قصة مؤثرة .... أبكتني ..

الأسرة والمجتمع

قريت هاقصة ... وأبكتني ...



أنا زوجة وأم لابن وبنت، ومنذ أن بدأت حياتي مع زوجي ونحن نعيشحياة رغدة، وقد استعنت طوال حياتي الزوجية على تربية أولادي بمربيات عديدات، وكانتكل واحدة منهن لا تمكث عندي أكثر من شهرين ثم تفر من قسوة زوجي العدوانية بطبعه،فقد كان يتفنن في تعذيب أي مربية تعمل عندنا، ولا أنكر أنني شاركته في بعض الأحيانجريمته.





ولما صارت ابنتي في السابعة من عمرها وابني في المرحلةالإعدادية، جاءنا مزارع من معارف زوجي يصطحب معه ابنته الطفلة ذات الأعوام السبعةفاستقبله زوجي بكبرياء وترفع.



قال المزارع البسيط: أنه أتى بابنته لتعملعندنا مقابل عشرين جنيها في الشهر، فوافقنا. وترك المزارع طفلته فانخرطت في البكاءوهي تمسك بجلباب أبيها، وانصرف الرجل دامع العينين.





بدأت الطفلةحياتها الجديدة معنا، فكانت تستيقظ في الصباح الباكر لتساعدني في إعداد الطعاملطفلي، ثم تحمل الحقائب المدرسية وتنزل بها إلى الشارع وتظل واقفة مع ابنتي وابنيحتى يحملهما أتوبيس المدرسة، وتعود إلى الشقة فتتناول إفطارها، وكان غالبا من الفولبدون زيت، وخبز على وشك التعفن، ثم تبدأ في ممارسة أعمال البيت من تنظيف ومسح وشراءالخضر وتلبية النداءات حتى منتصف الليل فتسقط على الأرض كالقتيلة وتستغرق في النوم،وعند أي هفوة أو نسيان أو تأجيل أداء عمل مطلوب ينهال عليها زوجي ضربا بقسوة شديدة،فتتحمل الضرب باكية صابرة، ورغم ذلك فقد كانت في منتهى الأمانة والنظافةوالإخلاصلمخدوميها، تفرح بأبسط الأشياء.





ورغم اعترافي بأني كنت شريكة لزوجيفي قسوته على الخادمات وتفننه في تعذيبهن، إلاَّ أنه كانت تأخذني الشفقة في بعضالأحيان بهذه الفتاة، لطيبتها وانكسارها فأناشد زوجي ألاَّ يضربها، فكان يقول لي: إنَّ هذا "الصنف" من الناس لا تجدي معه المعاملة الطيبة.





واستمرتالفتاة تتحمل العذاب في صمت وصبر، وحتى حين يأتي العيد ويخرج طفلاي مبتهجين تبقىهذه الطفلة المسكينة تنظف وتغسل دون شقفة.





أما أبوها فلم نره إلاَّمرات معدودة عندما يأتي لأخذ الأجرة، ثم يرسل أحد أقاربه لاستلام أجرتها الشهرية،كما لم تر أمها وأخواتها إلاَّ في ثلاث مناسبات محدودة: الأولى حين مات شقيقهاالأكبر، والمرة الثانية حين مرضت مرضا معديا وخشينا على طفلينا من انتقال العدوىإليهما فأبعدناها إلى بلدتها، والمرة الثالثة عند وفاة أبيها.





وأناأبكي الآن كلما تذكرت قسوة عقابنا لها إذا أخطأت أي خطأ، فقد كان زوجي يصعقها بسلكالكهرباء!! وكثيرا ما حرمناها من وجبة عشاء في ليالي البرد القاسية فباتت على الطوىجائعة، ولا أتذكر أنها نامت ليلة، عدة سنوات طويلة، دون أنتبكي!!





وتقول صاحبة القصة: وسوف تتساءل لماذا تحملت كل هذا العذابولم تهرب بجلدها من جحيمكم؟



وأجيبك: إن الفتاة حين قاربت سن الشباب خرجت ذاتيوم لشراء الخضروات ولم تعد، فسأل زوجي البواب عنها وعرف أنها كانت تتحدث لفتراتطويلة مع شاب يعمل لدى جزار بنفس الشارع، وأنه من المحتمل أن تكون قد اتفقت معه علىالزواج حتى ينتشلها من هذه الحياة القاسية.





ولكن لم يمض أسبوع حتىكان نفوذ زوجي قد تكفل بإحضارها من مخبئها، واستقبلناها عند عودتها استقبالا حافلابكل أنواع العذاب، فقام زوجي يصعقها بالكهرباء وتطوع ابني بركلها بعنف، إلاَّ ابنتيفإنها كانت تتألم بما يفعل بهذه الخادمة المسكينة.





