قصة مؤثرة ......... (حقيقية )

الملتقى العام

بسم الله والصلاة و السلام على رسول الله
في أوئل السبعينيات الميلادية .. و بالتحديد .. في الثالث من أغسطس ..من العام الأول بعد السبعين و التسعمئة والألف من التاريخ الميلادي ..عدت إلى المنزل ..لم يكن على كاهلي هموم.. سوى إرضاء الله و الوالدين وإكمال مسيرتي العلمية .. رحم الله أبي وأطال في عمر والدتي ... كانت الرياض مدينة صغيرة ... نسبة كبيرة من شوارعها ترابية ..لم تلبس الرداء الإسفلتي ... وحال دخولي إلى المنزل.. وإذا بأخي الكبير يقابلني.. كانت ملامح الرعب تبدو على محياه وقال لي هل سمعت الخبر.. قلت له وما الخطب.. قال فهد صديقك الحميم.. قتل رجلآ..سألته..
أأنت جاد.. قال نعم.
كان فهد صديقي وأخي وتوأمي أكبره بسنة كان في الرابعة و العشرين وكنت في الخامسة و العشرين بدأت معرفتي به في الصف الأول متوسط درسناالمرحلة الثانوية
سافرنا إلى بريطانياثم إلتحقنافي جامعة برنستاون لدراسة الأدب الإنجليزي وفي ذلك اليوم المشئوم كنا نتمتع بإجازة نقضيها في الوطن الغالي كنا نقتسم في كل شئ الفرح و الحزن و الجد واللعب حتى الدواءكنا نقتسمه من باب الإشتراك في تحديد المصير لم تكن أمريكا كما هي الآن فقد كانت إحدى الجنان على الأرض كان أشجع مني و اجرأ وتعلمت منه أشياء كثيرة برغم إني أكبره بالعمر وهو وحيد أمه و أبيه
لم نكن في ذلك الوقت نملك سوى سيارة واحدة لعائلتنا الكبيرة التي يفوق عددها الخمسة عشر نفسًًًًًََاً.
إستئذنت والدي بأن أخذ السيارة لأذهب و استطلع الخبر فرفض خوفا علي من إشكالات قد أتعرض لهاوألححت عليه و وافق ذهبت إلى والده وكان في حوالي الخمسين من عمره أما والدته فكانت تزيد قليلا عن الأربعين من عمرها وعندما طرقت الباب اجابتني أمه لم تكن تخفي وجهها عني بحكم نشأتي و صداقتي القريبة جدا كانت أثار الدهشة تعتريها كما أعترت كل من حولناأمسكت بيدي وتوسلت إلي أن افعل شيئا فأخبرتها أنني سوف أستطلع الخبر سألت عن والده قالوا لقد ذهب إلى الشرطة كان هناك بعض الأقارب و سألتهم كيف حدث ذلك قالوا شجار بسيط تحول إلي جريمة و المقتول هو
( فلان ) وهو في إسعاف مستشفى الشميسي الآن .... أعرفه ... رحمه الله لي به علاقة كان رجلا يكبرنا له زوجة وثلاثة أطفال أصغرهم عمره سنة واحدة كان مشاكسا في معظم الأحيان يملك متجرا لايتنازل عن حقه.

دخلت قسم الاسعاف وحاولت ان استطلع الخبر لم يكن هناك تنظيم كما هو الان وتشاء الصدف ان ادخل الى احدى الغرف وكانت مكتبا وعلى احد الطاولات ملفان كتب على الاول اسم القاتل نعم وبهذا اللفظ وكان فهد وعلى الثاني اسم المقتول..ايقنت..ان هناك خطب جلل فأحسست ثقلا بدأ يسري في ساقي.
وحالا..ذهبت الى قسم الشرطه وجدت ابا فهد حائرا لايدري ماذا يفعل وسألت عن فهد وبعد اصرار وترجي وبعد ان اخذو هويتي وكانت تلك الهويه دفتر صغير ازرق يسمى تابعيه ..اوقفوني امامه بيني وبينه باب حديدي به بعض الفتحات تكفي بان تدخل يدك ويمسكها من هو خلف هذا الباب ليشعر....بطمانينه مؤقته.

