🫀 |
كان بالكوفة فتًى جميلُ الوجه، شديدُ التّعبّد والاجتهاد فنزل فى جوار قوم، فنظر إلى فتاةٍ منهم جميلةً فهواها وهام بها عقلُه.
صونزل بالفتاة ما نزل به فأرسل يخطِبها من أبيها، فأخبرهُ أبوها أنّها مسمّاة لابن عمٍّ لها.
فلمّا اشتدّ عليهما ما يُقاسيانه من ألم الهوى أرسلت إليه الفتاة: قد بلغني شدّة محبّتك لي وقد اشتدّ بلائي بك، فإن شئتَ زرتُك وإن شئتَ سهَّلتُ لك أن تأتيني إلى منزلي.
فقال لرسولها: ولا واحدة من هاتين الخلّتين، {إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}، أخاف نارًا لا يخبو سعيرُها ولا يخمد لهيبها.
فلمّا أبلغها الرّسول قولَه قالت: وأراه مع هذا يخاف اللَّه؟!، واللَّه ما أحد أحقّ بهذا من أحد -أي بالعبوديّة للَّه والخوف منه سبحانه- وإنَّ العباد فيه لمشتركون.
ثمّ انخلعتْ من الدّنيا وألقتْ علائقها -أي ما يجعلها تتعلّق بالدّنيا- خلف ظهرها، وجعلتْ تتعبّد وهي مع ذلك تذوب وتنحلّ حبًّا للفتى وشوقاً إليه حتّى ماتت على تلكم الحال.
فكان الفتى يأتى قبرَها فيبكي عنده ويدعو لها، فغلبته عينُه ذات يوم على قبرها فرآها في منامه في أحسن منظر .. !!
فقال: كيف أنتِ؟، وما لقيتِ بعدي؟،
-قالت:نعم المحبّة -يا سؤلي- محبّتكم
حُـبٌّ يقود إلــى خيرٍ وإحســانِ
فقال: على ذلك إلام صرتِ؟
فقالت:إلــى نعيــمٍ وعيــشٍ لا زوال لــهُ
في جنةِ الخلدِ مُلكٌ ليس بالفاني
فقال لها: اذكريني هناك فإني لستُ أنساكِ،
فقالت: ولا أنا والله أنساك، ولقد سألتُ مولاي ومولاك أنْ يجمع بيننا، فأعنِّي على نفسِك بالاجتهاد -أي في العبادة-،
فقال: متى أراكِ؟
فقالت: ستأتينا عن قريب فترانا..
فلمْ يَعِشْ الفتى بعد الرّؤيا إلا سبع ليالٍ، حتّى مات رحمه اللَّه تعالى.
📚 ~ #رَوضة المحبّين- لابن القيّم رحمه الله.🌹🌺
تاليا1190 @talya1190
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️