كوب الليمون الذي أعدته أمها اجبرتيني اتزوج واحد سافل منحط مجنون ، انتي بتعرفي انه هو الي بلغ عني ؟)
شهقت أم سالي و قالت كيف يا بنتي ليش لحتى يبلغ عنك وهو زوجك بعدين انتي شو عاملة ؟ )
قالت سالي و الدموع قد ملئت عيناها انا ناشطة مع الثورة على النت .... ما تطلعي فيني هيك انتي بتعرفي انه أبي أخدوه الكلاب ورى الشمس و لهلأ ما بنعرف اذا حي ولا ميت كيف بدكن اياني ما تحرك و ضل ساكتة متل هدول الشياطين الي بيطلعوا على الشارع و بقولوا منحبك ؟؟ كيف بدي انسى انه هادا النظام الحقير هو الي حرم بنت عمرا خمس سنين من أبوها و خلانا نعيش على الأمل الطويل و كل يوم نستنى ابي يدق الباب و يرجع كيف بدكن اياني كون شيطان أخرس و ما قول للظلم القهر لأ و ما قول خلص يا بشار اكتفينا من ظلمك انت ابوك خلص ارحم هادا الشعب الي صبر عليكن كل هالسنين ، شوفي أديش متلي متايل نحنا كلنا أحفاد ضخايا هادا النظام أحفاد الأحرار الي قالوا لأ يا حافظ ما راح نخليك ادمر سوريا حتى لو اخدتنا ورى الشمس و شتتنا و حرمتنا من اهلنا ، اجى الوقت و الفرصة نقول بكفي بدنا حرية )
قالت أم سالي وهي تبكي يا إمي انتي أهم شي بحياتي ما بدي إخسرك إنتي بتعرفي انه مالي غيرك لو كنتي متي كنت انا راح موت وراكي )
ابتسمت سالي ابتسامة صفراء و قالت ليش فكرتيني أنا ما شفت الموت بعيوني ؟ انا ما كنت اتوقع للحظة اني راح اطلع عايشة من عند هدول الكلاب شوفي جسمي كلة جروح معزبة تعزيب بعمرك ما بتتخيلي انتي ما بتعرفي كيف كسروا ضهري كيف بنتك انزلت و انهانت و ادعوست بالصرامي انتي يا امي قتلتيني مليون مرة لما خليتيني اتزوج سامر الحقير الله يسامحك قلتي بتزوجيني لمين ما كان لأني عرجا عرجا عرجا كأنه انا اخترت اني كون عرحا كأنه هادا زنبي ليكني يا إمي اجيتك مشلولة مكرسحة ... بعتيني برخيص الله يسامحك)
قالت أم سالي و هي تمسح دموعها بمنديل و الله لو بمسك سامر لإقتله بإيدي هدول هالحيوان انا الحق عليي الو يومين مختفي أكيد هربان مننا و حاسس شو بدي ساوي فيه ) .
بعدها بيوم وُجِد سامر مقتولاً و مشوهاً و سجلت الحادثة أن المخربين الثوار قاموا بقتل رجل من أفضل رجال الأمن الذي أفنى عمره فداء للوطن و أُقيمت له جنازة كبيرة و نُشر الخبر طبعا على قناة الدنيا و القناة السورية الرسمية التي فعلاً تنشر الحقيقة ولا شيء سوى الحقيقة و لكن ........... الكاذبة.
بنت البوادي111
هذه القصة من تأليفي ولا أمانع النقل و لكن تحت اسمي
بنت البوادي111 @bnt_alboady111
محررة برونزية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
بنت البوادي111
•
للرفع
الصفحة الأخيرة