
راقية الفكر @raky_alfkr_1
كبيرة محررات
قصة مؤثرة ذكرها القاضي أبو علي التنوخي
ذكر القاضي أبو علي التنوخي، قال :
كان ينزل بباب الشام من الجانب الغربي ببغداد رجل مشهور بالزهد والعبادة يقال له: لبيب العابد.
وكان الناس ينتابونه. فحدثني لبيب، قال: كنت مملوكا روميا لبعض الجند
فرباني وعلمني العمل بالسلاح
فصرت رجلا، ومات مولاي بعد أن أعتقني
فتوصلت إلى أن حصلت رزقه لي ، وتزوجت بامرأته وقد علم الله أنني لم أرد
بذلك إلا صيانتها، فأقمت معها مـدة
ثم اتفق أني رأيت يوما حيـة داخلة في حجرها ، فأمسكت ذنبها،
فانثنت علي، فنهشت يدي فشلت
ومضى على ذلك زمان طويل، فشلت يدي الاخرى، لغير سبب أعرفه،
ثم جفت رجلاي، ثم عميت، ثم خرست
وكنت على ذلك الحال _ ملقى_ سنة كاملة، لم تبق لي جارحة صحيحة
إلا سمعي، أسمع به ما أكره، وأنا طريح ظهري
فلما كان بعد سنة، دخلت امرأة إلى زوجتي، فقالت: كيف أبو علي لبيب؟
فقالت لها زوجتي: لا حيّ فيُرجـى ، ولا ميـت فيُسلـى، فأقلقني ذلك، وآلمني ألما شديداً ، وبكيت
ورغبت إلى اللّه عز وجل في سرّي بالدعاء
وكنت في جميع تلك العلل لا أجد ألما في جسمي، فلمّا كان في بقية ذلك اليوم،
ضرب عليّ ضرباناً عظيماً كاد يِقتلفني
ولم أزل على ذلك الحال، إلى أن دخل الليل وانتصف فسكن الألم قليلاً ، فنمت
فما أحسسن إلا وقد انتبهت وقت السَحَر ، وإحدى يديّ على صدري
وقد كانت طول السنة مطروحة على الفراش لا تنشال ولا تشال
ثم وقع في قلبي أن أتعاطى تحريكها، فحركتها، فتحركت، ففحرحت بذلك فرحا شديدا
وقوي طمعي في تفضل الله عز وجل عليّ بالعافية
، فحركت الأخرى فتحركت ، فقبضتُ إحدى رجليّ فانقبضت ،
فرددتها فرجعت ، ففعلت مثل ذلك مراراً .
ثم رمتُ الانقلاب من غير أن يقلبني أحد، كما كان يُفعل بي أوّلاً، فانقلبت بنفسي، وجلست
ورمت القيام فأمكنني ، فقمت ونزلت عن السرير الذي كنت مطروحا عليه،
وكان في بيت من الدار
فمشيت ألتمس الحائط في الظلمة ، لأنه لم يكن هنالك سراج، إلى أن وقعت على الباب،
وأنا لا أطمع في بصري
فخرجت من البيت إلى صحن الدار، فرأيت السماء والكواكب تزهر، فكدتُ أموتُ فرحاً
وانطلق لساني بأن قلت: يا قديـم الاحسـان ، لــك الحمــد
ثـم صحـتُ بزوجتـي، فقالت : أبـو علـي ؟
فقلت : الساعة صـرت أبو علـي ؟ أسرجي ، فأسرجت ثم انقطعت إلى الله عز وجل
ولازمـت عبــادة ربــــي.
المصدر : كتاب التوابين - عبد الله بن قدامه -
13
3K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

راقية الفكر
•





الصفحة الأخيرة