غاية

غاية @gaiia_7

عضوة جديدة

قصة مؤثرة في الحج

الأسرة والمجتمع

‏"في أيام الحج تعرفتُّ على بعض الأخوات، جلسنا نتحدث عن أمور مختلفة يدور معظمها عن الدار الآخرة، فوجّهت إحدى الأخوات لنا سؤالًا (أخبـروني كيف أتيتُم إلى هُنا؟) ‏أجابت كل واحدة على السؤال إجابات معروفة ومشهورة، من قبيل أن هذه أتى بها زوجها، وهذه أتى بها ابنها ووو‏وبقيَت أختٌ أخرى انتظرنا أن تجيب ولكنها سكتت قليلًا، فبادرت السائلة بلَفت انتباهها لتُجيب، فقالت !‏فتعجبنا جميعًا كيف هذا؟!‏قالت وقد بدأت الدموع تتجمع في عينيها‏فسألتها إحداهن قائلة : كيف هذا!‏فقالت وهي توضّح‏فغرَت كل واحدة منا فاها! هل هذه من البشر أم جاءت من زمن الصحابة! هل يُعقل!‏فأسرعنا بسؤالها ‏فابتسمت وقالت‏فقالت إحدى الأخوات بنبرة هادئة وتأثُرٍ بالغ بهذا الحديث‏فأجابت قائلة‏فقالت ٱحداهن متعجبة ثم سكتنا قليلًا.. فأردفت تُكمل ثم ربتَت على يدها وقالت فتبسمت صاحبتُنا وقالت ثم قالت ‏لا أُخفي عليكم بكينا جميعًا لحالها، وتضاءلت كل التنازلات جانب تنازلها لله، تمنينا لو أن الله أصلح قلوبنا لدرجة صلاحها هذه، أن نخرج في سبيل الله ولا ننظر للوراء ماذا ينتظرنا في الدنيا، أن نولِّي قلوبنا شطر سُبل الصلاح فثمّ النعيم المُقيم.‏بعد حديثها لم نعرف ماذا نقول فآثرنا الصمت، ‏وبالفعل ماذا نقول لمُحبّ صدق في محبته؟ نقنعه بأن يقلل من شوقه لربه ويؤثِر الدنيا قليلًا؟ كيف نقنعها بأن تفكر في الدنيا ثانية بعد أن تملك حبُ الله قلبَها؟ واللهِ لقد استحَيتُ أن أقول لها مثلما قالت الأخوات–رغم أنني أعلم أنهن قُلن هذا حِرصًا عليها– ‏ولكنني استحيتُ أن أنصحها بالتفكير في الدنيا وفي قلبها سكَن حبُ الخالق وحده، فكيف أُدخِل على هذا الساكن الجليل ساكنًا رديئًا حقيرًا.‏وبينما كنا نفكر في أمرها وساد الصمتُ، وجدناها تكتب وريقات متعددة، ووزعتها علينا وقالت ‏ورغم الفضول نزلنا على حديثها واستسلمنا لرغبتها.‏...‏هذا هو اليوم التاسع، اليوم الذي تتأهب فيه الأرض لأعظم موكب يمرّ كل عام في تاريخها، يوم عرفة، يوم تنزّل الملك سبحانه وبحمده للسماء الدنيا، استعد الجميع للدعاء وتأهّبت القلوب للسباق مَن منا المُختار يا تُرى والمُصطفى؟ ‏اللهم لا تحرمنا فضلك ولا تحرمنا عفوَك ولا تحرمنا عطائك، وانظر لنا نظرةً لا نشقىٰ بعدها أبدًا..‏قُبيل مغرب يوم عرفة قابلنا صاحبتنا فوجدناها ازدادت جمالًا عن ذي قبل، كيف لا وحب الله يُضفي على الروح جمالًا من جمال الله فكيف بالبدن! ‏فقلت لها فتبسمت وقالت فارتجف قلبي وأمسكتُ بيدها ومشينا استعدادًا للصلاة في الحرم.. فقالت لي سأذهب لفعل شيء وأعود ٱليك، فلم أحب أن أُثقل عليها بالسؤال فتركتها تذهب. ‏فبدأنا الصلاة وهي لم تأتِ بعد فقلقتُ عليها ودعوت الله أن ييسر أمرها، وبعدما فرغنا من الصلاة، وجدنا الناس ملتفّين حول أحد، لا ندري ماذا يحدث فوقفنا بعيدًا، فإذا بنا نجد صاحبتنا قد ماتت، لا أستطيع وصف الصدمة والذهول الذي بدا علينا، فاقتربنا منها والدمع كالسيل، فقالت إحدانا‏‏دُفنت الحبيبةُ في خَير بقاع الأرض وصلينا عليها عقب صلاة العشاء، لو كان الموت يُشترى لاشتريته، ‏فما العُملة يا رب؟ فما العُملة!‏إنّـه الصدق واللهِ..‏الصدق الذي دفع المُحبين لبيع الغالي والنفيس مقابل نظرة رضا من الله عز وجل.‏لما عُدنا كان كل ما يشغل بالي هو العودة لفتح الورقة التي كتبتها لنا حبيبة، ففتحتها فورَ وصولي لبلدتي فوجدتُ فيها‏ ‏بكيتُ لساعاتٍ طوال، لقد كان موقف موتها مَهيب، لقد صلَى عليها أكثر من مليون مسلم، هذا التشريف من أهل الأرض فكيف بأهل السماء، ‏رُحماك يارب لقد أسرفنا، فهلا قبلتنا وأدخلتنا في الصالحين، إنا لله وإنا إليه راجعون..‏هذه أنا كتبتها بدموعي، أرجو أن ينتفع بها كل من يقرأها‏-ماهيتاب مُحمد
0
446

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️