وعادت المسكينةلحياتها الشقية معنا واستسلمت لمصيرها، فإذا أخطأت أو أجلت عملا لبعض الوقت يضربهاضربا مبرحا، وكنا نستمتع ونخرج في الإجازات ونترك لها بقايا طعام الأسبوع، ثم شيئافشيئا بدأنا نلاحظ عليها أن الأكواب والأطباق تسقط من يديها وأنها تتعثر كثيرا فيمشيتها، فعرضناها على الطبيب فأكد لنا أن نظرها قد ضعف جدا وأنها لا ترى حاليا ماتحت قدميها أي أنها أصبحت شبه كفيفة، ورغم ذلك لم نرحمها وظلت تقوم بكل أعمال البيتوتخرج لشراء الخضر من السوق، وكثيرا ما صفعتها إذا عادت من السوق بخضروات ليستطازجة، فأشفقت عليها زوجة البواب فكانت تشتري الخضروات لها حتى تنقذها من الإهانةوالضرب. واستمر الحال هكذا لفترة من الزمن، ثم خرجت الفتاة ذات يوم من البيت بعد أنأصبحت كفيفة تقريبا ولم تعد مرة أخرى، ولم نهتم بالبحث عنها هذهالمرة.





ومضت السنوات فأحيل زوجي للتقاعد وفقد المنصب والنفوذوتخرَّج ابني من الجامعة وعمل وتزوج وسعدنا بزواجه، اكتملت سعادتنا حين عرفنا أنزوجته حامل، وبعد مرور شهور الحمل وضعت مولودها، فإذا بنا نكتشف أنه كفيف لا يبصر،وكانت صدمة قاسية علينا، وتحولت الفرحة إلى حزن، وعرضناه على الأطباء ولكن بلافائدة. واستسلم إبني وزوجته للأمر الواقع، وأدخلنا حفيدنا حضانة للمكفوفين، وقررتزوجة ابني ألاَّ تحمل خوفا من تكرار الكارثة.





ولكن الأطباء طمأنوهاوشجعوها على الحمل وشجعناها نحن أيضا، وحملت وأنجبت طفلة جميلة، وزف الطبيب إليناالبشرى بأنها ترى وتبصر كالأطفال، وسعدنا بها سعادة مضاعفة، وبعد سبعة شهور لاحظناعليها أن نظرها مركز في اتجاه واحد لا تحيد عنه، فعرضناها على أخصائي عيون، فإذا بهيصدمنا بحقيقة أشد هولا وهي أنها لا ترى إلاَّ مجرد بصيص من الضوء وأنها معرضة أيضالفقد بصرها، فأصيب زوجي بحالة نفسية فسدت معها أيامه وكره كل شيء ونصحنا الأطباءبإدخاله مصحة نفسية لعلاجه من الاكتئاب.





وانقبض قلبي وتذكرت فجأةالكسيرة التي هربت من جحيمنا كفيفة بعد أن أمضت معنا عشر سنوات ذاقت خلالها أهوالالصعق بالكهرباء والضرب والهوان والحرمان، وساءت نفسي من الجزع، هل هذا عقاب السماءلنا على ما فعلناه بها؟!





وأصبحت صورة هذه الفتاة اليتيمة التيأهملنا علاجها وتسببنا في كف بصرها تطاردني في وحدتي، وتعلَّق أملي في عفو ربي عماجنينا في أن أجد هذه الفتاة وأكفِّر عما فعلناه بها. وبعد البحث والسؤال عنها علمناأنها تعمل خادمة بأحد المساجد، فذهبت إليها أخضرتها لتعيش معي ما بقي لي من ايامي،ورغم قسوة الذكريات، فقد فرحت بسؤالي عنها وسعيي إليها لإعادتها، وحفظت العشرة التيلم نحفظها وعادت معي تتحسس الطريق وأنا أمسك بيدها، استقرت الفتاة معنا وأصبحتأرعاها بل وأخدمها هي وحفيدي الكفيفين وأملي ودعائي لربي أن يغفر لي ما كان، وأنأقول لمن انعدمت الرحمة في قلوبهم: إن الله حي لا ينام فلا تقسوا على أحد فسوف يجيءيوم تندمون على ما فعلتم في قوتكم وجبروتكم.




أرجو أن يكون في هذهالقصة عبرة في معاملة الغير، وخاصة الخدم والعمال ومن علىشاكلته.

(منقول)
15
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

علبة قشطه
علبة قشطه
لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم
لما هذه القسوه والله لقد ابكتيتني يا اخيتي بهذه القصه
وصدق المثل القائل (كما تدين تدان)
والحمدلله على عودتهما الى الصواب
cs
cs
لاحول ولا قوة الا بالله
اعويش
اعويش
أختي .. علبة قشطه ...

الله يكفينا شر قسوة القلب ... وتسلمين على مرورج الغالية


أختي .. cs ..

شكرا على مرورج حبيبتي ..
~~ أم نوووف ~~
~~ أم نوووف ~~
لاحول ولا قوة الا بالله
noni103
noni103
السلام عليكم،
ولكم في الحياة عبرة يا أولي الالباب
ان الله يمهل ولا يهمل

مشكورة واااااااااااايد