تسمرت عيناي بعينيه لم ارمش لاادري ماذا اقول فبادرني بالسؤال قائلا..هل مات ؟؟..هل مات فلان؟؟..فوكزته بسؤالي وقلت ماذا حصل؟ ما الذي حصل؟ قال اردت استبدال سلعه فرفض فدخلت الى متجره وتلفظت عليه فصفعني...ثم تناولت مفكا صغيرا وضربته في صدره ..لا لاقتله ولكن لانتقم للصفعه....واعاد علي السؤال هل مات؟؟ قلت وبكل صعوبه...نعم... قال لااصدق قلت ليس وقت التصديق الان..دعني اذهب لاقف مع اهله ونحاول ان نصل الى شئ ايجابي وقبل ان اودعه سالته هل تريد شيئا؟..قال امي وابي امانة في عنقك...فقلت هل توصيني بامي وابي يا فهد؟ لاعليك سوف اطلب منهم الاكثار من الدعاء واخبر والدتك بانك بخير وسوف نحاول اعادتك الى المنزل.
ذهبت الى عائله المقتول لم اجد ترحيبا كان كل شخص يحاول التهرب مني ايقنت ان الوقت ليس مناسبا لوجودي وفي اليوم التالي وفي الجامع الكبير صلينا على القتيل وذهبنا الى منزله لتقديم العزاء وبقيت طوال اليوم واليومين التاليين كنا نتحدث عن كل شئ وكنت اتطرق كثيرا الى قصص القضاء والقدر وانتهت ايام العزاء فذهبت الى والدي وطلبت منه ان يتدخل وشرحت له القضيه كان يفهمها اكثر منى رحمه الله وبدأت المساومات ...هم يريدون القصاص ونحن نريد العفو.....كان كل يوم يمر كانه الدهر...فمصير فهد مجهول....وتدخل كبار القوم وعرضوا المبالغ...فكان جوابهم دائما.....نعطيكم ضعفها...واعيدو لنا ابننا...وهذه الكلمه بحد ذاتها ...قاتله.

صدر الحكم الشرعي ..بالقصاص من فهد....على ان على ان يؤجل حتى يبلغ الورثه ويعاد طلب العفو...نقل فهد الى السجن العام..وهو اكبر سجن بالرياض في ذالك الوقت ..ووضع في عنبر الدم...وهو العنبر الاحمر المخيف..كيف لا... وعزرائيل يتجول داخل اروقته...كيف لا...ونزلائه لايعرفون طعم النوم...وخصوصا ليله الجمعه ..يقضونها..جالسين...صامتين..لايقوون على اخراج الكلمه...فقط عيونهم شاخصه ويتنفسون بلا صوت.

اقترب موعد الدراسه والعوده الى الجامعه في امريكا كنا نذهب الى بيروت ثم لندن ثم الى نيويورك...اوصيت ابي بالقضيه فنهرني رحمه الله بان لا اوصيه على واجب يقوم به...ذهبت الى هناك وجمعت كل متعلقات فهد واحتفظت بها لاعود بها في السنه القادمه.

لم تقف محاولات والده ووالدي..ومحاولات الاخرين ....من كبار القوم وصغارهم كل شخص يحاول ولكن الشريعه السماويه ..هي التي تحكم...كانت الرسائل تصلني من والدي وكنت اكتب لفهد ..اوصيه بالصبر وبالامل.لم اعد في اجازة العام1972م محاولة مني بتقليص الدراسه وفي العام1973م عدت متخرجا..من هناك احمل شهادتي ..وثلاثه حقائب اثنتان لي وواحدة لفهد بها متعلقاته الشخصيه لازلت احتفظ بها حتى هذا اليوم...

و بعد خمس سنوات .. توفي والد فهد .. وهو يمني نفسه برؤية إبنه حراً طليقا .. توفي أبوه و ترك .. أما مكلومة .. تصارع الزمن .. وحيدة حطمت قلوب كل من عرفها .
إنقضت السبعة عشر عاما .. وهاهم أبناء القتيل قد تجاوزوا العشرين عاما ... و الأبن الأصغر يتم الثامنة عشر ... ونذهب إلى المحكمة ... ويسألهم الشيخ .. بعد أن أحضروافهد وأنا ووالدي .. كان فهد قد تجاوز الأربعين من عمره ..وقد أطال لحيته و بدأ الشعر الأبيض .. الكثيف يزاحم الشعر الأسود ... وبدأ العمر يزاحم المصير .
سأل الشيخ الفتيان الثلاثة ... وكانت نظراته تتجه صوب .... الفتى ذو الثمانية عشر عاما .. وهو يؤشر على فهد قائلا ... قبل سبعة عشر عاما هذا الرجل قتل والدكم ... وصدر حكم في حينه .. يقضي بإنزال الحكم الشرعي عليه ..وهو القصاص ... وتلا آية القصاص قال تعالى ( ولكم في القصاص حياة ياؤلي الألباب .. الآيه ) صدق الله العظيم .. وأضاف الشيخ لقد تأجل الحكم لقصوركم بإتخاذ قرار القصاص أو العفو .... وأريد منكم الآن أن تنطقوا بما أتفقتم عليه .. أو أختلفتم عليه ..وذكر لهم الشيخ ..عددا من قصص العفو التي حدثت داخل هذه المحكمة وسألهم هل تعفون عمن قتل والدكم أريدأن أسمع رأي كل واحد منكم على حده و صمت الشيخ .
( معليش تعبت المرة الجاية أكمل لكم ) تراني ناقلتها لكم من أحد المنتديات .
3
813

هذا الموضوع مغلق.

آسرة المشاعر 2001
اهلين الوجه السموح قصه جدا مشوقه تكفين عجلي بتكملتها تراني انتظرك
الوجه السموح
الوجه السموح
وصمت الشيخ.....كان من اصعب المواقف التي قد يمر بها بشر خيم السكون على المكان فقال الابن الاكبر يا فضيله الشيخ نحن فقدناعائلنا وواجهنا صعاب الحياة ونحن في سن مبكرة بين اليتم والحرمان ولا نتنازل عن الحكم الالهي بحق من قتل والدنا.

