خرجت مريم تجر رجليها و هي مدركة أنها تتجه إلى المعركة اليومية مع زوجها في البيت...
ركبت سيارتها و هي تتنهد بعمق........سترك يا رب!
تراءت لها صورة والدها اليوم وهو طريح الفراش... و صورة جدتها قبل سنين عندما هاجمها المرض...
كانت مريم وقتها في السابعة عشر من عمرها..
تخطط بعزم إنهاء دراستها الثانوية و تحلم كل يوم بالرداء الأبيض.. رداء الطبيبات..!
كانت ترى جدتها و هي طريحة الفراش و تقول في نفسها: اصمدي يا جدتي .. سأصبح طبيبة و سأعالجك......
و لكن الجدة لم تصمد طويلاً أمام المرض..
و لم تكن تملك القوة للصمود....!
ماتت الجدة....
و فُجع الوالد بموتها...
كانت تلك هي المرة الأولى التي أرى فيها والدي يبكي .... دموعه تسيل على خديه.... و أنا واقفةٌ أمامه أتأمله ...هل هذا أبي حقاً؟؟!!
رفع وجهه فرآني... وجف قلبي و مرت بجسدي كله رعشة خوف.... خفت أن ينهرني!
و مد ذراعه.. فتراجعتُ خطوة للوراء....
إقترب مني أكثر و احتضنني! ماتت جدتك يا مريم... ماتت ... ماتت...
و أنا غير مصدقة.....
لابد انه الشعور بالذنب.. ربما..!
و دون أن أشعر رفعتُ كفي أمسح دموعه... لا تبكِ يا أبي..
جدتي في الجنة الآن.....
صحوتُ في اليوم التالي و أنا سعيدة! رغم حزني بموت جدتي إلا انني ابتسمت و أنا أتذكر دموع أبي... وحضن أبي...
يا إلهي هل تغير أبي؟؟؟
خرجتُ من غرفتي راكضة نحو غرفة أبي فإذا به يرتدي ملابس العمل...!
نظر إلي بغضب...ماذا تريدين؟؟؟
و لم أنطق... و صرخ في وجهي: اذهبي و قولي لأمك ان تسرع في تحضير الإفطار و إلا..........
إنه ...........لم يتغير .... يا لخيبة الأمل...!
وصلت مريم إلى البيت....و هي تعرف أن نيراناً من الغضب و السخط تنتظرها.......
دخلت مريم البيت........
مريم: السلام عليكم....
نظر محمد إليها نظرة سخط ، ثم رفع كفه ليلقي عليها جام غضبه.....
كانت مريم تتوقع هذا فبعد كل هذه السنين من الحياة معه أصبحت تعرف كل ردود أفعاله...
و لكنها قالت في نفسها: لن أسمح لك هذه المرة !!!
و مدت يدها ممسكة بذراعه و منعته من أن يصفعها..... وقالت له: لااااا ، ليس هذه المرة يا محمد...
فتح محمد عينيه بكامل إتساعها فإنه لم يتوقع أبداً أن تفعل زوجته الضعيفة هذا...
لقد صُدم من تصرفها.....
شعر ببعض الإرتباك... و تراجع إلى الوراء....
و لسان حال مريم يقول: يا لك من جبان!.. خدعتني طوال سنوات ممثلاً دور الرجل المستبد.... جبان!
نظرت إليه مريم نظرة ملؤها الشفقة.. و توجهت إلى غرفتها....
حدث كل هذا أمام أبنتها شيخة ذات الأربعة عشر ربيعاً ...
تلك الفتاة التي إعتادت الصمت و الوحدة.. تحسدها زميلاتها في المدرسة لأنها وحيدة العائلة و يعتقدن بأنها مدللة...!
بقي محمد واقفاً لبرهة يحاول إستعادة الموقف.. و بدد إرتباكه صوت إبنته...أبي!....أبي!....
إلتفت إليها و لكنه لم يجبها بل غادر المنزل مسرعاً....
إستقلت مريم على سريرها و هي سعيدة... سعادة الإنتصار.... أخيراً يا مريوم ..أخيراً تغلبتِ على خوفكِ........
بدأت مريم حياتها الزوجية و هي الثامنة عشر من عمرها...أي بعد عام من وفاة جدتها...
وقتها لم تكن تفكر في الزواج... كانت تريد أن تكمل دراستها الجامعية و تصبح طبيبة....
و دام بكاؤها أياماً طويلة و هي تردد نفس الكلام لأمها كل يوم: لا أريد الزواج يا أمي.... أريد أن أدرس...
و لكن الأم المسكينة المغلوبة على أمرها لم تستطع يوماً مساعدتها...
و أخوها راشد... كان يبدو نسخة مصغرة من الأب...
أما طلال فكان وقتها في الثانية عشرة من عمره و هو بالطبع لم يستطع الوقوف في وجه أبيه ليقول له أن مريم ترفض الزواج الآن....
و تزوجت مريم من محمد.... كان محمد حين زواجهما شاباً تتمناه أي فتاة في عمر و ظروف مريم...
و حين لمست منه طيبةً و حناناً في أيام شهر العسل...فتحت معه موضوع إكمال دراستها
مريم:محمد ، هل من الممكن أن أطلب شيئاً؟ إنه أمر مهم بالنسبة لي...
محمد: طبعاً ممكن ... طلباتك أوامر يا عزيزتي..
مريم (بعد تردد): أريد إكمال دراستي الجامعية... أريد أن أصبح طبيبة...
محمد: حقاً؟ ليس لدي أي مانع....زوجتي أنا تصبح طبيبة؟؟؟ رائع....
فرحت مريم و حمدت الله على نعمته فقد أعطاها زوجاً متفهماً...
و بعد إنتهاء شهر العسل.....
راحت مريم تجهز الأوراق الرسمية لتتقدم بطلب الدراسة في الجامعة...
و بعد أيام كانت المفاجئة....!
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

عاشفة الضباب
•
تسلمين عزيزتي على رووووووووووعة قصتك في انتظار البقيه
![]]الزين كله[[](https://cdn.hawaaworld.com/images/user_avatar.png)
عاشفة الضباب :
تسلمين عزيزتي على رووووووووووعة قصتك في انتظار البقيهتسلمين عزيزتي على رووووووووووعة قصتك في انتظار البقيه
الله يسلمك عزيزتي
شكرا على مرورك
شكرا على مرورك



الصفحة الأخيرة