وجدت نفسى اندفع بلا شعور واتجه الى اكبرهم فصدني بكل قوة وقال ارجوك انا نطلب حق لنا اعذرنا لا نستطيع وخرجو من مكتب الشيخ كانت كلماتهم هذه كدوامه ادارت المكان بمن فيه اما فهد فلم يستطع الوقوف وانخرط بالبكاء ومثله فعل والدي وهو يمسك به ويحتضنه حتى سقط الاثنان على كرسي حديدي صدئ داخل مكتب الشيخ..لم استطع الكلام..جاء الجنود واخذو فهد وهو يمسك بابي ولم يتركه ..اخذوة وهو مقيد بالارجل و الايدي بسلاسل حديد عائدين به الى السجن سالت الشيخ وماذا بعد ايها الشيخ؟؟ قال لي سوف ترفع للتصديق وقد تاخذ شهرا او يزيد..

وبعد شهرين وفي صباح يوم الجمعه واذا بمكالمه هاتفيه من السجن تطلب حضوري العاجل...ذهبت مصعوقا.. لا اقوى على التفكير..كل ما اريده هو ان اصل الى السجن وعند دخولي وجدت الظابط المنواب ولديه رجل بملابس مدنيه ويحمل دفترا ضخما ..ولم انتظر حيث قال الظابط هذا هو كاتب العدل ..جاء هنا..وكتب فهد وصيته ...فقد تقرر تنفيذ الحكم اليوم ظهرا وحيث انه ادرجك بوصيته وجب علينا ابلاغك..... لم استطع ان افتح فمي لعبرة احبسها...على مدى سبعه عشر عاما....فخرجت من غرفه الظابط وانزويت بعيدا وبدات البكاء..بكيت بكاء لم تبكه النساء بكيت بكاء اشد من بكاء امه عليه فقد تعلقت بالامل سبعه عشر عاما وها هو يتلاشى فقد اصبح كل شئ ياخذ ماخذ الجد.


اوصاني فهد بوالدته..واوصاني بجثته بعد موته.. واوصاني بالترحم عليه وان ابر بوالدته وان اطلب منها الصفح عنه لانه خذلها..


اصررت على مسؤل السجن ان ارافقهم ووافق.. وركبت في مقدمة السياره التي بهافهد كنت لا ارى شئ ولااسمع شئ سوى صوت فهد من مؤخرة السياره يطلب مني ان لا انساه من الدعاء وان اؤمن بالقضاء والقدر وان ابر بوالدته ..رددها كثيرا.. كان في اسمى حالات معنوياته التى عرفته بها كان يحفظ القران ويتلوة داخل السياره.

وصلنا الى الصفاه كانت بتصميمها السابق كان الشيخ يخطب الجمعه وجمهور من البشر في كل مكان ...فا الموقف لا تشرحه العباره.

دخلت السياره وسط الحشد وكان هناك سيارات اخرى من كل جهه حكوميه وهذا فهد في المؤخره ..نزلت من السياره وجلت ببصري لأستطلع الموقف..فوقفت عيناي على القصاص وكان رجل عادي الجسم يمسك بسيف مذهب ..اقتربت من السياره التي فيها فهد..فوجدته يصلي ...بقيت واقفا في الشمس المحرقه ...انتهت الخطبه وانتهت الصلاه...وحضر القصاص وقال هل هو جاهز؟قالو نعم قال اربطو عينيه وانزلوه.


يا الهي شئ لا يصدق....فتح الباب..ومن سياره الاسعاف احضرو شريط لاصق وكميه من القطن....خلعو عنه الغتره..ووضعو القطن على عينيه وادارو الشريط اللاصق وبطريقه عشوائيه..

اجلسو فهد على الارض فكو رباطه من الارجل واعادو رباط يديه من الخلف وتقدم اليه شخص ولقنه الشهادتين ولما ابتعد ...بدا الرجل يقراء...بيان الاعدام الصادر بحق فهد...من مكبر الصوت الخاص بسياره الشرطه..وكنت انظر الى فهد..وبعد ثواني من قراءة البيان....رايت القصاص ياتي من خلف فهد ويرفع السيف فادرت ضهري واغمضت عيناي...وسمعت صوت صدور الجماهير المحتشده ...بزفير واحد...... فأيقنت ان فهدا قد مات فأسرعت الى سياره السجن وفتحت الباب الخلفي واخذت غترة فهد وبدأت اشمها وبكيت بكء طفل صغير...

عدت تعيسا الى المنزل...عم الحزن البيت كله وافراده ...واحضرنا والده فهد وبقيت معنا في منزلنا كوالده اخرى لنا....حتى وافاها الاجل المكتوب...في رمضان 1420ه

رحمها الله....ورحم فهد...ورحم جميع اموات المسلمين...


لكم تحياتي.
azeezaa1990
azeezaa1990
شكرا اختي الوجه السموح على هذه القصة المؤثرة فعلا بصراحة احسست برغبة ببكاء طويل اشكرك مرة اخرى والله يعطيكي الف عافية